اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

من له حق العمل في العراق؟// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

 

من له حق العمل في العراق؟

سعد السعيدي

 

بعد نشر مقالتي السابقة حول علاقة البطالة بالمصالح الدولية بادر وزير العمل والشؤون الاجتماعية باسم عبد الزمان بالاعلان عن اعداد العمالة الاجنبية في العراق حسب ارقام منظمة العمل الدولية. وكانت الارقام مذهلة : أكثر من 750 ألف عامل أجنبي في العراق. وكان الوزير بهذا الاعلان يبغي مداراة حرجه بعد مبادرة تلك المنظمة الدولية. ولم يرد التوضيح اكثر فيما اذا كان العدد ناتج القسمة على اية ارقام اخرى مثلا ام لا. إذ ان ثمة إحصائية سابقة لوزارته في العام 2011 اشارت إلى ارتفاع معدلات البطالة في البلد الى مليون و200 ألف عاطل. لذلك فان اعلانه يذكر بتوضيحات الحلبوسي الناقصة. إلا اني مع ذلك قد تمكنت من خلال البحث من التوصل الى بعض الاجوبة.

 

السؤال الذي سيتبادر الى الذهن هو ما تكون الغاية من السماح بدخول كل هؤلاء العمال الاجانب الى العراق وغض الطرف عن تزايدهم لاحقا ؟ فبسبب البطالة التي تسببت من تشغيل هؤلاء انطلقت تظاهرات العاطلين العراقيين يوميا مطالبة بحقهم بالعمل.

 

قام مجلس النواب بتشريع قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 ليحل محل القانون السابق لسنة 1987 (1). وقد حظرت المادة (30) من القانون الجديد تشغيل اي عامل اجنبي ما لم يكن حاصلا على اجازة العمل من وزارة العمل. اما المادة (33) فقد حددت لوزير العمل اصدار التعليمات باستقدام وتشغيل العمالة الاجنبية في العراق. ادعو الجميع للاطلاع بانفسهم على كامل قانون العمل رقم (37).

 

في احد تعليمات قانون العمل الملغى المرقمة (18) التي ابقي عليها والمعنونة (ممارسة الاجانب العمل في العراق) حدد اصدار اجازات العمل للعمال الاجانب في المادة (4) منه بجملة (على ضوء ما يتطلبه الاقتصاد الوطني وحسب متطلبات كل محافظة) (2). اي ان الاولوية في التشغيل كما يستنتج هي للعمالة المحلية وحاجة البلد. بينما اشير الى امر التشغيل في قانون العمل الجديد بجملة عامة هي (مبدأ تكافؤ الفرص) في المادة (8).

 

يلاحظ في قانون العمل الجديد عملية تلاعب. إذ تعمد مشرعوه تجاهل المادة (4) من تعليمات رقم (18) اعلاه السارية المفعول التي لم يشر اليها باي شكل من الاشكال في نصه ! بالنتيجة يصبح فقط (مبدأ تكافؤ الفرص) العام المذكور في مادته (8) هو المعروف والمعمول به. وهو ما يختلف عن المادة (4) في معناه حول موضوع الاولوية في التشغيل كما هو واضح.

 

اما امر تشغيل نصف العمالة العراقية لدى الشركات الذي يردده البعض في الاعلام فهو مما يثير السخرية. فهذا كان امرا وزاريا اصدره نوري المالكي العام 2009 باسم نظام الاستثمار رقم (2) لعام 2009 (3). وهذا ليس إلا تعليمات ملحقة بقانون الاستثمار للعام 2006 حسب ديباجته. وهو مما لا يمكن التعويل عليه كونه ليس من ضمن تشريع صادر من مجلس النواب. لهذا السبب يمكن دائما تناسيه. تبدو جملة (مراعاة ان لا يقل حجم الأيدي العاملة المحلٌية المستخدمة في المشروع عن 50%) الموضوعة تحت باب الاحكام الختامية في هذا الامر وكأن الاولوية في العمل هي للاجانب وان ثمة من يتكرم على اهل البلد وكأنهم ضيوف. بينما كان يجب ان يثبت حقوق العراقيين من خلال مخاطبة مجلس النواب ليجعل لهم الاولوية في التشغيل من خلال القانون حسب المنطق والدستور وهو ما كان يفرض لان يكون الترتيب معكوسا. هذا التلاعب يشير إلى مستوى من قام باصدار هذا الامر.

