اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الشيخ إبراهيم القطيفي آخر المراجع العلمية العليا في الحلة// نبيل عبد الأمير الربيعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي

آخر المراجع العلمية العليا في الحلة..

حياته وآراءه الفقهية (ت951هـ- 1544م)

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

     صدر عن دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة كتابي الموسوم (الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي آخر المراجع العلمية العليا في الحلة.. حياته وآراءه الفقهية (ت951هـ- 1544م) ), يحتوي الكتاب على 285 صفحة من الحجم الوزيري, الكتاب يوثق حياة الشيخ إبراهيم القطيفي آخر علماء الحوزة العلمية في مدينة الحلة, ه>ا الشيخ ال>ي أهمل بقصد وتعمد من قبل اغلب العلماء الشيعة بسبب توجهاته وآراءه الفقهية التي تخالف آراء علماء القرن العاشر الهجري وعلى رأسهم المحقق الشيخ (علي عبد العال الكركي) أبان حكم الدولة الصفوية في إيران,

 

       كانت هجرة العلماء العرب من لبنان والعراق والبحرين إلى إيران في بدايات أيام العلامة الحلي، وفيما بعد أيام المحقق الكركي، ولم يصبح التشيع المذهب الحاكم على مستوى كل البلاد إلا بعد أكثر من تسعة قرون من بداية الإسلام. وهكذا الحال عندما يتحدث البعض وهم غير الواعين ضمن خلفية متعصبة، ناعياً على شيعة القطيف أو الإحساء ارتباطهم بعلمائهم ومرجعياتهم، نامياً ذلك إلى أن أصولهم المذهبية جاءت من إيران، فإنه يتجاوز الكثير من الحقائق التاريخية التي تشير إلى أن منطقة القطيف والإحساء والبحرين  دخلها الإسلام في السنة السادسة للهجرة، وتولى عليها في الغالب ولاة كانوا على خط منسجم مع أهل البيت عليهم السلام، ولذلك ظل هذا الاتجاه هو الاتجاه السائد منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا بالرغم من تعرضها لضغوط مختلفة.

 

      وكان من الطبيعي أن تشهد فترات التاريخ لهذه المنطقة والمجتمع بروز علماء وفقهاء، كان من ألمعهم الشيخ إبراهيم بن سليمان المعروف بين العلماء بـ«الفاضل القطيفي». ولقبه «الفاضل» الذي عرف به في الكتب الفقهية، يشير إلى منزلته العلمية، وبهذا اللقب ذكره الحر العاملي فقال «عالم فاضل فقيه»والمحدث البحراني عندما يتكلم عن الشيخ القطيفي يصفه بالإمام الفقيه الفاضل المحقق المدقق. كما استشهد بكلماته بعنوان الفاضل القطيفي وناقشها الشيخ مرتضى الأنصاري في كتابه المكاسب في أكثر من موضع.

 

       إن بروز هذا العالم الجليل ليشير إلى وجود حالة علمية في منطقته تدعو إلى المعرفة، ومستوى من الفكر يتسلقه المتعلم حتى يصل إلى أعلى الدرجات، وليس طبيعياً أبداً أن ينبغ شخص بهذا المستوى العلمي من دون أن يكون في محيطه الذي يعيش فيه حالة علمية داعية إلى ذلك.

 

       وبالرغم من أننا لا نجد في كتب التراجم تفاصيل دراسته ومدرسيّه في القطيف، سوى ما يذكر من أنه درس في أوائل عمره على يد والده في القطيف، ثم غادرها إلى النجف والحلة في العراق ليستقر فيها إلى آخر حياته.

 

       ولا يكاد يذكر الفاضل القطيفي إلا ويذكر معه المحقق الشيخ علي عبد العال الكَركَي، وذلك لأنهما كادا أن يكونا ممثلين لخطين متوازيين في ما يرتبط بالتعامل مع السلطات الزمنية في زمان الغيبة. وربما نجد آثار هذين المنهجين ـ كلاًّ أو بعضاً ـ في هذه الأزمنة لدى بعض الفقهاء موجودة, ولم تخل العلاقة بينهما والجدل الدائر في المسائل المختلفة من حِدَة لفظ، يلحظ في كتاباتهما، وزاد الأمر شدة «تعصباً» من جاء بعدهما لأحد الطرفين بالغض من شأن منافسه أو معاصره.

 

      فليكن لنا تقديم وتمهيد يشرح بشكل إجمالي الأوضاع التي عاش فيها كلا الفقيهين، وأنتجت اختلافاً بينهما في عدد من المسائل المرتبطة بالعلاقة مع الدولة والسلطة. فبعد تحول صفي الدين الأردبيلي من طريقته الصوفية إلى التشيع، وقيام خلفائه فيها بتأسيس نواة سيطرت بالتدريج على إيران، ومجيء الشاه إسماعيل وحكمه لمناطق إيران «گيلان وفارس» من سنة (906 إلى 930) هجرية ثم هزيمته أمام الأتراك العثمانيين في معركة جالديران، جاء إلى الحكم الشاه طهماسب الذي كان صغير السن، ولكنه تميز مع شبابه بالذكاء والقدرة واستطاع أن يهادن أعداءه في البداية لكي يبني إيران داخليا ثم استطاع استعادة ما فقدَ من الأراضي، بل أحدث نهضة علمية مهمة في إيران، وقد ساعده على ذلك طول مدة حكمه التي استمرت 54 سنة (930 هـ/ 984هـ) ، وأيضا استقدامه لأكابر العلماء الشيعة من مختلف المناطق.

