اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

العافية بالتدريج والإصلاح المنشود// د. خليل الجنابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

العافية بالتدريج والإصلاح المنشود

الدكتور / خليل الجنابي

 

مثل شعبي كثيراً ما سمعناه من جداتنا حين يطلبن ويتمنين لأي مريض يزرنه بالشفاء العاجل، وأنه يجب أن يصبر لأن العافية تأتيه (بالتدريج) وتأتيه رويداً رويداً (من كوكة رأسه حتى أخمص قدميه) وعندما يقوى الجسم سيتغلب على المرض .

حكاية فيها ما يغطي واقعنا الحالي، إذ أن العلل الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية كثيرة وهي لا تُعد ولا تُحصى وتعدادها يفوق شعر الرأس. وأصبح لكل منها لونه الخاص من الألم والوجع الذي جعل المريض غير قادر من الوقوف على قدميه لشدة هزاله من السقم الذي نخر جسمه .

أي مرض حين يُشخص مبكراً يمكن علاجه والقضاء عليه بيُسر وقلعه من جذوره، أما إذا تُرك دون متابعة سيستفحل ويستعصي علاجه، وهذا ما أكده الطب القديم والحديث .

 والأمر نفسه ينطبق على العلل الإجتماعية العديدة، فكيف مثلاً يمكن علاج الفقر أو البطالة أو الجهل دون معرفة الأسباب، وكيف يمكن محاسبة السراق دون وجود قضاء عادل ونزيه، وكيف يمكن أن نسترجع أراضينا المحتلة من داعش دون تقوية الجيش ومعرفة الأسباب التي أدت لهذا الإنهيار، وكيف يمكن وضع الأمور في نصابها دون أن نجعل من النزاهة عنواناً رئيساً لمعاملاتنا، ودون أن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب !! .

أسئلة كثيرة نطرحها على بساط البحث، وأجوبة أكثر دقة نضعها لحل هذه العُقد، وفي النهاية تأتي أمامنا موضوعة الإصلاح  التي ننشدها جميعاً.

الإصلاح الذي نتحدث عنه يجب أن يشمل كل مفاصل الدولة إعتباراً من السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وكل الدوائر والمؤسسات الملحقة بها لأنها سلسلة من الحلقات مرتبطة بعضها بالبعض الآخر. والإصلاح يحتاج إلى ناس إصلاحيين بحق وحقيق، وهو ليس فعلاً آلياً، بل فكر وثقافة ويمتد عميقاً في خاطر ووجدان الإنسان، ويكون جزءاً من ثقافته العامة، وأن يكون إصلاحاً شاملاً غير منقوص.

هناك الكثير من المتطلبات المهمة التي يجب توفرها حين نسعى إلى الإصلاح، وفي مقدمتها القوانين المعرقلة الموجودة في الدستور، مما يستدعي إلى إجراء صياغة جديدة معمقة من قِبل لجان مختصة كفوءة ونزيهة، وغير منحازة إلى أي طرف غير الوطن. وبعد أن نُكمل هذه المهمة علينا التوجة إلى الطريقة التي جرت فيها الإنتخابات البرلمانية السابقة وتغيير قانون الإنتخابات الحالي الذي كان سبباً في وصول من ليس لديهم الكفاءة والنزاهة والمقبولية من قِبل الناخبين لكنهم صعدوا عن طريق رؤساء كتلهم رغم حصولهم على بضع عشرات أو مئات من الأصوات وهي غير كافية لتجاوز العتبة الإنتخابية .

وهناك حديث عن مفوضية الإنتخابات التي وُجِهت إليها أصابع الإتهام من كثير من الأطراف السياسية من أنها لم تكن حيادية، لذا يجب إعادة هيكلتها من جديد وإبعادها عن المحاصصة الطائفية .

الوضع المأزوم الآن بحاجة إلى إصلاح حقيقي وهذا لا يأتي ما دام تدوير الأمور يجري كما في السابق (الحصص والمغانم، غزال لي أرنب لك) وعلى هذا الأساس يجري التوزيع ويجري الإقتسام  .

والآن بعد أن عرف كل طرف حجمه وقوته التي طالما شهر سيفه من أجل تكريس المغانم والمنافع الذاتية. وبعد أن عاش الجميع إرهاصات الإنحدار إلى الهاوية دون بارقة أمل من إنتشال سفينتنا ألتي إن غرقت غرقنا معها جميعاً، وهنا نتساءل عن طيب خاطر :-

هل هناك نيّة خالصة من أجل حلحلة الأمور إلى فضاءات أوسع تصب في مصلحة الوطن !؟ وهل هذا ممكن الوصول إليه  دون أن نسفك قطرة دم واحدة !؟

الجماهير المتظاهرة منذ شهور أشارت إلى مواضع الخلل في العملية السياسية برمتها ، منطلقة من الدستور رغم نواقصه والذي أكد  على حق التظاهر ، كما نصت الفقرة  ( ٣ ) من المادة ( ٣٨ ) من الدستور العراقي الدائم لسنة ٢٠٠٥ على (حرية الإجتماع والتظاهر السلمي …) . وهذا ما معمول به في جميع الدول الديمقراطية .

 ومن خلال المطالب السلمية التي رفعتها في إصلاح النظام ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات تواجه هذه الحركة الصعوبات إلى حد المنع والإختطاف والقتل وكذلك المماطلة واللف والدوران من أجل حرف مسارها وإفراغها من محتواها  والإجهاض عليها. ورغم التحول الكبير في مجريات الأمور وإنحياز أطراف من داخل العملية السياسية إلى جانب المتظاهرين، إلا أنها لا تعدو كونها مواقف مصلحية متذبذبة سرعان ما تعود إلى أماكنها السابقة عندما يلامس التغيير مصالحها الخاصة  والذاتية .

عملية الإصلاح يجب أن تصل إلى قِوى الجيش والأمن والشرطة وتخليصها من العناصر الطارئة وغير الكفوءة وإلغاء الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة  وبدونها تبقى إصلاحاتنا عاجزة عن الوصول إلى أهدافها المرجوة .

الإصلاح مُفردة تداولناها بكثرة هذه الأيام كسابقتها  مفردة (التكنوقراط) ، إلا أنها سوف تتجمد هي الأخرى إن لم نعززها بالتحولات الديمقراطية والإعتراف بالتعددية وإشاعة حرية الرأي والتعبير ومصاحبتها بإصلاحات حقيقية في مجالات حقوق الإنسان .

(خبز .. حرية .. دولة مدنية .. عدالة إجتماعية) ، شعارات رئيسة مرفوعة من قِبل المتظاهرين في ساحات التحرير، وعلى الذين يرغبون في تبني عملية الإصلاح الشامل، فك طلاسم هذه المفردات وهي ليست صعبة، وتطبيقها بوعي ليتبين لهم القصور في مواقفهم المصلحية السابقة .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.