اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء

محمد الحنفي

المغرب

     

      1) قديما قالوا "الحياء من الإيمان" ونحن نقول "الحياء احترام لكرامة الإنسان". لأن الإيمان، واحترام كرامة الإنسان متطابقان، والإنسان لا تقوم له قائمة إلا  باحترام الآخر، بقطع النظر عن لونه أو سنه أو جنسه أو مستواه المعرفي، أو عرقه، أو لغته. لأن الإنسان إنسان كيفما كان، وأينما كان، واحترام الآخر على أسس موضوعية، هو الذي يكسب الإنسان إنسانيته، وتلك الإنسانية هي العصب الذي يربط بين الناس جميعا وتشكل منهم وحدة متكاملة على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

      2) غير أننا نصاب بالهول العظيم والدهشة المباغتة عندما نجد أناسا يدعون أنهم يعملون على احترام حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ومع ذلك يقومون، ودون حياء، بأمور لا علاقة لها بما يدعون فيصدق عليهم المثل القائل: " إذا لم تستحي فافعل ما شئت". وهذا النوع من المدعين للنضال، يغطون عن أفعالهم المشينة بادعاء النضال من اجل تحسين الأوضاع المادية والمعنوية. وينطلقون من ممارسة الاستبداد المكشوف على الجماهير الشعبية الكادحة التي يتعاملون معها على أنها غبية، وغير معروفة من لدن المدعين للنضال المتنوع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي. وهم في ذلك إنما ينتهزون الفرص، ويعملون على تحقيق ما يمكن من التطلعات الطبقية. لأن هذه التطلعات أو تلك هي محرك الممارسة الانتهازية  التي لا تتوقف أبدا، حتى وأن صار الانتهازي من كبار البورجوازيين.

      3) ومن سمات الانتهازي، حرص الانتهازي على انتهاز الفرصة ما أمكن، حتى تحقيق التطلعات وما فوق التطلعات المنشودة. فالمعلم الانتهازي يستغل نفوذه على التلاميذ ليمارس عليهم الابتزاز. والإداري يمارس الابتزاز على أصحاب الحاجات الإدارية، ورجل السلطة ينتهز الفرص باستغلال نفوذه من اجل ممارسة الابتزاز على المواطنين لتحقيق تطلعاته الطبقية مما يؤدي بالضرورة إلى نشر الفساد الإداري، والطبيب يبتز المرضى في القطاعين العام والخاص. والمحامي يبتز موكليه، والقاضي  يبتز المتقاضين، وهكذا إلى أن يصير الابتزاز السائد في الواقع و متخللا لجميع مناحي الحياة بسبب  ممارسة الانتهازيين.

      فانتهاز الفرص المواتية يصير هاجسا يوميا في سلوكك الخاص والعام على السواء بسبب ما يؤدي إليه ذلك إلى تحقيق التطلعات الطبقية، وكل من لا يمارس الانتهازية لا يمكن أن يكون إلا مغفلا في مجتمع محكوم بممارسة الانتهازية التي تقف وراء تراجع القيم النبيلة والمتقدمة في المجتمع المغربي.

      4) ومن سمات الانتهازي أيضا إظهار خلاف ما يخفي قبل الإقدام على الممارسة الانتهازية. لأن أهم ما يهتم به الانتهازي هو حرصه على ثقة الناس به وعمله على ادعاء النضال والإخلاص فيه في الإطارات النقابية والجمعوية، والحقوقية، والحزبية حتى يصير موثوقا به، وحينها يمارس انتهازيته بشكل مفضوح متقمصا منطق التبرير حتى يتأتى إقناع المعنيين بادعاء النضال بالشروط التي تجعله يعمل بخلاف ما يدعي.

      وممارسة كهذه لا تحضر فيها مصلحة الجماهير الشعبية الكادحة، لا يمكن أن تخدم العمل النقابي، ولا العمل الجمعوي، ولا العمل الحزبي، ولا العمل المهني، ولا أي شيء آخر بقدر ما يخدم المصلحة الانتهازية المتمثلة في تحقيق  التطلعات الطبقية.

      والانتهازي عندما يدعي خلاف ما يمارس إنما يقوم بممارسة التضليل المادي والمعنوي على الجماهير الشعبية الكادحة المعنية بالادعاء مما يؤدي بالضرورة إلى تكريس التخلف على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. كما يجعل الجماهير الشعبية الكادحة، معنية بفقدان الثقة بالإطارات النقابية والجمعوية والحقوقية والحزبية التي يقودها الانتهازيون، مما يجعل الحركة النقابية والحركة الحقوقية والحركة الجمعوية، والحركة الحزبية فاقدة للامتداد الجماهيري الواسع.

      5) و الانتهازيون يستغلون غياب الوعي عند الجماهير الشعبية الكادحة، وعند الطبقة العاملة وسائر أفراد الشغيلة بالخصوص لتمرير ممارستهم الانتهازية التي تتحول إلى "ممارسات نضالية" بفعل التضليل الذي يمارسه هؤلاء الانتهازيون.

      وقد كان في إمكان هؤلاء الانتهازيين القيام بإيصال الوعي الطبقي الحقيقي إلى سائر الكادحين، إلا انهم لم يفعلوا ذلك ولن يفعلوه، لأنهم يدركون جيدا أنه يتناقض مع انتهازيتهم، وأن هذه الانتهازية لا يمكن أن تتعايش مع انتشار الوعي  الطبقي الحقيقي  الذي يقف سدا منيعا أمام العمل على تحقيق التطلعات الطبقية.

