اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

دور حزب البعث في الإرهاب الداعشي// صباح كنجي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صباح كنجي

 

عرض صفحة الكاتب

دور حزب البعث في الإرهاب الداعشي

صباح كنجي

منتصف آذار 2019

 

المقدمة :

سنتابع في هذا الفصل من خلال الأدلة و المعلومات والوثائق شبكة العلاقة بين حزب البعث .. الذي مارس الارهاب السافر.. في اكثر من حقبة زمنية من تاريخ العراق قبل وصوله للسلطة.. حيث مارس الاغتيالات بشكل واسع.. واثناء وجوده في السلطة.. بعد انقلابه الأول في الثامن من شباط عام 1963 .. والثاني في 17 ـ 30 تموز 1968 ..

 

سنتوقف لنمعن النظر في سلوك وممارسات بقايا هذا التنظيم بعد سقوط النظام الدكتاتوري البعثي في التاسع من نيسان 2003.. التي شهدت تواصلا للمزيد من العنف والفصول الدامية من ارهاب البعثيين الذين مارسوا الخطف والاغتيالات والتفجيرات و صنع المفخخات ونصب العبوات الناسفة.. التي تتالت لتزهق آلاف الارواح في سلسلة جرائم بشعة.. جرى تنفيذها في بغداد وعموم العراق.. من خلال الواجهات التي اعدها النظام مسبقاً لتأدية هذا الدور..

 

تمثلت بكتائب وخلايا مارست العنف تحت ستار مواجهة الامريكان والقوات الغازية.. التي تباهى بها حزب البعث واصدر من خلال عدة مواقع اعلامية تابعة له العديد من التصريحات والبيانات العسكرية بإشراف وتوقيع القيادة العامة للقوات المسلحة.. التي يقودها عزة الدوري مع شلة من الضباط والعناصر القيادية في حزب البعث.. ممن لم يجري اعتقالهم وبقوا يمارسون دورهم الارهابي لفترة طويلة.. في نطاق ما كان يعرف بـ "المعارضة الشريفة"  التي كانت تتوزع الادوار وتتقاسم الجرائم ..

 

هذه المعارضة التي انخرط البعض منها في تشكيلات تابعة لحزب البعث مباشرة كـ النقشبندية المرتبطة بعزة الدوري مباشرة.. بالإضافة الى مجموعة كتائب خاصة بحزب البعث .. التي كانت تنسق مع مجموعات ارهابية اسلامية كالقاعدة التي فسح لعناصرها المجال للدخول الى العراق وممارسة النشاط العلني في ارجائه.. بحجة مقاومة الامريكان اثناء المواجهة مع امريكا بعد غزو الكويت وحرب الخليج الثانية قبل الشروع في الحرب التي اطاحت بالنظام ..

 

وكانت هذه المهمة مناطة بطه الجزراوي الذي كان يشغل عدة مواقع في سلطة البعث والدولة.. تمثلت بعضوية القيادة القومية والقطرية ومجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الجمهورية والقائد العام   لتشكيل الجيش الشعبي  .. الذي اخذ يعلن عن عدد المتطوعين الانتحاريين الوافدين من خارج العراق لمواجهة الامريكان و دخول الآلاف منهم.. واضن ان العدد الذي اعلنه في آخر تصريح له.. كان قد ذكر فيه دخول 12 الف انتحاري تم استقطابهم من عدة دول عربية واسلامية ومن منظمات حزب البعث في البلدان العربية و أوربا ..

 

بالإضافة الى العلاقات التنسيقية التي اعلن عنها مع منظمات اسلامية متطرفة جرى اعدادها وتشكيلها من خلال عناصر بعثية وضباط مخابرات وأمن.. شغلوا مواقع قيادية في تشكيلات اجهزة القمع البعثية اثناء السلطة.. اندمجوا في هيكلية عدة منظمات ارهابية.. بالأخص ما له علاقة بهيكلية تنظيم دولة  الخلافة الاسلامية الاجرامية ـ داعش التي شكل البعثيون اكثر من 60 % من قوام عناصرها القيادية بمن فيهم البغدادي ..

