اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

حذف خانة الديانة بداية طريق طويل// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

حذف خانة الديانة بداية طريق طويل

عادل نعمان

مصر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

ليس حذف خانة الديانة فى مستندات طلبة جامعة القاهرة، ونقابة المهندسين والبقية تأتى، هو الهدف الرئيسى، أو نهاية الطريق إلى تثبيت أسس المواطنة فى بلد تنتهك فيها حقوق الآخر، مسيحى أو شيعى أو بهائى أو أصحاب العقائد الأخرى، بل هو الخطوة الأولى فى رحلة الألف ميل التى تعيد حق المواطنة الأصيل لأصحابه، وخطوة مباركة فى استعادة المواطن المحبوس داخل أسوار بلاده لحريته كاملة على أرضه وأرض أجداده، والتى نزعتها منه قهراً وقسراً جماعات جاءت لنهب أموال الناس، وسلب حرياتهم، وهضم حقهم فى الحياة، تحت ستار دينى لاصلة له بالله، ويقولون هذا من عنده، ولايعلمون أن ما عند الله خير مما جاءونا به، وأبقى بقاء وجه الله على الأرض، ودائم دوام خيره ومحبته بين خلق الله وعباده، فهم خلقه وصورته وعياله، علمهم الحب والرضا والرحمة بما خلقه وأبدعه.

ليس بحذف خانة الديانة فقط يعود الحق الضال إلى أصحابه، لكنه نقطة من ماء عذب، آن له أن يتدفق يروى عطش السنين العجاف، ويرطب جفاف النفوس، ويغسل عن جبين الناس ظلماً تاريخياً، بدأ من الوثيقة العُمَرية، وأحكام أهل الذمة والنصارى، وأحكام السلفية الوهابية عن أهل الكفر والضلال، والخط الهمايونى العثمانى الجائر، وانتهى بالقانون الأخير الخاص ببناء الكنائس الذى لا يختلف عن رفاق سبقوه منذ قرون.

بداية الطريق الصحيح أن تبدأ الدولة بتقوييم سلوك من ضللوا الجماهير فى معاهدنا وجامعاتنا ومساجدنا ومدارسنا وعلموا جيلاً كاملاً كيف يكره، وكيف يحقد ويهمش ويسلب حقوق الناس تحت دعاوى باطلة لا تتفق مع القيم والقانون. لا بد أن نبدأ بمراجعة مناهج التعليم فى كل مراحله، ونحذف المناهج التى تحرض على العنف وكراهية الآخر، وتفرق فى المعاملة بين الناس على أساس مذهبى أو عقائدى، وتدعو إلى استعلاء أو أفضلية أو استقواء دين على آخر، أو الاعتقاد بأن حماية الدين تكمن فى إزاحة كل الأديان من طريقه بالتهميش أو الاستئصال أو الازدراء، وأن تعد الدولة جيلاً جديداً من التربويين والمعلمين، لتأهيل وإعداد أبنائنا لثقافة جديدة فى قبول الآخر، واحترام معتقدات الغير وثقافتهم وتاريخهم، ونبذ العنف، والقدرة على قبول الأديان جميعها على أنها حق الله، ولصاحبه حق العيش على أرض الله فى سلام..

بداية الطريق الصحيح للمواطنة يبدأ من الدولة ذاتها، فهى المسئولة عن حماية حق المواطنة بالقانون، فكما وجهت الدولة قانون ازدراء الأديان إلى الأطفال المسيحيين والمفكرين والمبدعين وحبستهم بذات التهمة الفضفاضة، كان أولى بها وأشرف لها أن توجه التهمة لمن يحقر معتقدات الغير، ويهين رموزهم الدينية، أو يدعو الناس لمعاداتهم أو بغضهم أو إهانتهم أو إذلالهم، أو إهانة أعيادهم أو لعنهم وسبهم أو يدعو إلى تحقير كتبهم واحتفالاتهم، أو الدعاء عليهم على منابر المساجد جهاراً نهاراً، وكلها فتاوى السلفية الوهابية، فليس القانون لمن يزدرى دين الإسلام دون أديان الله، بل القانون لازدراء كل الأديان..

 

بداية الطريق أن تبدأ الدولة بنفسها فى عدم التفرقة بين مسلم ومسيحى أو امرأة ورجل، وذلك فى التعيين والتوظيف، أو الالتحاق بأقسام بعض الكليات العملية، أو تقلد المناصب العليا، أو الرتب الكبيرة، أو تولى مهام وزارية أو مناصب المحافظين، وأن تكون القاعدة الرئيسية هى تكافؤ الفرص أمام الجميع، وأن يكون الاختيار على أساس العلم والخبرة والكفاءة والقدرة على اتخاذ القرار، وليس على أساس المواءمات السياسية

بداية الطريق أن تبدأ الدولة وفوراً فى إحلال القانون محل الجلسات العرفية المهينة، والتى يحتكم فيها المظلوم إلى من ظلمه واعتدى عليه ليطلب منه القصاص ورده مظلمته، وذلك لعجز الدولة وقلة حيلتها وضعفها فى رد الظلم ونصرة المظلوم، ويجبر المظلوم جبراً على الرضا بما قسمه له ظالمه، ويقبل التهجير حفاظاً على حياته وشرفه، ويقبل الاعتذار عوضاً عن بيته الذى أحرق، وأمواله التى نهبت، ثم يقولون هزمنا الفتنة، ووأدنا المصيبة فى مهدها، والفتنة نائمة فى أحضانهم، تكبر وتترعرع إلى يومها المعلوم. فلا عدل إلا بالقانون، ولا قصاص إلا برد المظلمة وعودة الحق كاملاً، ولا راحة للأنفس المنهكة إلا فى حضن دولة ترعاه وتحميه، ولا أخفى أن هذه الكيانات الهشة التى تحكم هذه الجلسات العرفية تنحاز إلى صفوف المسلمين إرضاءً لهم، ويقبل الإخوة المسيحيون الصلح مجبرين ومرغمين.

بداية الطريق أن تشرع الدولة قانون يجرم التفرقة بين المصريين على أساس اللون أو الجنس أو العقيدة أو المذهب على أن تكون أحكامه رادعة ونافذة.

بداية الطريق منع كل صور الاستفزار الدينى من ملصقات أو لوحات أو إعلانات فى الشوارع أو السيارات أو وسائل الإعلام، والتى تثير حفيظة أصحاب الأديان الأخرى أو المذاهب، أو تروعهم أو تهز ثقتهم بأنفسهم أو تشعرهم بالتفرقة والتمييز بينهم وبين غيرهم.

لا أدرى من الذى جرف عقولنا حتى لا نرى الخطأ من الصواب، ونزع الرحمة من قلوبنا حتى نسحل الناس فى الشوارع ونحن نهلل ونكبر الله أكبر، وضللنا وغشنا حتى أصبح سلب الغير حقاً، وسرقة أموال الناس فيئاً، وإذلال الناس وتخويفهم واجباً، وأن الاستفادة بعقول وخبرات الغير موالاة وكفر وجب الاستبراء منه، و ليس من حق الأمة الاستفادة بها.

 

"الوطن" المصرية

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.