اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

ثورة تشرين ستصحح مسار مابعد 9 نيسان العظيم// د. لبيب سلطان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. لبيب سلطان

 

 

ثورة تشرين ستصحح مسار مابعد 9 نيسان العظيم

د. لبيب سلطان

 

تمر اليوم الذكرى 17 على سقوط النظام الصدامي ، وهو يوم مشهود في تاريخ العراق الحديث يحتفل به الوطنيون العراقيون داخل وخارج العراق ، بصمت ودون رسميات وأحتفاء يستحقها،  كتتويج لنضالهم المرير الذي دام اربعة قرون يصارعون أعتى ديكتاتورية دموية في تاريخ العراق والشرق الأوسط بل وحتى في العالم. لم يكن سقوط نظام صدام الدموي على يد القوات الأميركية الاّ الضربة الأخيرة ، فقد قدم الشعب العراقي على مدى عقود تضحيات جسام لأسقاط النظام الدموي من خلال نضال وتضحيات وطنييه ومثقفيه وأحزابه وقواته الثائرة في فصائل الأنصار الشيوعية، وأنتفاضة أذار وقوات البيشمركة  والفصائل الأسلامية التي جاهدت ضد النظام الصدامي.

 

 توقع الكثير منا ان سقوط الصنم سينهي والى الأبد الوضع الشاذ الذي عاشه شعبنا العراقي تحت الحكم البعثي الديكتاتوري، ويشكل بوابة الدخول لبناء نظام ودولة ديمقراطية، تضمن الحريات، والتطور الأقتصادي والعدالة ألأجتماعية ومنفتحة على العالم، كالذي اقامته أميركا، من سلطات ونظم ديمقراطية ناجحة في كل من اليابان والمانيا واوربا الغربية، بعد الأنتصار في الحرب على الديكتاتوريات القومية والنازية، ولكنها لم تنجح في مهمتها تلك في العراق. فالعراق لحد اليوم دولة فاشلة بكل المقاييس، رغم انه يتمتع بدستور ديمقراطي وبهامش جيد للحريات، ولكن ما أنتظره الشعب وحلم به الوطنيون العراقيون، وضحوا من اجله، لم يتحقق كما تحقق في اوروبا. ربما لأن الأخيرة كانت اساسا دولا ديمقراطية قبل وقوعها فريسة بيد الديكتاتوريات لهتلر وموسوليني، وبازالتهم امكن أرجاع ورعاية الديمقراطية من جديد، خصوصا تحت حماية الأميركان ودعمهم الأقتصادي، وتمكنت اقامة انظمة ديمقراطية ودولا كفوءة، فكانت هناك تجارب ديمقراطية واحزاب عريقة ووطنية (بشقيها اليميني واليساري)، ومن خلال دعم اقتصادي على يد الأميركان أدى لأعادة الأستقرار والنمو الأقتصادي، واستمرارية التناغم بين الحريات والأنطلاق للبناء والأستقرار. لم تكن للعراق نفس الظروف، فتجربته الديمقراطية السابقة كانت هشة وأختفت عن المشهد، واحزابه الوطنية ضعيفة بعد سقوط صدام، وهيمن على المشهد بعد السقوط الأنتماء الطائفي والعرقي والعشائري، وكتب الدستور وفق مقاييس المكونات ومصالحها ،وليس برؤيا بناء دولة وطنية ودولة للمواطنة، وعليه خرجت للسطح، وكنتيجة له، العصابات الطائفية العقائدية والمكونية بكل أشكالها لأجهاض مشروع العراق الديمقراطي مابعد اسقاط الديكتاتورية  في يوم 9 نيسان العظيم عام 2004 . وقد ساهم ايضا الوضع الأقليمي في أجهاض هذا المشروع، ولعل الكل يتذكر كيف عمل نظام الأسد بدعم وأدخال القاعدة الى العراق تحت غطاء بعثي، والنظام الأيراني بدعم الفصائل المقاومة للأحتلال، وقاما باشعال حربا طائفية ليست غايتها سوى افشال اميركا والشعب  العراقي في أقامة وترسيخ نظام ديمقراطي مستقر في العراق . لقد  دفع الشعب ثمنا غاليا، ولايزال يأن تحت وطأة واستهتار الكتل والعصابات بالناس وبالدولة، وغابت الدولة،  وتفشى الفساد الحكومي تحت سيطرة مافيات تابعة للكتل الطائفية والعرقية مصممة على تكريس هيمنتها والسيطرة على الدولة من خلال دستور ملغوم بمفاهيم المكونات وبرلمان ينتخب اعضاءه وفق انتمائهم الطائفي ليكونوا كتل فساد ومحاصصة في الحكم، وهذا بالطبع هو ليس ما ضحى لأجله الالاف المؤلفة التي قدمها الشعب من الوطنيين العراقيين للوصول الى يوم 9 نيسان.

