اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

من ذاكرة التاريخ: البعثيون والقضية الكردية// حامد الحمداني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

من ذاكرة التاريخ: البعثيون والقضية الكردية

حامد الحمداني

  22/4/2015

 

كان استمرار الحرب في كردستان يشكل أحد المخاطر الجسيمة على السلطة البعثية في أيامها الأولى ، ولذلك فقد سعت هذه السلطة  للتفاوض مع القيادة الكردية للوصول إلى وقف القتال، وقد أثمرت اللقاءات التي جرت بين قيادة حزب البعث وزعيم الحركة الكردية السيد [ مصطفى البارزاني ] إلى عقد اتفاقية [11 آذار للحكم الذاتي ] عام 1970.

 

 تنفس البعثيون الصعداء في تلك الأيام، ووجدوا تعويضاً لهم عن العلاقة مع الحزب الشيوعي، وقد بدا في تلك الأيام وكأنه لا يوجد في الساحة السياسية غير حزب البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتعرضت العلاقة بين البعثيين والشيوعيين إلى الانتكاسة عند إقدام حكومة البعث على تفريق تجمع للشيوعيين يوم 21 آذار احتفالاً بعيد النوروز بالقوة. كما تم في تلك الليلة اغتيال الشهيد  [محمد الخضري ] عضو قيادة فرع بغداد للحزب في أحد شوارع بغداد .

 

 ورغم إنكار البعثيين صلتهم بالجريمة إلا أن كل الدلائل كانت تشير إلى أنهم هم مدبريها، وقد أتهمهم الحزب الشيوعي بالقيام بحملة اعتقالات ضد العديد من الشيوعيين في أنحاء البلاد المختلفة، ومع ذلك استمر الحزب الشيوعي في دعوته من أجل الديمقراطية للشعب العراقي، والحكم الذاتي لكردستان.

 

وجاء إعلان توصل الحزب الشيوعي وحزب البعث لقيام ما سمي بـ [الجبهة الوطنية والقومية التقدمية] تصدعاً في العلاقات بين قيادة الحركة الكردية والحزب الشيوعي، فقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني  بزعامة الملا مصطفى البارزاني كانت قد أصيبت هي الأخرى بخيبة الأمل من سياسة البعثيين فيما يخص تطبيق اتفاقية الحكم الذاتي التي حُدد لتنفيذها مدة 4 سنوات. 

 

وبالرغم من قيام حكومة البعث بتعين عدد من الوزراء الأكراد في الحكومة ، وإجازة الحزب الديمقراطي الكردستاني وتوسيع الدراسة الكردية، وزيادة البرامج الكردية في إذاعة بغداد وتلفزيون كركوك، وتشكيل وحدات حرس الحدود من قوات البيشمركة الكردية، أخذت العلاقات بين الأكراد وحكومة البعث تتباعد شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى أقصى درجات التقاطع، وعدم الثقة في تطبيق البعثيين لاتفاقية آذار، وبدا للقيادة الكردية أن البعثيين غير جادين في اتفاقهم، وأنهم يكسبون الوقت لتثبيت حكمهم، وتوجيه ضربة جديدة للحركة الكردية، وجاءت محاولة اغتيال الزعيم الكردي [الملا مصطفى البارزاني ]عام 971  لتهدم كل الجسور التي بناها الطرفان في 11 آذار عام 1970 .

ولهذه الأسباب اعتبرت القيادة الكردية أن دخول الحزب الشيوعي في جبهة مع حزب البعث في ذلك الوقت ضربة موجهة لهم، وأخذوا يوجهون اللوم والانتقاد للحزب، وتطور النقد على صفحات جريدة الحزب الرسمية [ خه بات ] في حين راح الحزب الشيوعي يحث القيادة الكردية على الانضمام للجبهة والنضال من خلالها، إلا أن جهوده لم تثمر في هذا الاتجاه، بل على العكس توترت العلاقات بينهما إلى درجة خطيرة، وتصاعدت بسرعة إلى حد التصادم المسلح بين الحزبين في كردستان، وشنت صحافة الحزبين حملات إعلامية ساخنة على بعضها البعض، ولعب حزب البعث دوراً كبيراً في إذكاء الصراع، وتسعير نيران الاشتباكات بين الطرفين في كردستان.

