اخر الاخبار:
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الحقائق فيما يراد طمره حول ازمة الكويت عام 1990// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

الحقائق فيما يراد طمره حول ازمة الكويت عام 1990

سعد السعيدي

 

في كل ما يتعلق بازمة الكويت تقول وتكرر القصة الرسمية المعتمدة للمنتصرين في تلك الحرب بان العراق قد غزا الكويت، فقط بسبب من طمع رئيس النظام العراقي. بيد ان من خلال ترديد اسطوانة القاء كل اللوم على رئيس ذلك النظام يتولد انطباعا قويا بان ثمة حقائقا يجهد البعض لطمرها بهذه القصة الحصرية... فهل كان الامر كذلك؟ لننظر فيما حصل فعلا مما توافر من معلومات. وقد اعتمدنا في هذه المقالة على كتاب الخبير الوطني فؤاد قاسم الامير المعنون (العراق بين مطرقة صدام وسندان الولايات المتحدة، الطبعة الثانية الصادرة في 2005 / ( الفصل الثامن: الانجرار نحو الهاوية - في الطريق الى حرب الكويت / الصفحات 116 الى 126)، عدا عما اوضحه لنا الامير من خلال الاستفسار. يمكن تحميل الكتاب من الانترنت.

 

في (ص 119) من كتابه يورد الامير المعلومة التالية: في 4 / 4/ 1991 نشرت الكارديان اللندنية بعض التقارير التي كُشف عنها من قبل الجانب العراقي عند احتلاله الكويت، حيث لم يصدر اي تحفظ عليها من اية جهة كويتية. منها سفر الجنرال فهد احمد الفهد رئيس المخابرات الكويتية مع العقيد عبد الهادي شداد مدير التحقيقات في محافظة الاحمدي الى الولايات المتحدة. كان هذا تنفيذ الامر من وزير الداخلية الكويتي سالم الصباح لمقابلة ويبستر مدير المخابرات المركزية الامريكية في 14/ 11/ 1989. يقول الفهد في رسالة الى وزير الداخلية، (اننا اتفقنا مع الجانب الامريكي علىالاستفادة من الحالة الاقتصادية المتدهورة في العراق بغيةالضغط على حكومته لرسم الحدود المشتركة بيننا. إن المخابرات المركزية اعطتنا وجهة نظرها حول استخدام الضغط الملائم، مؤكدة على ضرورة التعاون الواضح بيننا بشرط أن تكون هذه النشاطات منسقة على مسـتوى عالٍ). كما يؤكد بانه قد اجرى عدة لقاءات مع المراتب العليا للـ CIA.

 

تكشف هذه المعلومة المؤامرة التي كانت تحاك ضد العراق بمشاركة الكويت. وان الامر هو غير ما يروجه إعلام المنتصرين حول مسؤولية العراق لوحده عن تلك الازمة. ويجب عدم تصور اننا بوارد الدفاع عن النظام الدكتاتوري الغاشم. فالامر كما يرى هنا هو اكبر من هذا بكثير. فالعراق كان لدى خروجه من الحرب مع ايران في وضعية اقتصادية مزرية حيث انه كان مديونا باكثر من مئة مليار دولار، غير التدمير الذي حصل لمنشآته الحيوية. بينما كان جل ما كانت تفكر به الكويت وترغب فيه هو ترسيم الحدود. وهذا الهدف كان يخفي خلفه الهدف الحقيقي الذي هو المشاركة باستغلال حقل الرميلة العراقي الضخم الواقع عند الحدود.

 

ويورد الامير تفاصيلا اكثر حول الموضوع. فيقول بان الكويت قد دأبت منذ انتهاء الحرب مع ايران على التركيز في انتاجها النفطي من خلال جزء حقل الرميلة الواقع على “الحدود“ العراقية الكويتية. إذ لم تكن هناك من حدود مرسومة مثبتة ومعترف بها. وكانت منطقة هذا الحقل مسيطر عليها من قبل العراق. لكن خفت السيطرة في الثمانينيات بسبب الحرب مع ايران حيث بدأت الكويت بتطوير الانتاج من هذا الحقل الذي كانت تريده من ضمن حدودها. وقد قدرت الايرادات التي حصلت عليها الكويت من هذا الحقل حتى 17/7 /1990 بحوالي (2.4) مليار دولار. كما قامت في نفس هذه الفترة ببناء مخافر حديثة للشرطة في مناطق كانت تعتبر لسنوات قليلة قبلها ضمن الاراضي العراقية حيث كانت الكويت في اوج “مجدها“ المالي. فلقد كان لديها فائضا في العملة يقـدر بـ (104) مليار دولار، وتجني منها فوائد قدرها(6) مليار سنويا. وكانت لها استثمارات كبيرة في كبريات الشركات العالمية، اضافة الى انتاج سنوي من النفط بمقدار (22) مليار دولار. وفي ظهرها سند قوي جداً هي الولايات المتحدة، وامامها العراق دولة منهكة اقتصادياً، وبدون “شعب“ له رأي، ويحكمها دكتاتور مفلس. لذا “فالطريقة“ المثلى هي الضغط الاقتصادي.

