اخر الاخبار:
أسوأ أزمة مياه تضرب طهران منذ قرن - الأحد, 20 تموز/يوليو 2025 10:14
تسجيل هزة أرضية قرب زاخو - السبت, 19 تموز/يوليو 2025 20:12
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعـظمي (1355)- مانشيت/ 2 شيء من الواقع التعبيري

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعـظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعـظمي (1355)

مانشيت/ 2 شيء من الواقع التعبيري

 

حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية) الجزء الثاني، كتاب مخطوط لم يصدر بعد.

بعض المانشيتات الداخلية من (الفصل الرابع) والبحث المشارك في (مؤتمر الموسيقى الدولي) المقام من قبل كلية الموسيقى بجامعة الروح القدس. الكسليك، لبنان. تموز 2012.

البحث (تطور الغناسيقا الآلية العراقية التقليدية المتقنة).

***

مانشيت / 2  شيء من الواقع التعبيري

شيء من الواقع التعبيري

       لم تزل التعابير الموسيقية والغنائية المقامية التقليدية والمتقنة في بغداد خلال القرن التاسع عشر، تسودها اجواء تعبيرية دينية في الاعم الاغلب، بحيث لا يمكن ان يظهر اي مطرب للمقام العراقي دون ان يمارس اداء التلاوة القرآنية او الشعائر الدينية الاخرى، كالمنقبة النبوية الشريفة والتهاليل والاذكار والمدائح النبوية والتمجيد من فوق منائر الجوامع والمساجد والكنائس وغيرها. وكانت هذه الحالة هي السمة البارزة لمطرب المقام العراقي زمنذاك. حيث ينضج مفهوم مطرب المقام العراقي دنيويا اعتمادا على هذا الاساس. ورواد مطربي القرن التاسع عشر المقاميين ن في بغداد تحديدا، ظهروا وبرزوا من خلال هذه الاجواء، الذين استطاعوا استيعاب واقع هذه التعابير الدينية والدنيوية لينتجوا تسجيلات غنائية مقامية دنيوية بروح صوفية ودينية كبيرة، ابقت على شهرتهم في المصادر الكتابية حتى يوم الناس هذا.

         على اية حال، ينبغي ان نتذكر دائما الانسجام والعلاقة الوثيقة بين التفاعلات الدرامية والتعبير عنها خلال العمل الفني ككل في غناء المقامات العراقية، وهذان يكونان محور النتاج المقامي في عموم الغناسيقى(هامش1) المقامية التقليدية المتقنة المؤداة، ولابد للمسارات اللحنية  المقامية ان تنسجم مع معاني القصيدة المغناة والتعبير عنها، لان معاني القصيدة تمثل دراما متفاعلة مع النتاج المقامي كله، وبهذا الانسجام يتم التعبير المناسب للمعنى الشعري المغنى في المقامات العراقية، الا ان هذه الحالة شبه المثالية تكون نموذجا جيدا لنجاح الاداء برمته، لان الفن لكي يكون فنا، ينبغي الا يبدو نسبيا ابدا، ومشكلة التعبير عن معاني القصيدة المغناة ، في غناء تراثي يحتوي على شكل (form) معين ثابت في معظم مساراته اللحنية اصلا، كتراث غناء المقام العراقي، الذي يعد من فصيلة الموسيقى والغناء التقليدي المتقن كونه من موروثات المدينة. هذه المشكلة تكاد تكون عمل فيه جهد وتدبير كبير من قبل المغني المقامي او العازف المقامي. فليس من السهل ان تتطابق تعبيريا معنى القصيدة المغناة مع مسارات لحن المقامات العراقية الثابتة بصورة عامة، لنصل الى تطابق المعنى الشعري للقصيدة المغناة مع المسارات اللحنية في تعابيرها الفنية. فالامر يحتاج الى خبرة ودراية وتجربة من قبل الفنان نفسه، كي يصل بالمعنى العام للعمل الفني الى بر الامان.

