اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (129)- الاعظمي في تستور

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (129)

 

الاعظمي في تستور

        اعزائي القراء الاكارم، اشعر اليوم برغبة في الحديث عن واحد من المهرجانات الفنية العربية التي شاركتُ فيها وانا في مستهل مسيرتي الفنية، التي بدأت رسميا مطلع عام 1973 في المتحف البغدادي، وهذا المهرجان هو (مهرجان تستور الدولي) في تونس الخضراء. منتصف السبعينات من القرن الماضي. وهذا الحديث من حلقتنا هذه منقول ايضا وبتصرف بعض الشيء من كتاب الحكايات، الحلقة الاولى من الفصل الاول في الباب الثاني. ولكون مشاركتي في هذا المهرجان فيها تفصيلات وانعطافة فنية، كنت قد دوّنت يومياتها ونشرتها في الكتاب المذكور بحلقة من حلقاته. اود ان تطلعوا على اهم مضمونها الان..! اذا ما تذكرنا ان بدايتي الفنية في سنواتها الاولى كانت بداية غير عادية، حيث اصبح اسمي كمطرب للمقام العراقي في مصاف الاسماء الكبيرة من مغني المقامات العراقية وفي زمن قياسي مثير، في سنوات اولى كثيفة في انعطافاتها الفنية التي نقلتني بسرعة الى الواجهة..! ولعلنا سنلاحظ شيء من ذلك الظهور السريع في حكايتنا لهذا اليوم في موسوعتنا اليومية.. على كل حال، لاداعي للاطالة، اترككم مع يوميات هذه السفرة التي كانت زيارتي الاولى الى تونس..

 

الاعـظمي والفرقة الموسيقية على مسرح تستور

        تبدو حكايتنا لهذا اليوم  تستحق الاهتمام. إلا أنني سأختصر كثيراً في حكايتها.. فقد وردت الى وزارة الثقافة والاعلام العراقية، دعوة رسمية فنية من وزارة الثقافة في تونس للمشاركة في مهرجان تستور العاشر، وحددت أسماء الفنانين المدعوين بالمطرب الكبير يوسف عمر وعازف الجوزة الشهير شعوبي ابراهيم وخبير المقام العراقي الحاج هاشم الرجب.. مع بعض العازفين ترشحهم وزارة الثقافة والاعلام في بغداد مع هؤلاء الفنانين الكبار.. ولكن المفاجأة كانت إعتذار، أو في الحقيقة رفض كل من المطرب يوسف عمر وعازف الجوزة شعوبي ابراهيم السفر الى تونس بوجود الحاج هاشم الرجب معهم، نظراً للخلاف التقليدي المعروف في الاوساط الفنية بالعراق بين يوسف عمر وشعوبي ابراهيم من جهة، والحاج هاشم الرجب من جهة اخرى، وعلى مدى تاريخهم الفني، حيث لا يمكن أن يلتقوا في اي عمل فني..! أما من جهة الحاج الرجب فقد تمسك في موقفه بتلبية دعوة الاخوة التونسيين.. وظل كل من الطرفين متمسك بموقفه، وهكذا أصبح في الموضوع مشكلة..!

           في هذه الحالة، توجـَّب على دائرة الفنون الموسيقية أن تحل الموضوع، أما الاعتذار عن تلبية الدعوة من اساسها، أو ترشيح فنانين آخرين..

          جاء الحاج هاشم الرجب يوما الى دائرتنا (دائرة المستشار الفني) ودخل ليستريح في إحدى الغرف، فخرج عليه المدير العام للدائرة الموسيقار منير بشير، وتحدثا بموضوع المطرب البديل ليوسف عمر للمشاركة في مهرجان تستور العاشر بتونس.. وفي هذه الاثناء كنت في غرفتي بالدائرة، القريبة جداً من الغرفة التي يتحدثان بها الحاج الرجب والمدير العام منير بشير، وصوتهما مسموع بصورة واضحة.. سأل منير بشير الحاج هاشم الرجب..

 

-    من ترشح بديلاً عن يوسف عمر للذهاب معك الى تونس..؟

-    فاجابه الرجب، المطرب حمزة السعداوي..

رد عليه المدير العام مباشرة ،

-    كلا..! أرى أن تأخذ معك حسين اسماعيل..

فاجاب الرجب سريعا دون تردد

-    موافق على مـا تقول، حسين مطرب جيد..

 

        صحيح ان الحاج الرجب لم يتأخر بموافقته على رأي المرحوم منير بشير في قضية ترشيحي.. وصحيح أن الرجب كان مقتنعاً بترشيحي، أو في الحقيقة لا وجود لمبرر لديه من عدم موافقته على ترشيحي بديلاً.. ولكن كما يبدو، أن هدفه الاسمى هو ضمان إبعاد يوسف عمر عن السفرة..! فلا فارق لديه ان كنت انا البديل ام حمزة السعداوي..! وسرعان ما تقرر ذلك وصدر الامر الاداري في دائرتنا بعد أيام قليلة وارسل الى وزارة الثقافة والاعلام كي يصدر أمراً وزارياً بهذا الشأن.. وبعد بضعة أيام صدر الأمر الوزاري فعلاً في وزارة الثقافة والاعلام الذي نص على ترشيحي بديلاً عن يوسف عمر..!

 

        لكن الامر لم ينتهى بعد، خاصة بالنسبة للفنانين الكبيرين يوسف عمر وشعوبي ابراهيم، حيث لم يكونا قد علما بهذه التطورات، وكان يوسف عمر مهتماً بالموضوع كثيراً..

