اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

جيوش الأتراك داخل بيتنا – مليون سؤال وبضعة استنتاجات// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

جيوش الأتراك داخل بيتنا – مليون سؤال وبضعة استنتاجات

صائب خليل

14 تشرين اول 2016

 

لو شاهدنا المقابلات التي تجري مع الساسة الترك، فإننا لا ندهش من الفاظ إردوغان. استمعوا لهذا الفلم القصير(1) او لهذه المقابلة الأطول(2) والتي تكشف طبيعة النظرة التركية إلى العراق، واللجوء إلى اغرب التبريرات لهذا العدوان الوقح. ومثلما فسر عملاء أميركا رفض معاهدة الصداقة بأنه بتأثير إيران، فان تركيا، بعد ان افتقدت لأية حجة، تتحجج أيضا بالتدخل الإيراني!

والحقيقة أنى، وبقدوم حكومة روحاني التي تعتمد مساندة تجار البازار، وتوقيعها الاتفاق النووي المخزي مع اميركا، وتدخلها وبنفس الاتجاه الأمريكي في ازمة البرلمان العراقي، فإني لا اثق بها ابداً ولكن السؤال هنا هو ما هي علاقة تركيا بالتدخل الإيراني حتى لو صح؟

 

وما هو بالضبط التدخل الإيراني الذي تتحدث عنه تركيا؟ هل هو دخول جيش إيراني اخترق الحدود ويرفض الخروج بعد قرار برلماني يعتبره قوات عدوة؟ ولو فرضنا أنه كانت هناك قوات إيرانية بموافقة الحكومة العراقية، فهل من حق دول الجوار ان تحتج ما لم تكن تلك الجيوش تستعمل الأراضي العراقية للهجوم على أولئك الجيران؟ هل يحق للعراق مثلا ان يدخل قوات عراقية في تركيا إن هي أدخلت مستشارين عسكريين إسرائيليين إلى اراضيها، والذين يمثلون خطرا واقعيا على العراق ودولتهم تعلن ان العراق عدو لها، وهو ما لم يحدث ابدا بين إيران وتركيا؟ ولماذا إذن اسقطت تركيا الطائرة الروسية بعد دخولها الحدود التركية (حسب ادعاء تركيا الذي نفته روسيا وحلفاء تركيا نفسهم) لمدة 17 ثانية؟ أولم تدخل تركيا حلف الناتو على أراضيها منذ الأزل لتشكيل قوة معادية للسوفييت ثم روسيا؟ الا يحق لروسيا الدفاع عن نفسها وفق نفس المنطق؟

 

لكن لنسأل اولاً: هل ان تركيا تعتبر إيران خطراً عليها؟ هل هي في حرب معها بحيث ان التدخل الإيراني يشكل خطرا على تركيا؟ هل من حق إيران مثلا ان تدخل قواتها في تركيا باعتبار انها سمحت بتدخل قوات الناتو؟ علما ان قوات الناتو تشكل بالفعل تهديدا خطيرا لإيران (مثلما هو لروسيا)؟ وفي الحقيقة، لو بحثنا قليلا، لوجدنا انه وفق هذا المنطق فإن لجميع جارات تركيا الحق باختراق حدودها بقواتهم العسكرية لان هذا البلد يحتضن اعداءاً لجميع من يحيط به من دول، وأولها جاراته العربية!

إن خير طريقة لكشف مدى النفاق في هذا المنطق وانعدام الحجة، هو النظر إلى العلاقات التركية الإيرانية والتي تعبر عنها تصريحات رئيس الوزراء التركي السابق دواود أوغلو قبل ستة اشهر حين قال أن بلاده تسعى إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين بلاده وإيران، ليصل إلى 50 مليار دولار خلال الثلاث أعوام القادمة!(3)

 

وأين كانت تركيا حتى في دعم سكان كوباني التي تركتها فريسة سهلة لداعش؟ وإن كانت تركيا تدعي القدوم لمساعدة السنة العرب فأين كانت من كوارث السنة مع داعش التي ادخلتها تركيا بلادهم وأين كانت من تهجير كردستان للسنة العرب من قراهم واحتلالها، علما ان البرزاني من أقرب حلفاء تركيا (خائنا أبناء قومه مرة ثانية بعدما فعلها مع صدام حسين) ويدعمها في حربها على كرد البي كي كي، تماما مثلما دعم صدام في حربه على كرد الطالباني؟

