اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• هل من تشخيص لحالة مسيحيي العراق

تقييم المستخدم:  / 2
سيئجيد 

د. وليد القس اسطيفان

هل من تشخيص لحالة مسيحيي العراق

 

قبل ان ابدأ بكتابة هذه المقالة, أود ان يعلم الجميع بأني على الحياد التام ولا انحاز الى أي طرف من الخصومة. كل ما يهمني هو الوصول الى مصالحة أخوية بين جميع اطياف الشعب المسيحي في العراق.

شهدت السنوات الاخيرة هجرة مسيحيي العراق من البلد الام الى المهجر اكثر من اي فترة اخرى في التاريخ, تعددت الاسباب, فمنهم من تعرض الى اشد انواع الاضطهاد كالخطف والتفجير وقتل احد افراد العائلة بعد سلبهم كل ما يملكوه واكثر, بحجة الفدية لاطلاق سراح المخطوف, ومنهم من خطف واطلق سراحه مقابل المال او التخويف لترك عمله, ومنهم من حورب في رزقه او تم الاستيلاء على ممتلكاته عنوة, ومنهم من شعر بالخوف على مصيره ومصير افراد عائلته لعدم توفر الامن والامان, ومنهم من كان له اسبابه, اقتصادية كانت او اجتماعية. هكذا وصل عدد كبير منهم الى بلدان المهجر, ابتدءوا يكييفون انفسهم على الحياة الجديدة وعلى العيش بسلام مع باقي مكونات الشعب المختلفة في هذه البلدان, معظم هذه البلدان تتكون من شعوب مختلفة في العادات والتقاليد والاديان والقيم الانسانية والاجتماعية وحتى لون البشرة. ولكن يعيشون مع بعض بسلام الى حد كبير وذلك لوجود قانون يسري على الكل, ينظم حياتهم, يصون حقوقهم ويلزمهم بواجباتهم تجاه البلد والاخرين. فيمكننا ان نعتبرهم قد ابتدءوا عهدا جديدا كما سيتم شرحه لاحقا.

لقد ذكرت هذه المقدمة لانها تهمنا جدا فقد عشنا فيها ولكن لم نتعلم الدرس منها. واقصد بها نحن مسيحيي العراق بكل طوائفنا دون استثناء. كنا نعيش في بلدنا متأخيين كمسيحيين قبل حلول لعنة الديمقراطية الغير مدروسة على البلد. لم نكن نعير اي اهتمام الى مسقط رأس أي مسيحي و من اي قرية او بلدة قد أتى او في أي كنيسة يصلي. كانت ولا تزال تجمعنا مع بعض عوامل كثيرة جدا وعلى رأسها جميعا هو ايماننا المسيحي. وبعده تأتى العوامل المشتركة الاخرى مثل الطقس الكنسي واللغة والتاريخ والارض والحضارة والتقاليد والقيم والاعراف.....الخ من العوامل المشتركة التي اذا حاولنا ذكرها جميعا قد نحتاج الى صفحات عديدة. والدليل على ذلك هو ارتباطنا مع بعضنا بالرباط المقدس وهو الزواج, فكم من الكلدان والاثوريون والسريان والارمن ارتبطوا مع بعضهم برباط الزواج المقدس. لاننا جميعا اعضاء في جسد واحد رأسه المسيح, هذا الجسد هو الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية. أليس هذا ما نقره في قانون الايمان الذي نتلوه في القداس وفي كل مناسبة دينية؟. فان كنا لا نعمل به فصلاتنا باطلة وغير مجدية. أليس من العجب ان يكونوا مضطهدينا افضل منا في ادراك وحدتنا؟, فهم لا يضطهدوننا  على أساس الطائفة او القومية بل يضطهدوننا لاننا مسيحيين فقط. أي يضطهدون المسيح فينا. ونحن نحاول بكل جهدنا وطاقتنا الرجوع الى الوراء الاف السنين, لنفتش في كتب التاريخ عن كل ما يفرقنا, وكتب التاريخ ليست كتب مقدسة وتحتمل الخطأ والتزوير . وخاصة الجزء الذي كنا فيه وثنيين وبعيدين عن عبادة الله الحقيقي. وبعد ان دعانا الرب المسيح الى طريق الحق وفدانا بدمه الزكي ليخرجنا من الظلمة الى نور الحق. وارسل رسله القديسين مار توما ومار ادي ومار ماري ومار اجاي ليكرزوا ببشارته التي تعمذنا جميعا عليها فتأسست كنيسة المشرق او كانت تسمى كنيسة فارس لكي لا اتهم بالانحياز, لكونها انذاك ضمن حدود الامبراطورية الفارسية, وقدمت هذه الكنيسة الشهداء القديسين اللذين تمسكوا بكل شجاعة بايمانهم المسيحي مثل شمعون برصباعي واخوانه الاساقفة والقساوسة والمؤمنين. وأوصلوا الينا هذا الطقس الكنسي العظيم والوفير بالصلوات والطقوس المفعمة بالايمان المسيحي مثل لاخو مارن.

