مقالات وآراء
هل سيضربون ايران؟// صائب خليل
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 22 حزيران/يونيو 2025 10:27
- كتب بواسطة: صائب خليل
- الزيارات: 613
صائب خليل
هل سيضربون ايران؟
صائب خليل
21 حزيران 25
هو السؤال الذي يشغل بال الجميع، وقد وجه السؤال الي من قبل عدد من الاصدقاء على مدى الايام الماضية، وهنا اود، ليس الاجابة عن السؤال (لأن لا أحد يعرف) لكن على الأقل كيف تحسب الإجابة على مثل هذا السؤال؟
أي شخص يقول لك انه يعرف، وان من المؤكد أن اسرائيل ستضرب او العكس انها لا يمكن ان تضرب، هو بعيد عن الصواب، لأن من المحتمل ان نتانياهو وترمب نفسيهما لا يعرفان الجواب بعد!
كيف نحسب احتمالات الضربة، وما هي العوامل التي تزيد الاحتمال او تقلله؟
ببساطة، من يضرب، يريد ان يكسب على الأقل، اكثر مما يخسر. فإذا كانت حسابات اسرائيل واميركا بأن الخسارة ستكون اكثر او مساوية للربح، فلن تكون هناك ضربة، وان كان العكس فستكون.
لكن كيف نحسب هذه المكاسب والخسائر؟
لا يمكن حسابها بدقة، وهي متغيرة مع الوقت، لذلك، فمن المحتمل جدا ان ترمب ونتانياهو لم يتوصلا الى القرار بعد وهما مشغولان بحسابات الربح والخسارة. لكن ما هي هذه الحسابات؟
الأرباح هي مقدار ما يسببه الهجوم من تدمير لإيران بشكل عام وليس منشآتها النووية فقط. فهاتين الدولتين ليس لهما من أرباح سوى التدمير.
إضافة لذلك فهم يأملون بإسقاط استقلالية ايران وتنصيب حكم عميل لهما، (ربما بخطوتين او اكثر: ينصب حكم اصلاحيين يمنح الامريكان اختراقات مهمة في الدولة، ثم يتم الانقلاب عليه مستفيدين من الاختراقات التي قدمها لهم، وربما يتم اعادة وريث الشاه التافه ليحكم ايران نيابة عن اسرائيل..
هذا هو الطموح بالتأكيد، وحتى ان بدا بعيدا، فيمكن دائما تقسيمه الى مراحل استسلام، كل مرحلة تكمل ما قبلها وهكذا..
اما حساب الخسائر، فهي:
1- مقدار ما تسببه ردة الفعل الإيرانية من دمار لإسرائيل (وأميركا وعملائها في المنطقة ان قررت المشاركة بشكل مباشر)..
2- ويؤخذ بالحسبان في الخسائر، احتمال اسقاط واحد او اكثر من شعوب المنطقة لحكومة عميلة للأمريكان، في العراق مثلا او ربما مصر أو الأردن.. او تونس او المغرب..
3- الوضع الإعلامي والغضب الشعبي العالمي المتزايد من اسرائيل قد يجعل من المستحيل عليها ان تحكم العالم عن طريق عملائها كما هو الحال اليوم.
4- هذا التخلخل في سلطة أميركا واسرائيل على العالم يأتي في وقت خطير، حيث ان هناك "اللاعب الثالث" (راجع مقالتي عن الشطرنج الثلاثي) المتمثل بالصين وروسيا والمستفيدتان من اي ضعف يصيب أميركا ليجعل مشروعمها اكثر احتمالا للنجاح، وقدرة الدول للتحرر من سلطة اميركا أكبر، وبالتالي سيصعب على اميركا توحيد العالم ضد ذلك المشروع.
5- صحوة البشرية على خدعة الديمقراطية الامريكية منذ الآن ذات تأثير كبير على ما يجري، واذا خاضت اميركا حربا كبرى اخرى فستزداد هذه الصحوة كثيرا، وستكلف اميركا اكثر...
6- من النتائج المتوقعة ان جميع شعوب العالم سوف تطمح الى امتلاك القنبلة الذرية وستعتبر اميركا واسرائيل مصدر خطر كبير عليها..
7- سيحسب الكثير من البشر ان ما يجري من كوارث، سببه النظام الرأسمالي الذي لا يهمه سوى الربح والسيطرة، ويبدأ بإعادة الحساب والبحث بجدية اكبر، لشعوره بمدى الخطر، فيما اذا كان بالإمكان التخلص منه.
8- هناك معارضة تزداد قوة داخل اميركا ضد الحرب وانشقاق داخل الحزب الجمهوري نفسه، وتبدو عاملا لن يسهل تجاهل تكاليفه.
عدا هذا أود اضافة ملاحظتين:
أولا، ليس من الواضح بالنسبة لي إن كانت زيادة اسعار النفط المنتظرة من الحرب، تحتسب كخسارة (جدية) لأميركا واسرائيل أم لا، لكنها بالتأكيد ستكون ربحا كبيرا لروسيا وخسارة للصين..
ثانيا، صحيح ان اسرائيل هي في مقعد القيادة للثنائي اسرائيل واميركا، وانها يمكن جدا ان تدفع بأميركا الى خسارة مصالحها لتضمن اسرائيل مصالحها، وقد حدث هذا في الماضي مرات عديدة، لكن من ناحية اخرى فأن اميركا هي السلاح الأكبر في يد اسرائيل، فإن ضعف هذا السلاح، فهو اضعاف لإسرائيل ايضا. اضافة الى احتمال صحوة امريكية تخفض من سلطة اسرائيل على اميركا.
هذه ربما اهم الحسابات للربح والخسارة التي تخطر ببالي.
هل يمكننا ان نستنتج شيئا من مواقف وتصريحات الامريكان او الاسرائيليين؟
لا اعتقد.
لأن اميركا واسرائيل من مصلحتهما دائما اعطاء انطباع بأنهما يفكران جديا بالحرب ويستعدان لها، سواء كان ذلك ما يفكران به فعلا او لا. لأنه يمثل ضغطا على ايران لتقديم اكبر تنازل ممكن. لأجل ذلك لا يمكننا ان نستنتج شيئا من تصريحات اميركا واسرائيل فهما سيقولان ذات الشيء في كل الاحوال.
إذن لا شيء اكيد، وهناك مخاطرة لا شك فيها، لكن علينا ان نفهم أن حفاظ شعب على كرامته وسيادته على بلده، ليس مجانيا ابدا في عالم يحكمه الشر والعدوان والتوحش، كعالمنا اليوم. لكن خسارة الكرامة والسيادة مدمرة الى درجة لا يتخيلها الانسان البسيط الذي لا يرى إلا ما هو امام عينيه. الكرامة والسيادة ثمينتان جدا، وقد اختار الشعب الايراني حتى الآن، ان يدافع عنهما، ولا ندري إلى اي مدى سيكون مستعدا لدفع ثمنهما. نتمنى له التوفيق والسلامة، ونحن ممتنين له كما امتناننا لشعب اليمن الجبار، فهما اليوم يقفان دفاعا عنا ايضا، وعن املنا باستعادة سيادتنا وكرامتنا، لأن مقاومة اي شعب للظلم، هي مقاومة لكل الشعوب، واستسلام اي شعب، هو استسلام لبقية الشعوب ايضا.