يتحدث السياسي التركي في البداية عن اتفاق مع العبادي وحين يطالب بالوثائق ويسال لماذا لم تقدمها تركيا يتحدث عن تسجيل يطلب فيه العبادي الدعم من تركيا! وحين يحاصر بضرورة وجود الوثائق لدخول القوات يسعى لدفع الكرة الى ملعب المقابل فيسأل كيف يمكن للقوات التركية ان تدخل خلسة بدباباتها ومدرعاتها وتجهيزاتها. وطبعا السؤال وجيه، لكن ليس في هذا السياق. وجوابه هو ان في العراق يحكم عدو للعراق اسمه مسعود البرزاني وهو مستعد لإدخال إسرائيل وتركيا وكل حلف الناتو، إن وعدوه بسحق العراق، او امروه بتسهيل مرورهم. كما ان للعراق أعداء مكلفين بتمزيقه ارباً هم الأمريكان الذين اداروا عملية إدخال داعش والقوات التركية وضربوا الجيش والحشد، وهم يعاملون من قبل الحكومة الرعناء كأصدقاء. وهم بالفعل اصدقاؤها، لكنهم، ومعهم حكومة العبادي التي نصّبوها، أعداء للعراق. ولو ان كل قوة دخلت بلداً دون تمكن حكومته من رصدها او ردعها صارت شرعية لصار العالم يرسم بحدود الدم كما يقول كبير كردستان.

 

لكن دعنا نقول انه كانت هناك وثيقة بالفعل وان العراق وقعها طالبا من تركيا المساعدة، وهو الآن لم يعد يحتاج المساعدة، ويطلب انسحاب القوات، فما الذي يبقي تلك القوات مرابطة ومصرة على البقاء و "المساعدة"؟ وما هي المصلحة التي تحققها من ذلك؟ من هي الجالية التي جاءت تركيا تدافع عن مصالحها ان كان ممثلو جميع الجهات في البرلمان قد صوتوا وبالإجماع على اعتبار القوات التركية قوات عدوة يجب إخراجها بكل الطرق الممكنة؟

 

وإن كانت قد دخلت بالفعل لمقاتلة الـ بي كي كي، فهل تخوض معهم معركة بالفعل؟ ومتى تنتهي من ذلك؟ وما علاقة هذا الأمر بتحرير الموصل؟ هل تحرير الموصل ضمن الأمن القومي التركي في مواجهة البي كي كي؟

يقول "الرجل" دفاعا عن شرعية وجود القوات التركية، إن تركيا مستعدة للانسحاب بعد تحرير الموصل وبعد "التفاهم". يعني انها تضع شروطها للانسحاب، فهي قوات محتلة تريد فرض رأيها على البلد الذي احتلته. حتى صدام كان يريد الانسحاب من الكويت بعد ان يضع شروطه، فهل كان وجوده شرعيا؟

 

يشير هذا الرجل، مثلما أشار آخر قبله، في آخر محاولة لتبرير وجودهم، ان شخصاً (صعب عليه تذكر اسمه، ثم ساعده مقدم البرنامج لتذكر ولفظ اسم "اثيل النجيفي") هو الذي دعا القوات التركية للدخول. وهنا صدق الاتراك، فهذا الذي يحتقره حتى اسياده فلا يتذكرون اسمه، هو من يمكن ان يفعل ذلك، وهو قد يفعلها رغم انه لا يمتلك اية صلاحية لذلك.

 

وأخيرا يكرر الأتراك ان مسؤولي الترك أكدوا انهم لا يطمعون بشبر واحد من الأراضي العراقية. وكأن ذلك التأكيد كاف وأننا يجب ان نثق به. وما أسهل ان يقول هؤلاء ان الأراضي التي احتلوها "ليست أراض عراقية!" وإنها تابعة لتركيا العثمانية وأنهم يستعيدون أرضهم ولم يخالفوا وعودهم!! فإذا كانت كردستان تحتل الأراضي وتبقى بها رغم انف حكومتنا فهل سيصعب ذلك على تركيا؟

 

حول موقف الحكومة الامريكية زرت موقع الخارجية الأمريكية فوجدت آخر تصريحين لها حول الموضوع أنه - لا يوجد لدينا اتصال مع الاتراك حول المشاركة في الموصل، والحكومة العراقية هي من يقرر من يشارك.(4). وقبل يوم قال ممثلهم ان تركيا ليست جزء من التحالف واكد أن مسألة مشاركتها تحلها هي والحكومة العراقية (5)

 

وهذا طبعا لا يعني ابدا ان تركيا تتصرف بدون موافقة وتنسيق مع الحكومة الأمريكية، وليس هناك أي شك بانهما ينسقان مع بقية قوات تحالف العبادي الدولي مسألة الدفاع عن داعش ومنع تحرير الموصل إلا بعد ترتيب استبدال داعش بداعش. فلطالما تحدث الأمريكان عن "وحدة العراق" وهم يفعلون المستحيل لتمزيقه، والتعامل مع اقسامه كأجزاء مستقلة.

