اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

نبدأ من الأسس في أي تنمية مستقبلية (14)// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد الحنفي

 

عرض صفحة الكاتب 

نبدأ من الأسس في أي تنمية مستقبلية (14)

محمد الحنفي

المغرب

 

اعتبار كل مسؤولية حكومية أو سلطوية أو برلمانية أو جماعية تستلزم التصريح بالممتلكات: .....8

 

ج ـ وعلى المستوى الثقافي، نجد أن امتداد الفساد إلى الاقتصاد، والاجتماع، يجعله، كذلك، ممتدا إلى الثقافة، باعتبارها منظومة من القيم التي يتحلى بها المواطنون، في مجتمع معين.

 

ومعلوم أن منظومة القيم، التي تصير فاسدة، فإن كل من يتحلى بتلك القيم الفاسدة، ينتقل بدوره إلى مجال الفساد، باعتباره فاسدا. ولهذا، فالحرص على سلامة الثقافة من الفساد، يقتضي وضع حد للفساد الاقتصادي، والاجتماعي، حتى تتحول المنظومة الثقافية، في المجتمع، التي تغذي جميع الأفراد بالقيم النبيلة، خاصة وأن الرسائل التثقيفية، تتفاعل مع ما يجري في المجتمع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، تؤثر فيه؛ ولكن، في نفس الوقت، تتأثر به، وتتفاعل، كذلك، مع الأفراد المتزودين بحمولة قيم الوسائل التثقيفية، تؤثر فيهم، وتتأثر بهم، أيضا، من أجل جعل الأفراد في متناول القيم النبيلة، التي تخلصهم من التحلي بالقيم الفاسدة، في أفق إيجاد أفراد نوعيين في المجتمع، لا يقبلون بالفساد، أبدا، مما يؤدي إلى الارتقاء بالمجتمع، إلى مستوى التخلص من كل أشكال الفساد.

 

وللوصول إلى إيجاد منظومة ثقافية، خالية من كل أشكال الفساد، نرى ضرورة:

أولا التخلص من كل أشكال الفساد الاقتصادي، عن طريق تشديد المراقبة على نهب الثروات العمومية، التي تعتبر ملكا للشعب، والتي تجب المحافظة عليها، وتشديد العقوبات التي تستهدف الراشي، والمرتشي، بما في ذلك ما يجري في أجهزة القضاء، وفي مختلف المحاكم، ووضع حد لسياسة الريع، الذي لا يستهدف إلا الفاسدين، والحرص على تطهير التعليم من كل أشكال الفساد الإداري، مع تجريم بيع الدروس الإضافية إلى التلاميذ، ومنع التعليم الخصوصي، على جميع المستويات، كما هو الشأن بالنسبة لألمانيا، وفينلاندا، حتى تعطى المكانة الممتازة للمدرسة العمومية، والحرص على أن تكون الخدمة الصحية جيدة، وبالمجان، وفي متناول جميع أفراد المجتمع، وضمان السكن الاجتماعي لذوي الدخل المحدود، وبالأثمان المناسبة لدخلهم، وجعل التشغيل في متناول جميع العاطلين، والمعطلين، لضمان دخل مناسب لهم من جهة، ولجعل التنمية، بمفهومها الصحيح، مستدامة، حتى يصير المجتمع متمكنا من كل الحقوق الاقتصادية، لجميع أفراده، الذين عليهم أن يحموا كرامتهم؛ لأنه من لا دخل اقتصادي له، لا كرامة له.

 

ثانيا: التخلص من كل أشكال الفساد الاجتماعي: في التعليم، والصحة، والسكن، والتشغيل، والترفيه، باعتبار الفساد الاجتماعي، امتدادا للفساد الاقتصادي، المتفشي في المجتمع؛ لأن التخلص من الفساد الاجتماعي، مساهمة، بشكل، أو بآخر، في استئصال الفساد الاقتصادي من المجتمع. وهو أمر يقتضي الحنكة، والنباهة، ومعرفة طبيعة العلاقة القائمة بين الفساد الاجتماعي، والفساد الاقتصادي، كما هو الشأن بالنسبة لعلاقة الفساد الاجتماعي، المتمثل في الابتلاء باستهلاك المخدرات، والفساد الاقتصادي، المتمثل في الاتجار فيها. فإذا عملنا على استئصال استهلاك الشباب للمخدرات، فإننا سنعمل، في نفس الوقت، على استئصال الاتجار فيها، ونفس الشيء بالنسبة للابتلاء باستهلاك الخمور، فإننا، إذا عملنا على استئصال الابتلاء بشرب الخمور المختلفة، نعمل، في نفس الوقت، على استئصال الاتجار فيها، وخاصة إذا كانت غير مرخص لبائعها. ونفس العلاقة، يمكن أن تتم بين الفساد الاجتماعي، المتمثل في الدعارة، والمستفيدين من شيوعها في المجتمع. وهو ما يؤكد لنا، أن استئصال نوع معين من الفساد، يقف وراء استئصال نوع آخر. وهكذا، وصولا إلى القضاء المبرم على كل أنواع الفساد الاجتماعي، حتى يقف ذلك، وراء القضاء على الفساد الاقتصادي.

