اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

تجيير فلسفة النقد الديني لتجريح المشاعر الإنسانية// مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

تجيير فلسفة النقد الديني لتجريح المشاعر الإنسانية

مصطفى محمد غريب

 

لسنا بصدد الرد على سلمان رشدي وعن تحامله على الكتاب الأمريكيين الستة وهم كل من (بيتر كيري ومايكل أونداتجي وتيجو كول وراتشيل كوشنر وفرنسين بروز وتايي سيلاسي)  الذين أعلنوا الانسحاب ومقاطعة الحفل المقرر إقامته في نيويورك بخصوص تكريم مجلة " شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة " التي نشرت رسوماً أساءت فيها للنبي محمد ) ص ) مما خلق استياء واسع بين ملايين المسلمين لأنها مست مشاعرهم التي من المفروض احترامها وفق الشرائع الدينية ولوائح حقوق الإنسان، وفي هذا الصدد أشار بيتركيري الفائز بجائزة بوكر مرتين لصحيفة نيويورك تايمز " أن منح الجائزة لمجلة شارلي ايبدو تجاوز على دور منظمة القلم في حماية الكتاب من اضطهاد الحكومات. وأضاف " أن جريمة نكراء ارتُكبت ولكن هل كانت قضية تتعلق بحرية التعبير لكي تبدي منظمة القلم صوابية ذاتية بشأنها؟"

ولسنا بصدد الدفاع عن التطرف الإرهابي الذي سعى إليه ونفذه البعض من الإرهابيين المتطرفين على الصحيفة المذكورة  وراح ضحية الإرهاب البعض من الكتاب والصحافيين مما خلق ردوداُ متناقضة أساءت للدين الإسلامي والمسلمين المعتدلين وهم يشكلون أكثر من 99% من المجموع العام، لكننا نسجل الموقف المتفهم لعدم حضور الكتاب الأمريكيون الستة من باب عدم توسيع رقعة العداء والانتقام في الوقت الذي يحتاج العالم إلى التسامح والسلام والتعايش السلمي ليس بين الأديان فحسب بل بين شعوب المعمورة وقد كتب الروائي الأمريكي تيجو كول وهو من اصل نيجيري يتهم مجلة شارلي ليبدو بأنها " استفزازات عنصرية واسلاموفوبية" وقد عرى الروائي الأمريكي بيتر كيري منظمة القلم واتهمها بـ"العمى إزاء الجهل الثقافي للأمة الفرنسية التي لا تعترف بالتزامها الأخلاقي تجاه قطاع واسع ومحروم من سكانها" وهو يقصد المسلمين في فرنسا.

 

ومن باب حرية الرأي التي طالما تغنى بها سلمان رشدي عندما نشر كتابه الهجين " آيات شيطانية " والضجة المفتعلة التي حدثت بهدف مرسوم لخلق البلبلة والتطاحن وزيادة العنف والإرهاب ولتسويق الكتاب وترجمته والاستفادة منه في الإساءة للنبي محمد ( ص ) عن طريق الإساءة لزوجاته ثم الفائدة المادية التي ستجنى من توزيع وبيع الكتاب  مادياً وقد ساعد في انتشاره سبب رئيسي مهم في تصورنا هي الفتوى الذي أصدرها السيد الخميني بقتل سلمان رشدي وأصبح رشدي أسطورة لحرية الرأي في نظر البعض وبخاصة في أمريكا وأوربا وكندا واستراليا والعديد من دول أمريكا الجنوبية لان سلمان رشدي قبل فتوى السيد الخميني كان لا يتمتع  بالشهرة مثلما حدث بعد الفتوى وكانت شهرته محصورة على نطاق جغرافي ومعرفي ضيق، وحتى هذا رأي الكثير من النقاد والمثقفين التقدميين العرب والأجانب الذين أشاروا بان هذه الفتوى كانت أحد الأسباب المهمة في نشر اسمه ككاتب وتوسيع نشر  وتوزيع كتابه آيات شيطانية وترجمته إلى أكثرية اللغات في العالم حيث أن شعوباً وأقواماً لولا الفتوى والتطبيل لها كانت غير آبهة به وقد لا  تسمع عنه إلى يوم الدين! " كما يقال " وهذا الأمر  در عليه مئات الالاف من الدولارات  وأدى إلى تهافت  دور الطباعة والنشر على أي مخطوط يخطه.

