اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

مؤتمر بروكسل.. والمقاطعون// جرجيس يونان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

مؤتمر بروكسل.. والمقاطعون

جرجيس يونان

 

تعمل القوى السياسية لشعبنا منذ سنوات عبر الزيارات واللقاءات مع المسؤولين الغربيين لمساعدة شعبنا في جميع المجالات، بعد أن سئم من مواقف الدولة العراقية وحكوماتها المتعاقبة نتيجة لما تعرض له خلال السنوات المنصرمة من قتل وتهجير امام انظار هذه الحكومات.

والمصيبة الكبرى التي حلت على شعبنا هي إجتياح تنظيم "داعش" الارهابي لمدينة الموصل وبعدها مدن وبلدات سهل نينوى منتصف عام 2014، حيث لأول مرة يشهد التاريخ خلو محافظة نينوى من المسيحيين هذه الاحداث والمآسي دفعت الخيرين من أبناء شعبنا والمؤسسات القومية والحزبية أن تعمل بالتنسيق مع المسؤولين المتعاطفين في الدول الغربية مع قضية شعبنا من أجل تنظيم مؤتمر يناقش مشكلة الكلدان السريان الآشوريين في العراق وايجاد حل لمنطقة سهل نينوى التي تم تحريرها من قبضة "داعش".

فبعد جهود حثيثة مع الاحزاب والمنظمات المسيحية في أوروبا، ولاسيما الحزب الديمقراطي المسيحي وبعض الأصدقاء لقضيتنا كعضو البرلمان الأوروبي لارش اداكسن وفريق العمل الموجود معه ولقاءاته مع القوى السياسية لشعبنا بغية اعداد البرامج وتوحيد الرؤى والمواقف، تم تحديد موعد انعقاد المؤتمر للفترة من 28-30 حزيران 2017 بحضور وفد من الحكومة الاميركية برلمانيين أوروبيين وممثلين عن حكومة المركز والاقليم ومشاركة اغلب القوى السياسية لشعبنا ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات قومية ودينية.

لاشك ان انعقاد المؤتمر بهذا المستوى في مبنى البرلمان الاوروبي وفي هذا الوقت الظرف الذي يمر به شعبنا ويواجه تحديات خطيرة تهدد وجوده ومصيره في الوطن، يعتبر حدث مهم دون شك. فمنذ ما يقارب القرن من الزمان لم يحدث حدث مثل هذا على المستوى العالمي يبحث مستقبل شعبنا وقضيته العادلة في العراق، بحيث تمكنا من ايصال صوت شعبنا الى المحافل الدولية، وهذا بحد ذاته يعتبر انجاز وانعطافة تاريخية بخصوص قضية شعبنا ومستقبله في الوطن.

ففي المؤتمر عرض المشاركون فيه وخصوصا ممثلي الاطراف السياسية لشعبنا ورجال الدين الاجلاء الحلول المناسبة من اجل مستقبل شعبنا في سهل نينوى وكيفية إعادة الامل مرة اخرى لعودة سكانه المهجرين قسراً اليه. فتم التأكيد على عدة جوانب كخارطة طريق تمثلت بأربع جوانب وهي:

1. جانب البناء والاعمار

2. الجانب الآمني

3. الجانب السياسي

4. الجانب الإداري.

هذه الجوانب التي تخص حياة المواطن تم ايجاد الحلول المناسبة لها وفقاً لدستور العراق، فلم يناقش ايّ موضوع في المؤتمر يخالف هذا الدستور، وهذا ما أكده ممثل الحكومة العراقية المشارك في اروقة المؤتمر.

فجانب البناء والاعمار يتم العمل على تنسيق مع المنظمات الآوروبية والشركات الدولية والمحلية على بناء البنية التحتية المدمرة، وإعادة بناء المنازل المهدمة ومن ثم العودة اليها. والجانب الأمني عبر التأكيد على دمج وتوحيد جميع التشكيلات العسكرية بالتنسيق مع حكومتا المركز والاقليم واشراف التحالف الدولي لإدارة الملف الامني في السهل. اما سياسياً وادارياً فتم التأكيد على استحداث محافظة جديدة في سهل نينوى وتطويرها في المستقبل على أن تصبح إقليماً أو حكم ذاتي يتم ادارته من قبل السكان الاصليين لسهل نينوى وتخصيص ميزانية خاصة به لادارة شؤونه.

