مقالات وآراء
الليبراليون واليساريون المزيفون ومعاداة إيران// علاء اللامي
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 20 حزيران/يونيو 2025 19:50
- كتب بواسطة: علاء اللامي
- الزيارات: 579
علاء اللامي
الليبراليون واليساريون المزيفون ومعاداة إيران
علاء اللامي*
الليبراليون واليساريون المزيفون ومعاداة إيران بحجة نظامها الديني وموقف الديموقراطيين واليساريين الإنسانيين التضامني: حتى بيان الحزبين الشيوعيين في إيران والكيان متقدم كثيرا على هذيانات بعضكم؟ وهل الكيان الإسرائيلي أقل دينية وخرافية من غيره وهو الذي قام على أساس الوعد الرباني ويستلهم نتنياهو عقيدته وعملياته العسكرية الإبادية من نصوص التوراة؟
أعتقد أن من المفيد لليبراليين والعلمانيين القشريين واليساريين السابقين المصفقين للمعتدين الصهاينة بحجة رفضهم لما يسمونه "حكم الملالي والدكتاتورية الدينية" في طهران، من المفيد لهم أخلاقياً وسياسياً أن يخففوا قليلا من حماستهم الساذجة، وخصوصا في تأييد الكيان بصفة "الديموقراطية العلمانية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وإيران التي ينظرون إليها وكأنها الدولة الدينية الرجعية الوحيدة في المنطقة، ولكنهم يغضون النظر، إن لم يكونوا يجهلون أصلا، المضمون الديني للكيان الإسرائيلي وأساساته الأيديولوجية ولكل حروبه وحملاته العسكرية. وكيف وصف نتنياهو للفلسطينيين والعرب بأنهم أبناء الظلام وهو ومستوطنوه أبناء النور وهذه مصطلحات توراتية معروفة للمتخصصين إضافة الى تكراره الاستشهاد بنبوءة أشعيا التوراتية النارية في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، والتي هدد فيها إنه سيحقق "نبوءة إشعياء" في هذه الحرب وهي النبوءة التي تقول حرفيا: "هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا. وَأُغْلِقُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ... وحْيٌ مِنْ جِهَةِ دِمَشْقَ: هُوَ ذَا دِمَشْقُ تُزَالُ مِنْ بَيْنِ الْمُدُنِ وَتَكُونُ رُجْمَةَ رَدْمٍ.. وَيَزُولُ الْحِصْنُ مِنْ أَفْرَايِمَ وَالْمُلْكُ مِنْ دِمَشْقَ وَبَقِيَّةِ أَرَامَ". وقد أطلق نتنياهو على حملته العدوانية الحالية ضد إيران اسم (الأسد الصاعد) مستوحيا هذا الاسم من التوراة، فهو مأخوذ من أحد نصوص العهد القديم، يتحدث عن "مستقبل مزدهر تنتصر فيه إسرائيل القوية"، وورد التعبير في "الإصحاح 23 /24": وجاء فيه "شعب كالأسد يقوم، وكالليث يشرئب، لا ينام حتى يأكل فريسته ومن دم ضحاياه يشرب"، وقبلها استعمل اسم "عربات جدعون" التوراتي ضد جياع غزة. جدعون هو قائد توراتي من سبط منشي، وردت قصته في سفر القضاة، حيث قاد 300 مقاتل لهزيمة جيش المديانيين الضخم بأمر إلهي وخطة عسكرية ذكية.
سبق أن استخدمت إسرائيل هذه الرمزية في نكبة عام 1948، حين أطلقت "عملية جدعون" للاستيلاء على منطقة بيسان وتهجير سكانها الفلسطينيين. تروي القصة التوراتية أن جدعون بدأ بـ 32,000 مقاتل، لكن الإله أمره بتقليص العدد. أولاً، سُمح للجبناء بالانسحاب، فغادر 22,000 رجل. ثم جرى اختبار الشرب من النهر، وتم اختيار من شربوا وهم واقفون ومتيقظون 300 فقط. هؤلاء خاضوا المعركة بإيمان ويقظة وانتصروا. ماذا تسمون هذا السلوك والفكر في "دولة إسرائيل"؟ إذا كنتم لا تعرفون هذه الحقائق فأنتم جهلة ومضللون وإذا كنتم تعرفونها وتحرفونها فأنتم عملاء أو في الأقل مشبوهون بالعمالة للعدو.
