اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• سورما خانم - في بلاد فارس وخضم الصعاب المتأزمة- الجزء الثاني

تقييم المستخدم:  / 2
سيئجيد 
 
 إعداد/ شميران مروكل 

سورما خانم

في بلاد فارس وخضم الصعاب المتأزمة

(تشرين أول عام 1915 لغاية أيلول 1918 )

الجزء الثاني

 

بلغ عدد الكلدواشوريين عام 1914 في إرجاء بلاد فارس حوالي مئة إلف نسمة موزعين على ما يقارب ستين قرية تنتشر وسط رياض غناء وبساتين يانعة الثمار . عدا ذلك كان هناك ما يزيد على (300 ) قرية جميعها تتوسط الحقول الزراعية ويعمل سكانها على إنتاج المحاصيل الزراعية، تعرضت المنطقة وأهلها إلى إحداث مظلمة والآم وجروح بليغة أدمت القلوب للفترة من كانون الثاني إلى أيار 1915 حلت النكبة بالمسيحيين في هذه المنطقة.

وارتبط مصير هذه القومية ارتباطا وثيقا بالمصير العام الذي انتهى إليه الوجود الارمني والذي سجل الفكر الأوروبي صفحات لوقائع مرعبة خاصة لما يعني الشعب الارمني ، اهتمت كتابات المؤرخين الرسميين بجدية فقط بقضية الشعب الارمني ، إما الكلدواشوريين السريان فقضيتهم بقيت منسية ووجودهم مهشما . ورغم هذا هناك ( الكتاب الأزرق ) البريطاني بعنوان ( معاملة الإمبراطورية العثمانية للأرمن ) ضمن هذا الكتاب الذي عدد صفحاته 684 منها 104 صفحة خصصت لإحداث الجماهير المنسية والمجازر التي نفذت بهم ويحتوي الكتاب على 21 مستند ووثيقة دامغة. بينها الرسالة التي وجهتها سورما دبيت شمعون إلى رئيس الأساقفة دكاتنتنبري بتاريخ 9/10 / 1915 وأخرى موجهة إلى الآنسة ماركو ليوث المؤرخة في الأول من نيسان عام 1961 .

انتشرت الجماهير في مناطق واسعة من بلاد فارس وتفاقمت الحاجة إلى الضروريات وبدأ الشعور بخيبة الأمل يعصر القلوب. حالف الحظ الكلدو  أشوريين حيث توفر لهم مصدران من المعونة والمساعدة ، المصدر الأول كان الجبهة الروسية ذات التأثير الفوري المباشر والفعال والمصدر الثاني هو العون الغربي ( المؤجل ) والمشروط بتقديم الوثائق .

شاركت سورما أبناء الشعب بؤسهم دون تذمر أو تعال وعملت على تحمل آلام الآخرين والتضحية من اجلهم لذا شمرت السواعد وأخذت تكتب الرسائل العديدة لطلب المساعدة وتوجهت إلى أورميا ووصلت إليها في  شهر تشرين الأول من عام 1915 وفكرت في التوجه إلى أوربا لتفعيل الرأي العام العالمي وشحن الشارع بموضوع قضية الكلدو أشوريين المنسية بعد تقديم صورة كاملة لمعاناتهم ونزوحهم القسري والمظالم المسلطة عليهم والقتل الكيفي والإبادة الجماعية .

قدمت سورما طلبا للسفر إلى لندن لتطرح قضية الشعب بصورة مباشرة على الحكومة البريطانية واعدت التقارير المفصلة  بمساعدة السيد بولس شمعون عضو الارتباط لشؤون المساعدات الأمريكية بين مكتب نيويورك والأشوريين الجبليين التي أرسلت إلى انكلترا خلال  تشرين ثاني عام 1915 كما قاما بكتابة تقرير مفصل عن النزوح الجماعي القسري .

