اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

أشهر مغنيات بغداد مطلع القرن العشرين// نبيل عبد الأمير الربيعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

أشهر مغنيات بغداد مطلع القرن العشرين

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

   الغناء جزء من الحياة وقد بدأ من المعبد مع الطقوس والتراتيل ثم أضيف له فن الرسم والنحت وبمرور الزمن انفصلت هذه الفنون عن المعبد واستقل المعبد عن هذه الفنون عبر العصور، يعتبر الغناء العنصر المكمل للحياة، إذ أمتد عمره بامتداد حياة الإنسان، لذا ترى الغناء العنصر الأول لمجالس الأنس والغبطة، يضفي على المجلس البهجة والانشراح، وقد عرف الغناء بأنه ترجيح الصوت وترديده، والبعض قال الغناء كل شيء حسن يشتاق السمع ويرتاح له، وقد ذكر في كتاب الأغاني "إن ابن ميزان المغني مر بحلقة كان ابن جريج يحدث فيها، وعنده جماعة من أهل العراق فيهم الرجل الصالح عبد الله بن المبارك، فدعاه ابن جريج وطلب أن يسمعه شيئا من الغناء، فقال له: أختر ثلاثة لا أزيدك عليها، فقال: أريد الصوت الذي غناه ابن سريج على جمرة العقبة ثاني أيام (منى) فقطع حتى تكسرت المحامل فغناه " (1) .

  وقد كتب في هذا المجال الباحث والشاعر العراقي عبد الكريم العلاف في كتابه (قيان بغداد في العصر العباسي والعثماني) الذي كان أول بحث في هذا المجال وقد سد فراغا في المكتبة العربية في مجال تأريخ الغناء، وقد أهتم ولاة بني العباس والدولة العثمانية بالبذخ في بناء القصور وزغارفها وجلب القيان من المناطق التي تحت رعاية الدولة العثمانية، فقد اهتم السلطان عبد الحميد بالقيان وقد جلب أكثر من ثلاثمائة قينة منهن اثنتا عشرة قينة خاصة له "والفينة تسمى بعرفهم (قادين) كانت القيان تؤهل من حسن الهندام والأحاديث الشيقة باللغة التركية، وتتعلم بعض الأشعار الغزلية ويدربونها على الغناء إذا كانت الفتاة ذات صوت رائق ... وهؤلاء القيان وكل ما في قصورهن هن تحت رعاية (والدة سلطانه) سيدة دار الحرم، وإذا هي توفيت صارت إحدى الخوازن أو كبيرتهن في مكانها وتسمى باسمها وتلقب بلقبها " (2) . 

   كانت بغداد في ظل العهد العثماني يشغل كاهلها الإستبداد والأستعباد لا عدل ولا مساواة ولا أنس ولا طرب ولا جوار ولا قيان حتى إعلان الدستور العثماني عام 1908 م فانطلقت الحريات العامة وفتح باب الهجرة للقيان في الملاهي والأفراح، فأخذ محبي الغناء يهوى سماع مختلف أصوات القيان العربيات والأجنبيات ومشاهدتهن، فكانت مدن العراق (بغداد، الموصل، البصرة) قد اشتهرت بهن وتعاقدوا مع أرباب الملاهي ليمارسن الرقص والغناء فيها، فكانت منهن الشاميات والحلبيات وأشتهرت منهن "(طيره)، لكن أظرفهن (فريدة ستيتية) حتى هزج شعراء العامية ببغداد وباسميهما في بستة غنائية رباطها (طيره أو فريدة بالبلم) " (3) ، كما ابتدع فن رقص القيان في ملاهي بغداد بسبب حرية حزب الإتحاد والترقي العثماني.

   كان للمغنية (طيره) دور في شهرة أغنية (شمس الشموسة) للشيخ سيد درويش إذ غنتها في مجلس الشيخ خزعل أمير المحمرة يومذاك مقابل الخلع الثمينة والأموال الطائلة، كما اشتهرت (منيرة المهدية) "التي جاءت من القاهرة عام 1919 مع جوقها الموسيقي فأقامت في سينما (سنترال) الذي سمي أخيرا بالرافدين بعد أن أحترق " (4)    ، وقد تهافت جميع الهواة على مشاهدتها وبقيت في بغداد زهاء خمسة عشر يوما، فقد "لقبها معروف الرصافي ب (ملكة غناء العرب) بقصيدة كان مطلعها:

هلم إلى ذوق طعم الأدب هلم إلى نيل أقصى الأرب

هلم إلى ذا الغناء الذي منيرة منه أتت بالعجب

فلا غرو إن ملكت في الغنا ء وإن أحرزت فيه أعلى الرتب " (5)

   كانت ملاهي بغداد عبارة عن صالات للغناء والرقص الذي كثر إقبال الناس عليها، وقد أشتهر في تلك الفترة عام 1907 مقهى سبع في الميدان، كما شيدت بلدية بغداد عام 1913 مسرحا للرقص والغناء ترفيها لسكان بغداد، فكان موقعه غربي بغداد، فقد اشتهرت في هذا الملهى ( بديعة لاطي وأختها خانم لاطي)، استمرت هذه بالعمل حتى قيام الحرب العالمية الأولى 1914. "ثم أنشئ (حسن صفو) في سوق الشورجة ملهى أخر بأسم (قهوة الشط) واشتهرت المغنية (وزة نومة) وأختها (ليلو نومة) والراقصة (هيلة)، كما اشتهرت الراقصة (رحلو جرادة) في مقهى سبع في الميدان، أما في مقهى (طويق) في الرصافة فقد اشتهرت الراقصة (ألن التركية) والراقصة (ماريكة دمتري) والدة المطربة عفيفة اسكندر عام 1917 " (6) .

