مقالات وآراء

الباحث محمد هادي: رحلة في آفاق البحث والتأليف// محمد علي محيي الدين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد علي محيي الدين

 

عرض صفحة الكاتب 

الباحث محمد هادي: رحلة في آفاق البحث والتأليف

محمد علي محيي الدين

 

يعدُّ الباحث محمد هادي أحد الأعلام الثقافية البارزة في الساحة الأدبية والصحفية العراقية، وقد أسهم بشكل ملموس في إثراء المشهد الثقافي المحلي من خلال مؤلفاته القيمة وأبحاثه المتميزة التي تناولت جوانب متعددة من التراث الشعبي والرياضة والمجتمع في مدينة الحلة. منذ أن انطلقت خطواته الأولى في عالم الكتابة والبحث، ظلَّ هادي يتنقل بين الحقول الفكرية المتنوعة، مقدماً نماذج من الإبداع والتحليل التي تُمزج فيها الأصالة مع المعاصرة.

 

ولد محمد هادي في مدينة الحلة عام 1953، ومنذ صباه شغف بالقراءة والكتابة. بعد اجتيازه مرحلة الدراسة الإعدادية في العام 1974، اختار الاتجاه إلى العمل الوظيفي، ومع مرور السنوات، كانت الكتابة الصحفية والبحث في التراث الشعبي له المكان الأبرز في حياته. عمل في العديد من الصحف والمجلات العراقية، وأصبح أحد الأسماء اللامعة في مجال الصحافة، حيث كتب في صحف مثل "الفيحاء"، "صباح بابل"، و"المدى"، إلى جانب تحريره لجريدة "بابل الرياضي".

 

تعدُّ مؤلفاته شاهداً على غزارة إنتاجه الأدبي واهتمامه العميق بتاريخ وتراث مدينته. من بين أعماله المتميزة التي ساهمت في توثيق جوانب من الحياة البابلية، يمكن الإشارة إلى كتابه "الرياضة البابلية: ذكريات وصور" الذي صدر عام 2008، الذي يعد بمثابة وثيقة تاريخية توثق الرياضة في محافظة بابل، إلى جانب "صور قلمية لأعلام الرياضة في بابل" (2009)، الذي عرض فيه سير أبرز الشخصيات الرياضية من أبناء المدينة.

 

أما في مجال الثقافة الشعبية، فقد أسهم كتابه "المقاهي والفرق الشعبية البابلية" (2011) في تسليط الضوء على جانب مهم من حياة المجتمع المحلي في بابل، في حين تناول "الإعلام البابلي بعد التغيير" (2011) التغيرات التي شهدها الإعلام في ظل التحولات السياسية التي مرت بها العراق.

 

ومن بين مؤلفاته التي تبرز اهتمامه بالتراث المحلي، "الحلة محلاتها وبيوتاتها وأزقتها" (2013)، الذي وثق فيه تاريخ المناطق المختلفة في مدينته، وأيضاً "أسواق وأوراق حلية" (2014)، الذي أضاء فيه على تاريخ الأسواق والأوراق التجارية في المنطقة. كما لا يمكننا أن نغفل عن عمله الأخير "الذين غدرت بهم الأيام" (2022)، الذي تناول قصصاً من تاريخ المدينة وأبرز شخصياتها التي واجهت تحديات قاسية.

 

  تتميز كتابات محمد هادي بالجمع بين البحث الأكاديمي والرصد الاجتماعي، إذ قام بتسليط الضوء على العديد من الموضوعات المتعلقة بالحياة الاجتماعية والتاريخية في بابل، وهو ما يجعل مؤلفاته مرجعاً مهماً للباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة. كما امتدت جهوده لتشمل العمل الإعلامي، حيث عمل لمدة عشرين عاماً كمحرر في صحيفة "الفيحاء" وصحيفة "صباح بابل"، وعشرة أعوام في صحيفة "المدى"، بالإضافة إلى عمله مديراً لتحرير جريدة "بابل الرياضي".

 

لم تقتصر إسهامات هادي على الكتابة فقط، بل كان له دور كبير في تحفيز الثقافة المحلية عبر ندواته ومحاضراته التي قدمها في مختلف المحافل الأدبية. ومن خلال عمله في إدارة ندوات "متحف الحلة المعاصر", ساعد في تقديم الأدب والفكر الحليين إلى جمهور واسع. كما يقدم لقاءات عبر منصات التواصل الاجتماعي مع أدباء وشعراء وكتّاب حليين، ما يساهم في توثيق الحراك الثقافي في مدينته.

 

إنَّ الباحث محمد هادي هو مثال حي على المثقف الذي لا يتوانى عن بذل الجهد في سبيل إحياء تراثه الثقافي والاجتماعي، ويستمر في تقديم أعماله التي تعدّ بمثابة جسر بين الماضي والحاضر. بتنوع اهتماماته وعمق أبحاثه، أضاف هادي للبنية الثقافية العراقية الكثير من المفاهيم والمواضيع التي تستحق الدراسة والاهتمام. وبينما يواصل مشواره، يبقى أثره الأدبي والإعلامي مستمراً في إثراء الثقافة العراقية.