هذه التقارير جعلت أوروبا في أجواء إنذار دائم عندئذ استيقظ الضمير الأوروبي وتحرك واخذ يسأل ( هل يجب طرح قضية الكلدواشوريين كقضية مهمة كبرى أو الاكتفاء بتقديم المساعدات الإنسانية للتخفيف عن الضمير فقط ؟ وصلت لسورما العديد من الرسائل تحمل مخططات أولية لإجابات متباينة كردود فعل فورية .فهمت من هذه الرسائل أنهم غير مهتمين بكل البراهين الواضحة التي قدمها أشخاص نجوا من المذابح ويريدون نقلها إلى الرأي العام العالمي ، وخاصة رسالة الراعي المحترم ( ويكرام ) يخبرها انه من الأفضل البقاء في بلاد فارس إلى جانب أبناء الشعب وهم يمرون بالمحن القاسية ويرجوها مراجعة القنصل الانكليزي في تبريز لمزيد من التفصيلات المتعلقة بالموضوع ، احتارت سورما من هذا الجواب ( عدم الموافقة على ذهابها إلى لندن ) لذلك قررت العودة إلى ديليمان وقامت بالاهتمام بإفراد عائلتها وتعليهم القراءة والكتابة لأنها متيقنة إن العلم والمعرفة هما أفضل سلاح بيد الشباب والبالغين ، كانت تشجع الجميع ليكونوا طلبة مجتهدين ومتنافسين وكانت مستمرة في نفس الوقت في كتابة الرسائل وإرسالها وفي إحدى الرسائل المؤرخة في 1/4/1915 الموجهة إلى مدام ( ماركو ليوث )زوجة الأستاذ الكبير صموئيل ماركو ليوث الذي تعرفه شعوب الشرق كتبت تقول : ( إني أؤكد صحة كل ما كتبته من معلومات وذكرته من تفاصيل ، ثم طلبت إليها ( مدام ماركو ليوث ) القيام بنشر محتويات التقارير على أوسع نطاق ولم تخف ألمها العميق ودهشتها من عدم السماح لها بالوصول إلى بريطانيا للدفاع عن حقوق شعبها إمام السلطات العليا وإمام الرأي العام العربي .

اهتمت مدام ماركو ليوث بطلبات سورما ووضع الشعب المسيحي في الشرق عامة والكلدواشوريين خاصة الذين يسكنون ضمن أراضي الإمبراطورية العثمانية . لذا أعطت موافقتها على نشر محتويات هذه الرسالة في الكتاب الأزرق الصادر عن الحكومة البريطانية.

خلال هذه الحقبة الزمنية كانت الدول الكبرى منشغلة بتقسيم ممتلكات الإمبراطورية العثمانية وتعقد الاتفاقيات السرية المعروفة بـ (سايكس بيكو ) وغاب عن بال الجميع والشعوب التي قاست من ويلات الحروب الكثير من المعلومات المهمة التي تخص مستقبلهم وكانت تجري من خلف الكواليس الاتصالات والمباحثات وتهيئ الخطط لتنفيذها بعد انتهاء الحرب .. ونتساءل هل لو تسنى لسورما الإمكانية وفسح لها المجال بالتواجد في لندن كانت ستستطيع الدخول على الخطوط أو على الأقل لفت الانتباه لقضية شعبها فيصبح بيدها ورقة تلعبها في هذه اللعبة الدولية الكبيرة ؟

استمرت سورما في شرح وضع الكلدو أشوريين المطرودين من أوطانهم الأصلية المهضومة حقوقهم ويشحذون الخبز اليومي ويطلبون سقفا يحميهم من البرد شتاء ومن ضربات الشمس صيفا الذين رضوا بالذهاب إلى ساحات الوغى والمشاركة في الحرب شرط المحافظة على الأرض والوطن . التاريخ العام لمجريات إحداث الحرب العالمية الأولى لا يذكر مشاركتهم في تلك الحرب رغم أنهم شاركوا ضمن قوات الدول الكبرى وبدور مشهود له وكحليف صغير قاتلوا بشجاعة وبسالة نادرة خلال فترة انحصرت ما بين 1916 و 1918 حملوا السلاح إلى جانب الحلفاء من خلال أفواج عملت في البداية مع القوات الروسية قبل انسحابها والتي بدأت القوات البريطانية تطلب منها ضرورة تولي مسؤولية الحفاظ على جبهة القتال نشطة وفعالة متحالفين مع الأرمن وبعض من الأكراد . وفي اجتماع مشترك حضرته سورما قال ( كريسي ) النقيب في الجيش البريطاني .. الحرية هدف ثمين لذا الحصول عليها يحتاج إلى التضحية وقال موجها الكلام إلى مار شمعون وأخته سورما إنكم سوف لن تحصلوا عليها إلا بقوة إرادتكم وبطولاتكم هذا إن كنتم حقا تهدفون السيادة على موطنكم الغني بثرواته وخيراته انه موطن العسل واللبن . وأنكم ستحصلون على كل السلاح الضروري والذخيرة اللازمة وكذلك المعونة العسكرية عند طلبها.

