اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

إصلاحات ونواب محاصرون - دروس من روسيا للشعب العراقي// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

إصلاحات ونواب محاصرون - دروس من روسيا للشعب العراقي

صائب خليل

26 نيسان 2016

 

مع اختراق العبادي ورئيس مجلس النواب المقال سليم الجبوري لمجلس النواب مع قوات عسكرية كبيرة، يصل التشابه الغريب بين ما يحصل في بغداد وما حصل في موسكو قبل ربع قرن، حين اقتحم يلتسين مقر البرلمان الروسي المسمى "البيت الأبيض"، إلى درجة مدهشة، تدعوا للتساؤل والمقارنة، وتقدم لنا دروسا مهمة.

 

في خريف 1993، صوت النواب المعتصمون في موسكو على قرار استجواب الرئيس السكير الذي دعمته (أو أتت به) اميركا لجلب “الديمقراطية” إلى روسيا، بوريس يلتسين. أهمل "الديمقراطي" يلتسين، قرار البرلمان وقام بمحاصرة بنايته وقطع خطوط التلفون والماء الحار والكهرباء عن البناية. وهي حركات لا تختلف كثيرا عن حركات "الديمقراطي" الآخر الذي جلبته اميركا إلى العراق وهددت بترك البلد تحت رحمة داعش (هكذا) إن لم يقبل به، وحملته مشاريع التفتيت واتلاف الاقتصاد المعروفة.

 

إلا أن لتشابه الحالتين بعداً أعمق من الشكل المدهش التطابق. فالخلفية التي تجري بها الاحداث في الحالتين لها بعد اقتصادي مهم يتكرر في الحالتين وبنفس المصطلحات، وهو الأمر الذي ربما يستطيع ان يلقي بعض الضوء الذي قد يساعدنا على فهم ما يحدث، والتنبؤ بما ينتظر من خاتمة لأحداث العراق. لاحظوا أيضاً كثرة الشبه بين العبارات التي تصف الحالتين، فهنا سنجد ايضاً "إصلاحات" و "قطاع خاص" و "تكنوقراط" و "اقتصاد السوق" و "خصخصة" وكل ما تنفثه القنوات الإعلامية ويردده الساسة في العراق هذه الأيام.

 

بعد أن تم إسقاط للاتحاد السوفيتي، استلم اقتصاد البلاد، فريق "تكنوقراط" امريكي ومن دول أخرى، كان قد تم تدريس معظم اعضائه على مبادئ الحرية المطلقة للسوق على يد خريجي "مدرسة شيكاغو" بقيادة ميلتون فريدمان(0). عمل هذا الفريق بنشاط محموم على “خصخصة” الاقتصاد الروسي ودفعه بسرعة إلى "اقتصاد السوق"، وأطلق على ذلك طبعا عبارة "الإصلاحات". وسرعان ما صحا الروس من حلمهم بالديمقراطية والليبرالية وحرية السوق، التي تبين أنها ليست مشاهد حلم بل كابوس مهول. فلم ينخفض الناتج القومي لروسيا بمقدار 40% فقط، وإنما سيطر لصوص البلاد، والكثير منهم كان من الطبقة الحاكمة التي أرادوا إزاحتها وأقاربهم، على ما تبقى من ذلك الإنتاج وعلى ثروات البلاد الطبيعية.

 

الطريقة المثلى التي اتبعت في "الخصخصة: أن متنفذي البلاد كانوا يؤسسون مصارف بلا رصيد، ثم يقومون بإقراض أنفسهم كمسؤولين حكوميين، مبالغ كبيرة من أرصدة الدولة، وبشروط ميسرة للغاية، ثم لتقوم مصارفهم من خلال عملية "الخصخصة" التي يشترطها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بشراء ثروات البلاد ومصانعها بأسعار رمزية، لأنهم هم البائع والمشتري في ذات الوقت، وبذات أموال القروض التي حصلوا عليها من الدولة نفسها! وكثيراً ما قاموا ببيع تلك الثروات والمصانع مرة ثانية بمبالغ أكبر بكثير مما اشتروها، ليخرجوا بعد أشهر أو أسابيع قليلة، بمليارات الدولارات من "الأرباح"، وبدون أية مخاطرة أو عمل، وليجد الشعب الروسي نفسه خلال سنتين من حكم يلتسين، وقد أفلس تماماً!

 

إثر أحداث 1993 كتبت الغارديان البريطانية تحت عنوان "يلتسين يسحق الثورة" تقول:

 

"تحرك الرئيس بوريس يلتسن سرعة لاستلام السلطة المطلقة على روسيا بتعليق القوانين المدنية واغلاق صحف المعارضة واستسلام معارضته في البرلمان بعد قصف مبنى البرلمان الروسي المسمى “البيت الأبيض”، والذي استمر عشرة ساعات متوالية. وادعى يلتسن في التلفزيون ان خصومه هم من بدأ إطلاق النار وأنها مؤامرة منظمة من قبل الشيوعيين الذين أرادوا الإنتقام، والقادة الفاشيين للحكم السابق، وانه لن يتسامح مع الذين رفعوا أيديهم بوجه "الناس المسالمين".

وايد الرئيس الأمريكي كلنتون الهجوم مؤكدا ان المعارضة هي من بدأ إطلاق النار، وانه يؤيد الرئيس المنتخب يلتسن والذي يثق به.