وبالمناسبة فحتى أكثر الأحزاب اليسارية شراسة في العداء لنظام الحكم الإيراني، وهو الحزب الشيوعي الإيراني "تودة"، أصدر بينا مشتركا مع الحزب الشيوعي في الكيان أدانا فيه العدوان الصهيوني بحسم وقالا في بيان مشترك: "يدين الحزبان بشدة العدوان الإسرائيلي المستمر في المنطقة وآخره العدوان على إيران الذي يشكل انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي... إن الجرائم التي ارتكبتها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية الرجعية في غزة والضفة الغربية بدعم من الإمبريالية الأمريكية والمملكة المتحدة وحلفائهما في الاتحاد الأوروبي لم تسفر عن مقتل أكثر من 55,000 فلسطيني ومقتل أكثر من 18,000 طفل فحسب، بل منحت الحكومة الإسرائيلية أيضًا الضوء الأخضر لمزيد من العدوان على دول المنطقة، بهدف إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفقًا للأهداف الاستراتيجية للإمبريالية الأمريكية. هذه حكومة قادتها متهمون من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وبحقّ، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
وأضاف البيان: "إن إسرائيل والولايات المتحدة، بعد العراق وليبيا وسوريا، مصممتان الآن على تقويض السيادة الإيرانية، ولن تتوقفا حتى يتم إكراه جميع الأنظمة في المنطقة في إطار نفس مشروع الإمبريالية والهيمنة في الشرق الأوسط الذي يهدف إلى إخضاع إرادة الشعوب وحقها في تقرير المصير. إننا ندعو جميع القوى التقدمية والساعية للحريّة في إسرائيل وإيران والعالم إلى التوحّد في إدانة هذا الانتهاك الصارخ والوحشي للقانون الدولي وتركيز كل الجهود على منع نشوب صراع عسكري مدمّر وواسع وإحلال السلام في الشرق الأوسط. أوقفوا الحرب والتصعيد العسكري في الشرق الأوسط الآن! أوقفوا الحرب على غزة، اعترفوا بدولة فلسطينية"! ويمكن التحفظ على الكلمات الأخيرة المطالبة بالاعتراف بدولة فلسطينية، وهو مطلب كررته الرجعيات العربية منذ نصف قرن، وجعل الكيان الصهيوني تنفيذه مستحيلا منذ عقدين، ولا يعقل أن يكرره حزب يسمي نفسه شيوعيا دون ان يطوره بشكل نقدي وجذري!
أعتقد أن هذا الموقف للحزبين ورغم كل التحفظات التأريخية عليهما هو موقف أممي إيجابي في العموم ويحسب له ربطه الصحيح بين جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين وبين العدوان على إيران. وهو أفضل كثيرا من مواقف وبيانات أحزاب أخرى اصطفت مع قوات وسلطات الاحتلال التي دخلت بلادها وتطوعت للعمل في المؤسسات السياسية التي شكلها الغزاة الأميركيون يعد سنة 2003.
أؤمن شخصياً وبعمق، أن الموقف التضامني الأممي مع إيران وشعبها الذي عبرتُ عنه إلى جانب الكثيرين من العراقيين وغير العراقيين، لا ينطلق إلا من مبادئ التضامن مع الشعوب ضحية العدوان الإمبريالي والصهيوني ورفض الظلم والإرهاب الإمبريالي بكل أنواعه وأن هذا الموقف يجب أن لا يتغير حتى لو أن واشنطن أو تل أبيب شنت عدواناً عسكرياً جديداً غداً على أفغانستان في ظل حكم طالبان السلفية السنية، كما هو التضامن واجب وصحيح مع إقليم غزة تحت حكم "ح م ا س" السلفية السنية، فالتضامن الإنساني واحد من حيث الجوهر.
*رابط يحيل إلى نص البيان الثنائي:
*حزب توده الإيراني والحزب الشيوعي الإسرائيلي، أوقفوا القتل! أوقفوا الحرب الآن!
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=873295