 

يقول سالم الجميلي ضابط المخابرات الذي كان يدير شعبة أمريكا في لقاء متلفز اجراه معه سالم مسافر تم بثه من خلال قناة روسيا اليوم .. بدأت العلاقة مع بعض المنظمات الاسلامية في فترة الثمانينات وفي التسعينات صدر اليهم توجيه بالتوقف والابتعاد عن هذا الملف .. وحينما كان مسؤولا عن ملف سوريا كانت لدينا علاقة مع جماعة الاخوان المسلمين في سوريا من خلال عدنان عقلة  الذين كان لتنظيمه علاقة مع اسامة بن لادن اثناء وجوده في السودان.. وعرض الاخوان المسلمون علينا اقامة علاقة مع بن لادن للتنسيق والعمل ضد السعودية.. وحصلنا على موافقة لإرسال رسالة عن طريق شقيق عدنان عقلة الذي كان يقيم في دولة مجاورة للعراق والتقى به سالم الجميلي في بغداد في فندق المنصور ميليا وكلفناه بحمل رسالة الى بن لادن .. باعتبار لدينا موقف ضد الوجود الامريكي في السعودية لكي نتعاون ضد العدو المشترك والضغط عليه كي يخرج من الجزيرة العربية .. وعاد الينا محملا بجواب من الشيخ اسامة بن لادن : انه يرى النظام البعثي في العراق المسؤول عن جلب الامريكان الى المنطقة وانه.. أي اسامة.. لا يمكن ان يعمل مع النظام ..

 

وسعينا من خلال محاولة ثانية عن طريق حسن الترابي في فترة حكم نجيب الله في افغانستان .. لكن يبدو ان جهود البعثيين قد اصطدمت بمخططات امريكا التي  طلبت من بن لادن الانتقال الى افغانستان لخوض الحرب ضد الوجود السوفييتي بحكم التنسيق الاقوى والاكثر فاعلية بين القاعدة واميركا آنذاك..

 

كما ذكر الجميلي ايضا.. في ذات اللقاء.. ما كان قد تسرب اليهم عن الزرقاوي ووجوده في العراق ويقول : سألت المسؤول عن قسم الاردن في جهاز المخابرات قال : لدينا اشارة من الاردن تؤكد ان الزرقاوي مصاب ويعالج في البتاوين  ببغداد..

 

وفي ذات اللقاء يواصل الحديث لكشف المزيد من الجهود ويؤكد : جرت محاولة لعقد علاقة مع حكومة طالبان من خلال وزير لهم يقيم في الباكستان .. وجرى تقديم طلب لهم .. لكن طارق عزيز اوقف هذا التوجه.. وكان الرئيس العراقي صدّام حسين قد دعا العراقيين المغتربين والعرب كذلك في خطابه التحريضي ـ الإستجدائي إلى: " تلبية واجب الجهاد .. لأن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة تستهدف الإسلام  ."

 

ونشرت الصحف المأجورة خبراً عن تحشد من 6 آلاف مغترب عراقي، بالقرب من مخيم الرويشد على الحدود الأردنية العراقية يريدون الدفاع عن أرضهم... مع كمشة بهارات واغراءات لتأكيد الخبر.. عن جهود السفارة العراقية في الأردن لتمكين الآلاف من العراقيين من العبور وتسهيل امر حصولهم على الاوراق الثبوتية، و تجاوز الحدود باتجاه البلد الذي تركوه هرباً من صدّام حسين ونظامه الدموي..

 

 ولم تكتفي الابواق المدعومة من النظام عند هذا الحد ولجأت لحياكة المزيد من الاخبار المضحكة ونشرت خبراً مفبركاً عن مفتي روسي أعلن الجهاد على اميركا من موسكو يدعى طلعت تاج الدين ووصفته من كبار رجال الدين المسلمين في القسم الاوروبي من روسيا.. بسبب الحرب التي تشنها على العراق، كما ذكرت وكالة انترفاكس. ونقلت الوكالة عن المفتي تاج الدين قوله "ان المسلمين الروس يملكون وسائل ضغط حقيقية على الولايات المتحدة. سننشئ خصوصا صندوق تبرعات وسنشتري اسلحة لمقاتلة اميركا ومواد غذائية للشعب العراقي". واكد ان نتائج الجهاد المعلن ستكون ظاهرة في غضون يومين او ثلاثة ايام..