 

ثالثا: التخلص من الفساد الثقافي، الذي يقف وراء انتشار القيم الثقافية الفاسدة في المجتمع، والتي يترتب عنها: انتشار الفساد الاجتماعيـ الذي يؤدي، بدوره، إلى تنشيط الفساد الاقتصادي. فكأن فساد القيم الثقافية، المترتب عن شيوع الوسائل التثقيفية الفاسدة، وخاصة تلك التي تتكفل الوسائل السمعية البصرية بإشاعتها في المجتمع، أمام أنظار الأسر، في المقاهي، وتلك التي تمرر عن طريق المقابلات الرياضية، التي ينحشر فيها الشباب، في ردهات المقاهي المختلفة، وعلى المستوى الوطني، أو عن طريق حضور الشباب، من مختلف جهات المغرب، لحضور عقلية معينة. وقد كان المفروض، أن تكون الثقافة، باعتبارها منظومة من القيم، خالية من كل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تصير قيمها نظيفة، ومن أجل أن تصير وسيلة لتقدم الشخصية الفردية، والجماعية، حتى تقف وراء نفي كل أشكال الفساد، في المجتمع، عن طريق نفيها من الشخصية الفردية،  التي تلتصق بها منظومة القيم الثقافية النبيلة، التي تقف بفعل التثاقف بين الأفراد في المجتمع، إلى بث القيم النبيلة، في الشخصية الجماعية، التي تختفي منها قيم الفساد. التي لم يعد مقبولا شيوعها، في المجتمع، الذي يسعى أفراده إلى التقدم، والتطور.

 

رابعا: التخلص من الفساد السياسي، الذي يأتي على الأخضر، واليابس، ويرتبط بالاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي هي أصل الفساد السياسي، الذي تنبني عليه قرارات سياسية فاسدة، تتخذها الحكومة، أو تتخذها الدولة، أو تتخذها الأحزاب السياسية، التي تسبح في فلك الإدارة، أو يتخذها حزب الدولة، الذي صار يحتل المرتبة الأولى، بعد التأسيس مباشرة، في أول انتخابات شارك فيها، خاصة، وأنه فتح أبوابه لكل فاسدي المغرب، من أجل الالتحاق به، بعد الانسحاب من الأحزاب، التي كانوا ينتمون إليها، وخاصة منهم، من صار معروفا بالاتجار في الممنوعات.

 

والفساد السياسي، لا يمكن أن يعني إلا:

ـ فساد الدولة، بفساد اختياراتها.

ـ فساد الحكومة المنفرزة عن أغلبية من أصل الفساد.

ـ فساد السياسة، في بعديها: الداخلي، والخارجي.

فساد العلاقة بين الدولة، وبين الشعب.

فساد العلاقة بين الحكومة، وبين المواطنين، على جميع المستويات.

ـ فساد الأحزاب السياسية، التي صنعتها الإدارة.

ـ فساد الحزب السياسي، الذي صنعته الدولة المخزنية.

ـ فساد البورجوازية، والإقطاع، المكونين لتلك الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة.

ـ فساد العلاقة بين الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة من جهة، وبين المواطنات، والمواطنين من جهة أخرى.

ـ فساد تصورات الجماهير الشعبية للسياسة.

ـ فساد الممارسة السياسية للدولة، وللحكومة، ولمختلف المؤسسات، وللأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية الحكومية، وتلك المتواجدة في المعارضة الرسمية.

 

وهذا الفساد السياسي، يعبر عن نفسه بشكل واضح، في أي انتخابات، لا تكون حرة، ولا تكون نزيهة، والتي لا يسود فيها إلا الاتجار في الضمائر، وتوجيه المقدمين، والشيوخ للناخبين، من أجل التصويت للجهة، التي تريد لها السلطة الفوز في الانتخابات، حتى تضمن  أن تكون المجالس كما تريد.

