اخر الاخبار:
زيلينسكي: مستعد لوقف إطلاق النار مع روسيا - الأربعاء, 17 أيلول/سبتمبر 2025 19:03
الإعدام بحق إرهابي أقدم على قتل خمسة عراقيين - الثلاثاء, 16 أيلول/سبتمبر 2025 10:36
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

بعد قمة الدوحة ... المنطقة إلى أين؟// معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

 

عرض صفحة الكاتب 

بعد قمة الدوحة ... المنطقة إلى أين؟

معتصم حمادة

عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

 

  لا يمكن لنا، هذه المرة، أن ننظر إلى مخرجات قمة الدوحة العربية الإسلامية من زاوية واحدة، هي البيان الختامي للقمة: فهي ليست قمة دوران، بل دورية، دعي لها بظرف إستثنائي لا سابق له في التاريخ المعاصر للمنطقة: عدوان إسرائيلي غادر على دولة عربية، خليجية، كانت تعتقد كغيرها من الدول العربية في الخليج، أنها بمنأى عن العدوان الإسرائيلي، وأنها مشمولة بالحماية السياسية والأمنية، بعلاقاتها الإستراتيجية والخاصة مع الولايات المتحدة.

واشنطن، في رسم مصالحها في المنطقة، رسمت خطاً أحمر لإسرائيل، يمنع عنها التدخل في شؤون الخليج إلا بإذن مسبق، وبخطة متفق عليها، وهو ما حصل في الحرب المشتركة على إيران، بما يتوجب علينا أن نلاحظ كيف أن واشنطن هي التي أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لتشن حربها على إيران، وكيف أنها هي التي أمرت طائرات إسرائيل بالعودة إلى مواقعها، ومنعها من تحقيق أهدافها، بعدما أعلنت واشنطن وقف الحرب، وعلى إسرائيل أن تلتزم القرار الأميركي.

لا بد من الإعتراف – بداية – أن مسودة البيان الختامي، الذي تم تسريبه في اليوم السابق على القمة، ترك لدينا خيبة أمل، واعتقدنا، بموجب هذا البيان، أن قمة الدوحة لن تكون إلا كسابقاتها. قمة للثرثرة، ليس إلا، وأن بيانها الختامي لن يكون أفضل من بيان مجلس الأمن، الذي وصلت الوقاحة بالولايات المتحدة لتخفيض سقفه إلى حد شطب اسم إسرائيل من البيان، والإكتفاء بالحديث عن «الضربة» التي وجهت للدوحة، كأنها «ضربة من غير ضارب» و«عدوان من غير معتدي» و«رمية من غير رامٍ».

غير أن ما سبق القمة من تحركات كان لافتاً للنظر، ومدعاة للتساؤل، وعدم التسليم بخيبة الأمل، خاصة لقاءات رئيس الوزراء – وزير الخارجية القطري، مع نظيره التركي، ونظيره الإيراني، بما تعنيه كل من هاتين الدولتين، إيران وتركيا، في مسار الصراعات الإقليمية، وموقف كل منهما من دولة إسرائيل

ما دفعنا كذلك، لإعادة النظر بالشعور بخيبة الأمل، ما سمعناه على لسان بعض القادة العرب والمسلمين من مداخلات، أكدت أن أصحابها باتوا ينظرون إلى إسرائيل، ليس من منظار عدوانها الهمجي على قطاع غزة فحسب، ولا من منظار عدوانها على الدوحة والوفد الفلسطيني المفاوض، بل من منظار أكثر إتساعاً، ودقة أكثر عمقاً، يمكن اختصارها بأن العرب باتوا ينظرون إلى إسرائيل باعتبارها، باتت، في ظل سياسات نتنياهو، خطراً على الحالة العربية، بمشرقها ومغربها، وأنها لم تعد تقيم وزناً لمعاهدات السلام العربية، ولا لعلاقات التطبيع العربية معها، وأنها باتت ترسم لنفسها مشروعاً استعمارياً، يقوم على الهيمنة التامة على المنطقة، واللجوء إلى القوة العسكرية لتدجين كل من تسول له نفسه أن يعارض المشروع الإستعماري الإسرائيلي أو أن يعرقله.

