اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

معركة الإعلام على اعتاب الفلوجة – الجزء الأول// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

معركة الإعلام على اعتاب الفلوجة – الجزء الأول

صائب خليل

28 مايس 2016

 

قبل بضعة أيام وصلني بالإيميل ضمن حديث بين بعض الأقارب لم اتدخل به، عبارة قالها أحدهم أثناء حديثه المهاجم للصهيونية وكيف ان فلسطين يجب أن تبقى في بالنا وكل العرب مسألة أساسية، قال: "مما لا شك فيه ان أقسى ضربة وجهت للقضية الفلسطينية كانت مجيء الخميني إلى الحكم"!

أريد ان أقول قبل ان تحكموا، أن الرجل ليس طائفيا ابداً، كما أنه بعيد تماما عن الأشكال التي تتمسح أميركا أو إسرائيل او تسعى للدخول تحت عبائتيهما، سراً أو علناً وأن وطنيته لا غبار عليها.. كما أنه (لهذا السبب الأخير) ليس من المعجبين بالتأكيد بحكام الخليج وعلاقاتهم المشبوهة بهاتين الدولتين، ويرى في الاحتلال وإسرائيل خطراً أساسياً يجب محاربته..

 

هل هذه المعلومات الأخيرة عن الرجل، مطمئنة بعض الشيء، ام انها مقلقة؟ من ناحية هي مطمئنة أن الناس ماتزال ترى في أميركا وإسرائيل عدواً، لكنها مقلقة بشدة من الناحية الأخرى، أن حتى هؤلاء الناس يتم تظليلهم بهذا الشكل الرهيب، ليعتقدوا بكل أمانة، أن مجيء الخميني الى السلطة في إيران، والذي طرد السفارة الإسرائيلية التي كانت معززة مكرمة في النظام الذي قبله، ووضع مكانها سفارة لفلسطين، وقدم الدعم الأساسي الذي لولاه ربما ما كانت هناك مقاومة لبنانية بهذا الحجم، دع عنك أن تحرر لبنان، وأن تكون العماد الأساسي ويكاد يكون الأوحد الباقي للعرب للأمل والكرامة والإحساس بالإنسانية وإمكانية الدفاع عنها، والرجل الذي بادر بخلق المناسبات السنوية للقدس وفلسطين، وصرف الأموال الكثيرة التي كانت بلاده بأشد الحاجة إليها بعد تدميرها من قبل عملاء أميركا، على القضية الفلسطينية، وحمل بلاده أعباءً هائلةً من اجل ذلك، وتحمل عداء فئات كثيرة من أبناء شعبه اتهمته، هو ومن معه، بتضييع مصالح إيران من اجل العرب والإسلام... مجيء هذا الرجل إلى السلطة في بلاده كان "اقسى ضربة وجهت إلى القضية الفلسطينية"! من وجهة نظر شخص مقتنع بهذا الأمر تماما!

 

لننس أية مشاعر قد اثارها هذا القول تجاه هذا الرجل، وأؤكد لكم انه رجل طيب ولو عرفتموه شخصيا لأحببتموه. المهم والخطير في الأمر هو كيف يمكن ان يصل مثل هذا الرأي المقلوب تماما إلى رأس شخص ويقتنع به تماما وبكل أمانة؟ ليس لدينا سوى الإعلام لتفسير ذلك! لقد ناقشت في زيارتي الأخيرة بعض العراقيين في الإمارات، وسمعت ممن لا أشك بصدقهم فيما يعبرون عنه، آراءً مشابهة تثير القلق الشديد!

كيف أمكن لهذا الإعلام أن يعزل هؤلاء تماما عن الحقيقة؟ كيف امكنه أن يضع بينهم وبين "الواقع" هذا الجدار السميك الفاصل؟ كأننا امام تجربة من التجارب النفسية الاجتماعية التي كان العلماء الأمريكان يقومون بها في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لدراسة الإنسان وعملية غسل دماغه. والتجارب التي أجريت على السجناء والهادفة إلى السيطرة عليهم، إنما تطبق هذه المرة على الشعوب في عالم مفتوح وليس في السجن.

 

لنعترف بأنها خطة عبقرية وشديدة القوة ومن نوع وحجم جديد يستعصيان على الفهم، ففقط بالاعتراف بحجم العدو نستطيع أن نأمل بمعركة يمكن ان نكسب بها. لذلك دعونا ننسى حقدنا وعواطفنا لحظة ونتأمل بهذه العبقرية.

دعونا نتأمل ببساطة هذا الكاريكاتير:

  

الأدلة كثيرة جداً ولا حصر لها، ولنأخذ هذا الكاريكاتير العبقري في إيجازه، وهو يصف بدون كلام، "داعشيا" أو إرهابياً يهدد الفلوجة بالذبح بالسيف، ولنلاحظ ان السيف ذو رأسين، رمزاً إلى "ذو الفقار" أي سيف الإمام علي، أي: الشيعة يهددون بذبح الفلوجة التي يأسرونها! كل هذا بدون استعمال كلمة واحدة، عدا "الفلوجة" التي وضعت على ملابس الضحية..