 

وترافق مع هذا النشاط الاعلامي.. الإعلان عن وجود متطوعين من اليمن في العراق.. مستعدون لشن هجمات انتحارية و عمليات "استشهادية"  ضد القوات الامريكية والبريطانية التي غزت البلاد بعد 14 يوماً من اعلان الحرب ودخول تلك القوات الاراضي العراقي في جبهة البصرة جنوب العراق.

 

وتم استعراض 35 متطوعاً يمنياً يرتدون الزي العسكري ويحملون البنادق اخذوا يكبرون وهم يسيرون نحوى فندق فلسطين وسط العاصمة بغداد الذي تحول الى ملجأ ومقر للصحفيين الاجانب.

 

وفي ذات الوقت تم الاعلان عن وجود انصار الاسلام في الشريط الحدودي مع ايران  واستعدادهم للقيام بـ "عمليات استشهادية" وقالت هذه المجموعة في بيان نشر حينها على موقع اسلامي في شبكة الانترنت: ان عناصر هذه المجموعة المتمركزة في مناطق حدودية اعادت انتشارها وتأهبت لشن "عمليات استشهادية" ضد القوات الصليبية الغازية.. التي بدأت بقصف مناطق تواجدنا الاسبوع الماضي (..) قررت قيادة الانصار مواجهة اعدائها بتكتيكات قتالية جديدة من خلال تغيير مراكز انطلاق المجاهدين وبشكل يجنبهم الاستهداف المباشر من الجو".

 

 واضاف البيان "اخلى اخوانكم المجاهدين مواقعهم بشكل كامل مساء 27 آذار/مارس ومعهم كامل عدتهم وعتادهم وتجهيزاتهم العسكرية منتقلين الى مراكز جديدة اكثر ملائمة لطبيعة المعارك القادمة".

 

 وتابع "قررت قيادة الانصار ان تكون المبادرة لها باختيار مكان المعارك ووقتها". من جهة اخرى هدد "امير انصار الاسلام في كردستان ابو عبد الله الشافعي" في رسالة "الى مسلمي كردستان والعراق والعالم" بالقيام "بعمليات استشهادية ضد القوات الصليبية الاميركية البريطانية".

 

 وقال "نعاهدكم (..) بان نجعل هذه الارض مقبرة اخرى للصليبيين وعملائهم الاذلاء" مضيفا "ابشركم بان 300 مجاهد استشهادي جددوا بيعتهم لله عز وجل لكي يكونوا مشاريع استشهادية لنصرة دين الله وسوف ترون نتائج ذلك بإذن الله قريبا". وكان قائد اركان الجيوش الاميركية الجنرال ريتشارد مايرز اكد الاحد ان القوات الاميركية وعناصر حليفها الاتحاد الوطني الكردستاني دمروا معسكراً يشتبه في استخدامه من قبل انصار الاسلام.

 

 وفي ذات السياق دعا وزير الخارجية العراقي ناجي صبري قوات التحالف الى "الانسحاب المبكر" للحد من خسائرهم.. وكرر نداؤه لقوات التحالف الاميركي-البريطاني لتسليم أنفسهم بدلا من الموت الذي ينتظرهم .. وأكد ان العراق سيعامل الأسري وفقاً للشريعة الاسلامية وسيحترم اتفاقيات جنيف .. و دعا التحالف الى الانسحاب من الأراضي العراقية .

 

وقال الوزير العراقي  في مؤتمره الصحافي في العاصمة بغداد.. ليس امامهم الاّ الانسحاب المبكر بسرعة وانسحابهم اليوم قبل الغد افضل لهم لانه يوفر عليهم المزيد من الخسائر في الارواح والمعدات". واكد ان قوات التحالف "تندحر على كل الجبهات وتتراجع امام الضربات القوية المدمرة التي يوجهها العراقيون مدنيون وعسكريون". وفي "كل يوم يمر يغوص فيه الاميركيون والبريطانيون في وحل الهزيمة اكثر وتزداد خسائرهم".

 

كما اكد ان عدد الاستشهاديين العرب الذي وصلوا الى العراق "تعدى الخمسة الاف" متطوع  من كل الدول العربية . و أشار الى ان العراق يقوم بتدريبهم للقيام بعمليات استشهادية .

