اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (329)- الفترة الانتقالية خلال القرن العشرين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (329)

 

الفترة الانتقالية خلال القرن العشرين

        إِنَّ المغنين المقاميين المبدعين ممن ظهروا عند إِنتصاف القرن العشرين وتأثروا بالطريقة القبانجية واستقوا إبداعاتهم الأَدائية من إشعاعاتها، لا يجارون في تصويرهم السمات التأملية الحالمة الجذابة في تعبيراتهم الأَدائية في اللحن والكلمة، بوصفهم مغنون مواكبون لتفاصيل حياتهم المعاصرة، فهم يقدمون ويستقون أداءاتهم من طريقة أُستاذهم المخضرم محمد القبانجي في عرض كلية مراحل انتقالية تاريخ المادة المقامية المغناة، كتراث غناسيقي متسلسل الجذور والنشأة منذ أنْ عاش الإِنسان على هذه الأِرض لأوَّل مرَّة دون إِنقطاع الى يوم الناس هذا. وأَنَّ نتاجات القبانجي بكل أبعاد طريقته الفنية، ليست بحال من الاحوال مجرَّد محاولات عصرية لأضفاء حياة جديدة على مادة غناسيقية قديمة، بل إن هذه الانجازات الفنية للقبانجي، واقعية وأَصيلة تعبـِّر عن روح نضج الوعي المعاصر بحقيقة التَّحَوُّل هذه.

 

        إنَّ الأُسلوب الأَدائي للمغنين المقاميين وخاصة منهم المبدعين في حقبة بداية القرن العشرين أو في النصف الاول منه، ليس حصيلة الاهتمام والبحث عن الشكل المقامي التقليدي، أي عن الأُصول المقامية التقليدية التاريخية، أو مجرَّد مهارة مبتكرة بشيء من الإِبداع. بل أَنَّ هذا الأُسلوب ينبع في الحقيقة من جوانب قوى عديدة لثقافة المجتمع زمنذاك ومن المحدوديات التي تنطوي عليها شخصية المغنين المبدعين الفنية.

 

وقبل كل شىء، فإن مفهوم هؤلاء الإِبداعيين وعلى رأسهم محمد القبانجي عن الأداء المقامي، هو كما رأينا مفهوم إبداعي تجديدي تطوري يؤكـِّد نفسه عبر صراع الطرق الأَدائية السابقة التي قادها المطرب الكبير رشيد القندرجي الذي سبق القبانجي في الظهور. إضافة الى أن القبانجي الإِبداعي الكبير يدرك على أَيَّةِ حال، بأنَّ ما من صراع وتنافس فني كان قد مرَّ او يمرُّ في حقبته بخصوص بناء أو زعزعة شكل ومضمون الغناء المقامي بهذا المستوى من التفاعل والتنافس، من تقاليده القديمة حتى أُسسه الجديدة الإِبداعية، والأَمر قد وصل فعلاً الى درجة بحيث تحوَّل كامل الجمهور المقامي بلا إستثناء، الى أنصارمتعصبين لهذا أو ذاك من الطرفين أو الأَطراف المتنافسة. الطرق القديمة وقائدها رشيد القندرجي بواسطة طريقته(الطريقة القندرجية) وأساليب الحداثة الجديدة التي يقودها محمد القبانجي بواسطة طريقته(الطريقة القبانجية) التي أعلن عنها بكلِّ ثقة على أنها التطور الأمثل للغناء المقامي في ظل ظروفه المحيطة.

 

       وطبيعي وقفت أقسامٌ أُخرى من الجمهور دائماً بين الطرفين بعواطف متقلبة غير واضحة، مرَّة مع هذا الطرف وأُخرى مع ذاك. وقد لعبت هذه المواقف المتذبذبة في معظم الأَحيان دوراً حاسماً في تاريخ الأَزمة الفعلي، وقد إنطبق ذلك تماماً على المغنين الذين عاصروا هذه الحقبة والذين إستفادوا نسبياً من هذا الصراع المحتدم بين الطرق الغنائية جميعاً، وتكونت لديهم شبه طريقة خاصة بهم تميزوا بها، كسليم شبث وحسن خيوكة وعبدالهادي البياتي ومجيد رشيد (هامش1) إضافة الى هذا فما تزال حالة تطور الأَداء المقامي في صراعاتها الإِبداعية الدرامية منذ أن إستتب الأَمر للطريقة القبانجية..! سائرة وسط أقسى الظروف الفنية التي مرَّت على العراق خلال القرن العشرين، ومن الطبيعي أن تستمر بالمعنى الفني الصرف، وإن لم يحدث ذلك فإنه يعني أن الحياة تمرُّ بركود وجمود ثقافي بكل جوانبها من شأنهما أن يؤخرا مسيرة التطور الفني للأَداء المقامي. فلا بُدَّ من الإِستمرار الإِبداعي لأنَّهُ الأَساسُ المهم في التطور الثقافي، فالإِستمرار في العمل يعني النمو الدائم، بيد أن نتائج أُخرى مهمة نجمت عن هذا الإِستمرار الثقافي والإِبداعي في الأَداء المقامي التي كان أساسها قدرة القبانجي التي لاتُضاهى في إعادة صياغة المقامات العراقية كبيرها وصغيرها بأُسلوبٍ جديدٍ ذي بناءٍ لحنيٍّ محكم ومنسجم العلاقات، كان مردُّها بالضبط هذا الجانب من الفطرة الإِبداعية في أداء القبانجي. وفي نتاجاته المقامية التي إستغرقت كامل حياته الفنية.

 

       يمكننا أن نستمعَ الى الكثير من مقاماته بصوته الفذ وأُسلوبه المحكم مثل مقام المنصوري ومقام الإِبراهيمي ومقام السيكاه ومقام الرست ومقام الحجاز ديوان ومقام البيات وغيرها.

        وفيما يلي بعض القصائد والمقامات التي غناها القبانجي وهذا مقام الرست الذي وصل فيه الى ذروة كبيرة في التعبير المقامي والأَداء الفنّي.

 

  بوصال إِليك هل من وصـــول     لك أَشكو ما شفني من نحــول

  خنت عهدي حفظا لعهــد عذول     بابي انت مـن خلـــيل ملول

                  لم يدم عهده اذا الــــظل دامــا

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

هوامش

1 – هامش1: كتابي الموسوم (المقام العراقي بين طريقتين) الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت مطلع عام 2011.

 

اضغط على الرابط

شهاب الاعظمي مقام النوى

https://www.youtube.com/watch?v=aBWNLx3xPjs

 

حسقيل قصاب مقام الابراهيمي

https://www.youtube.com/watch?v=jjuE_Xo1zNI

 

احمد موسى مقام الحسيني

https://www.youtube.com/watch?v=DyTvukymsmQ

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.