مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1279)- مانشيت/ 3 بعض الحقائق
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 17 كانون2/يناير 2025 20:25
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 827
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1279)
مانشيت/ 3 بعض الحقائق
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من الفصل السادس والبحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الخامس والعشرين (اليوبيل الفضي) في دار الأوبرا المصرية، الموافق تشرين الثاني 2016 م.
البحث (روافد الموسيقى العربية المعاصرة).
***
مانشيت / 3 بعض الحقائق
هناك بعض الحقائق الواضحة، وأولها (أن فناني حقبة انتصاف القرن العشـرين ما زالوا في خط تفوقهم) (هامش1)، فعبد العزيز محمود، وعبد الحليم حافظ، ورضا علي وداوود العاني ومحمد قنديل، وكارم محمود، ومحمد رشدي، وعادل مأمون، ومحرم فؤاد، وناظم الغزالي، ووديع الصافي، وفيروز، وغيرهم الكثير. هم جميعا من مواليد العقود الأولى من القرن العشـرين. إلا انهم برزوا كمغنين عند انتصافه أو قبل ذلك بقليل او بعده، الذين نهجوا طرقاً وأساليب أدائية جمالية مختلفة، هي في الحقيقة مستقاة من روافد سابقيهم الفنانين، واعتمادا على هذا نجد أن أغلب مغني النصف الثاني من القرن العشرين والمعاصرين حتى اليوم يستغلون ثروة المغنّين السابقين لهم دون فهم كافٍ وتمحيص رغم تفاوت الأساليب الخاصة بكل مغن من المغنّين.
على كل حال، إن استغلال مواد كهذه كان درساً لم يغب عن مؤدي الحقبة التي أعقبت انتصاف القرن العشـرين، (فقد التزم معظم فناني هذه الحقبة بشكل مثير في الاستفادة من الروافد الفنية بصورة أقرب إلى تجاوز المراحل الثقافية التي سبقتهم حتى أطلق على عصرهم بالعصر الذهبي للموسيقى والغناء في وطننا العربي، حيث التزم كل من هؤلاء المؤدين تقريبا في محاولة الكشف عن أصالة هذه الأصول الفنية لسابقيهم الكبار في الغناء والموسيقى العربية) (هامش2). وعلى الأجمال بوسعنا القول إن اتجاهات هؤلاء المؤدين المخلصة نحو فنِّهم الغناسيقي جديرة بالاحترام، ومجموع أعمالهم الأدائية يمكن أن نعتبرها إسهاما كبيراً في الفن الغناسيقي العربي خلال القرن العشرين كأغاني السيدة أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما.
وعلى الأجمال أيضا، يمكننا القول إن هؤلاء المؤدين الذين برزوا عند انتصاف القرن العشرين أو بعده بقليل، كفنانين قادرين، قد امتلكوا في أحسن أعمالهم الأدائية أكثر مزايا أسلافهم من مؤدي أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين.
هذا هو الجانب البراق من حقيقة الغناء والموسيقى العربية منتصف القرن العشـرين. أما الجانب الآخر فيبدو واضحا من خلال تفحُصِنا أعمال ونتاجات كل مؤد ٍعلى حدة، وأن لأسباب القلق الأولى من مستقبل الأداء الغناسيقي العربي في تتابع الأجيال، علاقة بمجموع النتاجات المتدنية لبعض مؤدي الأجيال المتأخرة التي ظهرت في السنوات الأولى للقرن الحادي والعشرين، وبعدم قدرة بعض مؤدي هذه الأجيال على التطور بشكل يتناسب مع جودة بداياتهم، ولعل الأمر ذا الأهمية الرئيسة لنا، هو أن التسجيلات الغناسيقية التي تم تسجيلها منتصف القرن العشرين والتي امتازت نسبياً بالإبداعات الأدائية في نواحيها الفنية والتعبيرية عن الأفاق المستقبلية، وعلى الأخص تسجيلات أغاني ومقامات ناظم الغزالي وتسجيلات عبد الحليم حافظ وبعض زملائهما الآخرين، أتاحت فرصا جيدة لتسجيل أغانٍ أخرى بأصوات مؤدين آخرين، استمرارا وأملاً في إحداث حالة ديناميكية وحيوية لبث الروح من جديد للأداء الغناسيقي العربي، التي سبق أن بثـَّتْها تسجيلات أسلافهم من الفنانين السابقين التي أمست روافد غنية جدا لحقبة انتصاف القرن العشـرين، في الاعتماد على أسسها والاستفادة منها بصورة ناضجة ومفيدة، وفي هذه الحقبة التي يمكن أن نطلق عليها بـ (حقبة التجربة)(هامش3) المحصورة بين منتصف الثلاثينيات ومنتصف الستينات من القرن العشرين تقريبا.
إن المرء لا يستغرب اليوم سماع تسجيلات غناسيقية جيدة بأصوات مؤدين عاصروا جيل المبدعين أو ظهروا بعدهم.
وكما أوجدت تسجيلات المبدعين العرب في الغناء والموسيقى من مؤدي منتصف القرن العشرين وبعد انتصافه، أمثال كارم محمود، وعبد الحليم حافظ، ومحمد قنديل، وعبد العزيز محمود، وعادل مأمون، وغيرهم... أمـلاً وتواصلاً في تسجيل أغان وموسيقى بأصوات مغنين أعقبوهم كجيل آخر، أمثال كاظم الساهر وهاني شاكر، وماجدة الرومي، وماجد المهندس وغادة رجب، وغيرهم.
ان أغاني هذا الجيل اللاحق أيضا، قد أوجدت وأعطت أملاً لمؤدين مغمورين مضـى على تجربتهم فترة من الزمن دون تأثير يذكر، فضلاً عن مؤدين جدد لتنمية طموحاتهم والاجتهاد في السعي في تقديم نتاجاتهم الغنائية والموسيقية للإذاعة والتلفزيون بجميع القنوات وشركات التسجيل.
هذه حقيقة اجتهد واكتشفها النشاط الفني المصـري الدؤوب في كثرة مناسباته المهرجانية والمؤتمرات الفنية والعلمية والإعلامية والأدبية بصورة طبيعية ممنهجة ومدروسة، لإظهارها كمحصلة لهذه الحقبة الزمنية المعاصرة وكأجيال تالية، فقد أتى على تأكيد هذه الحقيقة بالحماسة نفسها مؤدون عرب تأثروا بهذه النشاطات العربية وهذا المنحى التطوري الإبداعي وهم يحاولون تطوير حماستهم باستمرار.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
- رزق، قسطندي، الموسيقى الشرقية والغناء العربي.
2- شورة، نبيل، الياقوتة الأولى في تاج الموسيقى العربية
3- التجربة: experience التدخل في مجرى الظواهر للكشف عن فرض من الفروض أو للتحقق من صحته وهي جزء من المنهج التجريبي، ويقال تجريب أو تجربة، اختبار منظم لظاهرة أو أكثر وملاحظتها ملاحظة دقيقة ومنهجية للتوصل إلى نتيجة ما وصل إليهم المجتمع من فهم وأدراك ومعرفة سواء بالفطرة أو بالدراسة.
صورة واحدة / في مكتب وزير الثقافة والاعلام عند استقباله للفنان الكبير يوسف عمر ومجموعة من المغنين المقاميين يوم 1/ تشرين ثاني 1984. يظهر من اليمين جبار سلمان وفاروق الاعظمي وفوزي سعيد وسعد الاعظمي والوزير لطيف نصيف جاسم وابراهيم العبدالله ويوسف عمر وعودة فاضل ومنير بشير وحسين الاعظمي.