اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

نحو مستقبل ونهج جديد للواقع العربي في اسرائيل// نبيل عودة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نبيل عودة

 

عرض صفحة الكاتب

نحو مستقبل ونهج جديد للواقع العربي في اسرائيل

نبيل عودة

فلسطين

 

*الطابع الشخصي الذي فرضه فوز علي سلام برئاسة بلدية الناصرة على كل الواقع العربي في اسرائيل سيصبح في المرحلة القادمة منهجا لكل السلطات المحلية العربية* يجب ان نبدأ بالتحضير لتنظيم مجتمع مدني، مجتمع لكل المفكرين والنشطاء والغيورين على مدينتهم ومجتمعهم وثقافتهم ومستقبلهم*

***********

عندما انضم ابناء جيلي، لمعسكر الفكر الماركسي، كنا نتفجر بالطاقات الفكرية والنضالية، والثقة التي لا تتزعزع بصحة نهجنا، وبأننا قادرون على تحقيق ما كان يبدو مستحيلاً، بالانتصار على الاعداء الطبقيين، والانضمام الى العالم الحضاري المتنور، عالم العدالة الاجتماعية والحرية البعيد عن الاستغلال، الا وهو العالم الاشتراكي. لكن اتضح فيما بعد ان ما كان يبدو قريب التحقيق سقط واندثر، وما جرى قلب كل الأحلام التي داعبت خيالنا لأكثر من نصف قرن.

تجاوزنا جيل الحماسة والاندفاع، وبدأنا ننظر للقضايا الفكرية والاجتماعية، بواقعية ومنطق مختلفين عن أساليب التلقين الحزبية التي واصلت التمسك بنفس النهج والتصرف وكأن ما جرى من انهيار المعسكر الاشتراكي والفكر الحزبي السائد فيه، سيجري تجاوزه، وتستعيد شعوب المعسكر الاشتراكي نظامها الاشتراكي. رغم ما تبين من فساد تلك الأنظمة بعد الانهيار المدوي للدول الاشتراكية، وما تبين من تخلي جارف لمواطني الدول الاشتراكية عن انظمتهم.

انعكس هذا الواقع أيضا على الحركة الشيوعية التي بدأت تتهاوى عالميا، بينما النظام الرأسمالي مع كل نواقصه الكبيرة عمق نظامه الديموقراطي وطور اقتصاده وعمق مستوى الرفاهية الاجتماعية والتأمينات الاجتماعية المختلفة وطور التعليم والعلوم محققا السبق في المنافسة مع النظام الاشتراكي. وأفضل مقارنة لفهم هذا الواقع هو مقياس حصة المواطن الفرد من الدخل القومي الإجمالي للدولة، حيث نجد ان العالم الاشتراكي لم يتجاوز عشرة الاف دولار للفرد والعالم الرأسمالي تجاوز الخمسين ألف دولار للفرد.

إن عدم قدرة الأحزاب الشيوعية الفكرية، وعدم رغبتها، وربما خوفها، من اعادة تقييم المرحلة التاريخية لتجربتها، بدءاَ من أول تنظيم شيوعي عرفه التاريخ، في أواسط القرن التاسع عشر، على يد أباء الفلسفة الماركسية –ماركس وانجلز ... ووصولا لثورة أكتوبر وتجربتها التاريخية وانهيار هذه التجربة وانهيار العالم الاشتراكي برمته، هو من دلائل مواصلة الانهيار في البنى التنظيمية للأحزاب الشيوعية، وفقدانها لطليعتها الفكرية، وأحيانا التنظيمية في مجتمعاتها. هذه الأحزاب لم تنجح حتى اليوم بطرح شعارات جديدة قادرة على تجنيد قوى وراء شعاراتها.

تجربتنا المحلية في اسرائيل، التي حملت اسم الجبهة في السنوات الأخيرة، سرعان ما تراجعت وخسرت مواقعها ودورها المجتمعي والسياسي الطليعي. أبرز ما يمكن ملاحظته هو غياب قيادات قادرة على التجديد الفكري والتنظيمي والاعلامي واحداث انطلاقة جديدة في الواقع السياسي عامة، وخاصة في إطار ادارة السلطات المحلية، وهي اهم قوة  وسياسية مؤثرة في الوسط العربي .. لذا ليس بالصدفة ان قوة التنظيمات الحزبية (الجبهوية) لم تعد قادرة على الصمود في المنافسات الانتخابية المحلية في إطار البلدات العربية. أكبر دليل على ذلك هو ما جرى في مدينة الناصرة، أكبر البلدات العربية، وارى انه معيار لواقع متغير سيفرض نفسه على نهج المستقبل في المجتمع العربي، بإطار تنظيمات مجتمع مدني مفتوحة لكل أصحاب القدرات الفكرية والعقلية والابداعية للمواطنين، بدون ايديولوجيات ثبت سقوطها ومعايير طبقية انتهى زمنها.

لا بد من طرح رؤية جديدة، ومهام تتمشى مع عصرنا المتطور، على رأس هذه المهام طرح فكرة الدولة الديمقراطية، دولة صيانة حقوق الأنسان وحماية حقوق المواطن والحق بالمساواة، وان التعبير الأكثر ضرورة هو تعميق الخدمات للمواطنين في جميع مجالات الحياة، من التعليم والصحة والتأمينات الاجتماعية والرياضة والثقافة. وهي في ظروفنا العربية داخل اسرائيل، تتعلق بنوعية السلطات المحلية، وهذا سيكون دور تنظيمات المجتمع المدني، وما اراه اليوم ان الناصرة تخطو بقوة، نحو ترسيخ هذا النهج، رغم الطابع الشخصي حتى اليوم الذي ميز انتصار علي سلام الهام جدا والمؤثر جدا، على كل الواقع العربي داخل اسرائيل. والذي اتوقع ان يسود في المرحلة القادمة كل السلطات المحلية العربية. 

من هنا الاستنتاج البسيط ان الأحزاب تعيش آخر ايامها. هذا ما جرى في اوروبا وينتشر بقوة في مختلف انحاء العالم. ونحن لن نكون الشواذ عن القاعدة. هنا ايضا يجب ان نبدأ بالتحضير لتنظيم مجتمع مدني، مجتمع لكل المفكرين والنشطاء والغيورين على مدينتهم ومجتمعهم وثقافتهم ومستقبلهم. 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.