اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

هيبة الدولة!// محمد عبد الرحمن

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

هيبة الدولة!

محمد عبد الرحمن

 

يجري الحديث تكرارا عن اهمية فرض هيبة الدولة واحترامها، وضرورة حضورها لكي يشعر المواطن بالاطمئنان الى ان هناك من يحميه بالقانون ويدعمه ويسنده، ومن المؤكد ان ذلك لن يتحقق من دون قيام مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية بواجباتها، وادائها التزاماتها ازاء المواطنين على احسن وجه وأكمله.

وهيبة الدولة تتأتى من سيادة القانون والحكم العادل النزيه، ومن وجود المؤسسات المؤهلة والقادرة على الانجاز، وقد بيّنت تجاربنا  في العراق وتجارب غيرنا خطأ وفشل اعتماد القوة المفرطة والقمع والاضطهاد، وتكميم افواه الناس ومصادرة حرياتهم وحبس انفاسهم، فعندها تغدو تلك الهيبة مظهرا خارجيا شكليا لا اكثر،  فيما الدولة منخورة من الداخل، وهشة لا تستند الى المقومات المطلوبة في الدول المعاصرة، حتى يصبح وجودها من عدمه سيان.

وتتحقق هيبة الدولة ايضا من خلال الثقة المتبادلة بين المواطن والسلطة القائمة، واالمستندة الى وضوح الحقوق والواجبات، والحرص على التزامها، وتعزيز تلك الثقة دوما لصالح تحقيق السلم الاهلي، وتقوية النسيج الاجتماعي، واعلاء شأن المواطنة  المبّرأة من ادران الطائفية والحقد القومي والشوفيني والعنصرية، ومن الانكفاء على الهويات والانتماءات الفرعية.

ويستحيل بناء اجواء الثقة في ظل فقدان العنصر الهام والاساس، المتمثل في توفير الامن والاستقرار والحياة الطبيعية، بما يُشعر المواطن بانه في مأمن على حياته وماله وممتلكاته، وليس له ان يخشى الوقوع فريسة مليشيا سائبة او عصابات مسلحة، خاصة عندما يختلط الامر عليه وهو يرى هذه العصابات تختفي وراء ملابس وسيارات واجهزة حكومية ومتنفذة، وتتقمص دورها وتقوم به.

وطبيعي ان لا احترام للدولة ومؤسساتها مع وجود حكام متنفذين لا يتحلون بابسط الصفات الضرورية، لا سيما منهم من هم موضع الازدراء والتندر والسخرية بسبب سلوكه غير القويم، وعدم تطابق اقواله مع افعاله وحتى مواصلته الكذب المفضوح متوهما ان ذلك سوف يبني له جسور الثقة مع الآخرين.

واذا ما اقترن مثل هذا السلوك من جانب الحكام المتنفذين مع استشراء الفساد، فرديا وجماعيا، والاضرار المتعمد والمفضوح بالمال العام، فالخسارة تكون اكبر والفجوة تغدو اواسع، والنتيجة هي تبدد تفهم المواطن ودعمه حتى الاجراءات التي قد يكون فيها قدر من المعقولية، والتي تستجيب لهذا المطلب او ذاك، فيكون الحذر والشك والريبة سيد الموقف.

ومن الصعب تصور تأمين الهيبة للدولة وهي عاجزة عن توفير ادنى متطلبات الحياة لمواطنيها، من خدمات صحية وتعليمية ونقل عام وسكن وغيرها، فضلا عن مصدر رزق ثابت يبعث رسالة الى المواطن مفادها انه لن يجد نفسه مرميا  في الشارع، او باحثا في القمامة عما يسد رمقه، وهل نجد احتراما وتقديرا للدولة عند نازح يلتحف السماء في مساء شتائي مثلج ؟

ولا هيبة للدولة بوجود الاصوات النشاز لحكامها والمتنفذين فيها، المسيطرين على مراكز القرار، الذين تسمع الناس وتقرأ تصريحاتهم المتناقضة ومواقفهم المتعارضة، والذين يصل حال بعضهم حد الاستعداد لأن يبتلع مساء ما صرح به في الصباح، وإطلاق كلام مختلف تماما.

كذلك لا مصداقية للحكام المتنفذين حين يكونون صدى لاجندات خارجية، تبيع وتشتري بالقضايا الوطنية في مزاد ترتفع فيه اسهمها الشخصية وارصدتها، داخل الوطن وخارجه، فمثل هؤلاء الحكام، البيادق بيد الآخرين يمرغون هيبة الدولة في الوحل.

نعم، لن تقوم للدولة هيبة بوجود المتنفذين السراق والفاسدين، ومزوري الشهادات، والمتناقضين حتى مع انفسهم، ولن يكتب لها الدوام من دون ضمان حرية المواطن وامنه واستقراره، وتوفير حياة كريمة هانئة له.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.