مازال البعض من المثقفين والكتاب يعتقدون أن الشهرة تأتي من  الإساءة للأديان  والرموز الدينية وبخاصة في الدول العربية والإسلامية أو البلدان التي تتواجد فيها جاليات إسلامية ولهذا اعتمد البعض من هؤلاء على مقولة " خالف تعرف " وإلا ما معنى أن تقوم مجلة غير معروفة لا ثقافياً ولا إعلامياً ولا حتى فنياً في الدول العربية والإسلامية أو حتى في الكثير من بلدان العالم بنشر رسوماً  تافهة حتى في التقييم الفني لشخصية مهمة في التاريخ مهما كانت خلافاتنا معها فتصل إلى حد التدني في الذوق الجمالي الذي هو معيار لأي عمل فني على الأقل في خاصية الرسم بمدارسه المتنوعة انطلاقاً من هدف ذاتي للبحث عن موقع يجري الاستفادة منه أولاً وآخراُ إعلامياً وماديا على الرغم من الادعاءات الأخرى التي تتعكز على حرية الرأي وحقوق الإنسان بينما في الواقع هي التي تقوم  بالاعتداء على حرية المشاعر والحقوق في الاعتناق للملايين من البشر، فمن ناحية يرون أن الذين ساندوها بحرية الرأي وفي الوقت نفسه لا يحترمون مشاعر والحرية بالنسبة للآخرين الذين رفضوها وانتقدوها " طبعاً لا نعني أولئك الإرهابيين المتطرفين القتلة "، ألا يكمن خلف ذلك هدف شرير يعتمد على " فرق تسد " إي توسيع الخلافات بين المكونات الدينية باعتباره الطريق لاستمرار الهيمنة والهاء الأفراد والمكونات بالمشاكل والخلافات وحرف وعيهم الاجتماعي عن ما تعاني الطبقات المُسْتَغَلة من استغلال وفقر واضطهاد بسبب النظام الرأسمالي والأنظمة الدكتاتورية والرجعية حتى لا تنتقل لفهم الواقع المرير التي تعيشه الجماهير الكادحة ويبقى اهتمامها محصوراً في قضايا طائفية ودينية، وبما أن الإساءة للرموز الدينية عند الكثير من الطوائف والأديان والمذاهب خطوط حمراء  فهي تستغل لإشعال الفتن بين المكونات وخلق الانشقاقات لأهداف تسعى البعض من القوى في داخل البلدان أو خارجها لتأجيجها وبها تحقق الأهداف التي تريدها من خلف هذه التوجهات التي تعتمد على الفتنة وصولاً للتطاحن السياسي أو العسكري واستخدام السلاح والعنف للهيمنة والتحكم ،ولهذا استُفز سلمان رشدي واستنفر بالضد من قرار عدم حضور ستة روائيين أمريكيين لحفل أدبي كان من المقرر إقامته في مدينة نيويورك تكريماً لمجلة شارلي ايبدو الفرنسية ووصفهم سلمان رشدي  بأنهم ستة جبناء شجعوا الإرهاب بعدم مساندتهم ورفضهم الحضور واحتفال، أليس هذا التجني يعنى بوضوح مدى الفهم السطحي عند سلمان رشدي لحرية الاختيار واستقلالية الرأي؟

ولماذا لا نفكر بشكل صحيح أن قرار عدم الحضور يندرج بالرفض لسعي المجلة وسلمان رشدي ومن خلفهما الاستمرار في تأجيج الفتنة والتطرف وكذلك رفض التطرف الذي أدى إلى قتل ( 12 ) شخصاً كانوا يعملون في المجلة ولقد قالت " المديرة التنفيذية لمنظمة القلم الأمريكية سوزان نوسيل أن الروائيين الستة اتصلوا قائلين أنهم لا يشعرون بالارتياح لحضور الحفل" ولكن سلمان رشدي وبعد فشل خطته بعدم حضور الروائيين الأمريكان أشار بكل تجني ووقاحة كالعادة " أن هؤلاء الكتاب الستة جعلوا أنفسهم رفاق طريق لهذا المشروع" ويقصد " المشروع الإرهابي!!"وبهذا أفصح عن الوجه الثاني المتخفي خلف مقولات الحرية والديمقراطية وظهر أنه لا يختلف عن أولئك الإرهابيين الذين يتبنون الدين ظاهرياً ولكنهم داخلياً ينفذون مشروعاً للقتل والتصفيات حتى مع الذين معهم أو قريبين منهم إذا اختلفوا  مع طرقهم الإجرامية .

 ألا يدل ذلك على مدى الاستهتار بحقوق الآخرين الذين يرفضون المشاريع الثقافية التي تسعى لتشويه الوعي الاجتماعي لدى الملايين من البشر  وتهدف في الوقت نفيه إلى زرع الشقاق والخلاف وتأجيج روح العداء بين المكونات الدينية والعرقية بحجة الثقافة والحقوق؟ ثم أليس من حق المثقف رفض الإساءة لمشاعر الناس الدينية والقومية وفي الوقت نفسه رفضه طريق العنف والإرهاب لدى البعض من الذين يسعون للهدف المذكور ولكن بطريقة القتل والعنف والتصفيات الجسدية متصورين أنهم يستطيعون تعويد عقل الإنسان على الطاعة المفرطة لقوى الإرهاب والفكر الظلامي الرجعي الشوفيني والعنصري!.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.