 

         مرت اياما، ويوسف عمر وشعوبي ابراهيم يترقبان الموضوع عن كثب.. حتى جاء المرحوم يوسف عمر في احد الايام الى الدائرة ليعرف مصير هذه الدعوة والى أي قرار وصلت.. ودخل الى غرفة المدير العام ومكث حوالي عشر دقائق ثم خرج منها وغادر الدائرة..

 

       ما هي إلا دقيقة واحدة حتى نودي عليَّ من قبل سكرتيرة المدير العام بالمثول لدى المدير العام، وما أن أصبحت أمام السيد المدير الموسيقار الراحل منير بشير، حتى بادرني مباشرة وقال..

-    هذا الرجل أنصفك..!

    لم أدرك في البداية ما يرمي اليه السيد المدير العام، فقلت له مستفهما بصورة عفوية..

-    من هذا الرجل الذي تقصد استاذ..؟

استريح .. استريح..

-    انه يوسف عمر.. فقد جاء يسأل عن دعوة مهرجان تستور، وعندما أخبرته بترشيحك بدلاً منه، وقف وقال

-    هذا هو البديل المناسب، فحسين هو أحسن الموجودين، فقد جئتك كي أعرف من سيذهب بديلاً عني، فأنا الآن مطمئن وإسمح لي بالمغادرة..

 

        إستوقفني هذا الموقف المثير من فناننا الكبير يوسف عمر، فقد كانت شهادة كبيرة في حقي من أفضل مطرب مقامي في ذلك الوقت، لدى مديري واستاذي الموسيقار منير بشير.. مع اني كنت في بداية خطواتي الفنية ولم يمضي على تجربتي الفنية أكثر من سنتين او ثلاث سنوات..!

 

        اخيرا كانت تسمية أعضاء الوفد وصدور الامر الوزاري بناءا على الامر الاداري الذي كان قد صدر في دائرة الفنون الموسيقية بهــــــذه الاسماء التالية..

 

-    الحاج هاشم الرجب       /عازفا على آلة السنطور     رئيسا للوفد

-    حسين اسماعيل الاعظمي                / مطرباً

-    باهر هاشم الرجب                 / عازفاً على آلة القانون

-    حسن النقيب                      / عازفاً   =   =  الجوزة

-    جبار سلمان احمد                 / عازفاً   =   = الرق

-    سامي عبد الاحد                   / عازفاً  =   = الطبلة

 

           عند سفرنا الى تونس تخلف عن السفر سامي عبد الاحد ولم يسافر معنا لإنشغاله بمهمة اخرى مع المطرب سعدون جابر في سوريا، واعتمدنا على العازف جبار سلمان في الإيقاع.. كانت مغادرتنا بغداد يوم 26/6/1974 الى تونس عن طريق روما (ترانسيت) حيث نستبدل طائرتنا العراقية بطائرة اخرى من الخطوط التونسية، ولكن عند وصولنا الى مطار روما، فوجئنا بمغادرة الطائرة التي تقلنا الى تونس ولم نلحق بها..! واضطررنا البقاء في روما ثلاثة أيام على حساب الخطوط الجوية، حيث قــُدِّر لنا أن نشـــــــاهد روما بعض الايام التي لم تكن في الحسبان..

        وحكاية هذه الصورة، الصورة رقم1، التي نظهر فيها على مسرح المهرجان عند إجراء جنرال بروفة يوم 2/7/1974 وكانت حفلتنا الاولى في هذا اليوم ولثلاثة أيام متتالية..  وأبرز ما في الموضوع، اليافطات الكثيرة التي نشرها إخوتنا التونسيين في كل مدينة تستور ترحيباً بقدومنا، وكانت أبرزها اليافطة المعـلقة على خشبة المسرح والواضحة في الصــــورة والتي تقول هذيـْن البيتيـْن من الشعر التي كانت منتشرة ايضا في كل ارجاء مدينة تستور..

 

أبناء دجـــــــــــــلة مرحباً       فــــــــــــاضت بنا الاشواقُ

فـكأن تستــــــــــــــورٌ بكم       قـــــــــــــــد زارها إسحاقُ

 

 

     ومدينة تستور في اصلها قرية بسيطة تبعد عن العاصمة التونسية ثمانين كيلو متر تقريبا، ورغم انها تتطور ببطئ، الا ان معالمها تتغير تدريجيا عبر السنين التي تمر، لتكتسب رويدا رويدا صفة المدينة من حيث البناء والعمران.. فقد زرتها اكثر من مرة في الاعوام (1974 و1981 و1985 و1992 و1994 و2002 و2007) عندما كنت اذهب للقاء اقدم صديق لي في هذه المدينة الذي تعرفت عليه في هذه الزيارة الاولى لي الى تونس الخضراء، انه اخي كمال الزناتي، فكنت اذهب اليه او ياتيني الى العاصمة لياخذني الى تستور القرية والمدينة الاثيرة

 

        هذا ويذكر أننا في سفرتنا الاولى هذه عام 1974 الى تونس ومهرجان تستور العاشر، أقمنا بعض الحفلات قبل وصولنا الى تستور، وحفلات أخرى بعد مغادرتنا تستور، من شمال تونس حتى جنوبها، فكانت في محافظات عديدة منها المنستير وسوسة ونابل والحمامات وصفاقس وبنزرت وطبربة فضلا عن ثلاث حفلات المهرجان في تستور..

وللتاريخ اثر عميق

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.