اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

هل سوء الاختيار له علاقة بستر الفساد؟// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

هل سوء الاختيار له علاقة بستر الفساد؟

عادل نعمان

مصر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

صحيح ليس من العدل أن نأخذ الناس بالشبهات، فهذا مخالف للدين وللقانون، لكننا أيضا إذا تكاسلنا عن التحقق من الشبهات نكون قد خالفنا الأعراف والضمير، والسكوت عنها دون تأكيدها أو نفيها يهز ثقة الشعب فى حسن نوايا النظام، وفى صدق رغبته فى رفع المعاناة عن كاهل الشعب. إن ستر النظام لمسؤول تثار حوله الريبة، ظنا منه أنه يحمى كيانه من الانهيار، هو أبلغ إساءة للنظام ذاته، وللمرحلة ذاتها وتصيبها بالعطب والتصدع مهما كانت صور النجاح فيها، والأشرف لأى نظام أن يتهم بسوء الاختيار من أن يتهم بفساد رجاله، أو اتهامه بالتكاسل فى التحقق من الشبهات التى تثار حول أحد أركانه، وكلا الاتهامين على سوء واحد، فهو بداية شرعنة الفساد، وإباحة وجوده بل وحمايته وعدم السيطرة عليه، وتبريره وانتشاره بين كل الفئات وكل العاملين على كل المستويات. وياويل نظام يدافع عن اختياره الفاسد والفاشل بغض الطرف عن فساد رجاله. لا أظن أن الدولة المصرية ونظامها جادة فى محاربة الفساد، الذى بدأ يأكل ورقة التوت التى تستر عورته وعورة المجتمع، بل هى محاربة انتقائية وغير جادة، فلم يعد الفساد مستترا بل أصبح دعارة مقننة، معترفا ومصرحا بها دون خجل أو مواربة، وأصبح يمارس فى العلن دون حياء أو ستر، فكيف لهذا المجتمع الذى يساعد أبناءه على الغش الجماعى فى الامتحانات ببجاحة، ثم يصبح هذا الغشاش أمينا على صحة المواطنين، أو حفيظا على أرواحهم وممتلكاتهم، أو قائما على الحكم بينهم، ثم يشكو المجتمع ذاته يوما ما من سوء تشخيص المرض، أو الفشل فى العلاج، أو من فساد الذمم وخرابها، أو من تقصير الأمن وانشغالهم بأعمالهم الخاصة، أو الخلل فى ميزان العدل، وينسى المجتمع أنه صانع هذا الخراب وهذا الدمار، وهو الذى دفع بالغشاش والمزور إلى المنصب الذى يشكو منه. إن كارثة الكوارث أن يباح الفساد فى المجتمع، ويصبح وسيلة المظلوم فى الحصول على حقه من يد الفسدة والمفسدين، ويصير الغش والفساد مندوحة لايخجل المواطن منها إذا وقف حائرا بين حق هو فاقده، وفساد مسؤول يلتهم حق شعب بأكمله دون تحقيق أو مساءلة. لم يكن القبض على وزير الزراعة صلاح هلال هو بداية محاربة الفساد بل كان بداية تفشى الفساد وتقنينه حين شعر الناس بهزلية وعبثية المشهد برمته، وانتهاء المشهد بخروج صانع الفساد ذاته من القضية بالبراءة لكونه شاهد ملك، والله أعلم كيف كذب ودلس ولبس التهمة كاملة للوزير وخرج منها بقانون يساعد على الفساد. (على المشرع المصرى إلغاء هذا القانون الجائر، والذى يخرج أحد أطراف القضية منها لمجرد شهادته على طرف آخر، فهذه مخالفة دستورية صريحة).

إن قضية الرشوة الشهيرة لمستشار وزير الصحة وصديقه، من إحدى الشركات التى تقوم بتوريد المستلزمات الطبية لمستشفيات الوزارة وحيث تم ضبطه مرتشيا فى مكتبه، كان من العدل والإنصاف إقالة وزير الصحة فورا لمسؤوليته السياسية عنه، وحتى نضمن حيدة التحقيقات وظهور المستندات والأسرار التى سيتم إخفاؤها مجاملة للسيد الوزير وصديقه، ولا أدرى لماذا السكوت عن هذا؟

 

تليها قضية الفساد الكبرى فى أعرق الوزارات فسادا وتسيبا وهى وزارة التموين، والمسؤولة عن قوت الشعب وغذائه، وهى ذات القضية التى تتكرر كل عام بنفس الوجوه ونفس العيون فى الوزارة والتى تغمض عينيها عنها كل عام، وهى قضية التوريدات الوهمية للقمح فى صوامع وشون قطاع الأعمال والقطاع الخاص، فليست هذه الكارثة باكورة هذا العام فقط، بل تتكرر منذ أعوام، مليارات الشعب المسكين تنهب أمام المسؤولين وتحت سمعهم وأبصارهم. وكنا وغيرنا نتساءل كيف يتم توريد الأقماح بكميات تزيد عن الإنتاج المزروع؟ وللأسف لم يسأل أحد المسؤولين نفسه هذا السؤال البسيط، إلا إذا كان عالما بها ومستفيدا منها. التوريدات تتم بصورة وهمية للشون، وتصرف كميات الدقيق وهمية أيضا للأفران، وتوزع أرغفة الخبز الوهمية على الشعب أيضا، وتصب هذه المليارات من أموال هذا الشعب المسكين فى جيوب الفاسدين من المسؤولين فى وزارة التموين والتجار ورجال الأعمال. أليس من العدل والإنصاف إقالة كل المسؤولين عن هذه الفضيحة حتى يشعر الشعب بالثقة فى نظامه، ونضمن نزاهة التحقيقات وعدم التأثير عليها فى ظل وجود هؤلاء المسؤولين، ليس هناك فارق بين رشوة وزارة الصحة وسرقة قوت الشعب، فالأولى مقابل توريد معدات وأدوية وهمية لمخازن الوزارة، والثانية مقابل توريدات وهمية للأقماح إلى شون وزارة التموين. (فلو فتحنا ملفات التوريدات الحكومية سنجد مليارات الشعب توريدات وهمية أيضا، بالمناسبة ماذا عن توريدات معدات الصرف الصحى إلى مخازن محافظة الإسكندرية بملايين الجنيهات وغير الصالحة للاستخدام وتم كشفها فى حادث غرق الإسكندرية الأخير؟).

أما عن المفاجأة الأخيرة وهى إقامة وزير التموين فى فندق سميراميس التى لم تكن غائبة عن عيون الأجهزة الرقابية. ألم يكن من العدل التحقق عن هذا الموضوع فى حينه وهل هو مقيم على نفقته الخاصة فمن أين؟ وهل هو مقيم على نفقة أحد رجال الأعمال، أو على حساب الغرفة التجارية، فلماذا؟ من المسؤول عن تأجيل خروج ملفات الفساد للشعب ولماذا يتم التأجيل عمدا؟ كل هذا يؤكد أن محاربة الفساد فى بلادى انتقائية وعبثية وغير جاد ولهدف وهوى وليس لمصلحة الأمة.

 

 

"المصري اليوم"

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.