اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الاضراب احد أشكال الاحتجاج السلمي// جاسم الحلفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الاضراب احد أشكال الاحتجاج السلمي

جاسم الحلفي

 

من المعروف ان الاعتراف بالحق في الاضراب لم يتحقق بسهولة وسلاسة، بل انه انتزع انتزاعا  في غمار كفاح مرير وطويل خاضته الشعوب من اجل حقوقها، وقدمت في سبيل ذلك تضحيات جساماً ولم ترضخ سلطات الحاكمين وتعترف بهذا الحق لولا النضال العنيد الذي خاضته اجيال الشغيلة والكادحين، منذ تقسيم العمل وظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وانقسام المجتمع على وفق ذلك إلى طبقات، وبروز التفاوت بين الطبقات والفئات الاجتماعية.

وحسب عالم المصريات الدكتور أحمد صالح، كان العمال الفراعنة اول من خاض الاضراب، احتجاجا على عدم صرف مستحقاتهم. وكان ذلك عام 1154 قبل الميلاد، في أواخر عصر الملك رمسيس الثالث، أي قبل 3168 عاما، وقد سجلت أحداث هذا الإضراب والاعتصام في بردية تسمى "بردية تورين" وهي موجودة حاليا في إيطاليا.

ولا يمكن نسيان الصراع الطويل من اجل تشريع الحق في الاضراب، الذي خاضته الحركة الاجتماعية في فرنسا. فقد كان القانون الصادرعام  1825 يعتبر التوقف عن العمل (الاضراب) جريمة، وبقي القضاء يعاقب من يلجأ الى ممارسة الاضراب رغم ان النص المذكور الغي في عام 1864. ولم يتغير الحال الا حين اعترف دستور الجمهورية الرابعة في فرنسا اعترافا صريحا سنة 1946بمشروعية حق الإضراب. لكن الدستور المكسيكي يعتبر أول دستور في العالم ضمن حق الاضراب.

ونصت المادة (8/1/د)  من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على "حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعنى". وبذا اصبح حقا تضمنه العهود والمواثيق والقوانين الدولية.

وشهد تاريخ الحركة السياسية والنقابية في العراق الحديث، حركة اضرابات عمالية وشعبية عامة واسعة، فلم تكن تمر سنة دون اندلاع اضرابات في هذا المرفق او تلك المدنية، سواء كانت اضرابات جزئية او محدودة او عامة، رغم عدم وجود تشريعات تنظم ذلك. فقد فرض الاضراب نفسه كأسلوب كفاحي ضمن اساليب الكفاح السلمية.

الا انه مع صعود سلطة البعث الدكتاتورية التي اتبعت سياسة البطش والتنكيل ومصادرة الحقوق، انحسرت ممارسة الحق في الاضراب الا بحدود ضيقة جدا. ويمكن الاشارة في هذا الصدد الى اضراب عمال شركة الزيوت النباتية في تشرين الثاني 1968، الذي اظهر قوة الحركة العمالية العراقية وروحها الكفاحية.

وقد استبشرت الحركات الاجتماعية عندنا بالتغيير الذي حدث في عام 2003، آملة ان يضمن الحقوق ويصون الحريات ويوفر الضمانات. لكن توازن القوى لم يكن كما يبدو في صالح قوى التحرر والعدالة الاجتماعية. فبعد ان ضمن قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية عام  2004 حق التظاهر والاضراب، وذلك في الفقرة (هـ) من مادّته الثالثة عشرة، التي نصت على ان "للعراقي الحق بالتظاهر والإضراب سلمياً وفقاً للقانون"، فان لجنة صياغة الدستورالدائم، وبتأثير القوى المتنفذة التي كانت تسعى الى تثبيت نهج المحاصصة، وزرع الالغام والصياغات الملتبسة في مواد الدستور، بما يمكنها من الامساك بالسلطة وإدامة مواقعها المتحكمة فيها، عمدت الى رفع كلمة "الاضراب"، معللة ذلك في مجرى النقاشات بالادعاء ان حق التظاهر يعني كل اشكال الاحتجاج، استنادا الى اشارة نص الفقرة اولا من  المادة 38 الى "حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل".

 

وستجعل الحركة الاجتماعية العراقية الاضراب، انسجاما مع تاريخ كفاحها المشرف من اجل الحقوق والحريات، ممارسة سلمية في سياق النشاط الاحتجاجي المشروع، اسوة بما تفعل الشعوب الاخرى. فيصبح امكانية يختارها الشعب في كفاحه، كلما وجد ذلك ضروريا.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.