فقد باتت معارضة مصر إستقبال مليوني لاجئ فلسطيني من القطاع، «خطراً» على المشروع الصهيوني لقطاع غزة.

كذلك باتت معارضة الأردن استقبال عشرات آلاف المهجرين من أبناء الضفة الغربية، هو الآخر «خطراً» على مشروع الضم الإسرائيلي، والتخلص من السكان.

أما إعادة سوريا بناء جيشها، وتسليحه بما يمكنه من الدفاع عن السيادة الوطنية لبلده، فهو خط أحمر إسرائيلي، إذ أن المطلوب إسرائيلياً أن تبقى سوريا دولة ضعيفة، مشتتة داخلياً، ومنشغلة بهمومها المحلية، لا تملك جيشاً، ولا إقتصاداً، ولا نفوذاً سياسياً، يعيد الإعتبار لموقعها الجيواستراتيجي والجيوسياسي في المنطقة، عربياً وإقليمياً ودولياً.

أما لبنان، فهو الآخر «ممنوع» عليه أن يستعيد أرضه المحتلة، وأسراه في سجون الاحتلال وحدوده البحرية، بما في باطنها من آبار غاز، وأن تستقر علاقات مكوناته السياسية لصالح بناء دولة قوية سياسياً واقتصادياً. لذلك تعمل إسرائيل مع الولايات المتحدة على فرض شروط على لبنان، هدفها جره إلى الفتنة الداخلية، وقطع الطريق على استقراره، وإشغال شعبه بالصراعات الهوياتية، ما يبقي مصالحه الحيوية، خاصة جنوبه معرضة على الدوام للعبث الإسرائيلي.

أما الدول العربية في الخليج، وبعد أن أخلّت الولايات المتحدة بواجب توفير الحصانة لها ضد العدوان الإسرائيلي، فقد باتت سماؤها مجردة من كل حماية، وسقطت أكذوبة الولايات المتحدة بأن الخطر الحقيقي على الدول العربية في الخليج هو إيران. بات واضحاً أن الخطر على أمن الدول العربية والإسلامية في المنطقة، هو الخطر الإسرائيلي ومشاريع إسرائيل الإستعمارية، والتي لم تكتم تل أبيب نواياها بشأنها في لبنان وسوريا والأردن وسيناء، ونهري النيل والفرات، وربما بعض أجزاء من العربية السعودية، لذلك، وفي هذا السياق، كانت النبرة مرتفعة، ومرتفعة جداً في مداخلات بعض القادة العرب.

الرئيس السيسي حذر صراحة من حرب جديدة قد تتسبب إسرائيل في إشعالها، رغم أن مصر معنية مع إسرائيل بمعاهدة سلام.

الأمر نفسه تكرر مع الملك الهاشمي، الذي استشعرنا إحساس بلاده العميق بالخطر في مداخلته.

ولا نتجاهل الإيراني والتركي والباكستاني، والبلد المضيف، ورئيس الوزراء العراقي، وممثل الكويت والسعودية والرئيس اللبناني.

كل هؤلاء عبروا، كل بأسلوبه، عن حاجة العرب إلى إمتلاك القوة للدفاع عن بلدانهم ضد الخطر الإسرائيلي الداهم، لذلك حفلت مداخلاتهم بالدعوة الواضحة والصريحة إلى قرارات وإجراءات وخطوات عملية فاعلة ومؤثرة، لا تقف عند حدود إصدار البيانات وتصريحات الشجب والاستنكار.