 

  وتم ايضاً الاعلان عن وصول اول مجموعة من المتطوعين العرب من سرايا القدس الفلسطينية وهي الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامية بينهم الانتحاريون للمشاركة في الحرب الدائرة.. وقال بيان صادر عنهم: ان مهمة المتطوعين الذين وصلوا الى بغداد هي "القيام بواجبهم المقدس في الدفاع عن الاراضي العربية والاسلامية، وذلك بشن هجمات على القوات الاميركية والبريطانية في العراق"..

 

وقال اللواء حازم الراوي المتحدث باسم الجيش العراقي في مؤتمر صحفي عقده في بغداد ان العمليات الاستشهادية ضد القوات البريطانية والاميركية سوف تتصاعد مع استمرار الحرب.. وجاءت هذه التطورات بعد يوم واحد من قيام ضابط عراقي بعملية انتحارية اسفرت عن قتل اربعة جنود اميركيين في النجف جنوب العراق. واكد ان هذه مجرد بداية لسلسلة عمليات "استشهادية" ضد القوات الاميركية والبريطانية.

 

أما نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان ـ طه الجزراوي ـ  فقد قال ان الهجمات "الاستشهادية" ستصبح شيئاً روتينياً في الفترة القادمة.

 

  ونقلت رويترز تصريحاً للقيادة المركزية الأمريكية يؤكد إن قواتها تواجه "سلوكا إرهابيا" عراقيا ينم عن اليأس بعد تفجير انتحاري أدى إلى قتل أربعة جنود أمريكيين.. وقال الميجر جنرال فيكتو رينوارت يوم السبت إن تفجير سيارة عند نقطة تفتيش قرب مدينة النجف الواقعة في وسط العراق نوع من العمليات المرتبطة "بالإرهابيين." وقدم الرئيس الأمريكي جورج بوش تقييما متفائلا للعمليات العسكرية الأمريكية ولكنه قال :إن قواته تقاتل وحدات الجيش العراقي "الأكثر يأسا."

 

 ووصف مذيع بالتلفزيون العراقي الهجوم " الاستشهادي " بوصفه بداية مباركة على طريق التضحية والشهادة واضاف ان الرئيس العراقي صدام حسين.. منح اوسمة للضابط المنفذ للعملية من الجيش.

 

  وفي برنامج للجزيرة بعنوان مأساة المتطوعين العرب في العراق.. الذي قدمه محمد كريشان قال مراسل الجزيرة المتهم بالإرهاب تيسير علوني عن موقف العراقيين من المتطوعين العرب وطريقة معاملتهم لهم:

 

ـ  بدأ الأمر بتوارد المتطوعين العرب في وقت مبكر.. من قبل بدء الحملة العسكرية على العراق.. لا بأس من البدء - على ما أعتقد - بمعلومات إحصائية، وردتنا أرقام كثيرة الحقيقة، آخر من تحدث عن هذا الموضوع -على ما أذكر- هو وزير الخارجية العراقي وأيضاً طه ياسين رمضان قال: إن العدد وصل إلى ستة آلاف، لكن علوني اضاف اليه من عنده الفين ليصبح  8 آلاف متطوع عربي وصلوا من مختلف الأقطار العربية والإسلامية.) الذين بقوا وثبتوا و رآهم في العاصمة العراقية بعد دخول القوات الأميركية بحوالي أسبوع، في نقاط  يسيطرون عليها واشتركوا في معركة نفق الشرطة كآخر معركة خاضها هؤلاء المتطوعون العرب، مواصلا اكاذيبه..

 

ذهبت بنفسي إلى المكان، وأخذت شهادات وإفادات من السكان الذين كانوا يمدونهم بالطعام والشراب، ويحاولون إقناعهم بالانسحاب، يقولون لهم: إن بغداد سقطت، إن القوات الأميركية موزعة في جميع أنحاء العاصمة العراقية، لكن هؤلاء يردون بالرفض، يقولون جئنا إما.. لننال إحدى الحسنيين .. إما النصر وإما الشهادة، استمرت المعركة مدة ساعة، شارك فيها 11 متطوعاً انتهت بالقضاء عليهم ودُفنوا في مسجد بالقرب من نفق الشرطة .

 

 واستكمل تيسر تقريره الملفق بالقول : الذي يتردد في بغداد وصول الناس لقناعة مشتركة أن هؤلاء لم يأتوا للدفاع عن نظام الحكم القائم في العراق، وإنما للدفاع عن أرض عربية إسلامية، يدوسها الغزاة الأميركيون ..