كل هذه التوصيات التي خرج بها المؤتمر هي قضايا موجودة في ورقة المطالب التي وقعت عليها أحزاب وتنظيمات شعبنا، ولكن عندما سنحت الفرصة لإثارة هذه المطالب في مؤتمر دولي، قاطع البعض المؤتمر قبل ايام من انعقاده متحججين بحجج واهيه لاتمت الى الحقيقة والواقع بصلة، بدليل أنهم كانوا يحضرون الاجتماعات التحضيرية وبعضهم كان متحمساً لانعقاد المؤتمر بحيث قال ممثل أحد الاحزاب المنسحبة في اجتماع عقد بمقر المجلس الشعبي بأن المؤتمر هو بمثابة الفرصة الذهبية والاخيرة فينبغي علينا جميعاً استغلالها وحضور المؤتمر، ووضع جميع الخلافات الثانوية الى جانب وعمل شيء لمصلحة شعبنا، جاء هذا الكلام بسبب اعتراض الحركة الديمقراطية الآشورية اضافة بعض الاحزاب والكتل الاخرى للمشاركة في المؤتمر.

والاجتماع التحضيري الاخير الذي عقد في مقر اتحاد بيت نهرين الوطني في يوم الثلاثاء 20 حزيران 2017 بحضور جميع الاحزاب عدا الحركة الديمقراطية الآشورية التي اعلنت موقفها مسبقاً على عدم المشاركة في حال ارسال اسماء هذه الاحزاب الثلاثة الى بروكسل للمشاركة في المؤتمر لمناقشة ووضع اللمسات الاخيرة على برامج المؤتمر بعد ان ارسل الينا من السيد لارش اداكسن راعي المؤتمر. فالاحزاب العشرة الموقعة على ورقة المطالب كانت حاضرة عدا زوعا كما قلت، ولم تعترض على شيء سوى رئيسة كيان أبناء النهرين التي قالت، من الضروري معرفة بأن هل لممثل الحكومة العراقية كلمة او كما موجود لحكومة الاقليم واكدت على ان الكيان ينبغي ان يكون له مداخلات في جميع المحاور كبقية الاحزاب الرئيسية، وهذا ما حصل وقالوا بان في حال عدم حضور زوعا يتم توزيع وقتهم للاحزاب الاخرى، ولم نسمع الحجج التي سمعناها في بيان المقاطعة، وشر البلية ما يضحك هو موقف بعض الاحزاب لان ممثلهم في الاجتماعات كان متحمساً لحضور المؤتمر ويقول متى نحصل على الفيزا ولم يعترض على اي شيء. يبدو ان المسألة اصبحت مزاجية عدا البعض من الأحزاب. فالذي يناضل من اجل حقوق شعبه لا يعامل الاخرين بمزاجية ومقارنة مصالحه الشخصية كأنما يتاجر ببضاعة كم يربح او يخسر في حال حضور او عدم حضور المؤتمر، فيأخذ قرار المقاطعة كضربة حظ كمن يغمز سنارته في النهر لعله يصطاد سمكة، او يريد ذكر اسمه من المعترضين، لأنه لا يثير الاهتمام مع الاكثرية بل مع الاقلية يذكر اسمه مرات عديدة كالذي يريد إثارة المشاكل من اجل ذكر اسمه بين الاسماء. اما البعض الاخر فقرار المقاطعة ناجم عن اجندات وحسابات دقيقة لايمكن للمواطن الاعتيادي من أبناء شعبنا المتحمس لقضيته أن يدركه، لانهم اساتذة في اخراج سيناريو معاكس لابناء شعبنا واشعال الضوء الاخضر لبعض الكتاب من اجل اثارة الحساسيات وشن حملة اعلامية مغرضة ضد الحدث، كما حدث بالنسبة لمؤتمر بروكسل، فالحملة الاعلامية التي شنت على المؤتمر كأنما حدث احتلال اخر لمناطق شعبنا في سهل نينوى، فهم يلعبون على عدة حبال ويتلونون بالوان عديدة وحسب المصلحة الحزبية، ولكن من وجهة نظرنا ان هناك عدة عوامل ادت لعدم المشاركة في المؤتمر ابرزها:

1. عدم قدرتهم على استثمار المؤتمر لاجنداتهم وسياستهم الحزبية الضيقة لجني الثمار منه، كما كانوا يفعلون في المؤتمرات والمناسبات القومية واستغلالها لوحدهم دون المشاركة مع الاخرين.

2. من أجل إخفاء مواقفهم التي اتخذوها في الاجتماع الأخير الذي عقده رئيس الإقليم مع الأحزاب وتوقيعهم بيان إجراء الاستفتاء في الإقليم في 25 أيلول القادم.

3. عدم استعداد البعض بتوحيد تشكيلات شعبنا العسكرية في تشكيل أمني موحد واستغلالهم موقف الحكومة المركزية بعدم دخول القوات التابعة لوزارة البيشمركة للمناطق المحررة في بخديدا وبرطلة وتلكيف، وانفرادهم بتلك المناطق متسترين تحت عباءة الحشد الشعبي.

