مقالات وآراء
اسرائيل لن تنتصر وايران لن تنهزم// محمد حمد
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 17 حزيران/يونيو 2025 20:45
- كتب بواسطة: محمد حمد
- الزيارات: 582
محمد حمد
اسرائيل لن تنتصر وايران لن تنهزم
محمد حمد
من الصعب الكتابة عن حدث ما زال في أوج زخمه من حيث القدرة على جلب الإنتباه والتفاعل "العاطفي" بحثا عن تفاصيل تروي ظمأ ملايين الناس المتشوّقين إلى روية الدمار والخراب والضحايا في قلب تل أبيب عاصمة الكيان الصهيوني. وكانت العادة أن نرى بيوتنا مدمّرة ومستشفياتنا مكتظّة بالقتلى والمصابين. ومعظم البُنى التحتية في ربوعنا البائسة يتصاعد منها الدخان ورائحة البارود.
هذه الأيام ثمة شيء مختلف تماما. في النوع والكم والحجم. ولعل الأيام القادمة تخفي لنا، نحن المصابون بداء الهزيمة المزمن وشلل الإرادة والعمى الاسود في عالم السياسة، بعضا من المفاجآت. ولا بأس أن تكون غير سارة لطرفي الصراع. المهم هو تحريك المياه الراكدة منذ سنين بين إيران واسرائيل. والمهم أن تحصل قفزة من نوع ما في رقعة الشطرنج في الشرق الاوسط. والمهم ايضا هو أن دويلة اسرائيل تبدأ هي الأخرى بالشعور بالالم في جسدها المتخم بالجرائم. إنه نوع من ألالم لم تكن تألفه من ذي قبل. فلدغات صواريخ ايران مؤلمة وموجعة جدا مقارنة باللسعات البسيطة التي كانت تسبّبها صواريخ حزب الله أو هاونات حركة حماس.
اليوم يستقيظ الاسرائيلي في تل ابيب، بعد ليلة مشحونة بالكوابيس وبالأحلام المزعجة في الملاجيء، ليرى أمامه ما كان معتادا أن يراه في غزّة أو في سورية أو في لبنان أو في اي بلد عربي آخر. عمارات ومباني من عدّة طوابق متهالكة وآيلة للسقوط. سيارات مدمّرة تملأ الشوارع. رجال اسعاف واطفاء يتراكضون من بناية إلى اخرى بحثا عن مفقودين أو عالقين بين الأنقاض التي خلّفتها صواريخ ايران.
اليوم، اكتشف الاسرائيلي أن لا مكان آمن له في هذا العالم حتى في عقر داره. رغم أنه محاط بجدران عالية وأسلاك شائكة وقبّة حديدية ومقلاع داوود وجميع وسائل الحماية الحديثة. فضلا عن أحدث الأسلحة الأمريكية الفتّاكة التي تصله بلا قيد أو شرط وعلى وجه السرعة.
فبعد الصواريخ التي انهمرت بالعشرات على تل أبيب وجد الاسرائيلي نفسه "عاريا" من دروع الوقاية. وأخذ يشعر بانه بشر عادي وليس من طينة خاصة او من طبقة الملائكة. وان الله اصيب بالجزع والسأم من "شعبه" المختار! وبالتالي على الاسرائيلي أن يتالّم وان يحزن وان يبكي. فالحزن والألم والبكاء ليس محصورا على الفلسطيني ففط. عليه أن يعيش ولو لبضعة ليالٍ، آلام ومعاناة أهل غزة المحاصرين.
معلوم أن في كل المآسي ثمة ما يثير الضحك والسخرية. وشرّ البلية ما يضحك. وما يضحك في هذا الموضوع هو الخبر "العاجل" الذي يقول إن العراق بصدد تفديم شكوى لدى مجلس الأمن الدولي ضد اسرائيل لانها انتهكت واخترقت اجواءه بهجومها على أيران. والمضحك في المضحك أن العراق ما زال مقتنعا أن "مجلس الأمن" لديه آذان صاغبة. وله تاثير وسلطة أخلاقية معترف بها بعد أن داست اسرائيل على جميع القرارات التي صدرت ضدها من مجلس الأمن هذا. ان "مجلس الأمن" تسيطر عليه أمريكا. واسرائيل تسيطر على أمريكا. وابوكم الله يرحمه!
ان ما حصل للكيان الصهيوني يومي الجمعة والسبت الاثنين، وربما الأيام القادمة ايضا، ازال الغشاوة عن عيون كل اسرائيلي وجعله يقف مندهشا ومرعوبا امام واقع مختلف. هو الواقع الحقيقي الذي أرادت وسائل الدعاية الصهيونية ان تبعده عنه، فراح يتساءل بذهول: "يا للمصيبة! اهذا معهد وايزمان المدّمر ام مستشفى الشفاء في عزّة؟"
لا احد بطبيعة الحال لديه القدرة، حتى الحاخام الأكبر دونالد ترامب، على تحديد موعد افتراضي لنهاية الرشقات الصاروخية الايرانية على تل أبيب والقصف الاسرائيلي المركّز على طهران والمدن الإيرانية الأخرى. لكن ثمة إشارات واضحة، بدت تلوح في أفق تل أبيب، وبدعم امريكي غير مباشر، حول "صيغة اتفاق" مقبولة لوضع حد لهذا الصراع المرشح بقوة إلى أن يخرج عن السيطرة.
ومع أن مجرم الحرب نتنياهو يسعى محموما إلى جرّ أمريكا بشكل مباشر، وهو ما سيحصل قرببا بلا شك، إلاّ أن أيران ليست لقمة سائغة كحال بعض الدول العربية. وفي رأيي المتواضع أن اسرائيل لن تنتصر وان ايرأن لن تهزم. وسيدّعي كل منهما بأنه انتصر وحقّق أهدافه..