اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

رثاء الى راحل قبل الأوان// باسل شامايا

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

رثاء الى راحل قبل الأوان

باسل شامايا

 

في هذه الايام العصيبة تعيش عائلة المرحوم غازي كامل بولا ذكرى مرور اربعين يوما وليلة على انطفاء شمعته ورحيله الابدي الى عالم الذكرى بعد بقت موقدة ثماني وخمسين سنة كرسها لخدمة عائلته واولاده .. مضت هذه الايام وهم يعانون من ألم فراقه ، يستذكرونه ويتذكرون المكانة التي كان يشغلها في حياتهم ووسطهم ، غادرهم تاركا فراغا كبيرا لا تملئه الايام والسنين حيث عمل المستحيل لأدخال عنصر البهجة والمسرة الى اعماقهم متجردا من الأنا ودون أن يبالي بالتعب والأرهاق في ممارسة مختلف الاعمال المضنية والسهر الدائم .. وكان يبحث عن مصادر عدة ليرتزق منها فلم يدع بابا الا وطرقه ولا سبيلا الا وسلكه من اجل الحصول على لقمة العيش الحلال ليطعم بها اسرته .. كافح منذ سنين طوال ليضمن لهم حياة حرة كريمة ومستقبل زاهر واستقر به العمل موظفا في دائرة ماء القوش عام 1980 وتدرج بمسؤولياته خلال السقف الزمني الذي تجاوز الرابعة والثلاثين سنة في خدمة بلده وبلدته القوش .. واستمر ملتصقا ومحبا ومخلصا لعمله مؤديا واجبه الوظيفي على اكمل وجه ، واضافة الى ذلك كان يتابع عمل الآبار الارتوازية في القوش بعد ان اصيب مشروع ماء القوش بالخلل ، وبسبب الوضع المعيشي الصعب اضطر للعمل حارسا في دير السيدة ليتمكن من اعالة عائلته الكبيرة خصوصا في تلك الظروف المعيشية القاهرة التي كان يعاني منها معظم الناس . حافظ حتى لحظاته الاخيرة على علاقات اجتماعية حميمة مع معارفه واصدقائه في البلدة وخارجها وقد امتاز بطيبة قلبه وتواضعه ورقته في التعامل مع الكل سواء كانوا قريبين اليه ام لا يمتون له بصلة .

ايها الراحل العزيز لقد كان لخبر رحيلك وقع مفجع ومؤثر على عائلتك واولادك فانهم ما زالوا غير مصدقين انك غادرتهم الى الأبد خصوصا ولدك البكر ( فيدل ) الذي كان غارقا في بحر من النوم مرهقا من سهر الليل في العمل لكسب لقمة العيش واذا برنين الهاتف يوقظه ليخبره احد معارفه ان الوالد قد اصيب بنوبة قلبية وهو راقد بين الحياة والموت ، وما كان منه الا الأستسلام لحزنه المرير وبذكراك الاربعين كتب لك هذه الكلمات : بكيتك يا أبي وذرفت بفراقك الأبدي دموعا ساخنة مبللة بالأسى والألم والحزن .. بكيتك يا سيدي يا خيمة بيتي المظللة بحنانك الابوي .. بكيتك يا قرة عيني بحرقة قلب وتأوهات نفس وما كان لفراقك المبكر الا فاجعة اصابت اسرتك المفجوعة بالصميم .. فلو تعلم يا ابتي كم تشتاق لك نفسي وكم تهفومسامعي لسماع صوتك الحنون وكم ننتظر عودتك الى البيت لتظللنا بوجودك وتحدثنا كما كنت تفعل في كل حين ، توبخنا وتتعصب علينا وما احلى ذلك التوبيخ الذي علّمنا كيف نكون جديرين ونافعين في المجتمع .. يا لغرابة الدنيا ومفاجآتها الأليمة بالأمس كان البيت والحديث والمحبة تجمعنا وها انت اليوم قد رحلت وابتعدت عنا الى مكان لا حياة فيه ، بتَ مجرد ذكرى بعد ان هاجمك شبح الموت وخطفك من بين محبيك وأوقف عندك ذلك القلب الذي كانت تنطوي عنده تلك الطيبة عن الخفقان .. وداعا وسلاما ايها الأب الحنون الدافق رقة وحنان وداعا من الاعماق واوعدك ان اكون لاخوتي ابا واخا وصديقا لترتاح في ثراك ابد الدهر . اما ولدك ( فولر ) الذي كان مقبلا لتوديع حياة العزوبية والأرتباط المقدس بشريكة حياته اللذان كانا سيؤسسان اسرة سعيدة يجمعهما الحب والاخلاص والتفاني ، لكنّ هذه الفاجعة الأليمة أرجأت مشوارهما وحالت دون تحقيق امنيتهما وهاهو قد كتب اليك والعبرة تخنقه : أبي وتاج رأسي كم كُنت متلهفا في يوم عرسي ان اراك مغمورا بالسعادة والابتسامة تحتضن شفاهك وانت مرتديا بدلتك الزاهية وواقفا الى جانب امي وانتما تستقبلان المهنئين في قاعة العرس ، فانها لم تكن الا ايام قلائل ليتحقق حلمي لكن الموت اللئيم باغتك واختطفك من بيننا وزرع الحزن والالم بدل الفرحة والانتشاء بليلة العرس .. ماذا عسانا ان نفعل يا اغلى من نفسي سوى الرضوخ لذلك القدر اللعين الذي لا مفر منه وانني واخوتي لا يسعنا الا ان نقول ارحل بسلام وسنقطع عهدا على انفسنا ونعمل بوصيتك في ان نكون عند حسن ظنك وظن الجميع لترتاح في آخرتك وداعا يا ابي ونم قرير العين بين احضان امك الحنونة القوش . وهكذا ارسل لك ابنك المغترب ( رامسن ) كلماته الموغلة بالحزن والأسى وهو يعيش معاناة الغربة والحرمان بعيدا عن اهله ووطنه في محطة الانتظار فيقول والألم يعصره : لا أدري كيف ابدأ الحديث عنك يا ابي فانني أرغب في البكاء والصراخ ولا اريد ان اصدق انك رحلت الى الأبد ، لقد فارقتني وأنا بحاجة ماسة الى ذلك الحنان الذي حرمتني منه الأيام ، كم كنت اتمنى أن اكون الى جانب اخوتي اشاركهم العزاء والقي عليك نظرة الوداع الاخيرة لكن بعدي عن اهلي  حال دون تحقيق ما يراودني .. أنا جريح ومرهق يا أبي لقد افتقدناك سريعا فابكي ايتها العين وانزفي بدل الدمع دما لان من كان يكحلك قد رحل ، فارقد بسلام فانت النور الذي سنسير على خطاه وستبقى ذكراك عطرة شامخة كجبال القوش التي احببتها منذ نعومة الاظفار . وهكذا بقية الأولاد والبنات مع شريكة حياتك السيدة الفاضلة ام ثمارك فانهم جميعا يبتهلون الى الرب ان يشملك بوافر رحمته وحنانه ويسكنك الى جوار القديسين والابرار وفي الختام اتقدم الى زوجتك واولادك واخوتك واقربائك بمواساتي وتعازيي القلبية الصادقة راجيا لكم ان يلهمكم الرب صبرا وسلوانا ويمنح فقيدكم العزيز الرحمة والحياة الابدية .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.