اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• طارق الهاشمي وحكم القانون

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. منذر الفضل

طارق الهاشمي وحكم القانون

 

تعددت طلبات طارق الهاشمي ومقترحاته وكثرت تهديداته من خلال وسائل الاعلام بخصوص قضيته أو قضاياه  التي شغلت حيزا كبيرا لا مبرر له ربما لأنها شكلت صدمة كبيرة للعراقيين وغير العراقيين من خلال الادلة القانونية والاعترافات لبعض عناصر حماياته الشخصية والعاملين في مكتبه.

 والتهديد بوجه عام اما ان يكون مشروعا او غير مشروع , فالأول يجيزه القانون ومنها مثلا ان يهدد الدائن المدين بأنه اذا لم يسدد الدين في موعده فأنه سوف يقوم برفع الدعوى عليه امام القضاء , والثاني غير مشروع حيث لا يجيزه القانون او لا يجد له سندا قانونيا وبالتالي فقد يحاسب عليه وفقا للقانون ومن ذلك مثلا تهديدات المتهم طارق الهاشمي يوم 26 -12-2011 للقضاء العراقي من خلال وسائل الاعلام وتهديده بنقل ملف قضيته المتعلقة باتهامه وتورطه بجرائم الارهاب الى محكمة دولية لانه لا يثق بالقضاء العراقي .

وبتاريخ 31 كانون الثاني 2012 نشرت صحيفة الشرق الاوسط مقابلة مع الهاشمي طرح فيها موضوعين يدلان على جهله بحكم القانون , وهما أولا ادعائه بأنه يتمتع بالحصانة , وثانيا تهديده بنقل قضيته الى محكمة دولية وتدويل ملف الاتهامات المنسوبه اليه  , وقد  يكون  المذكور معذورا لأنه لم يدرس هذا العلم ولكن كان عليه ان يستشير على الاقل احد الضالعين بالقانون سواء من جيش المستشارين العاملين معه أم احد المحامين , لأن ما جاء على لسانه في هذه المقابلة دليل على ارتباكه وتخبطه ومحاولة منه لتسيس القضية بينما هي قضية جنائية بيد القضاء .

-1-

لا حصانة للهاشمي مطلقا

ادعى الهاشمي  في المقابلة بأنه يتمتع بحصانة دستورية وقانونية تحميه من الملاحقة واستند على نص المادة 93 من الدستور العراقي . وهذا جهل واضح بمواد الدستور وتفسيرها ,  اذ لم تنص المادة المذكورة على اية حصانة لنائب رئيس الجمهورية ولا لغيره من اصحاب المناصب السيادية . حيث جاء في المادة المذكورة ما يلي :

المادة (93):
(( تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي:
اولاً :ـ الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة .
ثانياً :ـ تفسير نصوص الدستور.
ثالثاً :ـ الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، والقرارات والانظمة والتعليمات، والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الافراد وغيرهم، حق الطعن المباشر لدى المحكمة.
رابعاً :ـ الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية.
خامساً :ـ الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الاقاليم أو المحافظات.
سادساً :ـ الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون.
سابعاً :ـ المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.
ثامناً : ـ
أ ـ الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي، والهيئات القضائية للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم.
ب ـ الفصل في تنازع الاختصاص فيما بين الهيئات القضائية للاقاليم، أو المحافظات غير المنتظمة في أقليم )).

 

ولدى الرجوع الى قانون نواب رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 2011 الصادر يوم 17 – 1-2012  لم نجد أي نص يعطي الحصانة الى رئيس الجمهورية ولا الى نواب الرئيس . بل يمكن هنا ان يضاف اتهام جديد للهاشمي بموجب المادة 3 من الدستور اضافة الى اتهامه بالارهاب وهو انتهاك أو خرق الدستور  , لأنه قد أخل بالقسم الذي أداه امام مجلس النواب وفقا للمادة 50 من الدستور .

(( المادة-3- يؤدي نائب رئيس الجمهورية اليمين الدستورية أمام مجلس النواب بالصيغة المنصوص عليها في المادة (50) من الدستور.)).

