مقالات وآراء
يوميات حسين الاعـظمي (1352)- مانشيت/ 8 بين الموسيقى والحياة
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 15 حزيران/يونيو 2025 23:06
- كتب بواسطة: حسين الاعـظمي
- الزيارات: 856
حسين الاعـظمي
يوميات حسين الاعـظمي (1352)
مانشيت/ 8 بين الموسيقى والحياة
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية) الجزء الثاني، كتاب مخطوط لم يصدر بعد.
بعض المانشيتات الداخلية من (الفصل الثالث) والبحث المشارك في(مؤتمر الحضارة الاسلامية في الاندلس/ القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي) بالعاصمة الجزائرية آذار 2007.
البحث (الموسيقى الاندلسية، في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي).
***
مانشيت / 8 بين الموسيقى والحياة
من جانب اخر، يمكننا القول باختصار، بأن هذه الحقبة الزمنية من بداية القرن العشرين ومن تجربة التطور الغناسيقي في المغرب العربي على مدى القرون الماضية، قد اتسمت ايضا بالعلاقة الواضحة بين الموسيقى والحياة، الموسيقى كوسيلة للنظر الى الحياة واتجاهاتها المختلفة. التي نتمنى ان تكون هذه العلاقة بين هذه الآراء والإتجاهات الذوقية المختلفة وبين شكل غناسيقي تراثي كالموسيقى الاندلسية والمغاربية علاقة واضحة ومستمرة فعلا. فالمغنون ذووا الإتجاهات الجمالية. كلاسيكي، رومانسي ، تقليدي. ابداعي …. الخ. نراهم يحفلون بفنِّهم واساليبه ولغته الأدائية باعتباره وسيلة لإدراك الحياة والإحساس بغناها وتعقيداتها.
المهم في الموضوع، ان اجمل النتاجات الغناسيقية الاندلسية والمغاربية بمختلف انتماءاتها الخصوصية كالآلة المغربية والمألوف التونسي او الليبي والغرناطي الجزائري بمدارسه تلمسان وقسنطينة والعاصمي او غيرها. وبمختلف صفاتها واتجاهاتها الذوقية والجمالية. كان من نتائجها تثبيت اقوى لشكل هذه الموسيقى ومضمونها في حياة الإنسان المغاربي العربي، فالفرق في الفن الموسيقي هو في التفصيلات لا في النوع. وفنون الموسيقى والغناء بما فيها الغناسيقى التراثية كالموسيقى الاندلسية والمغاربية، واسطة للتعامل مع واقع الحياة، أي ما ندعوه عادة بالحقيقة.
مغنون مبدعون
كما اوجدت تسجيلات المطربين الحاج العربي بن صاري او خميس ترنان او الفقيه المطيري وعمر الجعيدي او غيرهم من بعدهم من مغني منتصف القرن العشرين وبعد انتصافه، املاً وتواصلاً في تسجيل هذه الموسيقى باصوات مؤدين اعقبوهم كجيل آخر، فان هذه التسجيلات ايضا قد اوجدت واعطت املاً لمؤدين مغمورين مضى على تجربتهم فترة من الزمن دون تأثير يذكر..! فضلاً عن مؤدين جدد، لتنمية طموحاتهم والإجتهاد في السعي في تقديم نتاجاتهم الاندلسية المغاربية للإذاعة والتلفزيون. وهذه حقيقة إجتهد وإكتشفها كل المغنين المغاربيين المبدعين وغيرهم بصورة طبيعية عفوية لإظهارها كمحصلة لهذه الحقبة بسبب نجاحهم المضطرد في تأديتهم للموسيقى الاندلسية المغاربية من حيث شكلها ومضمونها التعبيري والبيئي كأجيال تالية. فقد أتى على تأكيد هذه الحقيقة بالحماسة نفسها مؤدون كثيرون قلَّدوا أساتذتهم السابقين وحاولوا تطوير حماستهم.