 

وثمة تفاصيل اخرى قبل وبموازاة هذه الاحداث. فخلال الحرب مع ايران قامت السعودية مع بلدان خليجية اخرى بالتسبب بانهيار اسعار النفط عن طريق زيادة الانتاج النفطي. بعد انتهاء الحرب تحسن سعر النفط لشهور قليلة في اواخر 1989 واوائل السنة التالية، لكنه عاد للانخفاض مرة اخرى خصوصا في حزيران العام 1990 مع زيادات كبيرة في انتاج النفط الكويتي، وكذلك من الامارات الى حد ما. وقد تسببت هذه الزيادات بحدوث فائض كبير (في فصل الصيف حيث يقل الطلب عادة) في نفط السوق العالمية. يوضح الامير بان كل استفزازات النظام الكويتي هذه ضد النظام العراقي كانت لاجل اجباره على الموافقة على ترسيم الحدود... ويذكر عن كشف وزير النفط الكويتي حينذاك عن دافع زيادة تصدير النفط حين عاتبه وزير النفط الجزائري ورئيس اوبك وقتذاك اثناء زيارته للكويت لبحث الموضوع. إذ اكد الوزير الكويتي بان تخفيض الاسعار ليس موجهاً ضد الجزائر وانما ضد العراق). ويضيف الامير ساخرا بقوله (وهكذا يتساءل اهل الرأي إن كان النظام الكويتي في استفزازاته “ينطق عن الهوى“ ام هو “وحي يوحي؟!“) وطبعاً فرسالة الجنرال فهد آنفاً تعطينا الجواب. اذ أن حزيران1990 هو شهر مناسب للولايات المتحدة “لجر الاذن“. فهي ايضاً بدأت ضغطها في هذا الوقت، ورسالة الفهد السابقة تؤكد على “التنسيق“!!.

 

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو عن موقف صدام حسين رئيس النظام العراقي من كل هذه التطورات. يذكر الامير بان صداما في الثمانينات كان قد سمح بصورة مستمرة بصعود “المخافر الكويتية“ شمالاً، ولم يكن هذا الامر “صدفة“. فقد كان عهد صدام هو نظير عهد “الخلافة“ في الايام السوداء من التأريخ العربي، حيث كل شيء في العراق كان تابعاً له وهو يستطيع أن يعطي ما يشاء لمن يشاء بغير حساب. والكويت في ذلك الوقت كانت احدى الدعامات الرئيسية لحربه مع ايران.

 

ويوضح الامير بان صداماً كان يعتقد اثناء حرب ايران بان الكويت كانت حليفة قوية له، وانه سيمكن حل اية امور حدودية معها بعد الحرب بسهولة، وهو منتصر ! كما وان اميركا وبريطانيا والسعودية كانوا يضغطون عليه - بشكل ودي !! – بهذا الاتجاه. هذا مع العلم بان ثمة تقاريرا كانت تصله تؤكد له استغلال الكويت لاوضاعه بالتقدم بحدودها داخل العراق حيث كانت تستخدم طريقة الحفر المائل للضخ من الحقل. وقد اكد الموقف تقاريرا اخرى صدرت من مسؤولين بعثيين كبار كان قد ارسلهم هو للتحري عن الموقف حيث قد تكونت لديه القناعة بذلك منذ منتصف الثمانينات. بيد انه قد اكد لهم مع ذلك بان الامر سيحل بسهولة بعد الحرب مع ايران.

 

يعرف الجميع بعدها ما جرى بعد حرب الكويت. فعدا عن تدمير البلد الذي نتج عنها جرى ترسيم الحدود بشكل تعسفي من قبل لجان غير مختصة من الامم المتحدة بدفع امريكي حيث منحت الكويت ما كانت تريد الحصول عليه. وهو ادخال جنوب الرميلة رسميا اليها مع اراض اضافية مثل اجزاءاً من ميناء ام القصر.

 

لا بد في الختام من ذكر الاهداف الامريكية لهذا التصرف الذي قاموا به حيال العراق، والذي هو جزء المؤامرة الآخر... فالامريكيون كانوا يريدون تحقيق مصالحهم في الشرق الاوسط من بينها علاوة على ضمان امن اسرائيل، منح قواتهم حق احتلال مواقعا في الشرق الاوسط للسيطرة على منابع النفط. ولم يكن يمكن تحقيق هذه المصالح دون السيطرة على العراق. وكانوا يعملون لهذه المصالح بمعية عميلهم صدام. لكن عندما فشلت هذه الخطة، صاروا يخططون للضغط عليه لاضعافه وبالتالي احتلاله.

 

هكذا نرى هنا بان كل ما سمي بازمة الكويت لم يكن إلا مؤامرة حيكت بغرض تحقيق المصالح التوسعية لاطراف اقليمية ودولية على حساب العراق. وتكون الكويت قد استحوذت على ما لا يحق لها به من اراض ولاحقا من تعويضات. وإن ما قام به حكامها لم يكن إلا عمالة ناتجة عن جشع واطماع.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.