اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

11 سبتمبر– أي القصتين هي نظرية المؤامرة؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

11 سبتمبر– أي القصتين هي نظرية المؤامرة؟

صائب خليل

11 سبتمبر 2017

 

استمع مع المشي او الهرولة عادة إلى كتاب صوتي او محاضرة في موضوع يهمني. ومؤخرا حصلت على مجموعة محاضرات في الفلسفة والتاريخ لأساتذة هولنديين، استمعت إلى عدد منها وتمتعت بها واستفدت... ولكن!

لكن الملاحظة التي شملت كل تلك المحاضرات، رغم علميتها بشكل عام وغزارة المادة التي تقدم فيها، هي انها جميعا تمرر هنا وهناك عبارات تناسب النظرة الإسرائيلية والغربية الحكومية إلى الأمور، وبدرجات متفاوتة من "الزغل"، تصل الى حد السخف أحيانا.

 

البارحة بدأت بمحاضرة عن "التفكير النقدي" و "تكوين الأفكار الواضحة والحجج الدقيقة" للبروفسور يوهان بريكمان، أستاذ الفلسفة في جامعتي "خنت" (بلجيكا) و "أمستردام" (هولندا)، وتوقعت ان أجد مادة غنية فيها. وبالفعل بدأ في الفصل الأول بالحديث عن "التفكير الناقد" وضرورة الشك والتمحيص قبل التصديق. وأكد البروفسور أن "المتعلمين والأذكياء" ليسوا منيعين عن الخرافة، بل قد يكونوا الأكثر عرضة لها، لأنهم يستخدمون علمهم وذكاءهم لإقناع أنفسهم بالخطأ وبالبحث عن وسائل المراوغة والافلات من الأدلة المضادة.

ثم روى لنا البروفسور بريكمان كيف ان المسيحيين كانوا يوصون من يحتار في قرار ما، أن يسال نفسه: "ماذا كان المسيح سيفعل لو كان مكاني"؟ ثم قال: لكني أقول "ماذا كان توماس سيفعل لو كان مكاني". وروى لنا ان توماس هذا أحد حواريي المسيح وإنه كان شكاكاً، ولم يؤمن إلا بعد ان جعله المسيح يمسك يده، ثم قال المسيح له: "لقد آمنت بعد أن رأيت.. طوبى لمن يؤمنون دون أن يروا"!

وطبيعي كان المحاضر ضد هذه الدعوة للإيمان بلا دليل، وطلب من مستمعيه ان يكون شعارهم "ماذا كان توماس سيفعل لو كان مكاني".. أي طرح الأسئلة والشك وطلب الأدلة على أي شيء قبل الاقتناع به.

 

 ولكن سرعان ما صدمت ببعض "الملاحظات" في الفصل التالي، الذي كان مخصصاً للخرافات التي يؤمن بها الإنسان من اشباح وتحضير أرواح وعلاجات وهمية وغيرها. وفجأة ذكر "الشك بالهولوكوست" او حجمه، كأحد تلك “الخرافات” الناتجة عن "تطرف شديد" في العداء للسامية، ضاربا أمثلة ببعض هؤلاء "المجانين" الذين يشككون به! ثم عاد ليضيف اليها من يصدقون بأن "بروتوكولات صهيون" وثيقة حقيقية، ولمّح الى "نظرية المؤامرة" وكيف أنها من أوهام المختلين في التفكير الذين يتصورون ان اليهود يتآمرون لامساك السلطة في العالم. وأخيراً أخبرنا وهو يضحك بأن "البعض يصدق بأن ما حدث في 11 سبتمبر هو تدبير امريكي داخلي"، كمثال آخر على "جنون" أصحاب "نظرية المؤامرة" تلك. تذكرت هذا بمناسبة مرور الذكرى الـ 16 لهذه القصة هذا اليوم. وتساءلت: لماذا يجب ان "نؤمن" اما بقصة الحكومة الأمريكية او "نظرية المؤامرة"؟ أيهما في الحقيقة أقرب الى "نظرية المؤامرة" والخرافات، القصة الحكومية أم ما يسخر منه كاتب المحاضرة ذاك؟

 

لنلاحظ قبل كل شيء، أن التصديق بـ "بروتوكولات صهيون" و "التشكيك بالهولوكوست" (وحتى عدد ضحاياه!) ورفض القصة الحكومية لـ 11 سبتمبر، لا تشبه باي شيء التصديق بالخرافات والاشباح والعلاجات الوهمية وتوقع نهاية العالم وما شابهها. بل العكس تماما، فهي ترفض تلك القصص لأنها مناقضة للمنطق. أما بروتوكولات صهيون فهي مسالة أن تصدق ما ادعاه أحد الروس او لا تصدقه، وليس هناك ادلة مادية مباشرة على أي من القصتين سوى ان الاحداث تؤكد صدق الرواية. ويفترض أنه يمكنك ان ترفضها او تقبلها دون ان تتهم بالجنون والخرافة! فلا نفهم لماذا يكون تصديق شخص خرافة سخيفة وتصديق آخر امراً علمياً محترماً، وكلاهما متوف منذ زمن طويل، ولدى كلا الرأيين ادلة ومؤشرات على ما يقول؟

 

