مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1291)- مانشيت/ 7 بعض المفاهيم
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 08 شباط/فبراير 2025 21:38
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 857
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1291)
مانشيت/ 7 بعض المفاهيم
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من الفصل السابع والبحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي السادس والعشرين في دار الأوبرا المصرية، الموافق تشرين الثاني 2017.
البحث( أصل المصطلحات الأعجمية في الموسيقى العربية، المقامات العربية إنموذجاً).
***
مانشيت / 7 بعض المفاهيم
إنَّ علينا أن نعي مدلولات حقبتنا الزمنية ونحاول التعبير عنها من خلال ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وهو أمرٌ صحيح، واستنادا إلى هذا الأساس لا يمكن أن تُبْنى أي موسيقى موضوعية بدون أن تكون لها جذوراً وتراكمات حضارية حقيقية بل هو ضربٌ من المستحيل. فقد تغلـَّبت شعوبٌ كثيرة على كل الظروف التي مرَّت ببلدانها وأعادت الهوية الحقيقية لبلدانها، فماذا دهانا نحن العرب لا نبادر إلى إرجاع هويتنا العربية في الموسيقى والغناء..؟
إن صحَّة الاعتماد على الجذور الأصيلة لموسيقانا وغنائنا العربي بأصالة غناسيقية جديدة تعبـِّر عن واقعنا الموسيقي والغنائي العربي المقامي وروح عصـرنا ومستقبلنا والتعبير عن هموم جمهورنا العاطفية في كل أرجاء وطننا العربي الكبير، أي أننا لابد أن ندرك الحاضر والمستقبل من الناحية التاريخية، ونكشف عن جميع الكوامن الأَصيلة الخاصة بجذور غنائنا وموسيقانا، ونقدمها كمادة حية بحق من حيث مضامينها التعبيرية وأشكالها المهذبة.
في(الفترة المظلمة) التي مر ذكرها، حيث مرَّ العراق فيها بكل ظروف الجهل والظلم والاستبداد والمآسي المريعة تحت حكم الغزاة المتوحشين..! ونتيجة لهذه الفترة التاريخية الطويلة، فقد تأثرت الحياة برمّـَتها لدى العراقيين والأقوام الأُخرى، وعلى الأَخص تركيا وإيران ببعضها، تأثراً وتأثيراً، وعلى هذا الأساس دخلت في صلب غنائنا مفردات وألفاظ أعجمية غريبة من لغات هذه الأقوام وأمست هذه المفردات والأَلفاظ الأَعجمية تؤدى بجانب النص الشعري العربي المُغنّى.
لقد كان التأثر والتأثير بين العرب والعجم والأتراك، باعتبارهم أمما متجاورة وحضارات قديمة في شؤون الحياة بكل تفاصيلها، امر طبيعي قبل وبعد ظهور الإسلام، فضلاً عن تفاصيل الحياة الأخرى، إذ يبدو لنا أن تأثير العرب على هاتين الأمتين في بعض جوانب الحياة المهمة، أعمق وأوسع بصورة عامة..! ومنذ القدم كانت العلاقات بينهم متوترة وقلقة على الدوام ويبدو أنها لم تستقر حتى يوم الناس هذا..! على كل حال، أن ما يهمنا هنا هو حال الموسيقى والغناء حيث نجد أن التأثر والتأثير فيما بين هذه الأمم الثلاث موجود منذ أقدم الأزمنة بصورة متناظرة تقريبا. ومن الطبيعي أن يكون العراق البلد العربي الأكثر قربا لهذه التأثيرات الثقافية بمحتواها العام والأكثر تعرضا للغزو والاعتداء باعتباره الأقرب جغرافياً وبالتالي الأقرب اختلاطاً ثقافيا. وهكذا ابتلى العراق العربي المسلم بمظالم الأقوام المختلفة خاصة قرون الفترة المظلمة السبعة التي بدأت بغزو المغول التتر لبغداد وأسقاط الحكم العباسي وتهديم بغداد واحتلالها ... الخ.
ولكن الأكثر إثارة في الموضوع هو أنه رغم القرون السبعة التي خضع فيها العراق سواء للمغول أو الفرس أو العثمانيين أو الأقوام الأخرى، كان فيها مؤثرا اكثر مما هو متأثرا في الكثير من شؤون الحياة، ولعل موضوع اللغة حول المفردات اللغوية المتبادلة أو الموجودة في لغات شعوب هذه المنطقة (نرى أن المفردات العربية الموجودة في اللغة الإيرانية أو اللغة التركية اكثر من وجود المفردات الأعجمية من كلا الأمّتين الإيرانية والتركية في لغتنا العربية..!) (هامش1) وهكذا يكون النموذج اللغوي صريحا في طرح حقائق التأثر والتأثير وعليه يكون العرب أكثر تأثيرا في هاتين الأمتين في مجال اللغة التي تعتبر من أهم ظواهر التأثير في المجتمعات وعليها تنعكس الكثير من أمور الحياة الأخرى، ويبدو لنا أن السبب الأهم في هذه التأثيرات هو الأسلام، بقرآنه العربي وفكره وأدبه الإنساني العظيم.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
- بحث مهم للأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ.
صورة واحدة / د.حسين الأعظمي، و د.حبيب ظاهر العباس، يغادران دار الأوبرا إلى الفندق بعد نهاية احدى جلسات المؤتمر.