هناك حقيقتان على كل حال يجب التركيز عليهما لِما لهما من إتصال وثيق بنجاح وسلامة التسجيلات الموسيقية التي سجلت في مؤتمر القاهرة عام 1932 من حيث شكلها ومضمونها واداؤها الفني بحقبة انتصاف القرن العشرين او بعدها، ولعلهما تلقيان بعض النور على المشكلات التي يواجهها المؤدي الغناسيقي المعاصر.
فالحقيقة الأولى، هي أنه بالرغم من ظهور نتاجات ابداعية لمؤدي حقبة انتصاف القرن العشرين الذين ايقظتهم الابداعات الجديدة في تسجيلات بداية القرن العشرين وبشَّروا بمستقبل مرموق في الأداء الغناسيقي. فان المجال الذي تتيحه هذه النتاجات لنشر وانتشار الموسيقى الاندلسية والمغاربية خارج حدود المحلية كان قاصراً جداً ما خلا تسجيلات مؤتمر الموسيقى العربية في القاهرة 1932 التي جعلت من الموسيقى الاندلسية بصورة خاصة والأغنية المغاربية بصورة عامة مشروعا لسماعها من قبل كل جماهير الوطـن العربي وخارج هذا الوطن الكبير..!!
والحقيقة الثانية، هي ان بعضا من تسجيلات هذه الحقبة التي تميَّزت بالإبداع الادائي الفني ذات الأنتشار الواسع محليا وعربيا، التي استفادت كثيرا من فحوى تسجيلات القاهرة 1932 بصوت الفنانين الرواد ، قد اشَّرت بشكل واضح نسبة مرتفعة من تسجيلات الدرجة الأولى من حيث المستوى التقني والفني في الأداء، ولابد من الاشارة الى ان هذه النتاجات الإبداعية وما تلاها من تسجيلات اخرى باصوات مؤدين آخرين، قد رسمت وفعلت الكثير في سبيل بلورة وصياغة الشكل الاندلسي والمغاربي الحديث والمعاصر.
ان ما يهمنا هنا على كل حال، هو ليس سعة او حجم القاعدة الجماهيرية من المتلقين الذين استقطبتهم هذه التسجيلات فقط، بل العدد الذي إجتذبته من صغار المؤدين الجدد اصحاب المواهب. هذه التسجيلات التي اسهم فيها بإنتظام مغنون كثيرون من مختلف الحقب الزمنية والاتجاهات الجمالية. ورغم الحالة التقليدية في تتابع هذه التسجيلات باصوات مؤديها المقلدين لغيرهم من السابقين، بيْدَ أن من المرجح ايضا ان يعثر المستمع لهذه الاندلسيات المسجلة على بعض من هذه التسجيلات التي تتسم بخصوصية ادائية في معظم نواحيها باصوات بعض المؤدين المبدعين الذين أُنجزت نتاجاتهم عند انتصــاف القرن وما بعد ذلك.
اهمية النقد الموسيقي
من ناحية اخرى، يجب ان لا يدهشنا إهتمام النقاد الموسيقيين بهذه التسجيلات المنجزة في بداية القرن العشرين، اذا اخذنا بنظر الإعتبار ان هذه التسجيلات كانت في المقدمة عرضة لحركة نقدية نشطت في نفس الحقبة الزمنية التي بلغت هدفها نوعا ما. ان آثار هذا الاهتمام من قبل نقاد الموسيقى ونقاد الاندلسيات تبدو محسوسة في وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية بعدئذ، التي زخرت بها المجلات والجرائد اليومية في تلك الحقبة من انتصاف القرن ومازالت على هذا النشاط حتى وقتنا الراهن. ولا مجال للشك في كل الاحوال، بتأثر الأداء الاندلسي الحديث والمعاصر بنواحيه كافة بنوعية وقوة هذا النقد.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
صورة واحدة / التقاط الصورة في قاعة الرباط ببغداد في احدى الحفلات الشهرية لحسين الاعظمي وفرقته الموسيقية التي اقامها فيما بين السنين من 1995 حتى 1999 يظهر فيها الناقد الكبير عادل الهاشمي يقدم لهذه الامسية واعضاء الفرقة من اليمين، سامي عبد الاحد وداخل احمد والاعـظمي وصباح هاشم وسهاد نجم ورافد عبد اللطيف ووليد حسن الجابري وعلي الامام.