 بعد كل هذا وبعد ألفين سنة نحاول الان جاهدين الرجوع الى الظلمة مرة اخرى. الظلمة التي كنا فيها قبل دعوة المسيح لنا ان نسمع تعاليمه ونصبح ابناء الاب السماوي. وربما يسأل البعض أي ظلمة تتكلم عنها؟, فأقول الظلمة هي غياب النور, والنور هو المسيح كما قال "انا نور العالم". والابتعاد عن تعاليم المسيح هي الظلمة بعينها. فكلما نخالف تعاليم المسيح لنا ندخل في الظلمة. ألم يعلمنا ربنا المسيح ان نحب أعدائنا ونبارك لاعينينا ونحسن الى مبغضينا ونصلي من اجل المخطئين الينا؟ ربما نكون نحب أعدائنا لانهم أقوى منا ونخافهم ولكننا نكره اخوتنا ونتمنى ان يختفوا من الوجود, والمصيبة هي أن نفعل ذلك ونوهم الناس باننا نفعلها من اجل كنيستنا وربنا أي "الجهاد في سبيل الله" والمسيح منها برئ. ننفق من وقتنا وجهدنا والاموال الطائلة في هذه الخصومة ضد اخوتنا, فبدلا من ان تستخدم كل هذه الطاقات في سبيل خدمة شعبنا المسيحي في العراق والمهجر, الفقراء والمساكين كثيرون في العراق وفي المهجر. اللذين يسميهم الكتاب المقدس أخوة المسيح الصغار. لكننا  نستخدمها ضد بعضنا البعض. اننا الان نفتخر بماضينا الوثني وبالاله الوثنية مثل الشمس وعشتار وغيرهم ونلصقها عنوة بكنائسنا, فاذا كنا نريد ان نفخر بالحضارات القديمة فليس على حساب مسيحيتنا واخواننا المسيحيين من الطوائف الاخرى, ولنتذكر ما قاله الرسول بولص " حاشا لي ان افتخر بغير صليب ربي ومخلصي يسوع المسيح", ونحن نفتخر بوثيتنا أكثر من الصليب.  أليس هذا الرجوع الى الظلمة؟. سأل أحد الكتبة الرب يسوع "ما هي أعظم الوصايا؟" فاجابه السيد المسيح له المجد" ان تحب الرب الهك من كل .قلبك وكل عقلك وان تحب قريبك مثل نفسك". ولم يقول احب الرب الهك, ثم قوميتك, ثم مؤيديك في ارائك وثم جيرانك والعن اللذين يخالفونك في الرأي....الخ.  وكلنا نعلم بانه يقصد بالقريب كل من تصادفه من البشر فكم بالاحرى اخوك بالمسيح حتى وان كان خاطئ في نظرك لان سيدنا المسيح علمنا أن نكره الخطيئة وليس الخاطئ. أليس تفضيل القومية والطائفة على تعاليم المسيح الرجوع الى الظلمة؟. ومن تعاليم الرب المسيح ايضا حين يقول " اذا كنت تقدم ذبيحتك على المذبح وتذكرت ان لاخوك عليك خصومة فاترك ذبيحتك واذهب واصطلح مع اخوك ثم تعال وقدم ذبيحتك", وها نحن الان نقدم الذبائح الالهية ( القداديس ) كل اسبوع ولدينا خصومة مع اخوتنا من الكنائس الاخرى. قال عنا المسيح له كل المجد "انتم ملح الارض, اذا فسد الملح فبماذا يملح فلا يصلح لشئ الا لان يطرح خارجا ويدوسه الناس ". نعم نحن ملح الارض عندما نعمل بتعاليم المسيح. ولكن اذا حدنا عن الطريق فسوف نفسد ونصبح اضحوكة لجميع المتربصين بنا. نضيع شعبنا المؤمن ونطرح خارجا ونداس . وعند قراءتنا للكتاب المقدس وطقس كنيستنا نجد الالاف من تعاليم ربنا, لاتتماشى مع حالتنا هذه, ولا مع محاولتنا الابتعاد عن بعضنا. نحن الان ابناء العهد الجديد, العهد بعد موت المسيح على الصليب وقيامته. فكما هاجرنا من الضروف التي اضطهدتنا الى بلدان الامن والامان, يجب ان نهجر ماضينا الوثني قبل قبول المسيح الى حاضرنا المسيحي المقدس. وكما نحن نلتزم بقوانين البلاد التي هاجرنا اليها لانها توصلنا الى بر الامان, هكذا يجب ان نلتزم بتعاليم العهد الجديد, عهد المسيحية الحقة لانها لفائدتنا الروحية وتوصلنا الى خلاص انفسنا. في كنائسنا نتدعي بان الكنيسة ورجال الدين يجب ان لا يتدخلوا في السياسة, اذا لنثبت عند قولنا هذا, ونترك السياسة لرجال السياسة, ونعمل نحن من اجل ايماننا وعقيدتنا المسيحية, ونثبت لاهل السياسة باننا نحقق بالايمان  وحدة المسيحيين وتقاربهم ما لا يستطيعوا هم تحقيقه بالسياسة والرجوع بالتاريخ الى أبعد حدوده.

