اخر الاخبار:
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

"جنون بقر" السياسة البريطانية// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

"جنون بقر" السياسة البريطانية

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

انتابتني نوبة ضحك قوية عندما سمعت من راديو سيارتي أخبار انتقال وباء مرض "الجنون البقري" إلى البشر في بريطانيا، أوقفتُ السيارة، وأوضحتُ لطِفلَيَ اللَذين كانا معي، أني أدعو دائماً بكارثة تصيب هذا البلد لما فعله بالعرب والمسلمين، وأنسى أنّنا نسكن بريطانيا!.. حدث ذلك في ثمانينيات القرن الماضي. ولم يقض وباء "جنون البقر" على نصف سكان بريطانيا كما كان متوقعاً، لكن تصويت 17 مليون بريطاني للخروج من الوحدة الأوروبية مقابل 16 مليون صوتوا للبقاء سيجعل بريطانيا العظمى دويلة صغرى بدون عاصمة، لأن سكان لندن صوّتوا مع الوحدة.

و«نيكولا ستورجيون»، رئيسة وزراء سكتلندا، توقعت إعادة الاستفتاء على انفصال اسكتلندا عن بريطانيا، بعد أن أزال الخروج من الاتحاد الأوروبية سبب عدم انفصال الاسكتلنديين عام 2014، وتحدثت عن تقدم سكتلندا لعضوية الاتحاد. لماذا إذن تهدد «ستورجيون» باستخدام الفيتو ضد خروج بريطانيا عن الوحدة الأوروبية؟.. هذه خلطة علاقات الحب والكراهية بين السكتلنديين والإنجليز. وإذا وقع المحذور، وانفصلت سكتلندا سنرى في مفاوضات رسم الحدود التي ستستغرق سنين «السكتلندي يأخذ كل ما يستطيع أخذه، وأكثر من ذلك قليلا»، حسب المثل السكتلندي.

وإيرلندا الشمالية، المنطقة الوحيدة في بريطانيا المحاذية لأوروبا صوّتت على البقاء في الوحدة. ويعيد هذا المشهد الهزلي فتح ملفات النزاع الدموي الذي دام قروناً لنيل الإيرلنديين استقلالهم عن بريطانيا. وكمشهد طواحين الهواء في رواية «دون كيخوتة»، صَوّتَ سكان شبه جزيرة «جبل طارق» بالبقاء ضمن الوحدة الأوروبية، وسارعت إسبانيا إلى عرض صفقة حكم مشترك إسباني بريطاني لشبه الجزيرة، التي اقتطعتها بريطانيا بالقوة في القرن الثامن عشر.

واستعادت بريطانيا هيبتها الإمبراطورية بإطلاق «قاعدة الدومينو» التي لا تهدد «الوحدة الأوروبية» فقط، بل بلدان الوحدة أيضاً، ومعها الولايات المتحدة، حسب «نيويورك تايمز». ولن تفسر يافطات «الشعبوية» أو «اليمين الجديد» سرّ قوة الجماعات التي صوتت للخروج، وعلاقاتها بحركات الاحتجاج على العولمة، وتهافت وفساد الطبقات السياسية. ولا يقتصر «جنون البقر» على تسليم مقاليد الحكم لعمدة لندن السابق الهزلي «بوريس جونسن»، بل قد يلقي بباريس في أحضان «مارين لوبين» التي طردت أباها حالما تسنمت رئاسة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف، وربما يضع واشنطن في قبضة «ترامب»، الذي بدأ حملته لانتخابات الرئاسة بالدعوة لطرد مهاجري أميركا اللاتينية، وبناء جدار عازل مع المكسيك، ومنع المسلمين من دخول أميركا.

ويختتم «جنون بقر» السياسة البريطانية أربعين عاماً من انضمام لندن لنواة الاتحاد، «السوق الأوروبية» من دون أن ترفع، كباقي الأعضاء، علم الاتحاد، ولا استخدمت عملته «اليورو»، وما التزمت بنظام سمة «الشينجن» الذي يتيح لحامليها دخول جميع بلدان الاتحاد. والمضحك في جواز السفر البريطاني الحالي عنوانه المكتوب بحروف صغيرة «الاتحاد الأوروبي»، وتحته بحروف كبيرة «المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية»، ولن يكلف إلغاؤه سوى دمغة سوداء تغطي عبارة «الاتحاد الأوروبي»!

زورق مطاطي مستدير يُلوِّح ركابه بأطواق النجاة، ومكتوب عليه «لاجئون بريطانيون». ظهرت الصورة في «واتسآب» أسرتنا، التي ساهمت في شتاتها بريطانيا عبر احتلالها للعراق مطلع القرنين، الحاضر والماضي. وانطلقت التعليقات المرحة: من السويد رَّحَبّ حفيد الأسرة «بيشو» باللاجئين: «نحن هنا من أجلكم». ومن لندن نصحت الشقيقة، المنتجة في «بي بي سي» بالهجرة إلى كندا، حيث أفراد العائلة، كرئيس الوزراء «ترودو» يستقبلوكم بالأحضان. وأهلنا في عمان يسألون: «عيني إحنا وين نروح؟». الجواب: «ابقوا مكانكم جايز تصير هجرة معاكسة». وأنا أفكر بالنزوح إلى سكوتلندا، منذ شاهدت حفيد الأسرة «إبراهيم» يرقص في عرس زواجه من فتاة سكتلندية على موسيقى «الأنابيب»، مرتدياً التنورة السكتلندية

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.