اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

جيران العراق .. تجارة مفتوحة وسياسة مغلقة// علي فهد ياسين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

جيران العراق .. تجارة مفتوحة وسياسة مغلقة

علي فهد ياسين

 

لم يتعرض بلد في العالم على مر تأريخه الماضي والحديث مثلما تعرض له العراق ولازال من جيرانه , فقد ناصبوه العداء فرادا ومثنى ومجتمعين في توقيتات معروفة تأريخياً , لعل أخطرها ما أجمعوا عليه الآن , رغم انقسامهم المعلن الى فريقين , لكنهما فضلا الساحة العراقية ملعباً لأخطر انواع الصراع ( الصراع الطائفي ), منذ سقوط الدكتاتورية في التاسع من نيسان 2003 .

في كل جولة من جولات ( الأذى ) الذي تستهدف حياة  العراقيين , كانوا ولازالوا يدفعون أثمانها من دماء الابرياء من ابنائهم , دون محاسبة المتسببين في ذلك , مع أن الدلائل في كل مرة تشير الى الفاعلين بمالايقبل الشك , ليس في اذهان العراقيين فقط , انما في اذهان غيرهم من عرب واجانب ايضاً , وزيادة على ذلك يجني المعتدون ( الجيران ) في كل مرة مكاسباً سياسية واقتصادية تفوق ماكانوا مخططين له في عدوانهم , ممايشجعهم على الاستمرار في مسلسل العداء مع اطراف اخرى ساندة ومستفيدة , ليبقى العراق وشعبه ضحية الجميع .

لقد أصبح ( اللعب السياسي ) لدول الجوار العراقي مكشوفاً للجميع , ولم تعد صفقات الدهاليز ضرورة للتغطية , فقد وصلت الامور الى العداء المعلن بين تلك الدول وبين جهة سياسية بعينها  ليكون مبررا لدعم جهة اخرى , وصولاً الى استمرار الصراعات السياسية الخادمة لاجندات الجيران في بقاء العراق ضعيفاً ومعتمداً عليها في ادارة ملفاته , وأهمها الملفين الامني والاقتصادي الموفرين لتلك الدول المليارات من الدولارات سنوياً , فيما لو استمر الوضع على ماهو عليه لسنوات قادمة , وهي منافع لن تجدها بهذه السهولة في اي نشاط اقتصادي في مكان آخر , اضافة الى أن اعاقة تعافي العراق واستقراره وحدها الكفيلة في تأخير استثمار ثرواته النفطية الهائلة , التي ستزاحم الآخرين المهيمنين على السوق النفطية منذ الحرب العراقية الايرانية في مطلع ثمانينات القرن الماضي .

ان الانقسام السياسي الذي ساهمت في تغذية فصوله دول الجوار خدمة لمصالحها , وضعف مناهج الاحزاب التي تصدرت المشهد السياسي خلال العقد الماضي ومازالت , ادى الى الاستمرار في نفس السياسات الخاطئة التي اعتمدها النظام السابق في ادارة الدولة حين اعتمد ( الولاء الحزبي والشخصي ) في اختيار الاشخاص في مواقع المسؤولية , على حساب الكفاءة والمهنية التي تتطلبها تلك المواقع , مما وفر المناخ الملائم للفساد بكل اشكاله وتفصيلاته , ليكون الحاضن الاكبر لانشطة الخراب التي اعتمدتها دول الجوار منافذاً لتسويق بضاعتها السياسية والاقتصادية على حساب العراقيين , ليكون الجهاز الحكومي بفرعيه الرسمي والحزبي هو المستفيد الاكبر من الصفقات المبرمة مع شركات دول الجوار على حساب الاقتصاد العراقي الذي شلت اذرعه الانتاجية , لاسباب معروفة يتحمل مسؤوليتها المتنفذون واصحاب القرار .

مع كل هذه النتائج الكارثية للتدخل السلبي لدول الجوار في الشأن السياسي العراقي , نجد ان الساحة العراقية مفتوحة على مصاريعها للتجارة احادية الجانب مع هذه الدول , ففي الوقت الذي يتم اغراق الاسواق العراقية ببضائع غير خاضعة للسيطرة النوعية ومعفاة من التعرفة الكمركية , لايقابلها اي نشاط تجاري عراقي معادل لهذا النزيف الهائل من ثروات العراقيين , ناهيك عن خطورة بعضها على الصحة العامة , خاصةً في مجالات الاغذية والادوية منتهية الصلاحية التي كشفت بعض شحناتها المسببة للامراض , دون ان تتعرض الجهات المصدرة والمستوردة لها الى العقوبات , لأن حيتان التجارة مع هذه الدول هم اطراف السلطات السياسية واذرعهم التجارية التي اسسوها خلال السنوات الماضية .

ان المعادلة السياسية الاقتصادية التي تعبر عن علاقات العراق بدول جواره ليست متوازنة اطلاقاً, ولو كانت هذه الدول مساهمة ايجاباً في استقرار العراق الامني والسياسي , لكانت التجارة معها تحصيل حاصل , لكن ادوارها السياسية الداعمة للفوضى وللارهاب المتسبب في مآسي العراقيين , يجب ان تكون هي الفيصل في الملف الاقتصادي معها ومع غيرها من البلدان , وهذا لم يتحقق خلال العشرة اعوام الماضية من ادارة حكومات متعاقبة , ولن يتحقق في ظل الحكومة القادمة , اذا اعتمدت نفس المنهج السابق في الفصل بين السياسة والاقتصاد في علاقاتها مع دول الجوار , التي لم تبدل مناهجها السياسية المغلقة مع العراق , رغم تجارتها المفتوحة والمتصاعدة بمليارات الدولارات , لتصدير سلعها الرديئة للعراقيين وفي مقدمتها الارهاب وادواته القاتلة للحياة , لذلك من المفيد والمهم التذكير بضرورة مراجعة الاتفاقيات التجارية مع دول الجوار على ضوء مواقفها السياسية , اضافة للاسراع باصدار القوانين الاقتصادية الفاعلة , وخاصة قانون التعرفة الكمركية المركون على رفوف مجلس النواب العراقي منذ سنوات .

علي فهد ياسين

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.