 

لكن هل جرى التقيد بمواد قانون العمل هو والتعليمات الاخرى المذكورة آنفا ؟ الجواب هو لا طبعا. فقد تجاهله تماما كلا من طغمتي الحكومة ومجلس النواب بعد تشريعه. علما بان الاخير لم يصوت عليه إلا بعد تردد طويل وبعدما تملكه الرعب والهلع لدى اندلاع تظاهرات صيف عام 2015. وسبب تجاهل القانون هو لغاية استغلال العمالة الاجنبية بشكل اساسي في تخفيض الاجور وزيادة ساعات العمل. بهذا تكون طغمتا الحكومة ومجلس النواب هما من يتحمل مسؤولية استفحال البطالة في العراق. ولن نسأل عن نقابات العمال التي تميزت بغيابها عن الساحة طوال الوقت. من اعضاء لجنة العمل النيابية للدورة الحالية هم صادق مدلول السلطاني (الدعوة) ورعد الدهلكي (الوطنية) وانسجام الغراوي (الحكمة) وحسين سعيد (ارادة) وبسمة محمد نسيم (النصر).

 

ازاء هذه الاوضاع يكون من حق العاطلين العراقيين مطالبة وزارة العمل بتأكيد حقوقهم في بلدهم عملا بالمادة (4) من نظام التعليمات رقم (18) آنفة الذكر بدلا من التقاعس وادعاء البلاهة. وهذا بانتظار قيام لصوص مجلس النواب الموقرين باعادة حق العراقيين في اولوية التشغيل من خلال ادراج هذه المادة فعليا في قانون سنة 2015 ومعها تحديد اجور الحد الادنى للعمل. ويجب ان تكون جلسة تعديل القانون علنية كونه يمس مصلحة وطنية عراقية اساسية. إلا اذا كان مجلس النواب يريد الاستمرار في هذه المؤامرة التي ابتدأها على اهل البلد. والتغاضي عن امر العمالة الاجنبية في العراق يؤكد الاستنتاج الذي تكرر عدة مرات في السابق بان زمرة اعضاء مجلس النواب (التي اصبحت ما شاء الله هي الحاكمة) لم ترشح نفسها فيه اصلاً إلا لتنمية مصالحها الشخصية ومصالح داعميها. للعلم فان من تجاهل القانون بعد التصويت عليه تحت تأثير الهلع هي الاطراف النيابية الممثلة للشركات التجارية المحلية والاجنبية كممثلي ذاك مدعي الاصلاح وممثلي القوى الدولية والاقليمية مثل الاذرع الايرانية. ووصول هؤلاء الى مجلس النواب يتحمل مسؤوليته من صوت لهم واوصلهم اليه.

 

ويكون التجاوز على حق العراقيين في العمل هو احد اوجه الفساد والاستبداد في العراق. وهي نفس السياسات التي تتبعها حكومات اليمين في اوروبا وباقي انحاء العالم.

 

روابط المقالة :

(1) قانون العمل رقم (37) لسنة 2015

https://www.moj.gov.iq/uploaded/4386.pdf

 

(2) التعليمات الملحقة بقانون العمل رقم (18) لسنة 1987 (ممارسة الاجانب العمل في العراق)

http://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/10913.html

 

(3) نظام الاستثمار رقم (2) لسنة 2009

http://www.baghdadic.gov.iq/sites/baghdadic.gov.iq/files/Regulation003.pdf

  

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.