 

استنتاجاتنا من كل هذا

اولاً: أنه لا يوجد أي مبرر، لا قانوني ولا بدافع المصلحة التركية بأي شكل من الأشكال لا لدخول العراق ولا لتحرير الموصل، إن صدقنا النوايا التركية. وبالتالي فبقاؤها غير مبرر، إلا بأهداف لا يشرف الحديث عنها.

 

ثانياً: ان اميركا الملزمة بحماية العراق وفق اتفاقية "الصداقة"، لا تفعل شيئا، بل تنسق الهجوم عليه، تماما كما فعلت مع داعش.

 

ثالثاً: أن المشروع هو جزء واضح في جهود أميركا لتقسيم العراق. فبعد فشلهم في الأنبار والبصرة، يبدو ان أملهم الأخير هو أن يبدأ الشق في الموصل.

 

رابعاً: الموقف من العبادي يشرحه ما رواه النائب الشجاع عبد الرحمن اللويزي في قصته عن "الكلب الحيز" الذي قتله صاحبه لأنه ترك الواوية تفرخ بمخزن التبن. اللويزي كان يقصد اثيل، لكن القصة تنطبق على العبادي أكثر بكثير.

 

خامساً: ان المشروع يتعثر كما يبدو وربما يسير نحو الفشل. وهذا يأتي من حقيقة تصويت البرلمان بالإجماع على اعتبار القوات التركية قوات عدوة محتلة. واضطرار العبادي الى التحرك الى مجلس الأمن. وهذا يعني انه حتى العبادي وعملاء الأمريكان في البرلمان، وهم ليسوا قلة، لم يتجرؤوا ان يتحركوا ويكشفوا حقيقتهم هذه المرة.

لكنهم يلجؤون إلى طرق أخرى. فكتب د. عدنان عاكف عن صالح المطلك "الذي اطل علينا من الشرقية وهو يحذرنا من التشنج والانسياق خلف الشعارات الاستفزازية، ويدعو الحكومة العراقية والكتل السياسية الى التروي والتصرف بحكمة.. والتصرف بحكمة يعني ان نبلع الإهانة، وعلى الجميع ان يتذكر التاريخ المشترك الطويل الذي يجمع بين البلدين.. والحل الذي يطرحه المطلك هو البدء بمحادثات مع تركيا تهدف الى التفاهم على طريقة انسحاب القوات التركية من العراق بعد طرد داعش من محافظة نينوى!"

وواضح بالطبع ان المطلك يكرر بالحرف الواحد خطاب الأتراك دون تغيير او تعديل.

 

وأخيراً نقول: من شاهد الفلم من العراقيين ولم يحس بجرح مؤلم، فهو يعاني من قلة في الإحساس ومطعون في وطنيته، مهما كانت تبريراته واسبابه او حججه، ومهما كانت معاناته أو آلامه أو الضغوط المسلطة عليه، ولن يغفر له الوطن ولا التاريخ مطلقاً، وسيجد نفسه عاجلا قد تورط وخدع، وسقط في مأزق لم يكن يتخيله ابداً

 

(1) بطل عراقي شاهد كيف رد على الداعشي التركي (الحشد الشعبي يرعبكم). - YouTube

 https://www.youtube.com/watch?v=QbB8rFsKbwk

(2) مقابلة بين الفتلاوي وسياسي تركي

https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fm.youtube.com%

2Fwatch%3Fv%3DWaptvE

1rAXo&h=AAQHIn2tU

(3) داود أوغلو: نسعى إلى رفع التبادل التجاري مع إيران إلى 50 مليار دولار

 http://www.turkpress.co/node/19283

(4) الخارجية الأمريكية: لا اتصال مع تركيا حول المشاركة في الموصل

http://www.state.gov/r/pa/prs/dpb/2016/10/263030.htm

(5) الخارجية الأمريكية: تركيا ليست جزءا من التحالف

http://www.state.gov/r/pa/prs/dpb/2016/10/263001.htm#TURKEY

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.