اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

التطبيقات على المياه المشتركة بين العراق وجيرانه -4-// د. حسن الجنابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

التطبيقات على المياه المشتركة بين العراق وجيرانه -4-

اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الأنهار الدولية لعام 1997

شريان للتعاون وليست ذريعة للنزاعات

د. حسن الجنابي

خبير في الموارد المائية وسفير العراق لدى منظمة الفاو

 

اولا:

يتضمن الباب الرابع من الاتفاقية المواد من (20) الى (26) وهي معنية بحماية الانهار الدولية وادارتها وصونها. واعتقد ان من اهمها لوطننا العراق هما المادتان (20) و (23) من الاتفاقية.

فالمادة (20) تقضي بقيام الدول المشتركة بمجاري الانهار الدولية،على انفراد او بالاشتراك مع غيرها، بحماية النظم الايكولوجية للمجاري المائية الدولية وصونها، وهي تكتسب اهمية خاصة للعراق نظرا للارتباط العضوي للاهوار العراقية بالنظام النهري الطبيعي في وادي الرافدين، الذي تقع معظم منابع روافده في دول الجوار الجغرافي.

وبما ان الاهوار العراقية نظام ايكولوجي ذو اهمية دولية،ثقافيا وبيئيا وتاريخيا وبيولوجيا، وهذا سبب ادراج هور الحويزة ضمن اتفاقية رامسار للاراضي الرطبة، فان الامر يحتّم على الدول الاعضاء في اتفاقية الامم المتحدة حول مجاري الانهار الدولية لعام 1997 الوفاء بما تقتضيه هذه المادة، خاصة احترام احتياجات البيئة المتنوعة،وبالاخص منها احتياجات الاهوار العراقية للمياه كعنصر اساس لادامة الحياة والتنوع الاحيائي. علما ان تركيا وايران وسوريا هي دول اعضاء في اتفاقية رامسار للاراضي الرطبة، وهذا يضاعف حجم التزامها بحماية الانظمة الايكولوجية داخل حدودها وخارجها، خاصة تلك المرتبطة بنظام نهري مشترك.

 

ثانيا:

المادتان (21)و (22) تعالجان وجها خطيرا من اوجه الادارة السيئة للانهاربهدف منع التلوث واستخدام الانواع الاحيائية الغريبة. الا ان المادة (23) تكتسب اهمية استثنائية للعراق باعتقادي، لانها معنية بحماية البيئة البحرية وصونها،وتخص بالذكر مصبات الانهاروضرورة تطبيق المعايير والقواعد المقبولة دوليا عليها. وهنا تبرز اهمية ومسؤولية الحفاظ على شط العرب ومصبه بالخليج، اذ انه يمثل بيئة هشة وحساسة للتغيرات الهيرولوجية، وهي مساحة ذات خصائص فريدة ناتجة عن امتزاج المياه العذبة للشط بمياه البحر المالحة، وحركة المد والجزر، إذ انتجت شروطا فريدة لمنطقة تمتد على عشرات الكيلومترات المربعة في عرض البحر،وحيث تعيش انواع فريدة من الاحياء والاسماك، شكّلت عبر الازمنة مصدرا غزيرا للثروة السمكية، الى جانب كونها ضامنة لدورة حياتية متكاملة في عمود نهر شط العرب ومصبه.

ومعروف ان اختلال التوازن في هذه المساحة،والناتج عن انحسار تدفق المياه العذبة من انهارالكارون والكرخة ودجلة والفرات،ادى الى انحسار الثروة السمكية، وربما انقراض انواع عديدة منها، وهو الذي حدا بالصيادين العراقيين الى الابحار بعيدا عن اماكن صيدهم المعتادة، وعرّضهم منذ سنين للانتهاك والمهانة والاعتقال والتعسف من حرس الحدود في دول الجوار.ان الوضع الحالي لشط العرب كارثي بكل معنى الكلمة، نتيجة الحروب اولا ومن ثم سوء ادارة المياه في الانهار المغذية له، ومن الواضح ان العراق وايران متضرران من حالة شط العرب الحالية، رغم ان ايران اكثر قدرة من العراق على تقليل الضرر في جانبها نتيجة سيطرتها على نهر الكارون، وامكانية تحويل مياهه الى قناة بهمشيرالمحاذية لشط العرب بغرض الارواء والانتاج، لكن فائدة البلدين ستكون مضاعفة من احياء شط العرب وتأهيله وجعله شريانا لشراكة اقتصادية واسعة لفائدة البلدين. فمن غير المنصف ان تنتعش ضفة شط العرب الشرقية وتتحطم ضفته الغربية وهما كانتا من اخصب المناطق عبر التاريخ.

