اخر الاخبار:
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

قانون الكتلة النيابية الاكبر// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 سعد السعيدي

  

قانون الكتلة النيابية الاكبر

سعد السعيدي

 

مثل الكثير من مواد الدستور غير الواضحة لابد انه قد لوحظ القصور الذي يلف المادة (76 اولا) منه المتعلقة بالكتلة الاكبر (او الكتلة النيابية الأكثر عدداً كما وردت في الدستور) لتشكيل الحكومة. ولابد انه قد جرى الانتباه الى وجوب توضيح وتثبيت نص هذه الكتلة في تشريع واضح حتى وإن لم يحدد نص المادة على وجوب التشريع القانوني خصوصا مع استحالة تعديلها في الدستور.

 

ارى من المهم بداية وجوب توجيه الشكر الجزيل الى اعضاء تحالف البناء واحدا واحدا لكونهم بمبادرتهم في الجلسة النيابية الاولى قد قاموا مجددا بتنبيهنا الى القصور في الدستور فيما يتعلق بتعريف الكتلة الاكبر. وهذا التنبيه قد جاء عن طريق طرحهم لتفسير جديد للمادة الدستورية اياها في ما يخص تعريف هذه الكتلة. وهم يكونون بمبادرتهم هذه قد اسهموا في فتح اعيننا الى ان هذه المادة ما تزال غائمة وملتبسة بشكل كبير على عكس ما كنا نتصوره في السابق بحيث يصح ان نطلق عليها تعبير حمالة اوجه. وبما اننا نسعى دائما الى الحصول على دستور واضح من كل غموض ولبس سنقوم بمتابعة كل نشاط سيقومون به مستقبلا خصوصاً المتعلق بالدستور في سبيل خدمة البلد ونظامه الديمقراطي!

 

 

لقد تعمد مشرعو الدستور ترك امر الكتلة الاكبر فيه مبهما بحيث لا تكون هذه المادة بشكلها الحالي إلا دعوة مفتوحة للصراعات السياسية المعرقلة لتأسيس تجربة ديمقراطية صحية. فالقوانين يجب ان تكون واضحة لكي تطاع ويجري العمل بها.

 

لم تقم محكمة المحمود الاتحادية في اي وقت من الاوقات كما رأى ويرى الجميع بدورها المطلوب في توضيح امر هذه الكتلة النيابية الأكثر عدداً. إذ انها وبسبب تناغمها المرة تلو الاخرى مع الضغوط السياسية تعمدت تجنب تثبيت العتبة العددية المهمة التي بموجبها يمكن تحديد هذه الكتلة. فمن خلال قرارات سابقة لها تأرجحت المحكمة في تفسيراتها ولم توفر لنا واحدا يمكن الاعتماد عليه بشكل نهائي. وقد قدمت الاتحادية تفسيرها الثالث للكتلة النيابية الأكثر عدداً في ايار الماضي. ثم قد جرى اللجوء اليها مرة اخرى وللمرة الرابعة في الجلسة النيابية الاولى لتقديم تفسير جديد لنفس هذه الكتلة! فها نحن إذن وبعد 15 عاما من النظام الديمقراطي ما زلنا نعود في كل مرة لنفس هذه المحكمة للحصول على تفسير جديد لموضوع هذه الكتلة النيابية. وقطعا سنعود اليها مرات اخرى في المستقبل للغرض نفسه. هذا التكرار في اللجوء الى الاتحادية حول نفس الموضوع هو ليس مما يمكن وصفه بالظاهرة الصحية. والمحكمة باعادة تكرار نفس إهمال تحديد العتبة العددية للكتلة الاكبر إنما تترك الباب مفتوحا لتجدد الازمات السياسية. ويجدر التذكير بان لمحكمة المحمود الاتحادية سابقة خطيرة في نقض قراراتها مع ذلك المتعلق بنواب رئيس الجمهورية التي يتذكرها الجميع. وهذه السابقة كانت ايضا نتاج تناغمها مع الضغوط السياسية. فشل المحكمة الاتحادية في توفير تفسير ثابت لهذه المادة الدستورية كما نص عليه الاخير يضع علامة استفهام كبيرة حول قدرتها على الاستمرار في القيام بهذا الدور في ظل غياب السوابق القانونية الداعمة للنظام الديمقراطي وغياب استقلاليتها وفي تحولها بالنتيجة الى ظهير للصراع بين الكتل والاحزاب السياسية. وهو ما يدعو الجميع للبحث عن طريقة اخرى يجري فيها تثبيت امر هذه الكتلة الاكبر لتلافي استغلال الازمات للكسب الانتخابي والتأخير الناتج في حل مشاكل المجتمع والدولة.

 

هذه الطريقة الاخرى تتمثل بقيام مجلس النواب بتشريع القانون الذي يوضح موضوع هذه الكتلة النيابية الأكثر عدداً. ويتوجب طبعا ان تجري مناقشة هذا القانون بشكل مستفيض وبجلسات علنية تبث عبر الاعلام. وقد انتبهت الدول المتقدمة الى هذه الاشكالية كونها قد مرت بها نفسها بداية. لذلك فقد بادرت الى تشريع قوانين تحدد شروط هذه الكتلة ولم تتركها الى الاجتهاد القضائي.

 

يجب ان يحتوي القانون المزمع تشريعه على وضوح الاساس الذي يحدد الكتلة الاكبر. وليس اية جملة مثلما هو الحال مع المادة (76 اولا) الحالية. هذا الوضوح هو ما سيبعد عنا المؤامرات وابواب التدخلات الدولية. فاوضاع بلدنا لا تحتمل تعقيدات اخرى مثل هذه.

 

فعدا مسألة تحديد في اية جلسة او جلسات نيابية سيجري تحديد هذه الكتلة ومن سيقوم بالاعلان عنها ، يجب ان يوضح هذا الاساس إن كان المقصود بالكتلة النيابية الأكثر عدداً تلك الناتجة عن الانتخابات لكن دون عتبة النصف زائد واحد النيابية ام تلك التي وصلت الى هذه العتبة. كذلك توضيح إن كان المقصود بالعدد هو النواب ام غيرهم. تثبيت كل هذه النقاط بقانون يمكن ان يقطع الطريق امام الفوضى والتأخير الناتج اللذان نشهدهما هذه الايام.

 

بهذا العمل سيجري تجنب التحول الى تقليد وعرف عادة اللجوء الى الاتحادية لتوضيح كل ما تركه الدستور غائما ملتبسا. فالقصور في الدستور هو ليس مما يتوجب تركه الى الاجتهاد القضائي لوحده ، بل بالقانون المدروس والمتفق عليه في مجلس النواب. وهذا هو ما يجري في الممارسة الديمقراطية السليمة خصوصا مع استحالة التعديل الدستوري. واللجوء المتكرر الى الاتحادية في امور مثل هذه هو بمثابة هروب الى الامام ومحاولة لكسب الوقت. وكسب الوقت لاية جهة سياسية معناه اضاعة للوقت الضروري في خدمة مصالح البلد.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.