البطريرك وأخته سورما اشترطا وصول المساعدات المالية والعسكرية قبل تنفيذ التعاون الذي تطلبه بريطانيا وفي هذا الاجتماع حضر ممثل عن البعثة الأمريكية ونائب القنصل الروسي وممثل عن الحكومة الفرنسية ورئيس البعثة اللعازرية الذين أكدوا فيما بعد بشهادات مكتوبة معززة بالوثائق صحة الوعود البريطانية .

بناء على الوعود البريطانية تم تجنيد ( 5000) متطوع بعد تهيئة كل هذا العدد من الجند بدأت تظهر في الأفق المعوقات الفنية والسياسية. عدد الضباط كان قليلا جدا وكذلك العدد الحربية لا تفي بالغرض والسلطات الفارسية نظرت إلى هذه التشكيلات بعين الشك والريبة والحذر فعدتها تهديدا لها، دول الحلفاء لم تقم بعمل اللازم لتهدئة خواطرهم وطمأنتهم بالطرق الدبلوماسية المتعارف عليها.

تنامت الدعاية الألمانية التركية إضافة للكوارث الطبيعية والتعصب الديني وخصوصا لدى الأتراك ولم تبقى للسلطة من وجود فعلي أو قدرة على فرض القانون ... انفلات الأمن انتهى بانفجار العنف والإرهاب وعلى اثر ذلك ذهب البطريرك مار شمعون بنيامين وبصحبته بعض الضباط الروس وسرية من الحرس ومعهم أخوه داوود لمقابلة الزعيم الكردي ( سمكو ) بهدف إجراء مباحثات لإيجاد الحلول اللازمة وبعد انتهاء المقابلة وخروج مار شمعون من المبنى انهمر وابل من الرصاص عليه فسقط شهيدا.

اغتيال مار شمعون كان صدمة عظيمة لسورما فسببت لها حزنا عميقا وجرحا مؤلما رافقاها كل أيام حياتها انه كان الأقرب إليها من باقي إخوتها ..  في الثالث من نيسان عام 1918 تم في سلامس انتخاب بولس بطريركا ليخلف مار بنيامين وبقى الكلدواشوريين في انتظار لقدوم ووصول القوات الانكليزية الموعود بها كما أصيبوا بخيبة أمل عندما طلبت الحكومة الفرنسية من البعثة الطبية والإسعاف الفوري المغادرة .. اخذوا يتساءلون عن معنى كل هذا التخاذل من دول الحلفاء ولم هذه الخيانة ؟ وتم إيداع الجرحى ذوي الإصابات الخطرة لعناية المستشفى الأمريكي .. هكذا أخليت أورميا من قوات الحلفاء . انتشرت الأوبئة والمجاعة وأصبحت الحالة خطرة جدا ... سورما المقيمة بين جدران البعثة الانكليكانية بحماية الراعي نيسان كان قلقها اكبر وحيرتها أعمق بسبب شعورها بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها . بينما كانت خيبة الأمل مسيطرة عليها سمعت يوما أصوات محركات طائرة كانت تدور في أجواء المدينة اندهش الناس جميعا ومن ضمنهم سورما . كان الطيار نقيبا انكليزيا مكلفا بإيصال رسالة مفادها إن المعونات قادمة خلال أسبوعين وأعطاهم تأكيدات جديدة باسم حكومته بمنحهم الاستقلال الناجز .. وعدهم بالاستقلال لكن دون إن يحدد ما سيكون الثمن الواجب دفعه من نفوس المقاتلين وقد يكون السبب انه نفسه لا يعلم وهذه المرة أيضا لم يكن إمامهم من خيار سوى الموافقة وتصديق الوعود طالما المتحدث بريطاني !

