اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

شهادات للتاريخ// بشار قفطان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

شهادات للتاريخ

بشار قفطان

 

عام 1966 وتحديدا يوم السابع عشر من تشرين الأول من ذلك العام التحقتُ الى قضاء نقرة السلمان . . لا سجين سياسي ولا سجان .. وإنما موظف صحي لتأدية الخدمات الطبية والصحية لأبناء القضاء والسجناء السياسيين, في ذلك السجن الصحراوي الشهير, الذي امتد تاريخه مع نزلائه المناضلين الوطنيين من ابناء شعبنا, الذين سطروا اروع بطولات الصمود والتحدي لأجهزة أنظمة الاستبداد والاضطهاد, وجعلوا منه مدرسة  للاجيال, وهناك شواهد عديدة أرخها معظمهم, ونجاح البعض من الهروب منه, وهناك من ظل الطريق وانهكهه التعب والعطش وفارق الحياة, كما حصل للمناضل الشجاع (ملازم اول صلاح) الذي مجده الشاعر العراقي المعروف مظفر النواب في قصيدته الشهيرة (المنايا الما تزورك زورها .. خطوة التسلم ذبايح سورها .. صكَر والبيده تعرف صكَورها  .. وبأثر جدمه تلوذ طيورها «) ..

 أمضيتُ عملي الوظيفي في مستشفى السلمان احد عشر شهرا .

.. زيارة الكادر الطبي للسجن يومين في الأسبوع. ولابد من الإشارة عدم وجود  طبيب ثابت في القضاء, وإنما يتوافد على المستشفى طبيب كل شهر, من لواء الديوانية ومن لواء الناصرية (محافظة) وفي بعض الأحيان لم ينفذ الطبيب الموفد أمر تنسيبه, حينها يقوم الموظف الصحي بدور الطبيب في تمشية الأمور الخدمية, الطبية والصحية في القضاء وتلبية حاجات السجناء خصوصا الطارئة. ولا سرا أذيعه كنت متعاطفا مع السجناء وكان ذلك واضحا عند إدارة السجن وضابط الأمن ومسؤولي القضاء. وأمر نقلي جاء فيه بناء على برقية سرية صادرة من متصرف الديوانية حسب الأمر الإداري الصادر في وقته .

كان فحص المرضى يجري في غرفة مدير السجن أو احد غرف أقلام السجن وسط وجود افراد الأمن أو بعض العيون السرية. الدكتور أنطوان غزالة كان  الطبيب المنسب عند مباشرتي, في تشرين الثاني, لم يلتحق الطبيب الموفد, أول ما تعرفت على الرفيق الراحل  سامي احمد ( ابو وميض ) باعتباره  ممثلا عن  السجناء في تلك الفترة, وتعرفت على السجين مرتضى البـﭽاري الذي كان يعمل مسؤولا عن صيدلية السجن, التي فيها أنواع الأدوية خصوصا  السامبلات, مساعد المختبر صباح حسن غلطة يعمل في مختبر السجن الذي يوجد فيه مكرسكوب وسنتر فيوج وبعض العُددْ المختبرية البسيطة التي تلبي الحاجة في إجراء التحاليل, للدم, والبول, والخروج, في الوقت الذي لا يوجد فيه مساعد مختبر في المستشفى, ووجدت سماعة طبية, وآلة ضغط الدم كتب عليها هدية الدكتور عبد الصمد نعمان.. وشهرة للدكتور رافد صبحي أديب الذي ذاع صيته بين الأهالي أكثر من السجناء في براعته وإنسانيته بالرغم من وجوده داخل السجن, لأنه كان يلبي حاجات الأهالي في معالجة الحالات الطارئة,  بعض السجناء يتحدث عن الدكتور عبد السلام محمد, لم التقيهم اذ جرى إطلاق سراحهم او نقلهم الى معتقلات أخرى كما هو الحال للشاعر مظفر النواب والشهيد محمد الخضري والعديد من السجناء. وكان عدد السجناء في تلك الفترة حوالي المائتين وخمسون سجين, معظم قاعات السجن استغلها السجناء. لمحو الأمية, تعليم اللغات, ورشة حدادة, ومطبخ. وكل ما يسد فراغهم ويلبي اختصاصهم, ساحة السجن ايضا استُغلّ قسم منها لكرة القدم. والأخر لكرة السلة والطائرة .ويقيمون الفعاليات في إحياء المناسبات الوطنية ’ ونسمع الأناشيد والهتافات من خارج السجن . 

في شهر كانون الأول من ذلك العام التحق الى القضاء الدكتور مهدي جواد الجاسم طبيب جراحة المجاري البولية في الديوانية وحسب جدول الزيارات قمنا بزيارة السجن وتم تحضير السجناء المرضى في غرفة احد الأقلام, وكان احد المراجعين الراحل (ابو وميض) وعندما سلم الرفيق سامي على الدكتور .. الطبيب  رد التحية متثاقلا ومحرجا كما رايته ,استغربت من الموقف ..!

اجريّ الفحص على ابو وميض, وكان يشكو من أكياس دهنية في ظهره واقترح الطبيب رفعها بتداخل جراحي. وبعد إكمال الفحوصات على باقي المرضى وكتابة الوصفات الطبية عدنا الى المستشفى وسط حالة الندم والإحباط الذي بان  على وضع الدكتور مهدي , الذي أوضح سببه في أول خطوة كنا خارج السجن حيث قال : ( مع الأسف هذا الرجل اعرفه  معرفة جيدة وهو زميل الدراسة ..؟ وخشيت من الحديث  معه ’ ومعرفتي به  تعود لأكثر من عقد من الزمان عندما كنا طلاب  في كلية فيصل  التي فصلنا منها  ).. قلت له  : نعم دكتور

 

ولكن باستطاعتنا ان نحقق عملا في جعل الفحص داخل السجن ,  بوجود مستلزمات تساعد على إجراء الفحوصات  للسجناء , ..  وما عليك الا طرح المقترح على مدير السجن .. وعليك ان تعتذر عن إمكانية الفحص بهذه الطريقة  .. تم طرح المقترح  على مدير السجن ..  وافق المدير  على المقترح وأوصى من الزيارة القادمة سيكون  الفحص داخل السجن .