والانتهازيون عندما يدعون قيادتهم النضال الطبقي الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، ويظهرون و كأنهم يعملون على بناء جسور قوية يمكن أن يمروا منها إلى الضفة البورجوازية الإقطاعية المتخلفة التي يحتمون بها ويعملون على هدم كافة الجسور التي تربطهم بالطبقة العاملة وبسائر الكادحين حتى لا يكون هناك ما يدعو إلى قيام ارتباط عضوي مع الكادحين، وتصير علاقة الكادحين مع الانتهازيين علاقة تناقض طبقي حقيقي بعد أن يحقق الانتهازية عن طريق النضال النقابي والنضال الحزبي والنضال الحقوقي والنضال الاجتماعي والثقافي والسياسي تطلعاتهم الطبقية، وينكشف أمر انتهازيتهم أمام الطبقة العاملة وأمام سائر الكادحين، والأمثلة كثيرة في هذا المجال وما حصل خلال التسعينيات من القرن العشرين، وفي بداية القرن الواحد و العشرين خير دليل على ذلك.

      6) و نظرا لهمجية الممارسة الانتهازية فإن التطلعات الطبقية يمر عبر دوس كرامة الكادحين وكرامة الإنسان في نفس الوقت. لأن الإنسانية في عرف الانتهازيين، وفي ممارستهم اليومية غير واردة. ولذلك نجد أنهم لا يطالبون ب :

      أ- تحقيق المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، إلا بالقدر الذي يمكن من تحقيق بناء الجسور الوطيدة مع الطبقة الحاكمة التي تقوم بتقديم المزيد من الامتيازات للانتهازيين نظرا لدورهم في تضليل الكادحين.

      ب- تحقيق الديمقراطية بمضمونها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي سعيا إلى تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لأن تحقيق الديمقراطية، وبذلك المضمون يتناقض مع سعي الانتهازيين إلى ممارسة الطبقية التي  تمكن من التمتع بالامتيازات التي تساعدهم على التموقع إلى جانب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.

      ج- احترام حقوق الإنسان كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. والعمل على اجرأتها من خلال الدستور، ومن خلال القوانين المحلية والوطنية، ومن خلال أنظمة مختلف الهيئات المحلية والوطنية حتى تصير حقوق الإنسان قائمة في الواقع  الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي. لأن احترام حقوق الإنسان يتعارض تعارضا مطلقا مع اللجوء إلى الممارسة الانتهازية ويشكل عرقلة أمام تحقيق التطلعات الطبقية.

      د- إجراء انتخابات حرة ونزيهة انطلاقا من قوانين تضمن تلك النزاهة، وتعمل على إفراز ممثلين معبرين فعلا عن احترام إرادة الشعب المغربي، وانتخابات من هذا النوع لا ترضي الانتهازيين، ولا تسمح لهم بممارسة العمالة الطبقية التي تمكنهم من القبول بتزوير إرادة الشعب المغربي من اجل الوصول إلى المؤسسات المنتخبة باعتبارها  مطية لتحقيق التطلعات الطبقية.

      ه- إيجاد حكومة منبثقة عن صناديق الاقتراع حتى تكون مسؤولة أمام ممثلي الشعب الحقيقيين الذين يقومون بمحاسبتها انطلاقا من البرنامج المعتمد والمصادق عليه في المؤسسة  البرلمانية. لأن حكومة كهذه، لا يمكن أن تقبل  أبدا بالممارسة الانتهازية مهما كان مصدرها حتى لا تخضع للمحاسبة العسيرة، ومن اجل أن يستمر الانتهازيون في البحث عن الفرص التي تمكنهم من تحقيق تطلعاتهم الطبقية.

      وانطلاقا من رصدنا للممارسات الانتهازية التي يحرص الانتهازيون على القيام بها، وعن سبق إصرار و ترصد، فإننا نخلص إلى ما ابتدأنا به هذه المقالة من أن الانتهازيين ليست لديهم ذرة واحدة من الحياء، لأنهم لا إيمان لهم بمصالحهم الطبقية التي يعملون على تحقيقها بطريقة انتهازية. و لذلك فهم يفعلون ما يشاءون :

أ‌-    بالعلاقات الاجتماعية التي تصير في خدمة انتهازيتهم.

ب- بالعلاقات المهنية التي يوظفونها لتحقيق التطلعات الطبقية.

ج- بالمنظمات النقابية التي يحولونها إلى مجال للممارسات الانتهازية في العلاقة  مع الشغيلة، وفي العلاقة مع الإدارة في القطاعين العام والخاص.

د- بالجمعيات الثقافية التي يوظفونها كمجال للممارسة الانتهازية.

ه-  بالجمعيات الحقوقية التي تصير وسيلة لممارسة الابتزاز على الجهات المنتهكة لحقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية على حساب ضحايا الخروقات المختلفة.

و- بالأحزاب السياسية التي تصير مجرد مطية للوصول إلى تحقيق التطلعات الطبقية عن طريق الوصول إلى المؤسسات المنتخبة.

فهل يمكن نسج وعي متقدم للحد من تأثير الانتهازية على الواقع ؟

 

ابن جرير في 10/09/2005

 

محمد الحنفي

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.