المادة (50)
يؤدي عضو مجلس النواب اليمين الدستورية امام المجلس، قبل ان يباشر عمله، بالصيغة الآتية:
 )
اُقسم بالله العلي العظيم، أن اؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية، بتفانٍ واخلاص، وان احافظ على استقلال العراق وسيادته، وارعى مصالح شعبه، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وان أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة، واستقلال القضاء، والتزم بتطبيق التشريعات بامانةٍ وحياد، والله على ما اقول شهيد(.

ولكن ما هو مفهوم الحصانة من الناحية القانونية ؟

وهل تعني اعفاء الشخص من الجريمة ؟

للجواب عن ذلك نقول بان المراد بالحصانة هو :

الحصانة من الناحية اللغوية من الحصن أي المنع , والحصن هو كل موضع حصين لا يوصل الى ما في  جوفه ويراد بها  باللغة الانجليزية (  Immunity ) ويقصد بها ان الشخص الذي يتمتع بها لا يمكن التعرض اليه او رفع الدعوى عليه لاسباب ينظمها القانون ومن ذلك مثلا الحصانة الدبلوماسية للبعثات الدبلوماسية , وهي تعني اعفاء الدبلوماسي من القواعد العامة للاجراءات القضائية او المالية  كالاعفاء من الضريبة لاعتبارات معينة ,  ولكن لا يعني هذا عدم المسؤولية المطلقة او الاعفاء من المحاسبة نهائيا وانما يخضع الدبلوماسي لقانون البلد الذي يحمل جنسيته وليس للقانون المحلي , ومن ذلك ايضا حرمة مقر البعثة الدبلوماسية وعدم خضوع افرادها ممن يحمل صفة دبلوماسية لقانون الدولة التي يشتغل بها ولكنه يحاسب طبقا لقانون بلده .

والعضو في مجلس النواب العراقي مثلا يتمتع بالحصانة  النيابية طبقا لنص  المادة (63) من الدستور العراقي التي جاء فيها :

(( ثانياً :ـ
أـ يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء في اثناء دورة الانعقاد، ولا يتعرض للمقاضاة امام المحاكم بشأن ذلك.
ب ـ لا يجوز القاء القبض على العضو خلال مدة الفصل التشريعي الا اذا كان متهماً بجناية، وبموافقة الاعضاء بالاغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه، او اذا ضبط متلبساً بالجرم المشهود في جناية.
ج ـ لا يجوز القاء القبض على العضو خارج مدة الفصل التشريعي الا اذا كان متهماً بجناية، وبموافقة رئيس مجلس النواب على رفع الحصانة عنه، او اذا ضبط متلبساً بالجرم المشهود في جناية.    )).

فالمسؤولية قائمة قانونيا على النائب ولكن القانون نظمها طبقا للدستور ووفقا للسياقات التي تنسجم مع المصلحة العامة ولاعتبارات عديدة , لأن النائب هو ممثل عن الشعب ولا يجوز اتخاذ الاجراءات  القانونية العامة والقواعد المعروفة في المحاسبة  ضده  كما هو الحال بالنسبة للمواطن العادي, وانما تكون المحاسبة او المؤاخذه وفقا للقواعد القانونية التي تستند لنص المادة 63 من الدستور العراقي النافذ وحسب قواعد النظام الداخلي لمجلس النواب.

 وهذا يعني وجود حصانة نهائية  للنائب ( الفقرة أ ) واخرى مؤقتة  (الفقرة ب ) . ولكن حتى مع وجود الحصانة فلا يمنع وجودها من اقامة الدعوى المدنية على النائب للمطالبة بالتعويض عن الاضرار  التي ارتكبها او تسبب بها للحصول على الحق المدني .