    كما اشتهرت عام 1921 كل من (صديقة الملاية وجليلة أم سامي وبدرية أنور) حيث انتشرت الملاهي في محلة الميدان، من هذه الملاهي (الهلال، الجواهري، المنير، نزهة البدور، الأوبرا العراقية، الفارابي) "وظلت هذه الملاهي تعمل حتى عام 1940 فقد أمرت أمانة عاصمة بغداد بنقل هذه الملاهي خارج بغداد وزادت عددها من الملاهي منها (ملهى أبي نؤاس، ملهى شهرزاد، ملهى أريزونا، ملهى ليالي الصفا) فكانت تعرف بالملاهي الشعبية الشرقية " (7) .

    أما في الفترة الأخيرة من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فقد ذكر الباحث والشاعر عبد الكريم العلاف في كتابه (قيان بغداد) "وهؤلاء القيان نجوم الغناء البغدادي إن صح هذا التعبير وأولهن المطربة سليمة مراد، وقد اشتهرت بلقب (سليمة باشا) وظلت محافظة عليه لا تعرف إلا به، إلى أن أصدرت الحكومة العراقية بيانا بإلغاء الرتب العثمانية، فصارت تدعى سليمة مراد، كانت مغنية قديرة أخذت من الفن خطا وافرا بعيدا، فكانت فيها البلبلة الصداحة والمطربة المؤنسة " (8)  . كما اشتهرت منيرة عبد الرحمن الملقبة ب (منيرة الهوزوز) التي اشتغلت بالغناء عام 1928 في ملهى الهلال ... والتي رحلت بعد عز وسعادة يصفها العلاف "تحن إلى ماضيها حنين المحب إلى لقاء حبيبه، وتشتاق إليه وتتلهف كتلهف الظمآن إلى زلال الماء، وظلت قابعة بين جدران غرفة ضيقة تنبعث منها كلمة حزينة هي صدى يجيش به قلبها المعذب " (9)  ، كما كان للمطربة سلطانة يوسف دور في الغناء فأحسنت هذا الدور منذ الصغر، كذلك المطربة عفيفة اسكندر ذات القلب النابض بالحب والجمال، يصفها العلاف "إنها كالشمعة تحترق لتضيء الناس"، كما اشتهرت المطربة الراقصة زكية جورج التي نزحت من مدينة حلب مع أختها (علية جورج) كانت خفيفة الروح ترضي من يقع في أحبولتها، والمطربة زهور حسين التي عرفت بفارسيتها وتدعى (زهرة)، عشقت الغناء وهامت به وهي فتاة صغيرة، إضافة إلى صديقة الملاية التي كانت تمتلك الصوت الشجي تضيف به فسحة الدار انضمت إلى مجالس التعازي الحسينية النسائية فغلب عليها أسمها، كانت صداحة مؤثرة قوية التعبير على الرغم من احتفاضها بنبراتها الأنوثية.

  كانت هنالك مطربات منسيات قد غابت عن ذاكرة الفن منها صبيحة إبراهيم مارست الغناء منذ عام 1941 حيث كانت تردد أغاني أم كلثوم، وذات يوم التقت بالفنانة نظيمة إبراهيم فأعجبها صوتها فشجعتها على الغناء على المسرح، أما المطربة وحيدة خليل الذي كان لها الحضور البارز في سلم تطور الأغنية العراقية ونهوضها في بداية الأربعينات. كما برزت المطربة مائدة نزهت، وقد قطعت شوطا في مجال الغناء بلغ 30 عاما، فقد ختمت القرآن الكريم وبرزت مواهبها الغنائية وأصبحت مطربة إذاعة بغداد أواسط الخمسينات، كما برزت من المطربات أحلام وهبي في مدينة البصرة عام 1938 فقد عرفت الفن من خلال منيرة الهوزوز وألحقت بإذاعة بغداد عام 1958 م، كما اشتركت بفلم (بصرة ساعة 11) وفلم (ليالي العذاب) عام 1961 والفلم العربي (بأمر الحب) عام 1965. كما كان للمطربة لميعة توفيق التي ولدت نهاية الثلاثينات الدور في مجال الغناء وتقدمت إلى الإذاعة في الخمسينيات، كانت صاحبة صوت ولون غنائي معروف وتجيد اللون الريفي.

   كانت أغلب الأغاني لما ذكرنا أعلاه تتميز بذات كلمات جميلة والحان بارعة تهز المشاعر، والعبارات الطيبة التي تزيد السامع طربا للصوت الشجي والنغم الصادح، إضافة للكلمات التي توصف البيئة الريفية الشعبية في المجتمع العراقي، حيث تدور الأغاني لاظهار العواطف وإثارتها بين الغزل والحنين والعتاب والبكاء والعشق والحزن والأسى، إضافة لأغاني الفلكلور، فقد جمعت الأغاني من اللحن الجميل والنغم الأصيل والشعر المأثور ذات الوزن.

المصادر

ــــــــــ

1 -    أبي الفرج الأصفهاني - الأغاني - ج 1 - ص 157

2 -    عبد الكريم العلاف - قيان بغداد في العصر العباسي والعثماني - الدار العربية للموسوعات 2006 - ص 189-190

3 -    المصدر السابق - ص 199

4 -    المصدر السابق - ص 201

5 -    المصدر السابق - ص 202

6 -    المصدر السابق - ص 204

7 -    المصدر السابق - ص 206

8 -    المصدر السابق - ص 209

 

9 -    المصدر السابق - ص 215

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.