 

وفي آذار 1974 قام عملاء السلطة بتفجير سلسلة من القنابل في مدينة أربيل، مما جعل إمكانية تلاقي القيادة الكردية وحكومة البعث بعيد المنال، وعند انتهاء فترة السنوات الأربع المحددة لتطبيق الحكم الذاتي كان التباعد في وجهات نظر الطرفين حول تطبيق اتفاقية 11 آذار قد تباعدت كثيراً، وأصرّ البعثيون على تطبيقها بالشكل الذي يريدونه هم، ورفضت القيادة الكردية فرض الحلول البعثية، ولجأت إلى حمل السلاح مرة أخرى، وبدأ القتال من جديد، وشن الجيش حرب إبادة ضد الشعب الكردي مستخدماً الطائرات والدبابات  والصواريخ وكل الوسائل العسكرية المتاحة لديه، فدمروا مئات القرى، وشردوا مئات الألوف من أبناء الشعب الكردي، إضافة إلى عشرات الألوف من الضحايا.

 

 ألجأت تلك الأحداث القيادة الكردية إلى طلب الدعم من الولايات المتحدة وإيران، فانهالت عليهم الأسلحة والمعدات والتموين، وجرى علاج جرحى البيشمركة في المستشفيات الإيرانية، وقد أدى ذلك إلى اشتداد ضراوة القتال في كردستان  ووقف الاتحاد السوفيتي إلى جانب حكومة البعث في صراعها مع الأكراد، ولم تستطع حكومة البعث القضاء على الحركة الكردية إلا بعد توقيع صدام حسين وشاه  إيران على اتفاق الجزائر في 16 آذار 1975، وقدم صدام حسين الكثير من التنازلات لشاه إيران لكي يرفع يده عن الحركة الكردية التي انهارت بسرعة مذهلة بعد توقيع الاتفاق بأيام.

 

استسلمت معظم قوات البيشمركة لقوات الجيش ملقية سلاحها وهربت القيادة الكردية إلى إيران، وقامت حكومة البعث بنفي الألوف من أبناء الشعب الكردي إلى المناطق الجنوبية من العراق وفي الصحراء، وأفرغت مناطق الحدود من الوجود الكردي، وجمعت الأكراد في مجمعات سكنية إجبارية، وهدمت جميع القرى القريبة من الحدود الإيرانية والتركية وكذلك جميع القرى المحيطة بمدينة كركوك.

 

لقد شاهدت بأم عيني تلك القرى المحيطة بكركوك، وقد بدت وكأن هزة أرضية شديدة ضربت المنطقة، وتركت القرى الكردية أكواما من الأحجار.

كما زج البعثيون بعشرات الآلاف من الأكراد في السجون وجرى إعدام المئات منهم، ومات في أقبية التعذيب في مديرية الأمن العامة وزنزانات هيئة التحقيق الخاصة في كركوك والموصل ودهوك والسليمانية وأربيل المئات منهم، وتحول الألوف من الشعب الكردي من عناصر منتجة  إلى عناصر مستهلكة بعد أن تركت مزارعها ومواشيها، وانهار اقتصاد كردستان.

 

لكن الشعب الكردي لم يهدأ على الضيم الذي ألحقه البعثيون بهم ، فلم يكد يمضِ عام واحد على انهيار الحركة الكردية عام 1975 حتى بادر إلى حمل السلاح من جديد ضد سلطة البعث، وشن البعثيون حرباً جديدة في كردستان بكل شراسة ووحشية منقطعة النظير.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.