        اما  كمْ هي غنية وواسعة وناجحة الاعمال المقامية فنيا بهذه النموذجية، فذلك يعتمد على فطرة الاحساس والثقافة الواعية بتفاصيل المسالة والعلاقات الضمنية التي يحتويها العمل الفني، فضلا عن امكانية المؤدي الذي يوكل اليه امر نجاح العمل الفني من عدمه. ومن المسلم به بشكل عام، ان الموضوع او المحور المهم في النتاج المقامي كعمل فني غنائي، هو تفاعل القوى البنائية للمواد الاولية التي تحتويها المسارات اللحنية المقامية كشكل غناسيقي تراثي (form) في معاني القصيدة المغناة في اقصى دراميتها التعبيرية. ولا توجد حاجة الى امور اخرى غير قدرة المغني المقامي ودرايته الفنية وخبرته. وعلى كل حال، اذا استطاع المغني المقامي ترجمة هذه المتطلبات الفنية في غنائه المقامي كشكل غنائي موسيقي تقليدي متقن يكاد يكون ثابتا، بتفاعل درامي، معبرا عنه بصدق للوصول الى المعنى العام للعمل الفني المقامي، والى لغة حياة الجماهير المستمعة. استطاع ان يرى في نتاجه المقامي السمات الاقصى تعميما للتحول الفني والثقافي للعمل الفني برمته.

        يمكننا ان نعلل ونعطي الاسباب المباشرة لنجاح الكثير من المقامات العراقية المغناة من قبل مغنين مقاميين كبار خلال القرن التاسع عشر، باصواتهم الجميلة حسب ما تذكره المصادر التاريخية في كتابات المؤرخين والكتاب والنقاد المقاميين، رغم اننا لم نستمع الى احدهم، حيث لم يكن جهاز التسجيل الصوتي قد ظهر للوجود بعد. واكتفينا بما تنقله لنا هذه المصادر التاريخية. فاذا كان هذا التفسير اكيدا، فان السبب في كل تلك النجاحات الغناسيقية لمغني القرن التاسع عشر في مقاماتهم العراقية التراثية والتاريخية، يعود الى نمو احساسهم العفوي ووعيهم التلقائي الكبير باهمية التاريخ والتراث الوطني الذي يمثل كل كيان المجتمع العراقي على وجه العموم. وهذا الوعي والاحساس باهمية الحفاظ وحماية موروثات الاباء والاجداد، جعل الاهتمام المباشر بالمسارات اللحنية التقليدية المقامية المتقنة والحفاظ عليها من التشويه والضياع امرا قائما.

 

         اننا نشير هنا الى مقامات باصوات المغنين المقاميين ممن ظهروا في القرن التاسع عشر، كالمطرب حمد بن جاسم ابو حميد وخليل رباز واحمد الزيدان وقدو الاندلي وغيرهم. ومن المؤكد ان هؤلاء المغنين المقاميين وامثالهم في المستوى، كانوا يتمتعون بوجهات نظر نافذة وعميقة في الرؤية التراثية والتاريخية، ويدركون باحساسهم وفطرتهم، احتمالات التطورات والتغيرات السريعة التي اتسمت بها فترتهم الزمنية. حيث اشاروا باقوى الوضوح والتعبير عن تراثية وعراقية هذه المقامات، فالموثوقية التاريخية والتراثية عاملها هؤلاء المغنون المقاميون بتصرف رائع، بمجموعة فخمة من تسجيلاتهم المقامية، وهم يدركون غريزيا كم هي مهمة هذه المقامات العراقية وهذه السمات الادائية لترسيخها في كيان واعماق الاجيال اللاحقة من المغنين المقاميين. وبهذا الاسلوب، يركز المغنون المقاميون الكبار الذين ظهروا في القرون الماضية، العلاقات التراثية والتاريخية لهذه المقامات وبقوة لا تضاهى مع المجتمع. وبالامكان الاشارة مرة اخرى الى بعض المقامات المؤداة بصوت المطرب الكبير احمد الزيدان دون غيره من مغني القرن التاسع عشر. حيث لا نملك معلومات كافية عن القصائد المغناة والمقامات المؤداة من قبل المغنين الاخرين الذين سبقوا احمد الزيدان بل حتى من معاصريه.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

هوامش

  - الغناسيقى: مختصر لمفردتي الغناء والموسيقى

 

 

صورة واحدة / في جنيف بسويسرة في نيسان 1980. يميناً الفنانة مائدة نزهت والسفير العراقي في سويسرة، والسفير فوق العادة وممثل العراق الدائم في هيئة الامم المتحدة بجنيف الدكتور منذر المطلك. والفنان غانم حداد وحسين الاعظمي والفنان عبد الجبار الدراجي والفنان علاء السماوي.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.