اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

مهزلة التواطؤ الحكومي مع الشركات النفطية// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

مهزلة التواطؤ الحكومي مع الشركات النفطية

سعد السعيدي

 

بعد مقالتنا السابقة حول شركة شيفرون الامريكية الممنوعة من العمل على الحقول النفطية العراقية والمدرجة سابقا على القائمة السوداء بسبب تمسكها بعقود الاقليم المخالفة للدستور، ارتأينا الاستمرار بشكل ابعد في التحقيق بامر الشركات النفطية الاخرى العاملة في الاقليم والتي كشيفرون قد جرى التساهل معها. وقد تبين لنا من نتائج البحث بان التفريط بمصالح البلد من خلال التساهل مع تلك الشركات قد امسى منذ حكومة المالكي سياسة جارية في العراق. وان كل ما كان يقال عن حماية حقوقه لم يكن إلا للتضليل. لنرى ادناه كيف..

 

في تموز 2012 دخلت شركة توتال النفطية الفرنسية في موقعين للتنقيب عن النفط في الاقليم هما حرير وسفين. وكانت هذه الشركة تعمل منذ سنوات في حقل حلفاية النفطي. وقد تحرك حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة على هذا الامر فخيّر الشركة بين تجميد اتفاقاتها في الاقليم أو في حالة الرفض بيع حصتها في حقل حلفاية. إلا ان توتال تجاهلت تحذيرات الحكومة، وتحدتها بالتوقيع على عقد جديد مع الاقليم. ولم تتخذ حكومة المالكي اي اجراء وقتها ولا لاحقا لردع هذه الشركة.

 

إن بداية الضعف الحكومي مع الشركات النفطية كانت بصراع مشابه مع اكسون موبيل الامريكية التي كانت تعمل في الاقليم. وكان قد سمح لها بنفس الوقت بالعمل في العراق حيث جرى التقاعس عن اتخاذ اية اجراءات رادعة ضدها. هذا الموقف الضعيف للحكومة هو ما شجع باقي الشركات النفطية لاحقا في التجاوز عليها. ونضيف بان مع كل هذه التجاوزات لا يبدو من ثمة وجود للقائمة السوداء لشركات النفط التي يدعي الاعلام الحكومي وجودها.

 

تعمل شركة كازبروم الروسية في حقل كرميان في الاقليم منذ العام 2011 ، وهذا بنفس وقت عملها في حقل بدرة شرق العراق !! بعد سنة اي في العام 2012 وجهت الحكومة الى هذه الشركة انذارا طالبتها فيه بالغاء العقد الذي وقعته مع الاقليم او الانسحاب من حقل بدرة الذي تقوم الشركة بتطويره . وقد أعلن حسين الشهرستاني بان الشركة الروسية لم ترد على الإنذار الموجه إليها لإيقاف عملها في الاقليم. هنا ايضا وبسبب الموقف الحكومي الضعيف تجاهلت كازبروم الانذار واستمرت في نشاطها في حقل بدرة مع نشاطها الآخر في الاقليم حيث بدأت لاحقا في نيسان 2019 بالعمل في حقول اخرى فيه هي شركال وسرقلة وحلبجة.

 

في شباط 2017 خلال فترة حكومة العبادي اعلنت روسنيفت الروسية البدء بحفر اول بئر استكشافي في العراق بين النجف والمثنى. لاحقا في تشرين الثاني من نفس العام وبسبب ضعف الموقف الحكومي العراقي تشجعت وقامت بدفع مبلغ 1.8 مليار دولار لمسعود البرزاني ثمنا لانبوب النفط الذي بناه هذا من اموال النفط التي سرقها، عدا عن ابرام عقود اخرى مع الإقليم في مجالات التنقيب وتطوير البنية التحتية وتجارة موارد الطاقة. وقد ساءت علاقة هذه الشركة مع الحكومة الاتحادية لفترة من الزمن بسبب هذا التصرف قبل ان يسوى الامر. ولم نجد في اي مصدر اعلامي تفاصيل هذه التسوية. إلا انها قطعا قد جرت بشكل يحفظ مصالح السياسيين العراقيين على حساب مصالح البلد. وهو ما يثبت للمرة الالف عدم اهلية هؤلاء لقيادته حيث يجب احالتهم جميعا الى القضاء لتفريطهم بمصالحه. ونعتبر نحن اي اعتراف من قبل المنافقين والانتهازيين من سياسيينا باعمال الشركات النفطية في الاقليم - من ضمنه الاستحواذ على اية بنىً تحتية - عملا غير مشروع وسنحاسبهم عليه ايا كانوا حسابا عسيرا جدا.

 

ثم في نيسان 2018 فترة حكومة العبادي جرى فتح الباب لشركة الهلال الاماراتية بالعمل في العراق الاتحادي ضمن ما سمي بجولات التراخيص الخامسة المتعلقة بالحقول الحدودية مع ايران والكويت. وكانت هذه مع شركتها الامدانة غاز الاماراتية ايضا تعملان اصلا في الحقول الغازية والنفطية في الاقليم منذ العام 2007. وعدا عن إضعاف الموقف الحكومي بهذا التصرف، فان التوقيع على العقد اي الاحالة النهائية لكل هذه الجولات هو ايضا غير مشروع كونه قد جرى في فترة تصريف الاعمال لحكومة عبد المهدي.