 

لو راجعنا رسوم الزغبي، في غوغل، فسنجد خليطا من رسومات في منتهى الجمال والقوة، وفوق ذلك فهي تضع لنفسها أهدافا في محاربة الفساد وتهاجم أميركا وإسرائيل أيضاً، لكنها تقف معهما في كل المواقف السياسية، من شيطنة الأسد إلى اليمن إلى إيران إلى الموقف من روسيا، وحتى كرواتيا! لاحظوا ايضاً رسمه القوي الذي يصور فيه إيران ثعبانا ابتلع لبنان والعراق وسوريا ويسعى لابتلاع اليمن! ويمكننا ان نرى بكل وضوح أن الرعب من هذه الأفعى القبيحة لن يترك للجميع فرصة مراجعة الحقائق بسهولة، وسيصيبه الخوف على بلاده منها، ولن يراجع الحقيقة، وإن لم تكن إيران هي التي دافعت عن لبنان وسوريا من ان تبتلعها الافعى الحقيقية الإسرائيلية، ولولاها لما تحررت أول المدن المتحررة من داعش في العراق، كما انها لم تكد تتدخل بشيء في اليمن. وسيغيب عن الحقيقة كل الدلائل التي تؤكد لنا ان أميركا وإسرائيل هما من صنع داعش وأنهما تسعيان الى تحطيم وابتلاع هذه البلدان من خلالها.

 

 

ولنتذكر أن أردوغان الذي يتصرف اليوم كشريك لإسرائيل في كل ملفات المنطقة (باستثناء الموقف من الكرد) لبس قبل سنوات ملابس "البطل" الإسلامي والإنساني الذي لا يتحمل الظلم في المنطقة، ويهاجم إسرائيل بالذات! وأنا من الناس الذين خدعوا به في حينها! فموقفه من إسرائيل لم يكن شكلياً فقط، بل أثار في "اسطول الحرية" مسالة دولية لم تكن سهلة. فأية تضحيات يمكن للخندق الإسرائيلي الأمريكي اليوم تقديمها من أجل بناء زخم مصداقية لعملائهما؟ إنها شيء لم يشهده أحد من قبل، ولذلك فهو سلاح جديد رهيب من أسلحة كثيرة لا بد من ملاحظتها وفهمها لكي نستطيع تفسير ما يحدث بيننا من انفصام عن الواقع يصل مرحلة الجنون.

 

يجب أن نتذكر أننا نعرف واقعنا الذي نعيش فيه من خلال حواسنا، وقد بقينا على قيد الحياة لأن حواسنا كانت تنقل لنا ذلك الواقع بشكل صحيح وبدقة تتيح لنا ان نتعرف على العدو لنهرب منه أو نقاتله ونطارد فرائسنا لنأكل لحمها ونميز السام من النبات من الثمار اللذيذة المفيدة.

لكن حين توسع عالمنا الذي يؤثر علينا وعلى بقائنا على قيد الحياة، وبسرعة هائلة بتأثير التكنولوجيا، توجب علينا اتخاذ موقف مما يحدث في الأماكن القصية لهذا العالم لأنها تؤثر علينا. ولم يعط الله (أو الطبيعة إن شئت) "حواساً" بيولوجية خاصة بكل فرد، تستطيع أن ترى وتسمع على كل هذا البعد، ولا سمح التطور السريع للأحداث، للإنسان أن يطور مثل تلك الحواس، لذلك اعتمد الحواس غير المباشرة. فنحن لا نستطيع أن نرى ما يحدث في أميركا، لكننا نستطيع ان نقرأ عنها في النت او الكتاب او الصحيفة، أو نشاهدها في التلفزيون. وهي امتدادات جيدة ومهمة للبقاء على قيد الحياة.

 

المشكلة الخطيرة الوحيدة فيها انها تحت سيطرة الآخرين، وأن هؤلاء قد لا تتطابق مصالحهم مع مصالحنا، وبالتالي قد يعمدون إلى تشويه رؤيتنا لعالمنا. ونحن نعلم في الواقع انهم يجدون مصلحتهم بالضد تماما من مصلحتنا، وانهم قد قاموا بذلك التشويه بالفعل. فمن يسيطر على وسائل الإعلام في العالم، وبشكل خاص في بلادنا ايضاً، هم اعداءنا المصممين على تقسيمنا وابتلاعنا! وهم قادرون أكثر فأكثر، من خلال تقنياتهم التي تزداد تعقيداً وتطوراً، ومن خلال سيطرتهم المتزايدة على مصادر الأخبار والإعلام، على قلب الحقائق قبل ان تصل الينا، وأنهم مارسوا هذا القلب لسنوات طويلة بالقصف المركز على رؤوسنا، فهل من العجب ان نصاب بـ "الجنون"؟

 

المقلق اننا نواجه هذا الحال في لحظة معركة حاسمة، وخيار الطريق فيها قرار لا رجعة فيه، ولا مجال فيه للمرض أو الجنون. والمشكلة الخطيرة ان ذلك الخيار لا يحدد مستقبل من يقومون بالاختيار فقط، بل مستقبل العراق كله. أفليس من حقنا ان نصاب بالقلق الشديد حين نواجه هذه اللحظة ونحن بحالة يعتقد فيها البعض بكل أمانة، أن "أقسى ضربة وجهت للقضية الفلسطينية هي مجيء الخميني إلى السلطة"؟

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.