 

 لكن محمد كريشان استوقفه بطريقة اقرب الى السخرية قائلا له: تيسير، رغم ذلك هناك روايات نُشرت في الصحف العربية تشير الى الخيانة التي أشرت إليها لكن أيضاً إلى ما وصفوه بسوء معاملة الأهالي لهم، أشرت إلى الدفاع عن نظام الرئيس صدام حسين، البعض فعلاً اعتبرهم كذلك، واعتبر أنهم جاءوا دفاعاً عن نظام الرئيس صدام حسين.. لهذا السبب أُهينوا، وعُذِّبوا، وأُسيئت معاملتهم، وسُلِّموا للقوات الأميركية مقابل مبالغ مالية، هذه روايات لا نجزم بصحتها هي مجرد روايات لا نعلم مدى دقتها، هل هناك بعض الحديث من هذا القبيل في بغداد؟

 

تيسير علوني: نعم حصلت هناك بعض الاعتداءات عليهم، تعرضوا لسوء المعاملة في بعض المناطق البغدادية، على ما يبدو نتيجة سوء فهم، كانوا يخلطون بين المتطوعين العرب أحياناً و فدائي صدام، قيل في بعض أحياء بغداد مثل مدينة الثورة التي أصبح اسمها مدينة الصدر، قيل إن هؤلاء المتطوعين كانوا يتقاضون مبالغ طائلة من النظام العراقي من أجل قتل الشيعة.. هذه الروايات سمعناها، لكن فيما يبدو الصورة صُححت في النهاية، هناك روايات مؤكدة، ونحن نشرنا تقريراً عن بعض الجرحى العرب الذين عولجوا مثلاً في مستشفى القادسية كان الجرحى العراقيين يشتكون بأن الأطباء العراقيين يعاملون الجرحى العرب معاملة أفضل من معاملتهم لبقية الجرحى، هذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن تلك الصورة صُححت، قيل لنا: أنه في نفس هذا الحي من مدينة الصدر- سُلِّم بعض المتطوعين العرب إلى القوات الأميركية، لكن تلقينا إجماعاً على رفض هذا الكلام، على إنكاره تماماً، أنه لم يتم تسليم أي من المتطوعين العرب، وإنما الذين سُلِّموا هم من فدائي صدام، بينما عومل المتطوعين العرب معاملة حسنة، وأُخرجوا في النهاية من ذلك الحي..

 

في الوقت الذي قدمت صحف اخرى صوراً كاريكاتيرية لهؤلاء البائسين المخدوعين وأكدت ان اجهزة القمع الصدامية بدأت حال استقبالهم على سحب جوازاتهم وأُودعتها في مكان غير معلوم لهم و حين عادوا من المعارك أو عادوا من أماكن تواجدهم أصبحوا يجهلون اماكن تجمعهم وبحثوا عن جوازات سفرهم بلا نتيجة، وبقية أماناتهم، من أموال و ملابس وحاجيات شخصية قد تلاشت واصبحوا هائمين على وجوههم في شوارع بغداد، حتى أن متطوِّعاً مغربياً نُشرت شهادته في صحيفة لندنية قال: ما كنا نعرف أنه مكروه بهذا الشكل في البلد، أنا أنتمي الى مدرسة فكرية ترى أن هذا النظام مهما كان فاسداً رفْعُ السلاح في وجهه يؤدي إلى فتن طاحنة، أما الأميركي الغازي المعتدي فلا شبهة إطلاقاً في قتاله، لأنه كافرٌ معتدٍ، داس أرض المسلمين، لا يجوز له بأي حق أن يوجد فيها.

 

 واستكمالا للصورة الواقعية من تراجيديا الحدث كشفت سيدة اردنية قصة شقيقها محمد المحصاوي المجاهد الأردني الذي كان بين المتطوعين المخدوعين.. الذي نقل لها ما حدث له ومن كان معه مؤكداً: تم تزويد كل واحد منا بحزام متفجرات ناسف.. وتم نقلنا بباصات على دفعات الى منطقة المطار، كنت في الدفعة الثانية، ولو كنت في الدفعة الأولى لما كنت الآن على قيد الحياة، واوضح: كنا في الطريق إلى محرقة المطار استوقفنا أحد الشرفاء، وقال لنا: ارجعوا.. ارجعوا، لأن الأحزمة التي ترتدونها لا نفجر بسبب خلل فني فرجعنا لنجد أن المعسكر الذي كنا فيه والمعسكر المجاور له ايضا قد دُمِّرا تماماً..