 

      فبعد أن استقر إعلان التشيع في إيران باعتباره مذهب الدولة الرسمي، بعث الشاه طهماسب إلى عدد من علماء الشيعة في لبنان والعراق والبحرين وأرسل لهم الهدايا، لكي يأتوا إلى إيران، ويبثوا علومهم. لقيت دعوة الشاه طهماسب أذناً صاغية من كثير من العلماء، كان أبرزهم المحقق الثاني الشيخ علي عبد العال الكَركَي، الذي كان يعد في زمانه في طليعة الفقهاء. واستجاب هذا وأولئك لطلب الشاه طهماسب. وجاء المحقق الكركي لكي يصبح الرجل الأول في مملكة الشاه طهماسب إلى حد قيل بأن «منصوب الشيخ لا يُعزل ومعزول الشيخ لا يُنصب».

 

      وكان من الطبيعي أن يؤسس هذا الوضع لجملة من القضايا في كيفية تعامل الفقهاء في زمن غيبة المعصوم، وهي التي كانت محل نقاش بين المحقق الكَركَي، والفاضل القطيفي. وهي وإن لم تكن سياسية بالمعنى الشائع أي أنها لم تكن تخضع لأدوات المسألة السياسية والموقف السياسي، بل كانت أدوات البحث فيها شرعية، ولكن الفهم لتلك الأدوات، والنظر إليها كان مختلفا بين الفقيهين.

 

      تنتظم هذه الدراسة في مقدمة وثلاثة فصول, يبحث الفصل الأول منها تمهيداً في أحوال الحلة, لأن الشيخ القطيفي قد عاش فيها حتى وفاته, ودرس الفصل الأول تاريخ مدينة الحلة وموقعها الجغرافي وأهم ما قيل فيها من الرحالة العرب والأجانب خلال حقب زمنية مختلفة, ودراسة الحالة الاجتماعية والسياسية والفكرية لمدينة الحلة, فقد تعاقب على الحلة حكم المزيديين أيام الخلافة العباسية (447هـ -590هـ/ 1081م-1193م), والحكومات التي حكمت الحلة من حكم المغول والإمبراطورية الإيلخانية (656هـ-738هـ/ 1258م-1337م), والحكم الجلائري ولغاية الحكم العثماني.

 

      وتناول الفصل الثاني حياة الشيخ المحقق إبراهيم القطيفي, متضمناً اسمه ومولده ونشأته ورحلاته العلمية من البحرين إلى النجف ومن ثمَّ إلى مدينة الحلة التي أصبحت البيئة الثانية له بعد مدينة النجف الأشرف, وآراؤه الجريئة التي أطلقها, مما ادَّت إلى انتعاش المذهب الجعفري, ومصنَّفاته, وانتعاش مدرسة الحلة لأكثر من ثلاثة قرون, وبعدها ضعفت مدرسة الحلة.

 

      وتناول الفصل الثالث أهم نتاجات الشيخ القطيفي الفكري وآثار مصنفاته في العلوم الإنسانية وردّه على المحقق الكركي في أكثر من رسالة فقهية, وتوضيح الأسباب الرئيسة للخلاف والخصومة بين الشيخين «القطيفي والكَركَي» في عهد الشاه طهماسب, ثم توضيح الأسباب والعوامل التي أدت إلى ضمور مدرسة الحلة الدينية وآخر علمائها الشيخ القطيفي, وبيان لغة النقد والنقاد المتابعين لتلك الأحداث والخلافات الفكرية والفقهية ورأي الباحث في ذلك.

 

     أما ما  يخص كتابنا هذا فهو دراسة لحياة وآراء الشيخ القطيفي الفقهية, إذ كانت للشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي معارضات ومناقضات مع الشيخ علي الكركي ونسبته إلى الجهل, كما هو شأن جملة المعاصرين, حتى أنّه ألفَ في جملة من المسائل في مقابلة رسائل الشيخ علي الكركي ردّاً عليه ونقضاً لما ذكره منها : مسألة حلّ الخراج, ورسالة حرمة صلاة الجمعة زمان الغيبة, ورسالة المنزلة في الرضاع, ورسالة ولاية الفقيه, ورسالة السجود على التربة المطبوخة, والرسالة الحائرية في تحقيق المسألة السفرية.

