مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1252)- مانشيت 13/ بين المحافظة والتغيُّرات
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 28 تشرين2/نوفمبر 2024 20:27
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 548
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1252)
مانشيت 13/ بين المحافظة والتغيُّرات
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من الفصل الثاني والبحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الحادي والعشرين في دار الأوبرا المصرية. الموافق من 8 إلى 15 تشرين الثاني 2012 م. (تطور الغناسيقامية في العراق والمحافظة على هويتها خلال القرن العشرين، القندرچي والقبانچي إنموذجا).
***
مانشيت 13 / بين المحافظة والتغيُّرات
في الغناء والموسيقى العربية، يبدو لنا أن هذا الطموح قد يحدث لأول مرة في العمل الاستثنائي للعراق، وبالأخص في تسجيلات المقامات العراقية الأولى التي بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين لأول مرة، بواسطة جهاز التسجيل الصوتي، كأعمال يمكن فيها أن نلمّح إلى تأثيراتها المستقبلية. إن غناء المقام العراقي ابتداءً من هذه الفترة لم يعد قادرا على البقاء داخل حدود المحلية الصـرفة والكلاسيكية الصارمة، فرشيد القندرچي يتجنب الانفلات من هذه الكلاسيكية في أدائه المقامي. إنه لا يتجنب مجرد التمييز بين الاتجاهات الجمالية، بل يتجنب كذلك لأجل ألا يصبح الغناء المقامي عرضة للتشويه التاريخي لأصوله التقليدية، انه فنان صعب المراس..! ومن بين الأمور التي تُظهر صعوبته، انه ليس من السهل إدراج مقاماته المسجلة بصوته داخل إطار الحداثة في الإبداع والتجديد. أن تعابيره المثقلة بهموم التاريخ وكثافة المشاعر والعواطف ودقة الإيجاز في آن واحد، وأداؤه الذي قاد به مجموعة كبيرة من المغنّين، كل ذلك يعبر عن موقفه العنيد، بل إيمانه العميق بصحة مساره ومنهجه الأدائي.
من رشيد القندرچي، نأتي إلى أحد اتباعه المغنّين الحاج هاشم الرجب الذي يعد من أبرز الاتباع القندرچيين، والخبير المقامي الأول المتوّج في القرن العشـرين (هامش1)، بوصفه يمتلك إمكانيات متعددة تصب في نفس الاختصاص، فان أعماله الغنائية تمتلئ عن عمد وإصرار في الالتزام والتمسك بالقيم الفكرية والجمالية، تحفّزه في كل ذلك الأصالة التعبيرية والمحافظة على الشكل المقامي وتاريخه العريق، فمثل هذه الروائع يمكن تفسيرها بانها أصيلة وعريقة. فهذه المقامات مغناة بلغة رصينة باتساق بنائي وبذوق كلاسيكي، وهي كذلك مثال على حب رشيد القندرچي وكل اتباع طريقته لفن الإيجاز في الأداء والبحث عن لغة أدائية تعبر عن كل التقاليد المقامية على مدى التاريخ.
هكذا نصل إلى سليم شبث، الذي يتمرد على بدايته القندرچية لينتقل إلى جماليات أخرى تنحو منحى الانفتاح الذي توضح في هذه الفترة من حقبة التحول. وعن هذا يقول المطرب الخبير الحاج هاشم الرجب(غناء سليم كان قد بدأ بداية طيبة في غنائه للمقامات العراقية، أما انحرافه عن هذه البداية وهو في منتصف مسيرته الفنية وغنائه للمقامات العراقية بصورة اقتربت من الانفلات الكلاسيكي، متمردا على جذوره الجمالية الاولى، يعد امراً مرفوضاً وغير مقبول، فمقاماته الأولى التي سجلها بصوته كانت غاية في النجاح والالتزام والتمسك بالطريقة القندرچية. أما مقاماته التي سجلها منذ انتصاف سيرته الغنائية حتى نهايتها لم تكن على ذلك المستوى الأدائي الذي بدأ به)(هامش2).
أما البقية من زملاء سليم شبث المعاصرين، عبد الهادي البياتي، وحسن خيوكة، ومجيد رشيد، فانه مع إقرارهم تحذيرات غناء المقام العراقي بالطريقة القندرچية والطرق القديمة الأخرى، إلا أن غناءهم المقامي كان متنوعا منذ البداية في تفصيلاته الجمالية والشكلية والتعبيرية، فقد اخذ كل منهم من ينابيع متعددة معبرين عن الفترة الزمنية التي يعيشوها من حقبة التحول ثم حقبة التجربة(ضمن الفترة الانتقالية)، فهم يحملون في لغة أدائهم المقامي ملامح الثقافة الأدائية لمعظم الطرق الموجودة وعلى الأخص الطريقتين القندرچية والقبانچية، اللتين كانتا محور غناء المقام العراقي في هذه الفترة.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
الهوامش
1 - تم منح الحاج الرجب لقب فني هو (خبير المقام العراقي الأول في القرن العشـرين) من قبل بيت المقام العراقي بموافقة وزارة الثقافة ببغداد ودائرة الفنون الموسيقية، وتم الاحتفال بذلك يوم 12/10/2003 في حدائق بيت المقام العراقي عندما كنتُ مديرا للبيت.
2- من حديث لي مع المرحوم الحاج هاشم الرجب في بيته صباح الخميس 1/8/2003 في احدى زياراتي الأسبوعية له مصطحبا معي بعض الأصدقاء، وقد كان معي هذا الصباح نسيب المرحوم الرجب أستاذي الفنان عبد الرزاق العزاوي(الباحث).
صورة 1 / في معهد الدراسات النغمية العراقي يوم 11 / 12 / 1974 يظهر فيها من اليمين الحاج هاشم الرجب ود. صباح عبد النور ومحمد زكي والمطرب عبد الرحمن خضر وحسين الاعظمي وعواطف وفريال ورزكار حسن وباسل كامل.
صورة 2 / في مطار القاهرة الدولي، أعضاء الوفد العراقي إلى مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية السابع تشرين ثاني 1998 من اليمين: الأساتذة حسين قدوري، وعبد الأمير الصراف، وحسين الأعظمي، ود.علي عبد الله، وأبو مبين، ورافد عبد اللطيف، ووليد حسن الجابري، ومحمد زكي، ود.حبيب ظاهر العباس، والجالس فرات فاضل، بعدسة عضو الوفد باسم حنا بطرس.