 

ثالثا:

تحدد المواد (24) الى (26) الاجراءات الواجب اتخاذها في التخطيط لمشاريع هندسية وانشاء مرافق السدود والسيطرة والتحكم بجريان المياه، واحتمالات المشاركة بالتشغيل لتعزيز المنافع المشتركة وتقليل احتمالات انهيار المنشآت الكبرى التي قد تسبب كوارث اقتصادية وانسانية،وتفترض هذه المواد ان دول الذنائب والمصبات تتمتع بحقها بالتشاور والمشاركة، وكذلك في حال الاتفاق بتحمل بعض التكاليف. وبالمناسبة فقد نص الملحق الخاص بتنظيم مياه دجلة والفرات وروافدهما، كما ورد في اتفاقية حسن الجوار بين العراق وتركيا في العام   1946 على تحمل العراق لكلفة ايفاده لمختصين وفنيين لجمع المدلولات المائية واختيار وتصميم محطات القياس والسدود داخل تركيا، ونصت المادة الثالثة منها على تقاسم كلف التشغيل بعد الانشاء لمصلحة البلدين. الا ان هذه الروحية المتمدنة في التعامل بين البلدين والحرص على المصلحة المشتركة تراجعت فيما بعد، واخلت مكانها للاجراءات الوحيدة الجانب التي اضرت بالعراق كثيرا. واجد من الانصاف ذكر ان مسؤولية النظام العراقي السابق كبيرة في ذلك، إذ ادت سياساته ومغامرته الحربية الى اضعاف العراق وامكانياته بافشال مشاريع نالت من سيادته وحقوقه المائية، وقد اصبحت تلك المشاريع واقعا ثقيلا في الوقت الحاضر لايمكن للعراق غض الطرف عنه، وجعلت من خياراته محدودة، واتمنى ان لاتنال من الروح الوطنية العراقية والارادة المتمسكة بالحقوق التي يقرّها القانون الدولي مهما كان الوضع التفاوضي شاقا.

 

رابعا:

يضم الباب الخامس من الاتفاقية المادتين (27) و (28) المعنيتين بالاحوال الضارة وحالات الطوارئ وضرورة اتخاذ التدابير المناسبة لمنعها وتخفيف الاضرار على الدول المتشاطئة ان حدثت.

اما الباب السادس فيضم احكاما متنوعة اتت عليها المواد (29) الى (34) وهي تغطي حالات النزاع العسكري، إذ تتمتع المنشآت والمرافق المائية الحيوية بالحماية التي تمنحها مبادئ القانون الدولي في النزاعات الدولية والمحلية وعدم جواز استخدامها بصورة تنتهك القانون.

وقد شهدنا مؤخرا سيطرة قوى الارهاب على سدة الفلوجة والاضرار التي احدثتها لتحقيق مكتسبات عسكرية في نزاع داخلي، إذ اعاد ذلك الى الاذهان اجراءات تشغيل المنشآت الهندسية في العراق لتجفيف الاهوار في التسعينيات لتحقيق اهداف عسكرية وامنية في اجراءات غير مسبوقة بتاريخ وادي الرافدين، بالرغم من التوترات التي شابت علاقات الدول المشتركة بهما خاصة عند ملء السدود كما حصل مع سد كرة كايا واتاتورك في تركيا وكذلك سد الطبقة في سوريا، حيث كانت اجراءات ملء السدود آنذاك تستهدف تحقيق فوائد على حساب العراق اضافة الى اكتسابها طابع الاستخدام السياسي وليس العسكري.

خامسا:

اجد من الضروري تأكيد نقطة اعتبرها غايةً في الاهمية، وكنت قد اشرت لها في اكثر من موضع في مقالات ومحاضرات سابقة، وهي التي اتت بها المادة (32) من الاتفاقية، والخاصة بعدم التمييز في حماية الاشخاص الطبيعيين والاعتباريين الذين يتعرضون الى اضرار ذات شأن نتيجة سوء ادارة المياه المشتركة، حيث لايجوز لاية دولة التمييز بين المتضررين في متابعة اجراءات الحصول على حقوقهم او تعويضهم بما يكفله القانون بسبب جنسيتهم او مكان اقامتهم، وفي حال انعدام وجود نظام قانوني لدى تلك الدولة يتيح للمتضررين الحصول على التعويض المناسب، يمكن لهؤلاء المواطنين افرادا او جماعات اللجوء الى المحاكم الدولية لمقاضاة الدولة المتسببة بالاضرار التي وقعت عليهم، حتى لو لم يكونوا من مواطني تلك الدولة.وشخصيا اعتقد ان مواطني شط العرب من شمال البصرة حتى مصبه في الخليج يحق لهم استعادة حقوقهم، او التمتع بتعويضات مجزية نتيجة للضرر الذي لحق بهم وبمصالحهم واراضيهم ووسائل معيشتهم منذ الثمانينيات حتى الآن.

 

د. حسن الجنابي

 

خبير في الموارد المائية وسفير العراق لدى منظمة الفاو

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.