أما الهولوكوست، فلا تحتاج إلى أن تنكره لتكون "خرافياً" وتعاقب بشدة وبالسجن سنوات عديدة، بل يكفي ان تقول ان عدد ضحاياه لم يكن 6 ملايين! وكأن كل انسان قد حسب الضحايا واكتشف انهم بالفعل 6 ملايين. ومن قال باستحالة هذا العدد قد جاء بأدلة على ما اقنعه لا تقبل الدحض، ومنهم المؤرخ ديفيد ارفنك المتخصص بالحرب العالمية الثانية، والذي بين استحالة الرقم بأدلة علمية ليس لها اية علاقة بالخرافات والاوهام، مثل استحالة نقل الأشخاص والجثث بالمصعد الوحيد المتوفر في كامب اوشويتز ليبلغ مليونا حتى لو بقي المصعد يعمل ليلا ونهاراً، واستحالة حرق واخفاء تلك الجثث دون تلال من الفحم لم تكتشف بالتصوير الجوي المكثف للمنطقة واستحالة استعمال ما سمي بـ "غرف الغاز" لمثل هذا الغرض لأنها ليست مصممة له، وغيرها من الأدلة المتناهية العلمية، وبالأرقام والتواريخ، فكيف ولماذا الصق هذا بالخرافات؟

 

وأكثر غرابة من هذا اتهام من لا يصدق القصة الحكومية الامريكية بأنه من جماعة الخرافات و "نظرية المؤامرة". فهناك ألف سؤال وسؤال، وكلها علمية لا أثر فيها للأرواح أو الأشباح لم تقدم القصة الحكومية لها اية إجابة، منها: سقوط البرجين بشكل السقوط الحر المستحيل الحدوث إلا بهندسة متقنة لتهديم البنايات القصدي، وعدم ميل البناية أو سقوط أي جزء منها (مثل الجزء الأقرب الى الضربة) قبل الآخر، وعدم تسجيل أي سقوط لبناية في التاريخ رغم ان مئات الطائرات قد ضربت البنايات في السابق والاف البنايات قد اشتعلت دون ان تسقط خلال الحروب الكثيرة. وفوق ذلك فقد سقط البرج الثالث الذي تمت تغطيته عن الكثيرين، دون ان تضربه اية طائرة وبنفس الطريقة! وهناك استحالة قيادة الطائرات التي صدمت الأبراج بهذه الدقة إلا بواسطة حاسبة تستطيع حساب زاوية دورانها لتصطدم بالبرج تماما فهي لم تأت من الأمام، وأغرب منها تلك التي ضربت البنتاغون واخترقته بفتحة دائرية وكأنها صاروخ ولا أثر لمكان اختراق الأجنحة التي اختفت تماما وتم تنظيف المكان فور حدوث الحادثة وبدون البحث التحقيقي عن الأدلة، دع عنك حقيقة ان تلك الطائرة، التي اخترقت الاحتياطات الأمنية الجوية العديدة ووصلت الى البنتاغون، كانت موجهة الى الطابق الأرضي منه وهو ما يعني أنه كان عليها ان تلامس الأرض في منطقة محددة بدقة شديدة، وإلا فشلت الخطة! وكل من سافر في طائرة يعرف ان الطيار قد يلمس الأرض أكثر من مرة قبل ان يستقر هبوطه وأن بين تلك اللمسات مسافات قد تصل إلى أكثر من كيلومتر وهو بسرعة الهبوط، فكيف وهو بسرعة الطائرة الكاملة؟ وكل ذلك يتم بشخص سعودي يحمل شهادة قيادة طائرات شراعية فقط! وماذا عن الفريق الإسرائيلي الذي كان يصور البناية قبل الحادث بالضبط والذي قفز افراده سعداء حيث تم الحدث؟ وماذا عن الطائرة الأخرى وماذا عن درجات الحرارة غير المنطقية التي اذابت الفولاذ رغم انها تفوق درجة حرارة اشتعال وقود الطائرة كثيرا وماذا عن فقدان الصناديق السوداء بحجة الحرارة وإيجاد جواز سفر أحد الإرهابيين المزعومين رغم ذلك وقد احترق جزء بسيط منه، وغيرها كثير من العجائب! وكل ذلك تم بتخطيط مجموعة تسكن كهوف أفغانستان وكلها تحت المراقبة، وتمكنت من تنفيذ مهمتها بواسطة التهديد بسكاكين بلاستك مخصصة للطعام!

 

هل ان تصديق هذا الهراء وتجاوز كل تلك الحقائق ليس "نظرية مؤامرة" وتصديق ان الحكومة الأمريكية قد فعلتها، وبتوفر كل الدوافع لذلك، هو "نظرية المؤامرة"؟

 

عندما كتب البروفسور يوهان بريكمان محاضرته، سخر من تجاهل الكثيرين من الناس للأدلة التي توضح خطا ما ذهبوا اليه، وجاء بمثال عن شخص معروف قال بصراحة أن الحجج التي تفند نظريته لا تهمه، ونبهنا إلى أولئك المؤمنين بتنبؤات نهاية العالم وكيف ان الأدلة والحقائق لا تؤثر فيهم... فلماذا لم تؤثر فيه هو كل هذه الحقائق؟ ولماذا لم يتبع نصيحته الشهيرة التي افتتح بها محاضرته ولم يفعل "كما كان توماس سيفعل لو كان مكانه" بوجه ارقام الهولوكوست أو قصة الحكومة الامريكية عن 11 سبتمبر؟

 

على اية حال، لقد برهن بروفسور بريكمان بالفعل بأن "المتعلمين والاذكياء" هم الأكثر قدرة على خداع أنفسهم ليصدقوا ما يناسبهم من القصص لأنهم يستعملون ذكاءهم وعلمهم ليفعلوا ذلك... وإلى درجة تثير السخرية!

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.