 ما هو السبب في هذه الخصومة, ولمصلحة من, ومن هو المستفيد منها؟ هل هي التسمية؟ وما العيب اذا كانت تسميتنا بالمسيحين فقط او مسيحيي العراق مثلا, او حتى التسمية الثلاثية " كلدان اشور سريان" او " أشو كلدان سريان" أو بأي ترتيب كان؟. نتبنى أي من هذه التسميات لحين الوصول الى تسمية ترضي الجميع مثل الاراميين او ببساطة شديدة "سورايي". او "نصارى" نسبة الى سيدنا يسوع الناصري او اي تسمية أخرى. أليس أفضل من الخصومات والعداوات؟. لاتدعوا هذه الامور البسيطة تقف بوجه الامور المهمة والمصيرية. ولنفكر مليا, من هو المستفيد الحقيقي من تفرقنا؟. ومن هو الذي يتبع معنا سياسة "فرق تسد" هذه؟. من الذي يصب الزيت على النار بالمقالات الجارحة ضد الطرف الاخر؟. أين هو محل اقامته هل يعيش ويعاني داخل العراق؟, ام انه ينعم بالامان خارج العراق ويريد ان يقرر مصير مسيحيي العراق؟. هل هو مدسوس لتوسيع الهوه بين الطرفين؟ كل هذه الأسئلة محتاجة الى دراسة وتفكير عميق.

 كيف نشخص حالتنا هذه. هل هي قلة خبرة في الحياة؟. كيف ذلك ونحن نتدعي بان تاريخنا يمتد الى ستة الاف سنة مضت. هل هي نتيجة قلة الوعي والثقافة؟. كلا فان شعبنا المسيحي معروف بالوعي والثقافة ولدينا من المثقفين ما كان يسير بلد باكمله. المصيبة ان يكون قلة الايمان. حاشا فان تاريخنا المسيحي مليء بقصص الشهداء والقديسين اللذين سفكت دمائهم ولم يتزعز ايمانهم بالرب مخلصهم يسوع المسيح. ها انا اعترف باني لا استطيع تشخيص حالتنا هذه نحن مسيحيي العراق. 

سوف أذكر هنا قصة قصيرة سمعتها منذ صغري ومعظمك يعرفها جيدا ولكن أعتقد انها تناسب الضرف الذي نحن فيه الان. القصة تقول. في احدى القرى كان يسكن شيخ عجوز مع اولاده اللذين كانوا جميعا يعملون في الحقل ويساعدون اباهم الشيخ. وفي أحد الايام تمرض الاب و قربت ساعته. فدعا ابنائه جميعا وحين حضر الجميع حول سريره, كلمهم وقال للابن الاكبر سنا, يا بني مد يدك تحت سريري وأخرج ما تحته. فمد يده وأخرج مجموعة من العصي بعدد الأبناء وهي مربوطة باحكام مع بعضها. فقال الاب اكسرها يا ابني. فعندما حاول الابن الاكبر لم يستطع. فقال له والده اعطها لاخوك الاصغر منك ليحاول كسرها فلم يستطع هو الاخر, وهكذا جميع الابناء لم يستطع احد كسرها. فقال الاب اعطني اياها. فحل رباطها وأخذ يكسرها واحدة تلوى الاخرى. فاعترض الابناء وقالوا كان باستطاعتنا نحن ايضا ان نكسرها لو حللنا رباطها فقال لهم الاب هذه وصيتي لكم ان لا تحللوا رباط الاخوة الذي بينكم لكي لا تكسروا. وكانت اسماء هؤلاء الأبناء كلدو وأشور, وسريان . والعاقل يفهم.

وأخيرا لنصلي جميعا من أجل وحدة الكنيسة. كنيسة واحدة مقدسة عروس للختن السماوي أمين

 

   الشماس الدكتور وليد القس اسطيفان

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.