 

     ومن مصنّفات الشيخ إبراهيم القطيفي كما ذكرنا في صفحات الكتاب : الهادي إلى سبيل الرشاد في شرح الإرشاد, تعيين الفرقة الناجية من أخبار المعصومين عليهم السلام, نفحات الفوائد في أجوبة السؤالات الفرضية, رسالة في محرّمات الذبيحة, رسالة في الصوم, رسالة في أحكام الشكوك, رسالة في أدعية سعة الرزق وقضاء الدين, رسالة كتبها لعمل المقلدين سمّاها النجفية, وكأنّها في مسائل العبادات الشرعية, شرح على ألفيّة الشهيد, شرح لأسماء الحسنى طويل الذيل جليل الفوائد, تعليقات كثيرة على الشرائع والإرشاد وغير ذلك, كتاب الأحاديث الأربعين، مجموعة في نوادر الأخبار الطريفة.  

 

    كما أن للشيخ القطيفي رأي في قبول الهدية المرسلة من قبل الشاه طهماسب رداً على تقبلها من قبل الشيخ علي الكركي قائلاً : «ترك أخذ ذلك من الظالم أفضل, ولا يعارض ذلك أخذ الحسن عليه السلام جوائز معاوية, لأن ذلك من حقوقهم بالأصالة, إن العالم إذا تورّع عن جوائز الملوك وتنزه عنها وتجنب الانحياز إليهم تورّعا, فلا لوم عليه ولا يقدح ذلك فيه, بل هو طريق السلامة». وقد كثرت المعارضات بينه وبين الشيخ علي الكركي, حتى أن أكثر الإيرادات التي أوردها الشيخ علي الكركي في بعض رسائله في الرضاع والخراج وغيرهما ردَّ عليه.

 

     وقد عرفَ صحة ما ذكره الشيخ القطيفي, إلاّ أن الشيخ علي الكركي اعترض على ردّ القطيفي برسائله ومواقفه, فترى من المفارقات عن واقع اعتراض الكركي وجواب القطيفي عليه, لكن عرف القرن العاشر الهجري ما لفضل الشيخ القطيفي والشيخ الكركي في دعم المذهب الشيعي, وعلمهما وتبحرهما وحلمهما وفضلهما وكانت بينهما مناظرات ومباحثات كثيرة, فلا محيص عن التعارض بين القولين والموقفين, ولا يدري السابق عن اللاحق.

 

    وكانت لتلميذ الشيخين نعمة الله الحلي مواقف مع كلا الشيخين, فقد درس لدى الشيخ علي الكركي ورجع ودرس عند الشيخ إبراهيم القطيفي, فعندما خاصم الشيخ القطيفي الشيخ علي الكركي رجع الأمير نعمة الله الحلي الذي كان من تلامذة الشيخ علي الكركي, رجع عنهُ واتصل بالشيخ إبراهيم القطيفي مع جماعة من العلماء في ذلك العصر كالمولى حسين الأردبيلي والمولى حسين القاضي مسافر والمولى حسين وغيرهم ممن كان بينهم وبين الشيخ القطيفي, ودفع الأمير نعمة الله الحلي مع الجماعة من العلماء دفعوا الشيخ إبراهيم القطيفي على أن يباحث مع الشيخ علي الكركي في مجلس السلطان الشاه طهماسب في مسألة صلاة الجمعة.

 

   لا شبهة في تقدم الشيخين في العلم والتحقيق والتبحّر, كما لا شك في أن الشيخين أبعد غورا وأصحّ رأيا وأقوى سياسة في مواقفهما في ذلك العصر.

 

     اعتمدتُ في إعداد هذه الدراسة على مجموعة من المصادر, أفادت في تحديد نسب الشيخ القطيفي, وكتب تراجم الرجال في ترجمة شيوخ القطيفي وتلاميذه ومعاصريه, واعتمدت في انجاز هذا البحث على كثير من المراجع التي أفادتني, والتي احتوت على معلومات مهمة تتعلَّق بالحياة الإدارية والفكرية للقرن العاشر الهجري, وآخير دعوانا أن الحمد لله ربَّ العالمين, والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.

 

      لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان للأخ والصديق العزيز الأستاذ عدي حاتم عبد الحسين, لما بذله من جهد ووقت في مراجعة وتقويم الكتاب لغوياً, وأخذ على عاتقه تقديم الاقتراحات الصائبة وتحقيقه, وإضافة الملاحظات الإيضاحية وإعداد الكتاب للطبع ومراجعة المسودات.

 

      ومن دواعي العرفان بالجميل يُحتم عليّ أن أتقدم بالشكر الجزيل للدكتور عبد الرضا عوض, للاشارة والبحث والتمحيص في تاريخ العالم الفاضل والمحقق إبراهيم بن سليمان القطيفي, ومساعدته لي علمياً ودعمه معنوياً, واسداء النصيحة في كتابة هذه الدراسة.

 

     أدعو المولى عز وجل أن يوفق جميع من أسدى ليّ النصيحة في دعم كتابي هذا, ولا يفوتنا هنا أن اسجل شكري للصديق الباحث علي عبد الرضا عوض لما بذل لنا في توفير كتاب «موسوعة الفاضل القطيفي», فقمنا بالاستفادة منها في تحقيق هذا الكتاب, مع خالص تقديري واعتزازي.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.