4. استغلال الموقف واستثماره انتخابياً وجماهيرياً من خلال اللعب على عواطف بعض البسطاء من أبناء شعبنا والترويج بأن الذين شاركوا في المؤتمر هم من الذين يؤيدون الكورد، كما قرأنا العديد من هذه المقولات من المزمرين لهم في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وهذا عكس الحقيقة.

وهناك أسباب أخرى لا نريد أن نذكرها، لأن البعض أصبح يتاجر حتى بالقضايا المصيرية لشعبنا ويقيسها بالميزان ما يجني وكم يربح أو يخسر دون الالتفات لمعاناة شعبه ومعاداة كل من يخالفه الرأي ومصادرة رأيه وإظهاره كأنه لا يمثل شعبنا، كما كان يفعل رجال الدين في القرون الوسطى في أوروبا بإعطاء صكوك الغفران للناس مقابل ثمن يدفع لهم.

أما بخصوص مقاطعة بعض الكنائس للمؤتمر، فان الكنيسة الكلدانية بررت المقاطعة بعدم الاعتماد على الخارج في حل مشكلة المسيحيين، وان قضيتنا ينبغي أن تحل في الداخل، هذا شيئ جيد ونحن أيضاً ننادي به منذ عقود، ولكن ما الذي استفاد منه شعبنا من الدولة العراقية وحكوماتها الطائفية الفاشلة، فشعبنا لم يجني منهم سوى المجازر كما حدث في سميل وصوريا وسيدة النجاة والانفال والقتل والنهب والتهديد، وخير دليل على مانقول هو غلق ثمانية كنائس تابعة للكنيسة الكلدانية في بغداد بسبب هجرة او هروب ابنائها من الارهاب والحكومة لاتحرك ساكنة، فالى متى نعول على الحكومات الفاشلة واين السيادة العراقية، فالجميع موجود على الساحة العراقية من اجل تصفية الحسابات الاقليمية والطائفية والشعب العراقي يدفع الثمن، فلماذا نكون ملكيين اكثر من الملك؟ وبعدها سمعنا بان نتائج المؤتمر غير واقعية ولايمكن تطبيقها على ارض الواقع وهذا كلام سابق لأوانه ولا يمكن الحكم به.

أما مايتعلق بكنيسة المشرق الآشورية، فأننا لحد الان لم نرى موقفاً رسمياً عنها بخصوص المؤتمر، فكان من الأفضل مشاركة الكنيستين في المؤتمر وإبداء الرأي والموقف كون المقاطعة تعني الاعتراض على نتائجه وهذا لا يصب في مصلحة شعبنا. نقول لهؤلاء الذين قاطعوا المؤتمر، اننا لم نفعل شيئاً كما تدعون على الاقل اننا اثرنا قضية شعبنا ومستقبله في المحافل الدولية وبينّا للجميع بأن شعبنا مظلوم وصاحب قضية، وهذا كان بحضور الحكومتين العراقية والاقليم.

نستغرب كيف الذي يدعي بأنه يدافع عن حقوق شعبه يشن حمله هوجاء ضد مؤتمر يعقد من اجل حقوقه الذي كان يجول العالم كله من اجل نفس المطاليب التي اقرها المؤتمر. وهم يدعون بان توصيات المؤتمر ليست الزامية، لو فرضنا انها غير الزامية هل هذا مبرر للاستخفاف بها وشن حملة اعلامية ضدها لمجرد انها لم ترق لهم.

ما الضرر لو حضروا المؤتمر وبينوا مواقفهم هناك، وعدم افشال المؤتمر كما حاولوا فعله، ولكنهم فشلوا في هذا ايضاً، وبعدم مشاركتهم بينوا للاخرين باننا لسنا موحدين حتى في مطاليبنا وانهم يتحملون مسؤولية مواقفهم مستقبلاً.

وختاماً، ندعو الجهات المقاطعة لمؤتمر بروكسل الكف عن مهاجمة توصيات المؤتمر وتخوين الجهات المشاركة فيه والاستخفاف بنتائجه، بل العودة الى صفوف الأغلبية من الجهات والاطراف القومية المشاركة فيه والعمل معاً من اجل ما تم اقراره لكي نبين للجميع باننا نستطيع العمل معاً واننا موحدين في مطاليبنا، وهذه التوصيات كلها تصب في مصلحة شعبنا، وتمثل خارطة طريق لايجاد حل لمستقبل شعبنا في العراق وبصورة خاصة في سهل نينوى من أجل العودة الكريمة لابناء شعبنا اليه والعيش بحرية مع المكونات الاخرى. كفانا معادات بعضنا البعض لان المرحلة حساسة وحرجة والتاريخ لايرحم احداً، وان المواقف السياسية ينبغي ان لاتؤخذ بالضد من المصلحة العليا.

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.