جمعوا إلف مقاتل متطوع وتم تهيئتهم لدعم القوات البريطانية وحماية طرق الوصول إلى معسكراتهم وتنفيذا للخطة المرسومة ترتب على أغا بطرس وآخرين القيام بهجمات على القوات التركية وفتح ثغرة في صفوفها وقاموا بالمطلوب ... المفاجأة كانت إن القوات الموعود بها للدعم والمساعدة كانت (14 ) خيالة أرسلوا لتدريب القوات الكلدواشورية .. يالها من خيبة أمل كبيرة للمقاتلين المواجهين لقوات عسكرية كبيرة تخوض حربا ضروس وشاملة . لا مجال للتفكير فالقوات البريطانية القادرة على القتال موجودة في همدان ومعها أوامر مشددة بعدم التحرك وترك المواقع هناك . أكثر من (8000) مسيحي خيمت عليهم الرهبة ولم يبقى إمامهم من أمل سوى الاتجاه نحو الجنوب حيث القوات البريطانية التي لم تحرك ساكنا ودون إعطاء إي تفسير لذلك ، الجماهير كانت تتكون من جبليي حكاري وكلدو اشوريين وأرمن الذين كانوا يسكنون مناطق سلامس واورميا و( وان ) الذين سبق وان نجوا من المذابح إضافة إلى أربعة عشر إلفا من المسيحيين المتخلفين عن الذهاب مع الفارين تعرضوا إلى الإبادة الجماعية . وفي اليوم الثالث من تموز 1918 بدأ الجلاء الجماعي عن مدينة أورميا اضطروا إلى المغادرة الفجائية وبعجالة وحملوا معهم ما تهيأ لهم حمله من أغطية ومعدات إعداد الطعام واتجهوا نحو الجنوب كانت النسوة تحملن أطفالهن وهن يبكين والشيوخ توسدوا حجارة الطريق وافترشوا الأرض بعد إن أنهكهم التعب منتظرين موتهم البطيء .. كان الجلاء مسيرة طويلة الطريق وشاقة استغرقت الأيام والأسابيع استمر السير ليلا ونهارا دون توقف أو نوم للراحة، المجاعة خيمت سريعا وبعد أيام قليلة العطش بسبب نفاذ الماء وكانت جثث الموتى منتشرة على امتداد الطريق.

