اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

"صدمة المستقبل" العربي والعالمي// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

"صدمة المستقبل" العربي والعالمي

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

«خلال العقود الثلاثة الباقية على بداية القرن الحادي والعشرين، سيصطدم الكثير من عقلاء الناس بالمستقبل، وسيجد الكثيرون من أبناء أغنى الأمم وأكثرها تقدماً عناءً أكثر فأكثر في الوفاء بمتطلبات التغيير المستمر الذي أصبح علامة مميزة لعصرنا، أو بعبارة أخرى، فإنه بالنسبة لهؤلاء، سيصل المستقبل بأسرع مما كان منتظراً». بهذه السطور افتتح الكاتب الأميركي «ألفين توفلر» كتابه «صدمة المستقبل» الذي تُرجم حال صدوره عام 1970 إلى معظم لغات العالم، بما فيها العربية. ولم يتوقف حتى اليوم صدور طبعات جديدة من الكتاب، مثلما لم يتوقف تحقق تنبؤاته بصدد تغيرات خارقة في حياة الناس والمجتمعات يحدثها الكومبيوتر، والإنترنت، ووسائل الاتصالات، واستنساخ الكائنات الحية، وهندسة الجينات، كما لم يتوقف تصادم الآراء حول «صدمة المستقبل».

وفاة «توفلر» نهاية الشهر الماضي جدّدَت صراع الأفكار المتفائلة والمتشائمة بصدد «صدمة المستقبل»، هل تدمر الثورة العلمية التكنولوجية حياة الناس والمجتمعات، التي تخفق في مجاراتها، أم «أننا نصنع مجتمعاً جديداً، ليس مجرد صورة مكبرة من مجتمعنا الراهن، بل مجتمعاً جديداً». تصورات مماثلة أثارها كتاب «صدمة المستقبل» في العالم العربي، حيث صدرت طبعته الأولى في القاهرة عام 1973. أحمد كمال أبو المجد، وزير الإعلام آنذاك كتب في مقدمة الكتاب «والعالم العربي الذي ظل سنوات طوالاً يعيش في رتابة واستقرار، يحتاج اليوم إلى مثل هذا الكتاب، وذلك بما يولده التأمل في صدمة المستقبل من إحساس أكثر إرهافاً بحركة العالم حوله». هذه النظرة التقليدية السائدة حتى اليوم يفوتها أننا لسنا في حال تأمل، وأننا إنْ لم ننتج تكنولوجيات «صدمة المستقبل» فهي أنتجتنا، وربما أكثر من أي منطقة بالعالم، فالعربات والقطارات والطائرات، التي غيّرت العالم كلية، ما كان يمكن أن تكون لولا وقود النفط المدفون في الأرض العربية منذ مليارات السنين.

هكذا ترَددّت أصداء «صدمة المستقبل» في العراق، عندما نَشَرت عام 1977 صحيفة «طريق الشعب» التي يصدرها «الحزب الشيوعي العراقي» حلقات من دراستي «الإنسان العراقي والتكنولوجيا»، ثم توقفت، بسبب تصور رئاسة تحرير الصحيفة آنذاك مخالفة الآراء الواردة فيها للعقيدة الماركسية. وتبَنّى بحثي الروائي السعودي عبدالرحمن منيف في مجلة «النفط والتنمية» التي كان يرأس تحريرها في بغداد، وفيها ظهر القسم الثاني من بحثي وعنوانه «هكذا دخلت الثورة الصناعية بلاد ما بين النهرين». وصادف نشر البحث صدور قرار مجلس قيادة الثورة بتوقيع نائب الرئيس صدام حسين بعزلي مع نحو خمسين عاملاً في الإعلام والجامعات، ضمن خطة «تبعيث» الأجهزة الفكرية والتربوية. فغادرتُ بغداد لدراسة الدكتوراه في «أكاديمية العلوم السوفييتية» بموسكو، وكان موضوع أطروحتي «الثورة العلمية التكنولوجية والبلدان العربية المنتجة للنفط».

وعند التحاقي عام 2000 للعمل في «جامعة الشارقة» بالإمارات العربية المتحدة رأيتُ رأي العين العالم المدهش الذي تقيمه «صدمة المستقبل». على تخوم الربع الخالي، انبثقت أبراج معمارية سكنية وتجارية، وحدائق، ومدن عصرية، ما كان يمكن أن تقوم من دون تقنيات تحلية مياه البحر، وأنظمة التكييف، والبناء، والاتصالات. هنا حقق تلاحم الإرادة الصادقة والمخلصة والأموال والعلوم والتكنولوجيا ما توقعه «توفلر» من ثورات عمرانية واجتماعية واقتصادية. ويتذكر إماراتيون فتحوا عيونهم على «صدمة المستقبل» كيف قامت أبراجُ وبساتين وبحيراتُ وسط الكثبان الرملية في أبوظبي ودبي والشارقة.

 

وهذه الفقرة الأخيرة من دراستي «جوهر تاريخ العراق والوطن العربي والعالم منذ قيام الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وإلى حد اليوم، هو بالتحديد الثورة الحادثة في القوى المنتجة، والتي تعبر عن نفسها كثورة تكنولوجية، ترافقها ثورة في العلاقات الإنتاجية أيضاً» على صعيد العالم كله. (ماركس، المكائن، بالروسية ص 51).

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.