 

ولتجاوز هذه الأشكال من الفساد السياسي، نرى ضرورة:

ـ أن تكون الدولة وطنية ديمقراطية علمانية، ملتزمة بتطبيق القوانين المتلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وضامنة لتمتيع جميع أفراد المجتمع، بجميع الحقوق، كما هي متفق عليها دوليا، واعتماد اختيارات ديمقراطية شعبية.

 

ـ الحرص على أن تكون الأغلبية الحكومية، منفرزة عن انتخابات حرة، ونزيهة، تحت إشراف هياة مستقلة، لا وجود لأي شكل من أشكال الفساد، التي تعودنا عليها في الانتخابات، التي لا تكون إلا فاسدة.

 

نهج سياسة قائمة، على أساس اختيارات ديمقراطية شعبية، تصير في خدمة مصالح الشعب: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعل الشعب المغربي، يتفاعل مع السياسة المتبعة بشكل إيجابي، لكونها تخدم مصلحته.

 

ـ الحرص على أن تكون العلاقة بين الحكومة، والشعب، موسومة بالاحترام المتبادل، والصدق في المعاملة الخالية من كل أشكال الفساد الإداري، والسياسي، حتى تبرهن الحكومة على أنها في خدمة المواطنات، والمواطنين.

 

ـ اعتماد سياسة خالية من الفساد، وقائمة على أساس اختيارات ديمقراطية شعبية، حتى تنال التقدير، والاحترام، على المستوى الداخلي، والخارجي.

 

ـ الحرص على أن تكون الأحزاب السياسية، محترمة لنفسها، وغير منتجة للفساد السياسي، وحريصة على أن تكون ديمقراطية، وحاملة لمشروع مجتمعي، تناضل من أجل تحقيقه في المجتمع، ومنفرزة عن طبقة اجتماعية معينة، بدل أن تكون صنيعة للإدارة المخزنية، ولا تنظم بين صفوفها إلا الانتهازيين، أو صنيعة الدولة المخزنية، التي لا ينتمي إليها إلا الفاسدون، الممارسون للفساد.

 

ـ الحرص على أن تكون بورجوازيتنا، وإقطاعيونا، وطنيين، في الفكر، وفي الممارسة، وبعيدين عن الابتلاء بالريع المخزني، وبالفساد السياسي، والإداري، وأن تكون ثروتهم نتيجة عملهم التنموي النظيف، ومن خلال المشاريع الاقتصادية، التي تؤول إليهم، ومحترمين للقوانين المعمول بها في مجال الشغل، ومحترمين لحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

ـ الحرص على أن تكون العلاقة بين الأحزاب، علاقة احترام متبادل، سواء كانت مشكلة للأغلبية، أو للمعارضة، في مختلف المؤسسات ذات الطابع السياسي.

 

ـ الحرص على تربية الجماهير الشعبية الكادحة، على ممارسة السياسة بصفة عامة، وعلى الانتماء الحزبي بصفة خاصة، سعيا إلى امتلاكها لتصورات علمية دقيقة، عن الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى لا تنخرط في ممارسة الفساد.

 

ـ الحرص على أن تكون الممارسة السياسية للدولة، أو للحكومة، أو للمؤسسات السياسية الدولتية، أو للأحزاب السياسية المختلفة، المكونة للأغلبية الحكومية، أو للمعارضة البرلمانية، أو خارج البرلمان، خالية من كل أشكال الفساد السياسي.

 

وبذلك، نصل إلى أن بناء منظومة ثقافية قيمية، لا بد من التخلص من كل أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، باعتبار هذه الأشكال من الفساد، مفسدة للثقافة، وللقيم الثقافية النبيلة، التي يتحلى بها الأفراد، والجماعات، من خلال العلاقات القائمة فيما بين الأفراد في المجتمع، والشعب، خاصة، وأن الحرص على الثقافة، والمثقفين، على مستوى تجنب التلوث، والتلويث، بالفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يمكن الفرد، والجماعة، من التخلص من كل أشكال الفساد، ومن عدم التفكير، مطلقا، في ممارسته، مهما كانت كل أشكال الفساد قائمة، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومهما كانت الفوائد التي يمكن أن يجنيها من وراء ذلك، كل ممارس، لأي شكل من أشكال الفساد.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.