 

وبعد اعلان حالة الطوارئ، عمت البلاد أعمال عنف هي الأشد منذ الثورة البلشفية، وقامت حكومة يلتسين بحظر جبهة انقاذ روسيا والحزب الشيوعي الروسي والجبهة المتحدة للعمال واتحاد الضباط ومنعت البرافدا وعدد من الصحف من النشر وأعلن حظر التجول على موسكو كلها. وضرب خصوم يلتسن في الجيش، مثل اتحاد الضباط وحركة “الدرع"، وقامت القوات التابعة له باعتقال عدد كبير من القيادات السياسية والعسكرية. وكان أحد الأسباب للهجوم السريع هو القلق من ان يقوم الشعب بالتصويت لصالح الحزب الشيوعي كما حدث في بولونيا.(1)

 

ورغم الدعم السياسي الكبير والوعود البراقة من الغرب فقد ترك يلتسين يواجه لوحده أزمته الاقتصادية التي دفعوه اليها. وفسرت نعومي كلاين ذلك بأن الغرب قد تعمد الأمر لأنه قدر أن الأزمة الاقتصادية هي التي تمثل مصالحه، لأنها ستجبر يلتسين على بيع ثروات روسيا في المزاد الدولي.

وعبر جون وليامسون وهو أحد الرأسماليين "التكنوقراط" الذين تم تكليفهم بتفكيك المؤسسات الاقتصادية في البلاد عن نفس المبدأ التدميري المتعمد فقال بصراحة: "ان البلدان التي تعاني بشده، هي دون غيرها التي يمكن ان تقبل بابتلاع الدواء المر المسمى "اقتصاد السوق".... " وأضاف: "هذه الأيام الصعبة، هي التي تعطي أفضل الفرص لأولئك الذين يفهمون الحاجة إلى التعديلات الاقتصادية الجذرية". ولم يخفِ يلتسين أن “التغيير” الذي كان يطالب به كان ضروريا لدعم "الإصلاحات" والتحول نحو اقتصاد السوق. (2) وهو ما يكشف كذب الادعاء بأن الديمقراطية والخيار الشعبي إن ترك حراً، فإنه يتجه إلى الليبرالية واقتصاد السوق بنفسه، فلو كان الأمر كذلك لما احتاج هؤلاء "التكنوقراط" إلى "المعاناة الشديدة" لفرض تلك السياسات الاقتصادية.

وليس ذلك بغريب، فها هو نائب الرئيس ألكسندر روتسكوي يتذكر مؤخراً تلك الفترة فيقول: "كانت نتيجة الخصخصة الإفقار التام للشعب! لقد فقدنا صناعتنا وزراعتنا وقدراتنا العسكرية".

 

في العراق اليوم، يقود العبادي من خلف الستار، حملة أمريكية نشطة لخصخصة البلاد بطريقة ليست أفضل مما فعله يلتسين بالتأكيد. وكانت الأولوية في كل زياراته للغرب، لاجتماعات مع ممثلي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، عدا زيارته الخاصة الأخيرة لدافوس، حيث يجتمع رؤوس العصابات المالية الدولية لإدارة المؤامرات على البلدان التي مازالت تملك الثروات.

كما ان رئيس مجلس نوابنا المقال لم يكن بعيدا عن ذلك ابداً. فقبل شهر تقريبا، كان يستقبل "كبار" تلك العصابة في مقر مجلس النواب، ويتبادل معهم خطب الترحيب التي تكشف المؤامرات التي تحاك على البلاد، وكما كتبنا عنها في مقالتنا " وصول الكبار يعلن الفصل الأخير من مسرحية الإصلاحات".(3) كما ان المقالة الأخرى عن رئيس المجلس "لماذا تخلوا عن الإصلاح ولماذا سليم الجبوري خطر على العراق؟"(4)  تكشف في جانب منها أن القيادات "الثورية" التي طالبت بالتغيير و "الإصلاح" في العراق، إنما كانت تقصد أن تجلب نفس النوع من التكنوقراط الذي فكك الاقتصاد الروسي لحساب نفس لصوص المال الدوليين، وأن هؤلاء سرعان ما يتخلون عن ذلك "التغيير" وتلك "الإصلاحات" متى ما شعروا انها قد تفلت من أيدهم وتكون إصلاحات حقيقية. فما يريدونه من "الإصلاحات" للعراق لا يختلف عن تلك التي تسببت في روسيا بـ "الإفقار التام للشعب" وسلب كل قدرات البلاد الزراعية والصناعية والعسكرية.

 

لكن روسيا، ورغم الخسارة الهائلة التي منيت بها جراء هذا التسونامي الغربي لاقتصاد السوق، نهضت بحيوية شعبها وقامت في آخر لحظة من القبر الذي أرادوا دفنها فيه، ولحق العار "الوكيل" الأمريكي يلتسين وكل من معه، وليس لنا سوى ان ندعو شعبنا إلى ان يلحق يدفن بالعار سفلة حكومته المتآمرين على ثروات بلاده كما فعل بوتين والشعب الروسي مع "وكلاء" الأمريكان في بلادهم، وأن يلحقوا ثرواتهم قبل ان يستولي عليها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبقية العصابات المالية المؤتمرة بأميركا وإسرائيل.

 

(0) فلم "عقيدة الصدمة " ـ مترجم،

 https://www.facebook.com/baydaa.hamid/videos/766288320173313/

(1) Yeltsin crushes revolt | World news | The Guardian

 http://www.theguardian.com/world/1993/oct/05/russia.davidhearst

(2)  Twenty Years After: Key Players In Russia's October 1993 Crisis

 http://www.rferl.org/content/russia-players-1993-crisis/25125000.html

(3) صائب خليل - وصول الكبار يعلن الفصل الأخير من مسرحية الإصلاحات

 https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/1058104514246617:0

(4) صائب خليل - لماذا تخلوا عن الإصلاح ولماذا سليم الجبوري خطر على العراق

 

 https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/1076219192435149

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.