كانت فرصة لنا من اللقاء  والحديث مع السجناء بدون قيود وخصوصا كنت مكلف من قبل  ابن مدينتي الشهيد حسين ثويني  باللقاء بابن عمه  السجين (  حمزة راضي  ) من اهالي مدينة الفجر .

 ومن الصدف وجدت الشهيد شعبان كريم ذلك الشاب الأنيق الذي تعرفت عليه في فندق الأمين  الواقع في شارع المتنبي أما نهاية عام 1965 او مطلع 1966 ..  مصادفة غريبة إن نلتقي مرة أخرى وبدون سابق موعد في سجن نقرة السلمان .  حرارة العناق وسط ساحة السجن له طعم خاص جلب انتباه من  شاهدنا  وعرفت عنه في إحدى أعداد طريق الشعب السرية مطلع سبعينات القرن  الماضي خبر اغتياله  على يد أجهزة النظام السابق.. وهذا ما حصل  أيضا للسجين  ( سامي محمد علي ) طالب كلية الآداب وهو من أهالي العمارة  على ما اعتقد , وكان رياضيا ناشطا واهدي لي كرة طائرة مع شطرنج ورقعته.

لابد من ذكر الأطباء الذين توافدوا على زيارة السجن , وللحقيقة والأمانة وجدتهم جميعا متعاطفين مع السجناء خلال فترة عملي وتواجدي معهم . الدكتور عبد الصاحب الرحيم. الدكتور عبد الكريم عارف . الدكتور زهراب وحيد خاجيك , الدكتور عماد نهاد مراد , الدكتور غازي جورج , والدكتور يحى عبد المجيد الدكتور كريم حمد الركابي  , , ومعذرة لمن غاب اسمه عن الذاكرة ,

الدكتور يحى عبد المجيد استطاع من تشخيص الحالة المرضية التي يعاني منها  الشهيد الفقيد جبار عنيد منصور,  ذلك الانسان  بقي وفيا للمبادئ التي اعتنقها , رفض إطلاق سراحه لقاء إعطاء البراءة سيئة الصيت  .. تشخيص مرضه كان في وقت متأخر من حالات تقدم الاصابة في كبده , توفي في حزيران من عام 1967 وهو في المعتقل .

وكان الحدث الهام في مطلع عام 1967 حادثة هروب السجين كاظم فرهود مع ثلاثة  من رفاقه اثناء نقلهم من سجن النقرة الى مدينة السماوة وهم كل من ( متي المصلاوي )  و ( احمد العلاق )  و ( سليم اسماعيل )  ,  وجرت عمليات استنفار وتطويق وتفتيش واسعة في مدن السماوة والرميثة  وبعد ثلاثة أو أربعة أيام القي القبض على كاظم فرهود (ابو قاعدة ) وأعيد الى السحن

وهناك حادثة لابد من توثيقها تؤكد تعاون معظم السجانين مع السجناء ..

المعتقل المقدم (  مطيع عبد الحسن ) أراد إيصال رسالة إلى عائلته في الشطرة بواسطة احد المعتقلين المطلق سراحهم . و لم يوفق من  تسليم الرسالة بشكل مباشر,  وعندما ركب المعتقل المطلق السراح في السيارة المشبكة مع باقي السجناء . المقدم مطيع سلم الرسالة بيد السجان عباس حطيحط ( او حطحوط ) وكانت مفرزة الأمن الموجودة تراقب الحالة , سرعان ما انقضت على السجان وحاولت أن تأخذ الرسالة  من يده .. ولكن السجان استطاع من تمزيق الرسالة وبلع قسم منها ..

دائرة الأمن طلبت مني تزويدهم  تقرير شرطة أولي  , اذكر فيه ان السجان مصاب  بجروح  في يده. رفضت ذلك وقد أحيل السجان إلى القضاء وحكم عليه بالسجن لمدة عام واحد , الذكر الطيب لذلك السجان الشهم سواء كان علي قيد الحياة او غادرها .

ولا أنسى تعاطف الدكتور كريم ألركابي , والدكتور غازي جورج وكاتب السطور المساهمة في إنقاذ حياة يوسف الصائغ ’ استطعت نقل السجين حسين سلطان الى سجن الحلة لسبب إصابته بالربو ,ولم نوفق في نقل المقدم مطيع عبد الحسين الى سجن اخر وكان يعاني من الربو

بعض الأسماء التي احتفظت بها الذاكرة في ذلك السجن , يوسف الصائغ , هاشم عبد الصاحب ،سامي محمد علي . شعبان كريم , مرتضى البجاري , حمزة راضي , صباح حسن غلطة والرئيس الأول انور محمود طه , كَليبان صالح . فتاح طه  , جاسم مطير . حسين سلطان . سليم الفخري كان ايضا مع مجموعة من العسكريين والمدنيين كريم متعب , خضير عباس ,  معذرة للأسماء التي كانت لها صلة او علاقة معي وغابت عن الذاكرة  في تلك الفترة..

 

العمر المديد والصحة للاحياء منهم ومجدا للراحلين 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.