مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1276)- مانشيت/ 8 خاتمة
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 12 كانون2/يناير 2025 20:25
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 808
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1276)
مانشيت/ 8 خاتمة
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من البحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الرابع والعشرين في دار الأوبرا المصرية. الموافق تشرين الثاني 2015 م.
البحث (التوافق التعبيري بين الموسيقى العربية والشعر المغنى؛ غناء المقام العراقي إنموذجاً).
***
مانشيت / 8 خاتمة
إن ضبط هذه المقومات والمستلزمات الفنية والتعبيرية لتنمية الأداء الغنائي وفهمها تساعد الناقد الموسيقي كثيراً على فهم التجربة الأدائية، لأن المفهوم الصحيح للأداء الناجح هو إدراك هذه العلاقات للعناصر ببعضها، وبالتالي يكون تفاعل الذات مع موضوعها وكشف موقفها من الحياة المعاشة.
إن كل هذه المقومات رهينة بكل جوانبها بقدرة المؤدي وأي اختلال في توازن المؤدي ينتج عنه اختلال في حبكة ترابط العلاقات ومتطلبات العمل الناجح في الأداء الفني مع ضياع جهود الشاعر والفنان الملحن، ومن الأسباب التي تؤدي إلى اختلال توازن المغني؛ مثلا ً الإِسهاب أو الإسراف في جمل أَدائية لا تتحمل التكرار والإِعادة، فيكررها زيادة عن اللزوم أو تكرار وإعادة لبعض كلمات القصيدة الشعرية المغناة بلا داعي لذلك، والطامة الكبرى أَنَّ المؤدي في بعض الأَحيان لا يفهم كنه معاني القصيدة في مضامينها الشعرية واللغوية، فنلاحظ اختلال أكيد في تصوير معاني القصيدة من خلال الأداء، إضافة إلى أن بعض المغنّين يغلب عليهم الغموض في توضيح مفردات القصيدة لفظياً، مما يشغل السامع ويجتهد من أجل فهم الكلمات، في حين أن العمل سائر دون توقف وكل ذلك وغيره الكثير من الأسباب التي تؤدي بالعمل الأدائي إلى عرض صور متنافرة، أو غامضة تحتاج إلى كثير من التعديل والتوضيح.
إن الأداء الأصيل مهما كانت تعابيره، فهو نقيض لليأس، فاليأس صمت، وذروة القوة أن تدفعك المعاناة إلى متسع الحياة. إن التعابير الحزينة التي يتصف بها أداء المقام العراقي بصورة عامة، تعابير مهذّبة تنم عن أصالة حقيقية صادقة، وهي تعابير تفاؤلية ليست هروبية ولا اندحاريه، إنها تعابير حزينة لذيذة شجية تنقلنا في جو عالم من الأحلام والتأملات، تُعبـّر عن نظرة جديدة تأملية لحياةٍ أفضل وأُفقٍ مستقبليٍّ أوسع تفاؤلاً. فإذا كان الفنان المغنّي يدرك طبيعة العلاقة بين تجربته الأدائية واستفادته المباشرة من هذه التجربة، هذه التجربة التي يستجمع فيها المغني ما في مقدوره حين يقدم عملاً فنياً ناجحاً. هذه العلاقة التي إن استطاع المغني أن يجعلها وثيقة، فإنه يعني أن العلاقة ستكون هي الأخرى وثيقة بين الانفعال والفكر ...! وفي الحقيقة، لا يمكن لنا أن نجرِّد الانفعال عن الفكر ولا الفكر عن الانفعال لأن في فصلهما يتحقق التناقض ...! وخلال العملية الأدائية، لا بد للمغني أن يفكر بأحاسيسه، لأن الأحاسيس هي التي تجعلنا قريبين من الحياة، فالفن الغنائي الموسيقي إبداع وابتكار، وهذا الإبداع لا يمكن أن يكون عقلياً بحتاً، بل ينبع من خلال الأحاسيس العفوية الممتزجة بالتجربة الحية الخالصة، ومن ثم يهذّبها العقل ويبلورها لتظهر في صورتها الأخيرة.
فالفنان المغني يفكـِّر إذن في أُسلوب الأداء وتنميته ليدبّ الحياة في العمل الفني ككل وعندما تتلاقى وتتمازج هذه الانفعالات مع الفكر، فقد لا يكون هناك شيئاً منطقياً. لأنهما أصبحا كلا ًواحداً ...! وإذا تمكنَّا أن نعيَ ونفهمَ هذه الحقائق فإننا نستطيع بطبيعة الحال أن نفهمَ معنى الإبداع ونفهم أيضا أن الذات تدرك موضوعها، ومن تمازجهما تتحقق الوحدة في العمل الفني لأنها نتاج للتفاعل العاطفي والفكري.
الباحث الدكتور
حسين إسماعيل الأعظمي
عراقي مقيم في المملكة الأردنية الهاشمية
خبير ومدرس
في المعهد الوطني للموسيقى التابع الى
مؤسسة الملك حسين(رحمه الله)
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
صورة واحدة / حسين الاعظمي بالعباءة العربية الاردنية والسدارة البغدادية العراقية في 21 /6 /2011 بعمّان.