 

وحسب الاخبار فان لشركة الهلال علاقات وثيقة مع عدد من المسؤولين العراقيين. وهذه العلاقات تشكل حالة تضارب مصالح. ويجب على هذا ابعاد هؤلاء الاخيرين عن مواقع المسؤولية. يلاحظ بان طغمة مجلس النواب ورهط نزاهتها قد اختاروا السبات امام هذا التجاوز على المصالح الوطنية.

 

لا نجد تفسيرا وحيث تنتابنا الحيرة حول اعتراضات الشهرستاني اللفظية بشأن السماح لشركات عقود المشاركة بالانتاج في الاقليم بالعمل ايضا في الحقول العراقية خارجه. لاحقا في فترة حكومة العبادي حين اصبح وزيرا للتعليم العالي غاص الموقف الحكومي اكثر في الضعف ازاء تجاوزات الشركات حيث اكتفى الشهرستاني بالصمت إزاءها.

 

بشأن التصرفات الروسية النفطية لابد هنا من كلمة. لقد اثبت الروس هم ورئيسهم بانهم لا يشكلون استثناء من حالة التوحش والتغوّل والميل لافتراس الآخر السائدة في هذا القرن. وحيث قد تبين لنا اننا كنا جميعا على خطأ وعلى قدر كبير من السذاجة عندما صدّقنا بوجود مثل هذا الاستثناء مع هؤلاء. فقد دعموا شركاتهم في استغلال ضعف الدولة وانشغالها بداعش لاحقا للتوقيع على عقود مع الاقليم لتطوير النفط المسروق بالتجاوز على الارادة الحكومية. وهذا كان بنفس وقت عمل تلك الشركات في الحقول الاتحادية.

 

وبسبب بناء انبوب نفط الاقليم باموال ثرواتنا المسروقة، يكون هو بنية تحتية عراقية مسروقة تعود لنا حيث لا يحق لايا كان الاستحواذ عليه تحت اي مسمىً كان. ويوجد اعتراض شعبي عراقي واسع ومعروف حول امر التصرف بالثروات النفطية وبناها التحتية خصوصا. وهذا على عكس طغمة مجلس النواب ورهط نزاهتها، فهم يكونون بصمتهم مشاركين ومتواطئين امام هذه الاستباحة لثرواتنا.

 

قد تصرفت كل حكومات 2003 وكأنها تدعم موقف الاقليم وعقود المشاركة بالانتاج التي ينتهجها بنفس وقت تصريحها العلني بمعارضتها. كمالكين لثروات بلدهم نقول باننا لسنا معنيين بمشاكل وورط الشركات الاجنبية. ما نحن معنيون به هو ان الاقليم يقوم بالسرقة وعلى الحكومة اجباره على التوقف عنها. واننا لا نعترف بمصالح او اية حقوق مترتبة على اي تعامل خارج القانون يجرى مع مسؤولي الاقليم علنا او بالسر من خلفنا. وننتظر على هذا من الحكومة عدم التساهل في هذا الامر والتسبب باضعاف موقفها اكثر ولا التقاعس او التراجع عن تطبيق القانون بحق الشركات النفطية المتجاوزة. وما يتورط به الاقليم من نواتج سرقاته هو ايضا ليس من شأننا. فلسنا معنيين بمساعدة لصوصه على الخروج من مآزقهم. بل اننا سنستعيد إن عاجلا ام آجلا كل ما يعود لنا. وكان يجب عدم التساهل مع ايّ ممن تورط مع لصوص الاقليم باي شكل من الاشكال. فهذا كان قد ورط نفسه بنفسه.

 

إن الامثلة الآنفة هي نتاج الضعف الحكومي مثلما رأينا مع شيفرون مؤخرا. ومثال هذه الاخيرة يعكس الموقف الحكومي في اضعف حالاته. ففي نفس وقت ادعاء الحكومة الوقوف بوجه شركات عقود المشاركة بالانتاج نراها تقوم بالعكس، اي تتساهل وتتراجع امامها. يجب عدم القبول باية تجاوزات على مصالحنا حيث نرى حكوماتنا تضحك علينا وتستهزيء بنا. فإن جرى الاستمرار بهذه المواقف المتخاذلة ستتشجع الشركات النفطية على الاستمرار في تجاهلنا والتجاوز على مصالحنا، ثم لاحقا الضغط للقبول بنماذج عقود الاقليم المخالفة للدستور. لكن هذه الشركات ستتراجع حتما إن وقفنا امام استهتارها بنا. لذلك يجب اجبار الحكومة على وضع حد لمهزلة تواطوئها مع الشركات النفطية.

 

لكن، إن لم ترد الحكومة الاستجابة لمطالبنا، فسيتوجب طردها واحالة مسؤوليها الى القضاء لتفريطهم بالمال العام وبالمصلحة الوطنية وحنثهم باليمين الدستورية. فثرواتنا ليست مالا سائبا لتمنح الى كل من هب ودب..

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.