 

وذكرني هذا بما حدث في الحرب العراقية الايرانية وحديث الطاغية صدام حسين عن وزير الدفاع حسين كامل وثناؤه على المنجزات التي حققها من خلال متابعته للتصنيع العسكري من خلال شاشة التلفزيون التي احتكرها في حينها صدام وهو يقول .. وضعنا خطة لتطوير اسلحتنا وتصنيع الصواريخ والمدافع بقدرات عراقية واوكلت المهمة للشاب حسين الذي بشرني من خلال الهاتف بعد اقل من المدة المقررة لإنجاز متطلبات المجهود الحربي وقال لي بعد ان استفسرت منه..

 

ـ ها ابني حسين اشكثرْ طوب سويتو؟..  ( بمعنى كم مدفع صنعتم؟ ) ..

ـ ابشر سيدي انجزنا 4000 طوب ـ مدفع وعدد كبيرة من صواريخ السيخوي والقذائف ..

 

ولم يمضي الا ايام على هذا التصريح.. الذي تبجح به صدام في ذلك الوقت .. حينما التقيت سراً بالملازم المجند خالد اثناء وجوده في اجازة قصيرة. وكان من جملة ما قاله لي حينها .. عن مستجدات الاوضاع العسكرية في وحدته ..

 

انهم  قد استلموا عددا من المدافع الجديدة من انتاج التصنيع العسكري.. سمي بمدفع القادسية .. لكن المشكلة التي واجهتهم.. ان الكثير من القذائف لا تدخل في ماسورة المدفع بسبب الاخطاء الفنية .. وفي حالة دخول القذيفة وانطلاقها تسبب في انفجار المدفع ومقتل كل افراد الطاقم المحيط بالمدفع .. اما عن الصواريخ المصنعة لطائرات السيخوي السوفيتية.. فقد ملأت ساحة كرة قدم.. وعلم من ضباط القوة الجوية العراقية .. ان هذه الصواريخ لا تتصف بمقاسات دقيقة.. ويصعب تحميلها وتركيبها على الطائرات .. وبالرغم من كثرة اعدادها لم يتمكن الفنيون من تمرير وتركيب صاروخ واحد منها.. واصبح الكل يتندر على هذه الصناعة الفاشلة ..

 

اما أحمد طه الجزراوي.. الذي لا يستطيع ان يشك احدا في محتوى حديثه المدافع عن النظام فقد أكد لصحيفة الشرق الاوسط .. رأيت عرباً يقاتلون، وبارك اللّه بهم، استشهد منهم من استشهد.. رأيت قسما من المقاتلين العرب لم يكونوا يعرفون استعمال سلاح "الـ آر. بي. جي" كانوا صغار السن.. ويكشف جانبا من السيناريو المعد لمواجهة الامريكان وفقاً للمخطط الذي اشرف عليه صدام حسين واولاده وقادته بمن فيهم والد المتحدث ..

 

(تمثلت الخطة العراقية ـ وهي مجموعة امكانيات ولا تقتصر على سيناريو واحدـ أن يكون الجيش منتشرا داخل المدن، حتى إذا ما حطّ الغزاة أقدامهم، نجبرهم على حرب الشوارع التي لا يقدرون عليها

 

لهذا أقول ان التركيز الدفاعي العراقي تمركز في المدن، وهذه نظرية صائبة، في حين بقيت الصحراء فارغة.. التفّ الأمريكيون من خلال مدينتي "النجف" و"كربلاء" وعندما وصلوا الى بغداد كان كل شيء قد انتهى )..

 

بهذه الشهادة من ابن للنظام نختتم المقدمة التي ستليها بقية فصول العلاقة الشائكة بين حزب البعث والتيارات الاسلامية المتطرفة التي لعب حزب البعث دوراً محوريا في صنعها ورفدها بالعناصر والسلاح والمال .. ولكي نستوعب طبيعة هذه العلاقة وتناقضاتها الشكلية سنتوقف بالضرورة  للتعريف بحزب البعث وطبيعة العناصر التي انضوت في صفوفه والاسس الفكرية التي اعتمدها في صياغة سياساته ومواقفه والاهداف البعيدة المدى التي كان يتطلع اليها من خلال برنامجه وطبيعة التكتيكات المرافقة لتوجهاته التي سهلت وبررت اللقاء والانسجام مع الدواعش في اخطر حلقة من حلقات الارهاب التي جمعت الاطراف التي ساهمت في أداء رقصة الموت على اشلاء العراق والعراقيين شعباً ووطناً مستباحاً لليوم..