بدأت سورما جمع حاجاتها الشخصية وجعلتها عبوة حملتها وخرجت تاركة دار الراعي نيسان .. ألقت سورما وهي تغادر نظراتها الأخيرة على جبال حكاري البعيدة فتنهدت قائلة : ها نحن نبتعد ثانية عن  ارض الإباء والأجداد .. وطننا الحبيب .. مسيرة جديدة مملوءة بالآلام والإحزان علينا إن نمشيها . المسيرة ليلا كان يضيئها نور القمر الفضي فيبدد عتمة الليل المرعبة . إثناء السير ليلا كان يسمع صخب مياه البحيرة وأمواجها المرتفعة هنا والمنخفضة هناك. تخيلت سورما هذا المنظر عندما شاهدته وكأنه سفينة مملوءة بأبناء شعبها تمخر عباب مياه البحيرة وتشرف على الغرق فصرخت دون وعي ياللمصيبة ! إما الجبال التي كان يخيم عليها الصمت والسكون فسمعتها وكأنها ترد صدى صرخات الأمهات والزوجات والأخوات فترجعها ولولة وعويلا يقطع القلب . سارت جموع النازحين تاركة وراءها جثث أحبة بلغت عددها المئات لا بل الآلاف منهم رجال وشباب بعمر الورود ونساء وشابات في ربيع العمر وأحيانا على صدورهن أطفال رضع.. سلطان الموت كان يخيم بثقله الرهيب على امتداد صفوف المنفيين في هذه المسيرة المؤلمة ولم تستثن سورما من تحمل هذه التعاسة الشاملة ، إثناء المسيرة كان يرافقها الدكتور شيد المصاب بمرض التيفوس . فجأة خر صريعا فاقد الوعي لافظا أنفاسه الأخيرة ، صرخت سورما ها هو البطل يسقط هو الأخر لقد كان رجلا عظيما وأبا حنونا كان يركض ليل نهار ليدبر أمور الجميع يحميهم يعالجهم ويحاول شد أزر الضعفاء منهم وصلوا النازحين إلى منطقة آمنة نسبيا على  ضفاف النهر وكانت هذه المنطقة واحة للراحة واستعادة الروح . بعد الوصول ارتاحت النفوس وهدأت الأرواح بتأثير الطبيعة الظاهر . فور استقرار الأوضاع بعض الشئ أخذت سورما مسؤولية العناية بالجرحى وبينما كانت منكبة على إعمال المعالجة مرت بخيالها صورة لم تكن تنساها أبدا فتذكرتها عندما شاهدت صديقا قديما فوقفت مصعوقة من المفاجأة فصرخت جورج .. سلام عليك جورج ريد الصديق القديم جاء مسرعا ووقف إلى جانب سورما وهو لابس قيافة صحراوية انهمرت الدموع الحارة غزيرة من مقلتي سورما فرح جورج بهذا اللقاء فرحا عظيما ولرؤيته لها أنها بصحة ونشاط بعد القلق الذي تملكه على اثر المعلومات المرسلة له من القيادة العامة في بغداد والتي أبلغت إنباء الجلاء الجماعي المأساوي للكلدواشوريين بينما كان ريد في طريق إلى القوقاز وبحر الخزر نراه يرجع محاولا التأكد من وصول المعونات الموعود بها والحماية التامة . لكن شيئا من كل ذلك لم يتحقق سوى النزر اليسير نظرا للظروف المعاكسة والمعوقات الجسام .

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وقرار الحكومة البريطانية بإسكان الكلدو اشوريين  قالت سورما خانم ...( ورقة القوة والمشاركة في الحرب خسرناها ولم يبق من ورقة في أيدينا إلا المفاوضات الدبلوماسية ،إننا قد دفعنا ثمنا باهضا عندما شاركنا في الحرب إلى جانب الحلفاء ، الآلاف منا سقطوا قتلى خسرنا أوطاننا وأملاكنا وتراثنا وحضارتنا ، أين مخطوطاتنا الثمينة ؟ ... دورنا أصبحت خرائب ينعق اليوم فوقها البوم، حقولنا ومروجنا الخضراء أصبحت صحراء جرداء، كرومنا يبست وأشجارها غدت حطبا لا تصلح إلا للحرق، فهل ستذكرنا دول الحلفاء عند إجراءهم مباحثاتهم ومفاوضاتهم واتخاذهم القرارات النهائية ؟ اليوم نحن شعب مهزوم منهوك ومنزوع السلاح، لا احد يريد مساعدتنا أو مد يد العون لإنقاذنا من البؤس والدمار الذي حل بنا أو على الأقل الوقوف إلى جانبنا أدبيا. ماذا بقي لنا ؟ ... الان الظروف تحتم حضورنا في لندن لنجعل من ثقلنا عملا فعالا ساعة اتخاذ القرارات وتوقيع المعاهدات المستقبلية ، حينئذ فقط سيتسنى لنا إيصال صوتنا إلى البلدان الواقعة وراء الحدود وإبلاغ الرأي العام العالمي بقضيتنا كل هذه الأمور هي القضايا التي علينا إن نقاتل من اجلها سلميا وحضاريا ) .واقترح البطريرك مار شمعون بولس في تصريح علني .. إيفاد سورما لحضور مؤتمر باريس من اجل المحاولة للتأثير في القرارات .

وبعد إن وضعت الحرب أوزارها بانتصار الحلفاء  تُرك( الحليف الصغير ) ومستقبله للمجهول وغادرت سورما أراضي بلاد فارس والأسى يملأ قلبها تماما كما حصل عندما غادرت جبال حكاري موطن الذكريات الحبيبة والجميلة .. أيام الشباب الحلوة.

 

 

 

يتبعه جزء ثالث

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.