مقالات وآراء
فجوة الداخل والخارج والردم المطلوب// د. عامر ممدوح
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 16 أيلول/سبتمبر 2025 11:20
- كتب بواسطة: د. عامر ممدوح
- الزيارات: 344
د. عامر ممدوح
فجوة الداخل والخارج والردم المطلوب
د. عامر ممدوح
كاتب وأكاديمي
لعل من أبرز مساوئ الدكتاتورية وأوضح صور إرثها العقيم الذي تخلفه وراءها، العزلة المزمنة التي يغدو عليها الوطن، والفراغ الكبير الواقع بعد مغادرة العقول والكفاءات نحو الملاذات الآمنة والأراضي التي تقدر قيمتها ومكانتها.
ولطالما كانت مشاهد عودة الأبناء إلى ديارهم بعد تغيير الأنظمة المستبدة والخلاص منها بمثابة ولادة جديدة حتى لو كان العائد طاعن في السن قضى اغلب سنوات حياته في المنافي مطارداً وملاحقاً!
على ان عودة الكفاءات بعد التغيير تعد نعمة ومشكلة في آنٍ واحد، وذلك لما توجده من فجوة كبرى بين الداخل المعزول والخارج المنفتح، وهي هوة مستمرة لا تردم بسهولة.
من ذلك الفجوة المعرفية، وتتمثل بالبون الشاسع بين مستويات التفكير وتحديثاته والممارسة المتقدمة والتحرر من القيود الكثيرة التي تعوقها، إزاء بقاء الداخل عرضة للتفكير القديم، والاجترار المتكررة له ولمناهجه الجامدة.
يحدث هذا ويلمس بشكل جلي عند قراءة النتاجات المعرفية، ومتابعة أنماط التفكير بين شخصيات بقيت قابعة بين الأسوار والسجون بدون قضبان لعقود طويلة، وشخصيات مماثلة أطلقت العنان لأجنحتها وعقولها وانطلقت في الفضاءات الواسعة.
كما وجد شيء من ذلك في معاناة الكثير ممن عاد للعراق بعد عام ٢٠٠٣ وتمثل بالتباين الحاد حتى على مستوى النشاط البدني المفعم بالحيوية لدى القادم من تلك الدول، مقارنة بابن البلد المتلذذ بكسله بعد أن سلب الرغبة منذ زمن بعيد، وكانت الحصيلة غير مشجعة إذ وجدنا الاغلب يهرب ولا يقوى على البقاء، والقليل منهم يصبر ويصمد!
وهناك النظم المتطورة في التعليم والتخطيط والادارة، وفشل محاولة غرسها في الأرض الخربة، مما يقتضي ملء الفراغات للمراحل السابقة قبل الشروع بالانتقال نحو المديات المتقدمة والمتطورة.
لقد بات الردم مهمة واجبة، والعودة لاحتضان تلك العقول لازماً، وتحقيق المواءمة الحقيقية وليست الشكلية بين الداخل والخارج وصولاً إلى الاندماج التام.. لا غنى عنه من أجل التقدم والنهوض المنشود.