محمد حمد
قيّم الرگّاع من قمّة قطر!
محمد حمد
ستعقد يومي الاحد والاثنين قمة عربية - إسلامية طارئة في قطر. وللعلم ستكون القمة رقم الف في السجل الحافل ب "النضال" العربي الرسمي في القاعات الفارهة ضد العدو الصهيوني. ومن المحتمل، بعد مراسيم العناق والاحتضان الاخوي وتقديم التعازي ذات الطابع البروتوكولي المالوف، ستخرج علينا القمة، كما تخيلتُ في خيالي القاحل! بقرارات "تاريخية" صارمة ومزلزلة ستهتز لها اركان "الكعبة" الصهيونية في واشنطن. وتجعل صهاينة تل أبيب يهرعون إلى الملاجيء، خفافا وثقالا، خوفا من وصول موجة صواريخ (عالية الدقة) من ورق التواليت، تنطلق من "غرفة العمليات" التي يرقد فيها النظام العربي المصاب بالتدرن السياسي!
وبغض النظر عن المزاح الذي هو ملح الحياة لمن يعاني من ارتفاع ضغط الدم. دعونا نفترض جدلا أن الهجوم الاسرائيلي على الدوحة قامت به دولة عربية أو اسلامية، وعلينا في هذه الحال أن نتخيّل ردة الفعل العنيفة جدا من قبل دولة قطر وامارات الخليج الأخرى. سيطالبون (متوسلين طبعا) بتدخل امريكا العسكري باسرع ما يمكن لردع "العدوان" عن دولة قطر الشقيقة. وسوف يجيشون الجيوش الغربية وليس العربية للدفاع عن سيادتها وحرمة اراضيها التي تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخليج.
لكن بما أن الهجوم نفذته دويلة اسرائيل، المدلّلة إقليميا ودوليا، وبضوء اخضر من حاخام البيت الأبيض ترامب، فإن الحكّام العرب، من المحيط الصامت الى الخليج الساكت، سوف يكتفون كسابق عهدهم بإصدار بيان تنديد واستنكار "شديد اللهجة" ويحملون اسرائيل كامل المسؤولية عما يجري. وكأنّ هناك مسؤول آخر غيرها! وعدا هذا لن يجرأ أي حاكم عربي على القيام بما هو أضعف من أضعف الايمان.
ستعقد القمة العربية - الاسلامية الطارئة في قطر، حامية المصالح الامريكية بلا منازع في المنطقة، والمساهمة الفعالة في "تمشية أمور" الاقتصاد الامريكي. وعلى المواطن العربي وغير العربي أن لا ينتظر من قمّة الحكام العرب والمسلمين، سوى الضجيج الإعلامي والشكوى والتوسّل لما يسمى ب "المجتمع الدولي". وهم واعون جيدا ان المجتمع الدولي المزعوم هو عبارة عن نادي سياسي لحفنة من الدول الغنية تديره أمريكا مباشرة من أجل مصالحها الخاصة فقط.
أن قطر ودول الخليج بشكل خاص تستطيع أن تضع حدّا ليس فقط لعربدة وتغوّل كيان اسرائيل العنصري. بل ولهيمنة واستبداد امريكا في الشرق الأوسط ايضا. يكفيهم غلق أنابيب النفط والغاز (أو التهديد الجدي بغلقها) لمدة أسبوع فقط. نعم، اسبوع فقط. وليكن ما يكن.
لكن مشكلة حكام "خير أمّة أخرجت للناس" هي الإفراط في الكلام والثرثرة وتكرار العبارات الرنّانة المثيرة للإعجاب ظاهريا. ولكنها في الحقيقة فارغة وخالية من اي معنى او مضمون يستحق الاهتمام. فعلى سبيل المثال لا الحصر نقرأ مايلي:
(وزير الخارجية المصري لامير قطر: المساس بامن الدوحة يعد مساسا مباشرا بالأمن القومي العربي". لاحظوا، النفاق والزيف والتملّق والعنتريات البائسة. مع الاعتذار لعنترة بن شداد العبسي.
الجميع هنا يرددون نفس العبارات المكررة الف مرة: "نحن مع قطر في كل الإجراءات التي تتخذها لحماية سيادتها وسلامة أراضيها". وعلى هذا المنوال!
نحن العرب في معارك الكلام دائما منتصرون. ونحن اسود على بعضنا البعض وارانب على العدو. وانظروا ما يحدث في السودان وليبيا واليمن وسوريا ولبنان. أمثلة حية على أننا غير قادرين على خوض معركة واحدة ضد العدو الحقيقي حتى باستخدام "القنادر العتيگة" وقناني المياه الفارغة. لكننا في نفس الوقت على استعداد تام للقتال إلى سنوات طويلة ضد بعضنا البعض وارتكاب المجازر المروّعة بحق المدنيين.
والسودان "الشقيق" شاهد عيان !