وهذا بمجمله يعكس أجواء سائدة في العواصم العربية المعنية قبل غيرها بالفعل والتأثير في مصير الإقليم، وهي الأخرى فقدت ثقتها بدور الولايات المتحدة وإلتزاماتها السابقة، وأدركت أن الحليف الوحيد لواشنطن في المنطقة هو إسرائيل، هذا ما قاله صراحة في القدس المحتلة، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وهو يدشن النفق اليهودي الهادف إلى نسف أساسات الأقصى المبارك.

أطلق روبيو حملته في الوقت الذي كان فيه الزعماء العرب والمسلمون، يدلون بمداخلاتهم في الدوحة، ويدينون حرب الإبادة في القطاع، وحرب الضم في الضفة الغربية، وحرب التهويد في القدس، والحرب الغادرة على الدوحة، وتهديدات نتنياهو للبنان وسوريا واليمن والعراق وغيرها، مشهد سياسي حافل بالمعاني التي لم يعد بعد بالإمكان تجاهلها.

السؤال الأول: إلى أي حد عكس البيان الختامي حقيقة الأجواء داخل قاعة القمة؟

كان واضحاً أن تعديلات رئيسة أدخلت على مسودة البيان، يهمنا أن نشير هنا إلى الفقرة رقم 15 التي دعت إلى إعادة النظر بالعلاقة مع دولة الاحتلال

هذه دعوة موجهة إلى كل أعضاء القمة دون إستثناء، خاصة من هم على علاقة مع إسرائيل، أما من هم على غير ذلك فقد رحبوا بالفقرة 15 تحسباً لأي عدوان إسرائيلي قد يطال بلادهم.

لكن ما ورد في المؤتمر الصحفي، اللاحق على المؤتمر، وعلى لسان السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، خفض سقف هذه الفقرة حين أعلن أنها «غير ملزمة» لأعضاء القمة، وأن قرار العمل بها شأن خاص بكل دولة على حدة. وقد ذهب بعض المحللين إلى إبراز «أهمية هذه الفقرة»، والتقليل من كونها «غير ملزمة»، معتبرين أنها وضعت الحالة العربية على أبواب إعادة النظر بالعلاقة مع إسرائيل، وأنها وضعت العرب على عتبة «مسار جديد».

لذلك نستنتج من خلال كل ما رافق القمة من وقائع، أن القمة وإن خطت في البيان، وفي مداخلات بعض الزعماء العرب والمسلمين خطوة إلى الأمام، فإن القمة لم تغلق أبوابها، والحالة العربية والإسلامية ما زالت تقف أمام إستحقاقات سياسية كبرى، ستفرضها عليها السياسة الإسرائيلية القائمة على تنفيذ مخططها الإستعماري في المنطقة، وليس في فلسطين وحدها بالقوة، فهل تسلم الدول الإقليمية بالعجرفة الإسرائيلية، وهل تسلم لسياسات القوة الإسرائيلية، أم أنها سوف تلجأ رغماً عنها إلى إعادة رسم سياساتها بما يمكنها منفردة أو مجتمعة، الدفاع عن مصالحها وكرامة شعوبها؟.

إن العدوان الإسرائيلي الغادر على الدوحة، وضع دول الخليج بشكل خاص أمام خيارات لا يمكن الجزم بشأنها فوراً.

هل تستعيد هذه الدول ثقتها بالحماية الأميركية المعرضة، على غرار ما جرى في الدوحة لاختراقات إسرائيلية؟

أم أنها فقدت الثقة بهذه الحماية، وأنها ستعمل بدلاً من ذلك، بل وإلى جانب ذلك على العمل لإحياء مبدأ خطط الدفاع الخليجي والعربي المشترك، بما في ذلك الإستعانة بقوى إقليمية وربما دولية؟!

وفي كل الأحوال، فإن خيار دول الخليج، أمر شديد الأهمية، ستكون له آثاره البارزة على الخارطة السياسية للمنطقة العربية، والمبادئ التي سوف تحكم علاقات أطرافها مع إسرائيل، كما مع الولايات المتحدة

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.