ومن هنا لا حاجة للحصول على موافقة رئاسة الجمهورية ولا رئاسة مجلس النواب ولا أي طرف في حالة اتهام او ارتكاب نائب رئيس الجمهورية للجرائم بسبب عدم وجود سند دستوري او قانوني يمنح الرئيس او نائبه الحصانة , كما ان نائب رئيس الجمهورية لا تنطبق عليه قواعد الحصانة الدبلوماسية لأنه يعيش في وطنه وهو متهم داخل العراق وليس خارجه , و لا يتمتع بالحصانة البرلمانية لأنه ليس عضوا في مجلس النواب , وليس له حصانة قضائية لأنه ليس قاضيا.

- 2-

استحالة نقل قضية الهاشمي لمحكمة دولية

هدد الهاشمي الحكومة العراقية باللجوء الى المحكمة الدولية لطرح قضيته , وهنا نقول بكل وضوح ان تهديد المتهم الهاشمي بنقل قضيته الى محكمة دولية ناتج عن عدم معرفته بعلم القانون, اذ ان القضاء الدولي لا ينظر في مثل هكذا قضايا , ولا يوجد سند قانوني للهاشمي في ان يطلب نقل قضيته للقضاء الدولي .

فالقضايا التي تحال للمحكمة الدولية تكون اما بقرار دولي من مجلس الامن الدولي عند ارتكاب جرائم ابادة للجنس البشري مثلا أوجرائم الحرب أوالجرائم ضد الانسانية أي ( الجرائم الدولية ) حيث تختص بها المحكمة الجنائية التي تأسست في روما  عام 1998 وصارت تنظر بمثل هذه القضايا من الجرائم الواقعة بعد تاريخ 1-9-2002  , والمدعي العام فيها حاليا هو   (  لويس مورينو أوكامبو ) الذي يسعى الى تسليم الرئيس السوداني عمر البشير وسيف الاسلام القذافي وغيرهم للمثول امامها بسبب اوامر القاء القبض الدولية , وهؤلاء لا حصانة لهم لأنهم من المتورطين بارتكاب الجرائم الدولية .

أما القضايا الاخرى التي ينظرها القضاء الدولي فهي حل النزاعات بين الدول , وهي من اختصاص محكمة العدل الدولية ولا علاقة لها بالنزاعات بين الافراد او الشركات او الجماعات وانما هي تختص بحل النزاعات بين شخصيتين قانونيتين ذات سيادة وكيان سيادي , أي دولتين بينهما نزاع حول الحدود مثلا او الجزر او ممتلكات معينة او غير ذلك ,  ومن ذلك حل النزاع بين دولة البحرين ودولة قطر حول الجزر المتنازع عليها وقد صدر الحكم لصالح البحرين بملكية هذه الجزر ,  وكذلك النزاع المتعلق بالجزر الثلاث بين دولة الامارات وايران اذا رفعت القضية لمحكمة العدل الدولية ,  وهكذا .

بناء على كل ما تقدم فان الهاشمي غير مشمول بأي نوع من انواع الحصانة وهو مواطن عادي يخضع للقانون العراقي دون اية امتيازات او خصوصية , وعليه الحضور امام القضاء وبدون ذلك سيصدر الحكم غيابيا وفق الاصول القانونية الواردة في قانون اصول المحاكمات الجزائية التي سبق ان بيناها في مقال سابق , ولا تنطبق عليه احكام المادة 93 من الدستور العراقي مطلقا  .

 كما لا يحق له تدويل قضية الاتهام بجرائم الارهاب حيث لا يوجد سند قانوني يسعفه في ذلك لأن القضايا المتهم بها هي قضايا داخلية تخضع للقانون الوطني العراقي وارتكبت على الاراضي العراقية ,  وبهذا يتوفر الاختصاص المكاني والزماني والقانون الواجب التطبيق , رغم ان صنف الجرائم المرتكبة المتهم بها يدخل ضمن الجرائم الدولية على نحو ما بيناه .

و تجدر الاشارة الى ان المحكمة الجنائية الدولية لا تحكم بعقوبة الاعدام على العكس من  المحاكم العراقية التي تطبق القوانين العراقية العقابية التي تنص على عقوبة الاعدام في الجرائم الخطيرة .

 

‏السبت‏، 04‏ شباط‏، 2012

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.