مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1253)- مانشيت 14/ وعي جديد في الافكار
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 30 تشرين2/نوفمبر 2024 21:02
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 870
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1253)
مانشيت 14/ وعي جديد في الافكار
حلقات مقتطعة من كتابي(افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من الفصل الثاني والبحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الحادي والعشرين في دار الأوبرا المصرية. الموافق من 8 إلى 15 تشرين الثاني 2012 م. (تطور الغناسيقامية في العراق والمحافظة على هويتها خلال القرن العشرين، القندرچي والقبانچي إنموذجا).
***
مانشيت 14 / وعي جديد في الافكار
إن مغنّي هذه الحقبة(حقبة التحول وبداية حقبة التجربة، اي النصف الاول من القرن العشرين) رفضوا كما يبدو(فكرة أن أداء المقام العراقي وجد لكي ينتهي على هذه الشاكلة أو على شاكلة الأقدم منهم)، فقد أحسوا وأدركوا وهم في حقبة التحولات، أن المجال واسع للإبداع والتفكير بمستقبل الأداء المقامي.
من ناحية أخرى، آمن هؤلاء المغنون بصورة لا فكاك منها أن تغييرات وتحويرات وتطويرات سريعة ستحصل في المستقبل ليس في مجال واحد بل في مجالات الحياة برمتها واقتنعوا بان النزعة الكلاسيكية في الغناء المقامي قد تم تجاوزها، أو لا بد أن يتم تجاوزها منذ الأن وفي هذه الحقبة من التحولات بالذات..!
اليوم يمكننا أن نقول عن الطريقتين القندرچية والقبانچية أكثر من غيرهما. بأنه لم يتبقَّ ثمة فارق بينهما من حيث القيمة التاريخية، فكلاهما قاما بدور مهم في بناء المسار اللحني التاريخي لغناء المقام العراقي، فالأول مثّلَ الأسس الرصينة التي اعتمدت عليها الحداثة المقامية، والثاني مثّلَ الانطلاق من هذه الأسس تبعا لتطور الحياة.
كثيراً مما كتب من قبل النقاد والمتخصصين، أو ما قمتُ بكتابته، يندرج تحت مبدأ، كلٌ يمثل عصـره، بما يعكسه من ثقافة ومعرفة وتطلعات.
من المهم أيضا، أن يتناول نقادنا المقاميين هذا البعد التاريخي والإسهاب في الحديث عنه لأهميته من خلال المفارقات سواء في أقوال المتخصصين أو المغنّين أو العازفين أو الجماهير أو سماع مختلف المقامات العراقية بكل اتجاهاتها الجمالية، ليعبروا عن حقوق الجميع كل في حقبته الزمنية وما تمتاز به كل من هذه الحقب التي يظهر فيها المغنون مع المسار التطوري للحياة برمتها. ويمكن أن نشير هنا إلى ثلاثة رموز غنائية مقامية يعبر كل منها عن اتجاه جمالي تبعا للفترات الزمنية رغم تقاربها ولكنها مختلفة في تعابيرها الذوقية، فمقام الإبراهيمي للمطرب رشيد القندرچي، ومقام الحجاز ديوان بصوت الحاج هاشم الرجب، بمطلع هذه القصيدة المغناة لشهاب الدين السهروردي:
(ابدا تحنُّ اليكم الأرواح / ووصالكم ريحانها والراح)
ومقام الحسيني بصوت احمد موسى، بمطلع هذه القصيدة للشاعر ابن مليك الحموي:
(قسما بحـفظ عــهودكــــم وودادي / لم اقـــض منكم في الغرام مـرادي)
ومقام الحديدي بصوت رشيد الفضلي، بهذا المطلع من الزهيري:
(يازين الأوصاف أطعنت الحشا بسناك/ من حين طر الفجر من مبسمك بسناك)
ومقام الحسيني بصوت حسقيل قصاب، بقصيدة الفاتح النحاس هذا مطلعها:
(بات ساجي الطرف والشوق يلح / والدجى أن يمضِ جنح يأت جنح)
ومقام الجهاركاه بصوت عبد القادر حسون، بقصيدة المتنبئ وهذا مطلعها:
(مالنا كلنا جو ٍ يا رسول / أنا أهوى وقلبك المتبول)
ومقام المخالف بصوت شهاب الأعظمي، بهذا الزهيري ومطلعه:
(لصاحب الانشدة أصله وطيبه عـود / الزم وداده لما يدعي رجيج العود)
هذه المقامات العراقية المغناة من قبل هؤلاء المغنّين، نموذج يمثل رمزاً للاتجاه الكلاسيكي في الغناء المقامي.
والرمز الغنائي الآخر الذي مثل اتجاها جماليا أصبح منعطفا في هذا الشأن، وامتاز بتمرده على القيود الصارمة لغناء سابقيه، قاده المطرب الكبير محمد القبانچي، حيث بدأ ببداية حقبة التحول، يتجه إلى الاتجاهات الرومانتيكية في الغناء المقامي ولأول مرة، بما تحمله في طياتها من تحولات وتغيرات وتطورات مستمرة حتى يوم الناس هذا، مثل مقاماته المبتكرة كمقام القطر بهذا الزهيري ومطلعه:
(نار الغضـى لوعت مني الضـمير بجاي / والغـير منهم شرب كاس الـوداد بجاي)
ومقام الهمايون بقصيدة عبد الغفار الأخرس هذا مطلعه:
(طهـِّرْ فؤادكَ بالرَّاحات تطهيـرا / ودُمْ على نهبــك اللذات مسـرورا)
ومقام النهاوند بهذا الزهيري ومطلعه:
(من يوم فركاك جسمي من صدودك عود / هيهات بعدك يسليني نديـم أو عود)
ومقام الحجاز كار بهذا الزهيري ومطلعه:
(أدفن غرامي بـلب إحشاشتي وادم / وابجي دمه والدموع إدمـــوع بالوادم)
وغيرها الكثير من المقامات.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
صورة 1 / في حدائق دار الاوبرا المصرية عشية انعقاد مؤتمر ومهرجان القاهرة للموسيقى العربية تشرين الثاني 1998 يظهر من اليمين علي الامام والمرحوم عبدالامير الصراف وحسين الاعظمي ومحمد زكي ومرافق الوفد ابو مبين و د.علي عبد الله.
صورة 2 / الفرقة العراقية والفرقة الاسبانية(الفلامنكو) بعد انتهاء حفلتهما في مدينة بنزرت في شمال تونس في تموز 1976. الواقفون من اليمينحسين الاعظمي وفنانة اسبانية والحاج الرجب وفنانة اسبانية وحسن النقيب وفنان اسباني وباهر الرجب. الجالسون جبار سلمان وفنانان اسبانيان ومرافق الوفد حسونة قسومة.