 

 أن اقامة نظام وطني وديمقراطي عادل في العراق يحتاج الى قوى أجتماعية واحزاب  تؤمن بها ، ولعل اعرق حزبين في العراق، وهما الحزب الشيوعي وحزب الدعوة، لم يستطيعا مسايرة الأنفلات الذي سببته الميليشيات الطائفية التي حاربت أقامة الدولة باسم محاربة الأحتلال، وقلة الوعي ومعرفة اليات اقامة الدولة الكفوءة الحديثة ‘ خصوصا عند حزب الدعوة والأسلام السياسي، فهو تسنم رئاسة الوزراة لأربعة دورات (15 عاما) وعجز عن طرح مشروع دولة وطنية ،فهو لم يخرّج قادة واعضاء همهم أقامة دولة وطنية ، بل عقائديين أو أنتهازيين، وخصوصا زمن نوري المالكي، الذي قام بأدارة العراق باسلوب بشار الأسد  التأمري وتقريب المتزلفين لبناء سطوته الشخصية، وليس لبناء  دولة ومؤسسات، وهذا يدلل أن الأحزاب التي صارعت الديكتاتورية لاتمتلك مشاريع بناء الدول والديمقراطيات ولا تنتج الأدوات لبنائها، كونها محبوسة بعقائدها.

 

وهنا وبحركة غريبة من التاريخ، خرج الجمهور الواسع في العراق في تشرين الثاني (أكتوبر 2019) ليفرض ارادته ببناء دولة ومواطنة والقضاء على الميليشات والقضاء على الفساد واعمار وطن مسلوب. انه استطاع ان يثبت، ومن خلال صموده امام القتل والأغتيال والترهيب الذي مارسته الميليشيات المسلحة الموالية لأيران (الحشد الملائي أو الطرف الثالث) التي سيطرت على مفاصل الدولة زمن عبد المهدي، خصوصا الأمنية والسياسية، ان يثبت أنهم هم (الجمهور)، من سيقود الطريق لبناء دولة وطنية وكفوءة، تلغي الطائفية والمحاصصة، دولة للمواطنة والحريات والبناء، بعيدا عن تقاسم الغنائم والتسيس العقائدي السائد  اليوم. اقول انها حركة غريبة في التاريخ كون الجماهير والشباب الذي أعلن بدء الثورة لم يخرجوا تلبية لنداء حزب أو قائد، كما عهدنا في ثورات الشعوب، بل أن متنفس الحرية الذي وفره 9 نيسان، ولم تستطع أجهزة الميليشيات والفساد الحكومي مصادرته، قد سمح لهم بتكوين المعرفة وتطوير الوعي الوطني والسياسي، وبه أصبحوا هم من سيقود مرحلة مابعد 9 نيسان، لتصحح مسارها وتضفي عليها الثوب الصحيح الذي يجدر ان تلبسه، وهو ثوب الحرية والديمقراطية والعدالة والأستقرار الذي لأجله ضحى العراقيون طويلا في مصارعتهم المريرة للنظام البعثي الصدامي. ودعنا نهتف من كل قلوبنا: النصر للشعب العراقي ولثورة تشرين العظيمة لتحقيق أهداف يوم النصر الأول، يوم 9 نيسان العظيم.

د. لبيب سلطان

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.