اخر الاخبار:
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

نوري المالکي ومحاکم التفتیش في جمهورية الفساد// د. سامان سوراني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

نوري المالکي ومحاکم التفتیش في جمهورية الفساد

د. سامان سوراني

 

رغم أن تاریخ محاکم التفیش أو مایسمی باللاتینیة بـ "Inquisitio Haereticae Pravitatis" یرجع الی أكثر من ستة قرون، محاکم أنشئت أصلاً من قبل الکنیسة الکاثولیکیة لقمع ومحاربة الهراطقة وأصحاب البدع والردة أوالمؤمنین بالسحر، إلّا أنها أستخدمت وخاصة في فرنسا كأداة سیاسیة ضد المناوئین لحکم الملك فیلیب الرابع المعروف بـ "Philippe Le Bel" (١٢٦٨-١٣١٤).

هذه الوسیلة إذن لیست من إبداعات نوري المالكي، الذي لایمُت بصلة الی الإصلاح، رغم أنه یصرّ بأنه مالك مفاتیح الإصلاح في البلاد ، وظیفته ومهمته الأساسیة هو بناء "العراق الموحد" وإخراجه من براثن الجوع والفقر والبطالة والجهل.

لقد حکم شخصه العراق فترة ثمانیة أعوام (٢٠٠٦-٢٠١٤). أما مدة حکمه فقد کانت ملیئة بالفساد المالي والاداري وحتى العسکري، إستخدمهو خلالها شبکة مافیویة تنشر ثقافة الفساد في جسد المجتمع العراقي لتسیر أخیراً في شریانە سریان النار في الهشیم. إن سیاسة إستجواب وزراء کفوئین في الحکومةلابتهمة الفساد من قبل مجلس الوزراء في بغداد مبرمجة ومدعومة من قبل تلك الشبکة العنکبوتیة للمالکي، مآلها ضرب الکیانات التي تقف حجر عثرة أمام ستراتیجیتها بغیة تغلیب المصالح الفئویة الضیقة لحزب الدعوة وضمان بقاء سلطتها وإستمرارها. إن الغریب في أمر العراق هو إصدار المجلس الوطني قانون العفو الذي قرر العفو العام عن جمیع جرائم الفساد المالي والإداري في نفس الیوم، الذي قام فیه المجلس بسحب الثقة من وزیر المالیة وإقالته برلمانیاً. إن إختیار وزیر المالیة المنتمي الی قیادة الحزب الدیمقراطي الکوردستاني الحامل لرایة إستقلال کوردستان لم یکن ولید الصدفة، فالهدف معلوم للعیان. إنه سعي غير ناجح من أجل إحداث شرخ في وحدة الصف الکوردي المتواضع وتوجیه ضربة الی ذلك الحزب المناضل الذي وقف أمام تمدید الولایة الثالثة لنوري المالکي.

ولیعلم القاریء بأن أصحاب المحاکم التفتیشیة في العراق هم من قاموا بإفراغ الخزينة العراقية وهم من سلّموا ثلث العراق لداعش وهم من استوردوأ اجهزة كشف المتفجرات الفاشلة وهم من كانوا وراء عقود وصفقات محطات توليد الكهرباء الغیر منتجة للکهرباء. هؤلاء العصابات قاموا مدة ثمانیة أعوام بالاستحواذ على كل السلطات الثلاث وحتی على المال العام والإعلام، وكذلك على المجتمع، وهم من همشوا الأطراف الکوردستانية والسنية وإحتقرا الدستور والقوانين والأعراف والتقاليد وأهتموا بالعناصر الانتهازية ووعاظ السلاطين والمدّاحين.

ما إستنتجناه من المالکي خلال حکمە هو رغبته القوية في التخلص من کل مناهض له ولحکمه. فهو الذي واجه الحرکات الشعبیة المطلبیة بالغضب والعنف وبدأ یشوه سمعة تلك الحركات وقام بالإساءة الیها وملاحقة قیادییها.

أما تحرکاتە السیاسیة الأخيرة ومعه الحشد الشعبي المدعوم عدةً وعتاداً من إیران والفاعل بأمر من إيران أیضاً، لأن مرجعيتهم الدينية ليست بالعراق وليست بالحوزة الدينية بالنجف، ولي، بل بالحوز الدينية بمدينة قم بإيران، فهي تأتي بعد إعطاه الضوء الأخضر من قبل ولایة الفقیه في طهران. هذه التحرکات الجدیدة محاولات عقیمة لتبییض وجهه الأسود أمام الشعب العراقي بشکل عام والشعب الکوردي بشکل خاص، یهدف المالکي من خلالها ترشيح نفسه مجدداً لدورة جديدة لرئاسة وزراء العراق.

إن الإصلاح في جمهوریة الفساد يقتضي إعادة النظر في مسألة المصداقية المعرفية، بعيدة عن التعامل مع المعرفة بصورة أحادية نخبوية وهو يقتضي أيضا أن تشكل ثقافة مضادة للهدر، تفتح الإمكان لاستغلال الموارد بصورة مثمرة وفعالة، بالإضافة الی خلق الفرص لأفراد المجتمع للمشاركة في إغناء وتطوير صيغ العقلنة وقيم التواصل وقواعد الشراكة الحقيقية. فقولبة وتدجين وتعبئة وعسكرة المجتمع لا تعود بالنفع علی البلاد والعباد ولا يمكن أن يكون هاجس الحفاظ علی الولاية والسلطة أولی من الحقيقة والعدالة.

وختاماُ نقول:من کان قادراً علی إلقاء خطب مليئة بالتهديد والإتهامات الباطلة والشعارات القوموية المستهلكة ومن کان مبدعاً في خلق العداء بين الكيانات الرئیسية في العراق ومن شنّ في خطبه حرباً ضد حكومة وشعب كوردستان ومن لم یکن خلال ثمانیة أعوام من القیادة والسلطة المطلقة علی اجتراح الإمكانات لتأمين فرص العمل وأسواقه وشبكاته، أو لتحسين شروط العيش لأوسع الفئات من الشعب العراقي ومن أتی في السابق بحجج مموهة أو مغلوطة أو واهية ترمي الی التغطية والمساویء، متهماً الغير لفشله السياسي والعسکري، حاملاً المسؤولية عليه، هارباً من استحقاقات الكيانات وإيجاد الحلول للمآزق والكوارث والحروب والويلات، بإختراع أعداء، سوف یهدف في المستقبلالی دفع عجلة تفاقم المشكلات واستعصاء الحلول نحو الأمام، فهمّهُ هو إنتاج أناس مدرّبین علی إتقان لغة التصديق والتصفيق والتهليل، كأرقام في حشد أعمی أو كأبواق ترجِّع صدی الخطب والكلمات، أو كدمی يتم تحريكها عند إعطائها كلمة السر. إنها الثمرة الوحیدة و ما ینتظر من عراق المالکي تحت ظل محاکم التفتیش.

الدکتور سامان سوراني

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.