 

ــــــــــــــــــــــ

 

ـ المقدمة.. هي مقدمة فصل بهذا العنوان مكرس لدور حزب البعث في الارهاب الداعشي ضمن مشروع كبير لتوثيق جينوسايد سنجار وسهل نينوى .. ستتبعه حلقات قادمة

 

ـ طه الجزراوي .. او طه ياسين رمضان..  كردي مستعرب تنكر لأصله ورفض التحدث بالكردية حتى مع شقيقه الذي اعدم ابنه بسبب الهروب من الجيش في فترة الحرب.. من مواليد 1938 الموصل عام  ينتمي لعائلة من عشيرة الكوران هاجرت من جزيرة بوطان في ديار بكر وسكنت اطراف جبل المقلوب.. تربى ونشأ في الموصل وحصل على شهادة الثانوية العامة.. انظم إلى حزب البعث عام 1956 وعمل في عدة مجالات مدنية وعسكرية واثبت ولاءه لصدام واشترك في انقلاب تموز 1968 عين وزيرا للصناعة والمعادن ومن ثم عين في منصب نائب الرئيس من شهر آذار 1991 حتى سقوط النظام عام 2003..كان قائدا للجيش الشعبي اعدم بعد تجريمه ودفن في تكريت..

 

ـ  عدنان عقلة .. مواليد سوريا 1950 .. من قادة الاخوان المسلمين في سوريا.. تزعم حركة الطليعة المقاتلة المسلحة.. التي اشتركت في حوادث دامية وخاضت صراعات دموية مع اجهزة النظام السوري..  لعب دوراً رئيسياً في التخطيط لمجزرة مدرسة المدفعية في حلب عام 1979.. أعلن استقلال الطليعة المقاتلة عن الإخوان المسلمين في يناير 1981.. وصل إلى حماة متوقعا بداية حركة عامة ضد الحكومة السورية.. ازيح من قيادة الطليعة المقاتلة في أبريل 1982، بعد مجزرة حماة.. هرب العديد من قادة الإخوان المسلمين إلى العراق الذي احتوى العناصر المدنية فيهم ورفض احتواء العسكريين منهم. اعتقل عندما حاول العودة متسللا  الى سوريا او جرى التخلص منه باتفاق الطرفين اثناء العبور ..

 

ـ سالم الجميلي ضابط مخابرات عراقي .. بكالوريوس علوم عسكرية وامنية كلية الامن القومي استلم عدة ملفات في جهاز المخابرات منها ملف شعبة سوريا وملف شعبة اميركا .. له عدة لقاءات تلفزيونية في اكثر من محطة ..

 

ـ العقيد خالد حجي خدر .. ضابط مجند هندسة الغام .. خريج دورة الضباط عام 1983-1984 من الكلية العسكرية ـ بغداد.. من اهالي بحزاني .. انتسب للحزب الشيوعي في فترة الحرب العراقية الايرانية ولعب دوراً فاعلا في مواجهة السلطة .. انتقل بسبب الملاحقة السياسية  الى صفوف القوات العسكرية التي تشكلت في كردستان عام 1997.. وأنيطت به مهام تفكيك الالغام المزروعة في كوردستان .. واصبح مدير الهندسة العسكرية في الجيش الكردستاني اشرف بنفسه على انتزاع آلاف من الالغام المتروكة وطَهّر مساحات كبيرة من الاراضي  الزراعية وعادت اليها الحياة بفضله وجهوده وبدعم  منظمات تابعة للأمم المتحدة في هذا المجال ايضا. .

 

استشهد في حقل الغام للدواعش يوم 25 تشرين الاول 2104 في زمار اثناء تفكيكه لحقل الغام وتمكن في نفس اليوم من تفكيك واخراج اكثر من 40 عبوة ومفخخة زرعت في اطراف الطرق بين المباني و المنازل رغم تلقيه اطلاقات القناص المتتالية .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.