اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

نهاية الدولة التقليدية وانحسار الديمقراطية// ابراهيم الصافي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نهاية الدولة التقليدية وانحسار الديمقراطية

ابراهيم الصافي

باحث وصحفي

 

آليات التي خلقتها المجتمعات لتنظيم نفسها سواءا ما يتعلق بالشكل وهو الدولة وكافة أجهزتها، أو بالمضمون وفي أقصاه نظام ديمقراطي، وصلت إلى مرحلة لم تعد تستطيع ضبط المجتمع، واحتواء تطلعاته، فجسم المجتمع تضخم إلى درجة لم يعد على مقياس معطف الدولة وأجهزتها.

فالديمقراطية كنظام للتعايش والتدبير لم تستطيع احتواءالمكونات داخل المجتمع، لأنه ببساطة الديمقراطية لا تكسب "العيش"، ولم تعد قادرة على الحفاظ على وحدة التنظيمات السياسية ووحدة الدول التي تعرف اليوم تفتتا باسم الديمقراطية، ولا تقدم إجابة على المرحلة التي وصل إليها تطور المجتمع، الذي أصبح يميل نحو نظام أكثر واقعية من نظام "مموه"، وهي مرحلة الانحسار التي تنبه إليه العالم.

آليات الضبط الاجتماعي أصبحت متجاوزة، وطبيعة البنيات المؤسساتية للدولة مهما عرفته من تطور وتحديث لا تزال بعيدة عن كل افراد المجتمع، إلى درجة أن العديد منهم وفي اتساع متزايد لم يعيروا أي أهمية لوجود مؤسسات من عدمها.

والمظاهر الشاذة التي يفرزها المجتمع أحيانا يتم التعامل معها بمقاربات ذات أبعاد متوسطة المدى، على الرغم أنها وجدت منذ بداية تكون التجمعات البشرية، لكنها تتطور مع حركية المجتمع المستمرة، وهنا يحظر مثال يؤرق العالم، وهو مشكل التطرف وتزايد وثيرة العنف تحت عدة مسميات، وذلك راجع إلى تقادم آليات الضبط الاجتماعي، سواء بمقاربات أمنية أو بمقاربات مؤسساتية، أما المقاربة التنموية في ضبط المجتمع لم تستطع الدولة في كل تجلياتها تحقيقها على أرض الواقع، فهي عاجزة عن إعادة توزيع الثروة على كافة أفراد المجتمع، وآلياتها غير قادرة على استتباب الامن داخل التجمعات السكانية، فنحن بصورة ما أمام نهاية الدولة التقليدية، ليس بشكلها ولكن بمضمونها.

تتجلى أبرز ملامح هذه النهاية في إفلاس المؤسسات التي ترتكز على الشرعية الشعبية، من مؤسسات تمثيلية رسمية، أو غير رسمية، التي لا يرى فيها المجتمع مجرد آليات لاحتواء النخب، والتي غالبا ما تصوف ب"الانتهازية والنفعية".

وبلوغ الدولة المنفتحة على النظام العالمي الليبرالي الجديد إلى مرحلة العجز، بعدما تخلصت من جميع التزاماتها تجاه المجتمع الذي أصبح تحت رحمة السوق، ولوبيات الاقتصاد العابر للقارات، إلى درجة تحول فيها أفراد المجتمع إلى زبائن للاستهلاك.

وبالتالي أصبح الشعور والاحساس بالدولة مرتبط بما تقدمه من خدمات، وحضورها الفاعل وسط المجتمع. لهذا تفطنت الدراسات الاستراتيجية في العديد من الدول الغربية، وخاصة الأسيوية، إلى العودة إلى احتضان المجتمع بعد توسع الهوة بينهما، وذلك بعودة الدولة بوجه مغاير يختلف عن الوجه التقليدي المألوف، وهذه العودة لا تتم إلى من النافذة بعدما خرجت من الباب.

هذه العودة أتت بمؤسسات جديدة تدخل في نطاق الآليات الجديدة للضبط الفعل الاجتماعي، وبعيدة عن المؤسسات التقليدية للدولة، أساسها الضبط الذي يتلاءم مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وعدم خنق التفاعلات داخل المجتمع، لكن تبقى هذه الدينامية تحت مراقبة الدولة ببدائلها الجديدة.

وستشكل نهاية الدولة التقليدية المتجذرة أمنيّا، إلى صعود دولة حديثة ومتصالحة مع المجتمع، وراعية لطموحاته، وضابطة لكل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، سواء المحليين أو الأجانب بما يضمن أولوية حقوق المجتمع الذي تحتضنه، وبالإضافة إلى قدرتها على تدبير النزاعات داخله، ودمج آليات التفاوض والتصالح بين مكوناته.

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.